رد : أزمة منتصف العمر
وأنا أقرأ هذا التحليل تذكرت هذا الموضوع ..
فأعجبني جداً تحليل الدكتورين لهذه المرحلة الدكتور محمد خطاب - أستاذ التحليل النفسي- فيرى أنَّ أزمة منتصف العمر تصل إلى ذروتها عند منتصف أربعينيات العمر؛ حيث تكون بمثابة وقفةٍ مع النفس في مفترق الطرُق, يعقد الإنسانُ خلالها مُقارنةً بين الآمال والطموحات التي كان يسعى لتحقيقها, وبين ما تحقَّق بالفعل, سواءٌ كانتْ تلك الأهداف والطموحات اجتماعيةً أم عمليةً أم اقتصادية، بينما يُصبح كلُّ ما يُفَكِّر فيه عند وصولِه إلى قمة الأزمة هو إشباع الجانب الغريزي, فأعراضُ الأزمة مِن الناحية البيولوجية تتمثَّل في الرغبة الجنسيَّة, والرغبة في التغيُّر العاطفي.
وخبراء علم النفس - غالبًا - ما ينصحون في هذه المرحلة بتجديد الأمل في الحياة الزوجية؛ فإذا ما سيْطَر عليها المَلَلُ والفُتُورُ، فسيصبح استمرار العلاقة مستحيلًا حتى بعد الخروج من هذه الأزمة...، حتى إننا نُطلق عليها مرحلة "المراهقة الثانية"؛ حيث تُشبه المراهقة الأولى في حدة الانفعالات، والعواطف والعصبية المبالَغ فيها والإثارة، والبُعد التام عن التفكير المنطقي العقلاني؛ ليصبحَ الإشباع الغريزي هو المسيطر الأول والأخير على تفكيرٍ مرضى المرحلتين، بينما تختلف أزمة منتصف العمر عن المراهقة في سيطرة فكرة الموت, والشيخوخة على شخص ما تخلق بداخله صراعًا نفسيًّا، وحالة من القلق والحيرة تستمر لفترة، إلى أن تهدأ مِن جديد في منتصف الخمسينيات.
ثم ينصح بعد ذلك كلًّا من المرأة والرجل باستيعاب المشكلات النفسية التي يمُرُّ بها الطرفُ الآخر؛ خاصةً عند منتصف العمر, واتباع الوسائل التي تجذبه نحو الحياة الأسرية؛ مِن تغيُّرٍ في أسلوب الحياة, ومن الروتين فيها, والتفكير بموضوعية في حلِّ المشكلات الاجتماعية والاقتصادية؛ ولذلك فإنَّ المجتمع الأوروبيَّ يتميَّز بحرصه الدائم على السفر, وعلى الاستمتاع والتغيير في برامج الإجازات الدورية؛ خاصةً عندما يمُر أحد أفراد الأسرة بتلك المرحلة.
ويقول د. أحمد أبو العزايم - استشاري الطب النفسي-: "إنَّ أزمة منتصف العمر هي الأشهر بين المتزوجين؛ حيث يتسرَّب لكلٍّ منهما الشعور بالملل مِن الارتباط, وبداية اتساع الفجوة العقلية والثقافية بين الرجل وبين أبنائه، كما يشعر بالفراغ، وضعف الرغبة الجنسية، وبأنه غير مرغوب فيه؛ وهو ما يضعف ثقته بنفسه, ويدفعه إلى التشاؤم من المستقبل, والاكتئاب, ثم الحزن، والإحباط, وتظهر أعراض تلك الحالة في ارتباك مواعيد النوم، أو عدم الرغبة في الأكل، أو الإصابة بالسمنة في أسرع وقتٍ, والعزلة عن الآخرين؛ لشُعورِه بانشغالهم, بينما يُعاني هو مِن الفراغ، وتقدُّم العمر، وتحوُّل الملامح نحو الشيخوخة, وفقدان الشباب، وحيويَّة الجسم.
وفي تلك المرحلة يترجم هذا الشخص أغلب مواقف الطرف الآخر على أنها نفورٌ منه, وعدم الرغبة فيه؛ لأنه فقَد جاذبيته, ويرجع هذا في الأساس إلى الثقافة المجتمعية العقيمة التي تُسيطر على مجتمعنا الشرقي".
التعديل الأخير تم بواسطة *سر الحياة* ; 16-01-2014 الساعة 06:14 AM