
تساولات محرجه للمتبرجه.................
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد :
فهذه تساؤلات محرجة لمتبرجة ، أردت من خلالها أن تنتبه الغافلة ، وتتعلم الجاهلة ، وتثبت على طريقها كلُّ فاضلة عاقلة ، فأقول ، وبالله أصول وأجول :
* أختاه !
هل تتبرجين ليراك الناس بهذا اللباس ، والتبرج المزعج ؟ وتفرحين إذا التفتت إليك الأبصار وتابعتك الأنظار ؟
فأين أنت عن الله !
أين أنت عمن يراك تلبسين ما نهاك عنه وحذرك منه ؟
أما تخافين عذابه ؟ وتخشين عقابه ؟ وتهابين حسابه ؟
أم أنَّ الدنيا أغرتك ؟ وفي أوديتها أردتك ؟ وبحبالها أوثقتك ؟
هل ركنت للدنيا الفانية وغفلت عن الآخرة الباقية ؟
هل طمعت فيما يزول ؟ وانشغلت بما يحول ؟ ونسيت يوماً سيطول ؟
أعيذك بالله من كلِّ ما يؤذيك !
قال تعالى : [ ... واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفي كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون ] 1
* أختاه !
هل تحبين رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ؟!
لا أشكُّ في ذلك طرفة عين .
فهل يرضيك ـ لو أنه بُعث من قبره ـ أن يراك على هذا الوضع المزري والواقع المخزي ؟!
تصوَّري هذا بخيالك ، ثم افعلي ما بدا لك !
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال :" كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى " . قالوا يا رسول الله ! ومن يأبى ؟ قال :" من أطاعني دخل الجنة ، ومن عصاني فقد أبى " 2
ألا تخشين أنك ممن أحدثوا بعده ، وصنعوا ما لم يشرع لهم ، وفعلوا ما لم يأذن لهم فيه ، فيطردون عنه ، ويُحرمون من حوضه ، ويُذادون عن الشراب من يده المباركة في يوم يطول فيه الموقف ويعظم فيه الهول ؟! وهو ينادي ويقول :" أمتي ! امتي ! " فيرد عليه :" إنك لا تدري ماذا أحدثوا بعدك " !!
* أختاه !
أيسرُّك لو أن ملك الموت نزل إليك ، وهجم عليك ، ليستلَّ الروح من الجسد السافر والبدن الظاهر ؛ أن تلقي الله تعالى وأنت بلباسك المتهتِّك ، وحجابك المتبرج ؟
أما تخافين من سوء الخاتمة وقبح العاقبة ؟ والمرء يُبعث يوم القيامة على ما مات عليه ، ثم يحاسب على ما قدمته يداه بين يديه .
فيا لهف نفسي !
كم من مفضوح في يوم لقاء الله !
قال تعالى :[ قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون ] 3
* أختاه !
لو أن شقيقك طلب منك أن تختاري له زوجة صالحة ممن تعرفين من الفتيات ، وجعل لك القرار في الاختيار ...
فهل ستختارين له تلك المتبرجة السامجة ؟!
أم أنَّك ستنصرفين عنها لتختاري له تلك اللؤلؤة المصونة والدُّرَّة المكنونة التي تلفعت بلباسها ، وتسربلت بعباءتها ، وحفظت نفسها من تلك النظرات الخائنة التي يرسل بها زمرة شيطانية من الذئاب البشرية التي تحوم حول كلِّ فريسة بلهاء زجَّت بنفسها بين أنياب الذئاب ومخالب المخربين من الشباب ؟
أنا زعيم بأنَّك ستختارين الأخرى على الأولى !
أ رأيت لمن يكون الاحترام ؟ وبمن تكون الثقة ؟ وإلى من تنصرف القلوب والعقول ؟ وتلك عاجل البشرى ، وما عند الله خيرٌ وأبقى .
* هل تقتدين في هذا التبرج بالمؤمنات الصالحات من أمهات المؤمنين أو بزوجات أصحاب خير المرسلين ؟ أو بنساء أتقياء التابعين ؟ أو بالحافظات لما أمر به ربُّ العالمين ؟
أم أنَّك تتأسين بالفاسقات العاصيات من الكافرات الفاجرات أو بالممثلات المنحرفات أو بالمغنيات المائلات أو بالضائعات الحائرات ؟!
ولا يخفاك ـ رُزقت هُداك ـ أنَّ التشبُّه في الظاهر دليل التعلُّق في الباطن ، ومن تشبه بقوم فهو منهم ، والمرء يُحشر مع من أحبّ ..
فاختاري الرفيق في الطريق ، والموعد يوم القيامة !
عن أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ قالت : لمَّا نزلت :[ يُدنين عليهنَّ من جلابيبهنَّ ] خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من الأكسية . 4
وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت : يرحم الله نساء المهاجرات الأول ، لمَّا أنزل الله :[ وليضربن بخمرهن على جيوبهن ] 5 شققن أكنف ـ وفي رواية ؛ أكثف ـ مروطهنَّ فاختمرن بها . 6
فهل تستوي المستترة مع المستهترة ؟! والمحجبة مع المتفرنجة ؟! والتقيَّة مع الشقيَّة ؟! تالله لا تستويان ، لا في الدنيا ، ولا يوم يبعثان !