الدليل أن المقصود بضرب الزوجة في دين الرحمة المداعبة لآنهاء الخصومة
ضرب الزوجة هو من أكثر المشكلات التي تسبب الطلاق، و تقطع الرابطة و الحب بين الزوجة و زوجها حتى إن لم يحدث الطلاق ، و تؤدي لفجوة و توتر بين الأب و أبناؤه ، و خاصة الفتيات اللائي قد يفقدن الثقة في أن يحظو بالحب و الأمان من مؤسسة الزواج ؛ و بالتالي قد يبحثوا عنه خارجه ؛ لذلك كان لابد من بحث حقيقة الضرب في الإسلام ، و سنستخدم في ذلك إن شاء الله التفسير بالمأثور: و هو تفسير القرآن و السنة بعضهما ببعض ، و هو أفضل أنواع التفسير، ما دام هذا لا يؤدي إلى أن نجعل الأدلة يضرب بعضها بعضا ، بل يجب أن يفسر و يوضح بعضها بعضا، بما لا يخالف أصل من أصول الدين أو اللغة العربية ، هذا من أجل أن نتمكن من إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
1_قال تعال {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله و اللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن و اهجروهن في المضاجع و اضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا " النساء 34
بالبحث في قواميس اللغة نجد أن النشوز من الشئ المرتفع، و النشوز في اللحن هو نغمة غريبة تسئ للحن ، و نشزت الدابة إذا امتنعت عن تمكين نفسها للفحل ، و نشزت المرأة إذا تكبرت على زوجها ، و قد أوضح الإسلام أن معالجة ذلك يكون بعدة خطوات أولا: العظة: ذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ن كما أن أحيانا الرجل يتوهم أن المرأة تعمدت الإساءة له بينما إن كان حقا حدث ربما كان دون قصد ، و العظة ستتيح لها فرصة أن توضح حقيقة الأمر و تعتذر أو تصلح ما فعلت ، إن لم تجد نفعا العظة فإن الهجر في المضاجع : هو فرصة أن يؤنب المخطئ ضميره ، و يشعر بقيمة الآخر ، إلا أن أحيانا لا يعرف المرأ كيف يبدأ و ينهي المشكلة ، و أحيانا يكون تصرفه هذا نتيجة رد فعل لمشكلة ما سابقة لم تحل ، و لذلك تاتي أهمية المرحلة الثالثة في معالجة المشكلة: و اضربوهن : فقد تكون المداعبة التي لا تترك أثر نفسي أو جسدي هي الوسيلة المثلى لإنهاء المشكلة ، فمثلا مداعبة ( الضرب بالوسائد) التي يستخدمها الأصدقاء -في شتى أنحاء العالم على مختلف ثقافاتهم-كوسيلة لإنهاء خلافاتهم بطريقة مرحة ، لماذا لا يستخدمها الزوجين و ننهي المشكلة بمرح ؟!! خاصة أن الله نبهنا لها في تلك الآية الكريمة و اضربوهن، و التي تفسرها آية 44 في سورة ص و التي تحكي عن الكيفية المسموح بها أن يضرب زوج زوجته " و خذ بيدك ضغثا فاضرب به و لا تحنث " إذا نظرنا لتفسير تلك الآية سنجد أن سيدنا أيوب نذر أن يضرب زوجته 100 ضربة
فما الذي سمح به الله له ليوفي بنذره؟ أن يضربها ب100 ضغث ( هو عود الحشيش ن أو أعواد النبات الرفيعة الضعيفة) و يكون ذلك بهم جميعا مجتمعين ضربة واحدة؛ لأن تكرار الضرب فيه إهانة للزوجة ، و لكن بهذه الصورة هو أشبه بالمداعبة المحببة بين الزوجين ، و التي أشار لها النبي صلى الله عليه و سلم " هلا جارية تداعبها و تداعبك "
المشار إليه بنصه من صحيح مسلم :
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ قَالَ يَوْمًا أَلاَ أُحَدِّثُكُمْ عَنِّي وَعَنْ أُمِّي ؟ قَالَ: فَظَنَنَّا أَنَّهُ يُرِيدُ أُمَّهُ الَّتِي وَلَدَتْهُ. قَالَ : قَالَتْ عَائِشَةُ : أَلاَ أُحَدِّثُكُمْ عَنِّى وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-؟ قُلْنَا : بَلَى. قَالَ: قَالَتْ : لَمَّا كَانَتْ لَيْلَتِىَ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فِيهَا عِنْدِي انْقَلَبَ فَوَضَعَ رِدَاءَهُ وَخَلَعَ نَعْلَيْهِ، فَوَضَعَهُمَا عِنْدَ رِجْلَيْهِ، وَبَسَطَ طَرَفَ إِزَارِهِ عَلَى فِرَاشِهِ فَاضْطَجَعَ ، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلاَّ رَيْثَمَا ظَنَّ أَنْ قَدْ رَقَدْتُ، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ رُوَيْدًا وَانْتَعَلَ رُوَيْدًا (يعني بلطف حتى لا يوقظني) ، وَفَتَحَ الْبَابَ فَخَرَجَ ثُمَّ أَجَافَهُ (يعني أغلقه) رُوَيْدًا ، فَجَعَلْتُ دِرْعِي فِى رَأْسِي وَاخْتَمَرْتُ وَتَقَنَّعْتُ إِزَارِي، ثُمَّ انْطَلَقْتُ عَلَى إِثْرِهِ ، حَتَّى جَاءَ الْبَقِيعَ فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ انْحَرَفَ فَانْحَرَفْتُ (أي رجع في اتجاه البيت) ، فَأَسْرَعَ فَأَسْرَعْتُ ، فَهَرْوَلَ فَهَرْوَلْتُ ، فَأَحْضَرَ فَأَحْضَرْتُ (يعني جرى فجريت) ، فَسَبَقْتُهُ فَدَخَلْتُ ، فَلَيْسَ إِلاَّ أَنِ اضْطَجَعْتُ فَدَخَلَ فَقَالَ: « مَا لَكِ يَا عَائِشُ حَشْيَا رَابِيَةً ؟» (يعني مالك تنهجين وتتلاحق أنفاسك وترتفع بطنك من جراء ذلك ، وهو شأن من جرى ثم توقف بعد الجري). قَالَتْ: قُلْتُ : لاَ شَىْءَ. قَالَ : « لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ». قَالَتْ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي. فَأَخْبَرْتُهُ، قَالَ : « فَأَنْتِ السَّوَادُ (أي الشخص) الَّذِى رَأَيْتُ أَمَامِي؟ ». قُلْتُ : نَعَمْ. فَلَهَدَنِي (أي ضربني في صدري بكفه) فِي صَدْرِي لَهْدَةً أَوْجَعَتْنِي ، ثُمَّ قَالَ : « أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْكِ (أي يظلمك) وَرَسُولُهُ ». قَالَتْ : مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ نَعَمْ. قَالَ : « فَإِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي حِينَ رَأَيْتِ فَنَادَانِي، فَأَخْفَاهُ مِنْكِ فَأَجَبْتُهُ فَأَخْفَيْتُهُ مِنْكِ ، وَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ عَلَيْكِ وَقَدْ وَضَعْتِ ثِيَابَكِ ، وَظَنَنْتُ أَنْ قَدْ رَقَدْتِ فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَكِ ، وَخَشِيتُ أَنْ تَسْتَوْحِشِي ، فَقَالَ : إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَ أَهْلَ الْبَقِيعِ فَتَسْتَغْفِرَ لَهُمْ ». قَالَتْ : قُلْتُ : كَيْفَ أَقُولُ لَهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : « قُولِي السَّلاَمُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ ، وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَلاَحِقُونَ ».
هذه هي الرواية بكل تفاصيلها ، هل يمكن أن يفهم منها أحد أن النبي صلى الله عليه وسلم قصد إيذاء السيدة عائشة أو ضربها على سبيل المعاقبة أو نحو هذا ؟ وهل سياق الرواية وظروف الواقعة تدل على شيء من هذا؟ اللهم لا وألف لا، وإنما كان التصرف منه صلى الله عليه وسلم تصرفا جبليا طبيعيا داخلا في مجال الملاطفة والإدلال ، وهو أمر يحصل بين المتحابين ويكثر حصوله بين الأزواج في مثل هذا الموقف، كعلامة على شدة الحب وحسن العشرة.
ولهذا لم نجد تعليقا سلبيا من عائشة رضي الله عنها، كيف وهي نفسها التي قَالَتْ (كما في صحيح مسلم) : مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ، وَلاَ امْرَأَةً، وَلاَ خَادِمًا، إِلاَّ أَنْ يُجَاهِدَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ، وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَىْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ؛ إِلاَّ أَنْ يُنْتَهَكَ شَىْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
فلو كانت رضي الله عنها فهمت من اللهدة في صدرها أنها ضرب على سبيل التأديب أو المعاقبة أو الإهانة (كما يحاول المرجفون تصويره) لما ذكرت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يضرب بيده امرأة ولا خادما قط . والله أعلم . نهاية اقتباس الأخت حلم..إيمان..عمل..نهضة;1051253521
و أريد أن أضيف أنه يؤكد ما قلته أن هذا من باب المداعبة بين الزوجين ، فلو كان الغرض التأديب ، و الغضب لقال لها صلى الله عليه و سلم عندما فعل بها هذا ، كيف تجرأت الخروج بدون علمي، و التجسس علي ،و الخروج في هذه الساعة المتأخرة، و تذهبي لذلك المكان الموحش {المقابر}؟!!!!!
و لكن النبي الرحيم صلى الله عليه و سلم كل ما شغله و ضايقه هو أنها ظلت طوال تلك الفترة يحمل صدرها الصغير احساس بالظلم و القهر و القلق و الحزن ظنا منها أن الله و رسوله سيحيف عليها!!!!!
إن المرأة إذا شعرت كيف أن زوجها ما يغضبه هو حزنها و ليس غضبا لنفسه ،؛ فإنها تسارع لطاعته و استرضائه و تحبه حتى يتخلل حبه كل ذرة في كيانها ، فالذي يفهم المرأة حقا هو من يجعلها تسارع لرضاه و طاعته ؛ لأنها تحبه و تشعر أنها نفسه ، و أنه لا يأمرها بشئ أو ينهاها عن شئ إلا خوفا عليها و من أجلها .
أين الذكور ليتعلموا من رسول من خلق المرأة كيف يكونوا رجال بحق ، و كيف يتعاملوا مع المرأة ؟!!!!
- قال صلى الله عليه و سلم " لا تضربوا إماء الله " و هذا نهي واضح عن ضرب المرأة ، و أنها أمة ذليلة لله وحده فقط ، فجاء عمر فقال: قد ذئر النساء على أزواجهن ، فأذن لهم بضربهن ، فطاف بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم 70 امرأة كلهن يشكين أزواجهن ، فقال صلى الله عليه و سلم "و لا يجدون أولئك خياركم ، و في رواية : لن يضرب خياركم " فأنظر أنت أين تريد أن تجد نفسك من خيار المسلمين أم شرارهم ؟!! ثم أنظر لمن أذن رسول الله بالضرب ؟ لعمر ابن الخطاب و أمثاله ، و أنظر الذي أعطاه رسول الله رخصة أن يضرب زوجته إذا زئرت عليه !!!!! { أتى رجل إلى عمر ابن الخطاب-أمير المؤمنين الذي يهابه ملوك الفرس و الروم- يشكو له سؤ خلق زوخته معه ، فإذا به يجد زوجة عمر ترفع صوتها عليه !!!!!!! فانصرف الرجل عائدا دون أن يكلم عمر رضي الله عنه في أمره ، فرآه عمر ابن الخطاب رضي الله عنه فتبعه، و ناداه متسائلا: ما الذي أتى بك لبيتي ؟!! فقال الرجل : أتيت أشكو لك سؤ خلق زوجتيي معي ، فوجدت زوجتك تصنع معك ما سمعت!!!! فقال عمر ابن الخطاب_ الذي لا ينتظر أن يتسول الرجولة من أفواه الآخرين _ و لا يخاف و يتق إلا غضب الله وحده ، و يعلم أنه "إذا دعتك قدرتك على ظام الناس أو البطش بهم،فتذكر قدرة الله عليك" قال:{ إنها طباخة لطعامي ، كناسة لمنزلى ،غسالة لملابسي، مرضعة لصغاري ، مربية لأولادي } أفإن غضبت لا أحتملها !!!! ثم أنظر لهؤلاء الذين يحمِّلون المرأة فوق طاقتها من الأعمال ، و إذا قصرت في شئ يضربوها!!!! ، و يدَّعوا أن الصحابة كانوا يضربوا زوجاتهم من أجل الخدمة ، و لا أدري من أين لهم بذلك؟!! هل يظنوا أن الخادم في الإسلام له حق أكبر من زوجتك ؟!! قال صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم"إخوانكم خولكم ، جعلهم الله تحت أيديكم ، فمن كان أخيه تحت يده، فليطعمه مما يطعم ، و ليلبسه مما يلبس ، و لا يكلفه ما لا يطيق إلا أن يعينه عليه" و في حديث صحيح أخرجه النسائي عن السيدة عائشة" ماضرب رسول الله امرأة له ، و لا خادما قط ، و لا ضرب بيده شيئا قط ، إلا في سبيل الله ، أو تنتهك حرمات الله فينتقم له " إن النبي الذي تزوج بالصغيرة في سن التأديب{السيدة عائشة} و ابنة عدوِّه حيي بن أخطل{السيدة صفية} و الأرملة التي لديها ابناء من زوجها الأول ، و قالت للنبي عن نفسها قبل أن يتزوجها أنها غيور{السيدة أم سلمة} و مع ذلك لم يضرب صلى الله عليه وسلم امرأة قط ، و لا حتى شئ من الجماد إلا أن تنتهك حرمات الله
_ أمر النبي صلى الله عليه و سلم جارية له بإحضار الماء له للوضؤ ، فتأخرت عليه ، و أتت بعد وقت طويل ، فوجدته غاضبا يسوك أسنانه بسواك ، فقال لها صلى الله عليه وسلم فيما معناه: لولا خوفي من الله ، لضربتك بهذا السواك " رسول الله صلى الله عليه وسلم –الذي غفر له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر- يخاف من الله أن يضرب جاريته بسواك ، و قد تسببت في تأخيرة على أهم شئ في حياته ، ألا و هو الصلاة!!
فكيف بك أنت يا من تضرب زوجتك ، و لا تعلم ما يفعل الله بك !!!أتأمن مكر الله؟!!!