أول عربية معاقة سمعياً تلتحق بكلية طب الفم والاسنان - منتدى عالم الأسرة والمجتمع
logo

الملاحظات

مساحة مفتوحة موضوعات ونقاشات علمية، وثقافية، وفكرية، واجتماعية.

 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 17-07-2009, 12:34 PM
  #1
saapna81
عضو متألق
 الصورة الرمزية saapna81
تاريخ التسجيل: Aug 2004
المشاركات: 5,688
saapna81 غير متصل  
أول عربية معاقة سمعياً تلتحق بكلية طب الفم والاسنان

(..شعور ،أحساس هاجس،كان يهمس ويردد أن الطفلة الصغيرة التي لم يتجاوز عمرها العام ليست مثل كل الأطفال و أن بها شيء ما مختلف ولكن قوة الإنكار والرغبة في الهروب والمواجهة كانت دائما ما تستبعد هذا الهاجس ولا تصغي إلى الشعور ولا تستجيب إلى الإحساس فلا تفتح مجال لنتوقف ونحدد ماهية الاختلاف!
ونضيف إلى حالة الإنكار والهروب انعدام ثقافة الأمومة فما يتوافر لدينا ونحن في بداية الحياة الزوجية فكل ما نعرفه عن الامومة مجرد لهفة للإنجاب ومنح للحنان دون تأهيل أنفسنا لحسن الرعاية والتربية.
واستمر الهروب من مواجهة حقيقة أن الطفلة" لا تسمع" وظل أيضا الهاجس يغص السعادة بتصرفاتها البريئة الجميلة، ولكن إلى متى سيكون الهروب لا محالة من أن ننفض الرمال من فوق رؤؤسنا ونواجه أنفسنا.
قطار الأحزان
كان والدها يمتلك من الشجاعة الكثير فاعلان أن إسراء لا تسمع وظل يكررها وهو في نفس اللحظة ينادى عليها بأعلى صوته ينشد أن تستجيب للندأ فيطمأن قلبه وتستمر حياته هادئة مثل أي أسرة عادية تنجب وتربى الأبناء في هدوء وسلام.


وبدأت خطوات التشخيص وكانت إسراء تبلغ من العمر أربعة عشر شهرا توجهنا إلى طبيب انف وأذن أشار علينا بالتوجه إلى طبيب سمعيات ،وكان مثل هذا التخصص في الوطن العربي منذ ثمانية عشر عاما تخصص نادر، وتوجهنا إلى عيادة الطبيب لنجدها مكتظة بالبشر كل فرد متواجد في المكان يحمل مأساته بين يديه.. بشر من كافة المستويات الاجتماعية واغلب المرضى من الأطفال كل أم مصابة بحالة من الصمت وملامح وجهها تبرهن أنها زهدت كل شيء في الحياة فقط تنشد الخلاص وتطلب رحمة فلذة كبدها من ظلم الدنيا والناس ،وفجأة تشعر انك أصبحت جزء من هذا العالم وفرد من هؤلاء وان طفلتك التي تحلم بها نجمة في السماء ستنضم إلى طابور من المعاقين ينظر إليهم المجتمع على أنهم بشر "درجة ثالثة" وربما خارج أي تصنيف ،تظل ساعات تنتظر موعد فحص السمع بالكومبيوتر ثم يتم تخدير الطفلة البريئة..لا تجد أمامك سوى الدعاء ملاذا ،تدعوا الله أن يخلف الظنون ويعلن الطبيب أن السمع سليم وطبيعي وان الضعف ناتج من سبب عارض قابل للعلاج لتخرج من تلك الدائرة الكئيبة ،وستغرق التشخيص وقت طويل أو أن الزمن في مثل هذه الظروف تكون خطواته ثقيلة .



-اهرب من النظر إلى ملامح زوجي وهو يفعل نفس الشيء ويعلن التشخيص "إسراء مصابة بضعف سمع حسي عصبي عميق في كلتا الأذنين" ويتعامل معك الطبيب على انك حالة من مئات الحالات ،يدون وصفة طبية بها اسم ونوع السماعة .
19/9/1991كان اسود يوم في حياتي ،اليوم الذي تأكدت فيه انك عندما تضحك يضحك العالم معك وعندما تبكى تبكى وحدك كل من حولك استمعوا إلى خبر "أن إسراء طفلة صماء" فما كان منهم سوى لحظات من التعاطف والتعليق"أنها مش أول ولا أخر واحدة" ونصب كل فرد من نفسه فقيه في الدين ليحاضر عن الصبر على الابتلاء والرضي بالمكتوب كانت احديثهم رغم عقلانيته إلا انه في غير توقيته ففي داخل النفس "نار وحزن "وأب وأم يتلمسون طريق الخلاص .


_ العلاج لن يأتي بمعجزة أو بأي دعم ومساندة من احد ووجدت نفسي أكثر قربا من زوجى فالمحن والمعاناة الكبيرة جعلتنا نشعر أكثر بأننا كيان واحد وأننا أمام مهمة كبيرة وهدف أسمى تتلاشى إمامة وتختفي كل الأحلام والطموحات ،وكان الهدف الأسمى أن نجعل "إسراء" ليست فقط مثل أي طفلة أو فتاة بل أفضل منهن جميعا ولا مجال لزرف الدموع وان كانت ظلت كثيرا بلا توقف .
كانت لحظات غاية في القسوة عندما تتوجه بطفلة صغيرة لشراء" سماعة طبية" سماعة بمظهرها القديم عبارة عن جهاز يحمله الطفل على صدره بأسلاك موصلة بقوالب من قطع الصخر ،جهاز يعيق الحركة ويدمى القلب كلما وقعت العين عليه وكنت أظن انه إلى هنا وينتهي الطريق تستخدم السماعة الطبية فتسمع وتتكلم وتسير الحياة لكن لأنها ليست مصابة بضعف بسيط أو متوسط فهي تحتاج إلى جلسات من التدريب والتخاطب .


قررنا السفر إلى بريطانيا باعتبارها في هذا الوقت أفضل مكان للعلاج وتوجهنا إلى مركز السمع بلندن حملنا إسراء ونحن نأمل أن يكون التشخيص مغاير للسابق أو أن يكون لديهم حل سحري أو جراحة تنقذنا فلم يكن لديهم من جديد سوى استبدال المعين السمعي بأخر وهو المعين السمعي "فوناك "خلف الأذن، ففي هذا الوقت كان الأطباء في بريطانيا يعتبرون عملية زراعة القوقعة "وهم" .
وعدنا إلى البحرين حيث يعمل والدها وكانت البحرين لا يتوافر بها نهائي أي طبيب سمعيات أو تخاطب كل ما يتوافر مركز لتعليم الصم لغة الإشارة.
الكلمة الاولى
بعد ثلاثة أشهر من الاعتماد على المعين السمعي بشكل منتظم وتكرار بعض الكلمات" بابا "بدأت أسراء في ترديد الكلمة دون أن تقصد بها المعنى ثم بدأت تستخدمها للندأ على والدها وبذخ الأمل في القلب وإنها سوف تتحسن وتتكلم ،عندما نطقت الكلمة الأولى أتذكر أنى انخرط في حالة من البكاء بدون توقف وكنت سعيدة أكثر انها قالت كلمة "بابا" قبل شقيقتها الصغرى ،كنت ادعوا الله كل يوم أن استمع صوتها ينادى ولسانها ينطق قبل شقيقتها حتى وأنا على يقين أن خطواتها في اكتساب اللغة ستكون بطيئة لكن كان للكلمة الاولة من شفتي إسراء وقع جميل بدل صورة الحياة ولونها ببعض الأمل.
-وبعد البحث اكتشفنا أن هناك أسرتين في البحرين لديهم طفلتان بنفس الحالة..
اتخذوا القرار بالإقامة في مصر حيث يتوافر التدريب والتأهيل


التأهيل ..ورحلة لا نعرف متى تنتهي؟!
بدأت رحلة التأهيل والتدريب على يد أفضل طبيب تخاطب في هذا الوقت الذي قرر أن إسراء تحتاج إلى تدريب مكثف "جلستين يوميا" وكانت المشقة في حث إسراء على التوجه إلى عيادة الطبيب كل يوم ،لتجلس لمدة تقترب من ساعة زمن تركز في قرأه الشفاه واستقبال الأصوات وتبذل الجهد للنطق وهى لم تتجاوز العامين ،كان المشوار اليومي إلى عيادة الطبيب رحلة عذاب يومية استنزفت الطاقة المادية والمعنوية ورحلة لا نعرف متى تنتهي؟!
شُلت حياتنا الاجتماعية تماما كل الوقت فقط مسخر للتوجه إلى عيادة الطبيب أو تدريب إسراء في البيت ومحاولة إثراء لغتها الأيام تمر والتحسن غير محسوس أو ملموس وكلما سألنا عن مدة التدريب أو توقيت الانتهاء يكون التعليق بطريقة مسكن طويل المفعول كلها شهور وترصد الفرق والاختلاف والشهور التدريب استمرت سنوات وإسراء تتحسن في اكتساب اللغة وقرأه الشفاه لكن مستوى اللفظ"سيء للغاية" بحيث يستحيل أن يفهم ما تنطق به حتى المخالطين لها.


وخلال فترة التدريب التي استمرت بلا توقف في عيادة طبيب التخاطب لمدة ثلاث أعوام، لم نتوقف من طرق الأبواب الأخرى بالتوجه إلى المعاهد ومراكز السمع الحكومية والخاصة والجمعيات العاملة في هذا المجال وكانت أحسن النماذج التي تعرض علينا محبطة أقصها من تمكن من نطق أسمة وأسماء أشقائه وشعرت أنى أحارب القدر ووصلت إلى حالة من اليأس وان تحويل إسراء من طفلة معاقة إلى طفلة طبيعية لا يحتاج فقط إلى قرار أو عزم وإصرار، وبدأت استسلم وأؤمن أن هناك مستحيل وفى وسط حالة الإحباط التي تنتابني كثيرا، كان والدها على العكس يتحدث وكان المعجزة قد تحققت وان إسراء تتحسن بشكل مذهل وأنها حققت خطوات وهى تمتلك من الإرادة ما يمكنها من المواصلة فيتدفق الحماس من جديد وبدأ أسعى بجد في الحصول على معلومات يمكن أن تساعد في التأهيل و التخاطب لكن حتى المعلومات لم تكن متوافرة في هذا الوقت .


كبرت إسراء وأصبح عمرها يقترب من أربعة أعوام وكان عليها أن تحمل حقيبتها وتتوجه مثل أقرانها إلى المدرسة ووقع الاختيار على إحدى المدارس الخاصة كانت مدرسة جديدة عدد التلاميذ بها قليل والرسوم الدراسية مرتفعة جدا وتم التحاق إسراء بصفوف ما قبل الروضة وكان حظها جيد في هذا العام إذا كانت معلمتها"جينى" انجليزية وتستعمل معين سمعي وكالمعتاد فالأجانب أكثر تفهم وإنسانية في التعامل مع تلك الحالات قضت إسراء عام بالمدرسة من اسعد الأعوام كانت تعشق التوجه إلى المدرسة بفضل تلك المعلمة ورغم طول الدوام الدراسي الذي يعقبه مباشرتا التوجه إلى التدريب التخاطبى إلا أنها أصبحت أكثر تقبلا لمنظومة الحياة بهذا الشكل ربما لأنها لم تجرب البديل أو تسعد باللعب لمجرد اللعب .
الدمج غير متاح
مرت ثلاث سنوات أو يزيد من التدريب والتقدم لابد أن نعترف انه غير مرضى لكن لا خيار وعلينا تحمل المزيد والاستمرار لكن الوضع في المدرسة تبدل غادرت المعلمة الانجليزية وتولى المهام معلمة جديدة لم تسمح أو تمنح إسراء فرصة لإثبات الذات ومساعدتها حتى بتحمل أخطائها التي ربما تغتفر إذا صدرت من طفل يتمتع بالحواس كاملة ،في كل يوم شكوى جديدة تحل غالبا باستخدام "النفوذ أو المال أو بكلمات الاستعطاف" حتى بدأت اسطوانة أن الإدارة تحت ضغط من الأهل حيث يؤكدون أن وجود إسراء بالصف يؤثر على مستوى نطق باقي الأطفال"بمعنى انها بمفردها قادرة على تشويه لغة صف من عشرين طفل" وعلينا التوجه بها إلى مدرسة خاصة بتلك الفئة .


ولان الشعور بالرفض يمكن للطفل أن يستشعره بسهولة كرهت إسراء المدرسة واختفت من عيونها نظرف الاشتياق إلى ركوب حافلة المدرسة والتوجه إليها وكان البحث عن البديل وخابت كل المحاولات وانتهت بالفشل ،رفض مسبق دون إجراء حتى مقابلة معها ولم يكن هناك نص يلزم المدارس الخاص بإلحاق مثل تلك الحالات بها والمدارس الحكومية ما يتوافر به من إمكانيات لا يسعف الطفل السوي فما بال أولادنا وربما كان الرفض لحكمة يعلمها الله .




خلال تلك الفترة تأسيس مركز يعتمد على تعليم النطق والكلام بدلا من لغة الإشارة فى البحرين، وكان الاقتراح أن أعود إلى البحرين وأتلقى دورة لتأهيل الأمهات وإعداد فنيات للتخاطب تجريها الدكتورة رندا إمام من سوريا وتحمست للفكرة وكان هذا في شهر مارس عام 1995 وغادرت مصر وأنا اشعر أنى هنا في مصر قد استنفذت كل الوسائل المتاحة أو الممكنة لتأهيل إسراء وإلحاقها بالتعليم بالمدارس العادية وكانت الأفكار المتاحة جميعها تدفعنا للعودة الى البحرين.
يتـــــــــبع
__________________
كل الشكر والتقدير للمجموعه السعوديه لدعم مرضى الصلب المشقوق على ثقتهم بي وأتمنى للحمله النجاح كما الرياض (احتواء،لأننانحبهم نحتويهم)
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:58 PM.


images