عزيزتي..
أنا أدخلت ابني الروضة منذ حوالي شهرين ونصف .... وكان عمره مماثلاً لعمر ابنك عمر حفظها الله من كل سوء وعين.
وبصراحة أنا وزوجي كنا مقتنعين تماماً بضرورة إدخاله الروضة ـ رغم اعتراض الجميع نظراً لصغر سنه كما يقولون ـ وذلك لعدة اعتبارات منها أنني شعرت بأن ابني تبارك الرحمن نبيه ولديه قابلية للتعلم وأنا بصراحة لا أملك موهبة التعليم .. فرأيت أن أضعه في بيئة تعليمية تغرس فيه بعض المهارات التي قد لا أحسن أنا تعليمه إياها.
كما أن ابني هو الطفل الوحيد في البيت ويكاد لا يختلط مع من هم في مثل سنه .. لذلك أحببت أن أضعه في محيط يتفاعل من خلاله مع غيره من الأطفال ويتعلم كيفية الاندماج الاجتماعي والمشاركة الجماعية.
الآن..
الطفل يحتاج للتحضير والتهيئة قبل إدخاله الروضة أو المدرسة .... وغالب ظني أنكِ ـ بسبب عدم اقنتاعكِ بفكرة إدخال عمر المدرسة ـ فإنكِ لم تجهزيه لهذه المرحلة الانتقالية الهامة في حياته .. وهذا يسهم دون شك في عدم تجاوبه الصباحي اليومي.
الأمر الآخر .. صغيرنا العزيز عمر يجب أن يتعلم أن هناك أمور لا جدال فيها ولا ينفع معها البكاء والتحايل بالرغبة في النوم ... وشخصياً وبالرغم من المقدمة الجيدة التي قدمتها لابني والتهيئة المناسبة لتحضيره لفكرة المدرسة والتي امتدت لحوالي أربعة شهور قبل بدء الدراسة .. وبالرغم من أنه معتاد أصلاً على النوم مبكراً والاستيقاظ مبكراً جداً .. إلا أنه أحياناً يتكاسل في الصباح ويتثاقل ويبدي رغبته في مزيد من النوم ... ولكن هل الأمر (بكيفه)؟؟؟
طبعاً الغضب والصراخ والتعنيف لن يأتيا إلا بنتيجة عكسية وسلبية جداً .. لذلك ليس لي إلا الهدوء والابتعاد تماماً عن العصبية .. وكذلك التدليع والمزح .. مثلاً أقول: (قوم الآن يا حبيبي وبعد انتهاء المدرسة ارجع نام) .. أو أغريه بلقاء فلان أو فلانة من بعض الأطفال الذين يحبهم في الروضة .. أو أوحي له بشيء ما ليقوله للمعلمة عندما يراها اليوم .. أو حتى أدغدغه وألاعبه وهو في السرير حتى يتنشط قليلاً ... وهكذا أتحايل حتى يستيقظ ويغادر السرير وتمضي بقية التفاصيل اليومية الصباحية بهدوء.
لذلك أنا أرى أنكِ بالفعل أخطأتِ عندما استجبتِ لبكائه وسمحتِ له بعدم الذهاب للمدرسة .. كما أخطأت بالصراخ عليه.
بالنسبة للنوم .. فأنا لا أعرف كيف هو نظام نوم ابنك عمر قبل بدء المدرسة .. ولكن ما دام يرجع عند الثانية عشرة والنصف .. فاستقبليه وامضي معه بعض الوقت حيث تبدلين له ثيابه وتحمميه وتحدثي معه عن يومه الدراسي كيف قضاه .. وطبعاً وهو الأهم عبري له عن اشتياقكِ له وقولي له (وحشتني أو تولهت عليك) .. ثم اجعليه ينام عند الواحدة ظهراً مثلاً ولمدة ساعة أو ساعة ونصف ثم أيقظيه .. مع الحرص طبعاً على النوم باكراً (الساعة الثامنة أو التاسعة على الأكثر).
في النهاية .. ابني ليس بطلاً كما قد تعتقدين .. فهو حتى الأمس كان يخبرني أنه بكى في الروضة وقال لمعلمته (ابغي ماما .. ابغي ماما) ... والحقيقة أنه كل عدة أيام يقول لي (من نفسه) إنه بكى وسأل عني .. وأنا بدوري أستمع له بهدوء ودون انفعال أو تأثر كبير .. وأقول له: (ولكنك تعلم أنك ستعود لي بعد المدرسة .. اليس كذلك؟؟) .... إلا أنني لا أطلب منه الكف عن البكاء ولا حتى أستهجن سلوكه هذا لأنني أتفهم أن أي طفل مهما كانت درجة حبه للمدرسة إلا أنه لابد أن يشعر بالاشتياق لأمه والرغبة في العودة لها سريعاً .. لذلك كل ما أفعله هو أنني أطمئنه إلى أنه بعد المدرسة سيعود لي بكل تأكيد.