لعلنا جميعا قد قرأنا ما نشرته العديد من الصحف والمجلات المصرية ، من أن تعداد من فاتهم سن الزواج المعتاد في مصرمن الجنسين – أناث وذكور – هو 9 ملايين ( تسعة ملايين ..!) وهو رقم بلا شك مخيف ، بل يبعث علي الفزع من شدة الأسي ، فكل أنسان مصري ، بل وكل أنسان في أي مكان يتمتع بكامل نعمة الوعي والاحساس ، لابد وأنه سوف يدرك أننا أمام محنة ، مأساة قومية – بل وانسانية بشكل عام – تثير الشجن وتبعث علي الكآبة ...
وإسمحوا لنا في البداية أن نستخدم كلمة " عانس " بإعتبارها تعني الجنسين – الذكور والإناس – كي لا نضطر في كل مرة نذكر فيها الحالة الي أن نصف من تعدت سن الزواج المعتاد بإنها عانس ، ونقول عن الذكور : ( الذكور الذين تجاوزوا أوفاتهم سن الزواج المعتاد) .. لما في ذلك من إطالة يمكن تجنبها ، بالإضافة الي أن الرقم ( تسعة ملآيين ) نفضل أن نبقي عليه هكذا جامدا ، معبرا أكثر عن حجم المأساة التي أمامنا ، أفضل مما لو جزأناه فنقول 5 ملايين عانس ، 4 مليون ذكر تجاوزوا سن الزواج المعتاد ..
ثم نقول : ان تعداد مصر الآن حوالي 67 أو 70 مليون - تقريبا - ، ولو افترضنا أن كل أسرة مصرية تتكون من الأم والأب وعدد 5 من الأولاد والبنات ، أي اجمالي عدد الأسرة هو 7 أفراد فان عدد الأسر : 67 ÷ 7 = 9 مليون أسرة تقريبا .. في مصر ..
ولو أننا قسمنا عدد العوانس ال9 تسعة ملايين علي عدد الأسر ( التسع ملايين أسرة ) لاتضح لنا أنه يوجد عانس – أنثي أو ذكر – في كل أسرة مصرية .. قي كل بيت مصري ..!!
ما معني أن يكون البيت المصري ( كبيت شرقي له تقاليده التي نعرفها .. ) به عانس ؟!!
معناه أن الأب يبيت في كل ليلة مهموما مغموما يفكر في مصير ابنته بالذات – وابنه أيضا بالطبع ..- وهو لا يعرف كيف يتصرف ؟ ولا ما الذي يمكن أن يفعله لأجلها ؟!!
هل يخرج الي الشارع ويمسك بأحد الشباب أو الرجال ويقول له تعالي لتتزوج ابنتي ؟! واذا كان هذا من قبيل الممكن أو اللآئق .. فكم من الشباب أو الرجال مهيء الآن لتحمل نفقات الباءة - الأعباء الزوجية - ؟!!
وها هو الأب يري عنكبوت التجاعيد وقد بدأ ينسج خيوطه حول عيني الابنة مؤذنا بأن الشباب سوف يولي عنها ، وستدخل في طور الشيخوخة ، وسيبدأ الشيب في طلاء شعرها باللون الأبيض ..!فماذا يمكن أن يفعل الأب ؟! ويمضي يسأل نفسه في كل ليلة قبل أن ينام .. ولا غرو اذا ذرفت من عينيه الدموع وهو يسأل نفسه أسئلة من نوع : لو لم تتزوج ابنتي وفاتها قطار الزواج نهائيا فتري ماذا ستفعل من بعدي ؟!! ومع من سوف تقيم ؟ مع أخيها وزوجته ؟! ، وهل ستجد الراحة مع زوجة أخيها ؟أم ستعيش مع خالتها ؟ أم مع عمتها ؟!! أم ستفضل العيش بمفردها ، وهل ستكون حينها في مأمن من ألسنة الناس ونحن مجتمع شرقي لا شغلة له سوي جلد بعضه البعض والتربص كل للآخرين علي مسائل وأمور الجنس ؟!!!
هذا عن حال كل أب .. أما الأم فالبطبع سوف تكون أكثر تعاسة من زوجها علي حال ابنتها التي تري شبابها ينزوي أمام أعين الام ، وعمرها يجري دون اكمال دورة حياتها .. ودون أن تصبح زوجة وأما لها زوجها وبيتها الخاص وأولادها وبناتها .. تربيهم ككل الأمهات ، تحبهم ويحبونها، ككل أنثي .... هم مشروعها الذي تكبره وتنميه ، وتسعي جاهدة لانجاحه .. فالأمومة حياة الأنثي ..
وترقب الأم ابنها " العانس .. " الذي أشرف عمره علي سن الأربعين ..! فتلبسها الحسرة ويكسوها الغم عندما تري الصلع – أو الشيب - وقد راح يغزو رأسه دون أن يتمكن من تدبير نفقات الزواج وبناء عش للزوجية .... وتري أن عمرها قد يولي دون أن تري له أولادا ..! ، وان ذلك ليس فشلا لابنها وحده وانما كل أم في مثل تلك الحالة تعتبر نفسها هي التي فشلت في حياتها كلها ، ما دامت لم يتمكن ابنها من، أو تتمكن هى، من أن تزوج أولادها وبناتها جميعهم ، قلوا أم كثروا وتري كلا منهم ومنهن له بيت وله ذرية ..وتدخل أم العانس فجأة لتجدها وحيدة في غرفتها وقد أحنت رأسها بين يديها وراحت في
دوامة من الحزن و اليأس من أن تصبح أما في يوم من الأيام ، يأس من أنها سوف تسمع من يناديها بكلمة " ماما " في يوم من الأيام .. وتفيق الابنة علي هدهدات يد الأم الحانية ، وصوتها وهي تواسيها ، محاولة تخفيف وجع قلبها وحسرة نفسها ..، فتنهض الابنة وترسم علي وحهها ابتسامة مصطنعة .. ، وتخفي دموعها ، وتنفي للأم أنها كانت تبكي ، وتدعي وحسب أن النعاس كان قد غلبها ..رفقا بالأم وبقلبها من الحزن والنكد من حال ابنتها ..
ولا سيما اذا كانت الأم مريضة – وغالبا ما يكون مرض الأم بسبب تأخر زواج ابنتها وتحولها لعانس ..وتواسي الأم الابنة ببعض كلمات الصبر والأمل حتي يحين الأوان ..!،وتسارع الأم فورا بالخروج الي غرفتها لتنام بدورها علي سريرها وتدفن وجهها في وسادتها وتبكي حال ابنتها - أو ابنها العانس - فان كان للأم ابنة أو ابنا أصغر ولمح حزنها ودموعها في عينيها أصابه – أو أصابها – الغم والنكد أيضا ..، ثم يأتي دور الأب .. كذلك أيضا يشاركهم الحزن والنكد .. وبذلك يعم الاكتئاب علي البيت كله بفعل: العنوسة !!
لماذا لا يكون للعانس حق الحياة؟!!
، وتنجب عصافيرا صغيرة تفرح ان العصفورة بمجرد أن تتعلم الطيران وتستطيع الاعتماد علي نفسها : يكون لها عش تحيا به
وتطعمها وترعاها وتعلمها الطيران ، أي تعيش الحياة .
وكذلك القطة .. بمجرد أن تكبر وتقدر علي الاعتماد علي نفسها ، تجد لها زوجا ويكون لها صغارا ترضعهم وتربيهم وتمارس أنوثتها ، وأمومتها كحق طبيعي لها ..
وكذلك الحمامة ، وكل الاناث بكل الكائنات تحصل علي حقها في الحياة ، في العيش والزواج .. ، فلماذا تحرم 5 خمس ملايين أنثي في مصر من ذاك الحق ؟!! !! ولماذا يعشن في يأس وحزن يخيم عليهن وعلي أسرهن ..؟! أي ذنب ارتكبته 5 مليون أنثي مصرية ، 4 مليون ذكر ( عوانس ..) في مصر حتي يحموا من مثل ما تتمتع به العصافير والقطط وغيرها من الكائنات.. من حق الزواج والانجاب وممارسة الحياة كباقي المخلوقات والبشر ..
حاجة تقطع القلب...لا حول ولا قوة الا بالله!
--منقول---