فمنذ أن غادرت مقاعد المدرسة وهي خاوية على عروشها , فلم تقبل في جامعة أو معهد..
ولم تكن أسرتها تلك الأسرة الغنية التي تستطيع أن تبعثها للدراسة في الخارج .. ومن هذا الذي سيسمح لابنته في الثامنة عشرة بالدراسة في الخارج ؟!

فآثرت ان تقتل الملل في التنقل العشوائي في الشبكة العنكبوتية...!
بين المنتديات ومواقع الأدب والشعر والروايات .. فلا أزياء تستهويها..... ولاأخبار أدوات الزينة وآخر صيحات قصات الشعر ترضي غرورها...
فهي فتاة ذات تفكير مختلف ....!
تقرأ الأدب وتخربش نصوصا تنثرها هنا وهناك في شبكة الانترنت ..!

باتت الشبكة حياتها بكل ماتحمله الكلمة من معنى ..
استيقظت في وقت ما .. لاتذكره ! فالوقت لايهم مادامت تستيقظ وتولي وجهها شطر الحاسب الآلي .. ثم تذوي وتنطفيء وتعود إلى سريرها ..
هذه هي دورة حياة " شذا " منذ أن تخرجت إلى أن يكتب الله لها من هذا الضيق فرجاً ...
استيقظت لتقرأ الردود على آخر نص أدبي كتبته :
-( أيتها الرائعة .. يارفيقة الحرف والكلمة .. ماأروع العروج في سماوات إبداعك ! _ ثامر _ )!!

السعادة تغمرها .. هاهو ثامر يعقب على نص كتبته ...
تهيم على وجهها في صفحة أخرى لترى التعليقات على نصوصها الأخرى ..:
-(أيتها الساحرة .. نص يخلق الألق وينثره حبيبات فرح على شاطيء حب ذهبي الملامح .. _عاشق السكون _ )
-( حين تنغمس ريشة محابر الحروف , يندلق الجمال على بياض الصفحة ويشع نور لامتناه من النص , أجزم عندها أن " شذا " هي تلك الكاتبة ..._فائق احترامي : ثامر_ )
• **
شذا تتحدث مع صديقتها على صفحة المحادثة الخاصة بها على الماسنجر :
شذا:كيفك أنغام؟
أنغام: تمام .. كيف النت معك ؟
شذا: ماشي الحال ... من منتدى لمنتدى وربي ييسر ..
أنغام: مافي جديد عن الجامعة ؟
شذا: لا .. أبوي يحاول .. وربنا يفرجها..
أنغام: آمين يارب .. شو الحكاية الجديدة اللي طالعة ؟!
شذا: أي حكاية أنغام؟
أنغام: علينا ؟! ..ترى حنا سوى في النت وفاهمين صح .. شو حكاية ثامر معاك ؟


شذا : ثامر؟! .. ولاشي ... إنسان حبوب وطيب وكاتب رائع .
أنغام: بس ؟
شذا: أي والله بس ولا في شيء غير كذا ..
أنغام: يعني ماأضافك في الماسنجر ؟
شذا: أتمنى .. على الأقل أستفيد من سعة اطلاعه وتبحره في الأدب .. بس أتوقع لو أضافني راح ارفض .. تعرفين دوشة الشباب وفضايحهم.
وبعدها تستأذن أنغام ..
أنغام: يالله أنا طالعة ...أهلي يبون التلفون .. تعبوني وتعبتهم .. شكلي بدخل لي خط خاص فيني وأفتك!

أنغام كانت بقايا زميلات الدراسة .. لا تحبذ شذا الحديث معها طويلا على كل حال .. !
فأنغام ساذجة وسطحية في كل شيء ..لدرجة أنها لاتقرأ حرفا فضلا عن الكتابة .!
كما أنها في الآونة الأخيرة باتت مقلقة ! كثيرا ماتتحدث عن علاقاتها في الانترنت مع بعض الشباب .. بل وتلمح إلى أنها تحادث احدهم هاتفيا وتحبه !!!
• **
لاجديد حتى الان!

دورة بعد دروة والحياة ذاتها لاتتغير, ماعاد أصبح والد شذا يهتم بشيء بخصوص الجامعة .. فالفتاة لاتغادر غرفتها الا نادرا, لم تتغير أخلاقها كثيرا إلا أنها باتت تؤخر الصلاة عن وقتها .. ولكن هذا لايهم مادامت تصلي! , تلك وجهة نظر والدتها.

على هذه الحال لأشهر .. ثامر يكتب , وهي ترد بخجل .. وسعادة غامرة ..
باتت تشعر بشيء يجذبها إليه .. ويضيق صدرها إن لم يعقب على نص لها .. وكأنها باتت تكتب لأجله وهو يعقب ليرضيها لا أكثر!.
ومع الوقت تفاجأ بإضافة غريبة في الماسنجر, الاسم ممهور باسم غريب ولا تعرف معنى الترجمة ..! ولكنها وافقت ,, على كل حال لو كانت فتاة فارغة أو شابا .. فالحظر المباشر هو الحل المثالي لمثل هؤلاء المتطفلين.

ثم يظهر في أعلى نافذة الماسنجر اسم ثامر ... كان ثامر إذاً , غمرتها الفرحة وفي نفس الوقت يعصف الخوف في داخلها ...
هل تخاطبه ؟!
هل تخاطب رجلا ؟!
ومالمشكلة مادام البرنامج كتابياً ولم تحدثه بشكل مباشر ؟!
ولماذا تخاطبه ؟
الاسئلة تضج في أعماقها بلاحدود .. وهاهو يقتحم خلوتها :
ثامر : مساؤك فرح يلقي بظلاله على قلبك الطاهر .. كيف حالك أستاذة شذا ؟!
صمت مطبق !
بحق الله ماذا تفعل ؟ أتصمت ؟! .. تحظر اسمه! .. أم تجيبه ؟!!
ثامر: آسف على ازعاجك سيدتي .. سأغادر واعتبري أني لم أتطفل عليك ... ولك الحق في حذف اسمي .. أعتذر مرة أخرى!
شذا : توقف ! .. أهلا ثامر .. لاإزعاج إطلاقا .. شكرا لك .................................................. ..!

وبدأت المحادثة الأولى ...
ولم تكن الأخيرة على الاطلاق ..!
فشخصيته مختلفة .. _كما يصورها لها شيطان الهوى _ ..
فهو شخص محترم ونبيل السجايا, ثم إنها لم تعتد على مثل هذا الإطراء ,,
وكأنه الشخص الوحيد الذي اكتشف حقيقتها المنسية منذ سنوات , والتي لم يقدرها أحد...!
فأصبحت تشعر بكلماته .. انها ملكة!

تمر أيام .. وأسابيع .. وأشهر ............................
لتكتشف بعد سنتين أن قائمة من أسماء تشبه ثامر تملأ هاتفها .....
وأضعافهم في الماسنجر ..
وجميعهم معجبون بكتابات الأستاذة شذا ... ولكن الغريب أنهم معجبون أيضا بأنغام تلك الساذجة !
===

فكم من شذا .. وشذا على شبكة النت ... !
بل إني لاأراه ثامرا واحدا!!

السؤال:
من وجهة نظرك ..
هل ترى أن وجود آدم وحواء على شبكة النت ....بكل الانفتاحية التي تحملها طبيعة الشبكة العنكبوتية ...يشكل خطرا كبيرا .. يستحق الوقفة!
أم أنه تضخيم للأمور؟!
حيث يقول الغالبية أنه لا غنى لنا عن استخدام النت بأي شكل من الاشكال؟!

وإن كان كذلك ...
هل تستطيع أن تحدد شرارة الخطر .. أين تكمن ؟
هل هي تشتعل بمجرد وجود الاعجاب ؟
أم فيما هو أبعد من ذلك! .. وماهو ؟!



بدون مثاليات ...
نشرّح مثل هذه القضية الخطيرة ...بمبضع الألم على واقع كثير في النت ....
ونقف على مرئيات واضحة قد تقدم جديدا .. أو تشفع لنا بين يدي مولانا ....!

• * في انتظاااااااار آرائكم .. بارك الله في الجميع ..

منقوووول

موضوع رائع اخي العزيز طبيب جراح
فهذا بالفعل ما يحدث مع شبابنا وشاباتنا ... للأسف أصبح حالهم مزري ومخزي
فحياتهم تنحصر على النت و الشات ... بل ويتحدثون عن مغامراتهم في هذه الشبكة العنكبوتية
اجل انها شبكة عنكبوتية ... تصطاد الناس كما يصطاد العنكبوت فريسته حينما يأتي على شباكه حيث لا تستطيع الفريسة الإفلات ... كيف تفلت وهي شبكة صمغية ....
هذا حال النت ... نتعلق به ونحبه ... ونتعلق بأشخاص ونحبهم فيه .. ويصبحون كل حياتنا .. لكن المضحك المبكي اننا لا نعني لهم شيئا
حتى الكتابة في المنتديات لا تخرج من هذه الدائرة .. فمن رأيي يجب ان يتعامل الأعضاء مع بعضهم بكل رسمية وبدون خصوصيات .. ويجب على الفتاة ان لا تضيف شابا تعرفت عليه حتى لو عن طريق المنتدى إلى ايميلها .. لأن الكلام يجر بعضه