الدرر المرصوف في العشرة بالمعروف - منتدى عالم الأسرة والمجتمع
logo

الملاحظات

المواضيع المنقولة قسم تنقل فيه المواضيع المكررة والمخالفة لقوانين المنتدى ويتم تنبيه الاعضاء على ذلك من خلال الموضوع ذاته

 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 02-03-2014, 08:20 PM
  #1
الاسره والمجتمع
عضو جديد
تاريخ التسجيل: Feb 2014
المشاركات: 76
الاسره والمجتمع غير متصل  
الدرر المرصوف في العشرة بالمعروف

الحمدُ للهِ الَّذي خلَق الزَّوجَيْن الذَّكر والأُنثى، والصلاة والسلام على رسوله إِمَام الهُدى، وعلى آله وصحْبه ومَن اقْتَفَى أثرَه، وبسُنته اهْتَدى.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُون ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾[النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70 - 71].

إنَّ أصْدق الحديث كتابُ الله، وخير الهَدْي هدي محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وشر الأمور مُحْدثاتها، وكل مُحْدَثة بِدعة، وكل بِدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أما بعد:
فإنَّ الله - عزَّ وجلَّ - أمَر الأزواج بمعاشرة زوجاتهم بالمعروف؛ فقال - سبحانه وتعالى -: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [النساء: 19]، وقد غفَل كثيرٌ مِن المسلمين عن هذا الأمر العظيم، ولهذه الغفلة أسبابٌ عديدة مِن أعظمها: الجهْل بهذا الأمر الربَّاني؛ وذلك لبُعدهم عن كتاب ربهم، وقِلَّة علمهم بسُنة نبيِّهم - صلَّى الله عليه وسلَّم - فأحببتُ أن أبَيِّن لإخواني هذا الأمر، وما في مخالفته مِن الخطر، فأوردتُ بعض الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، والآثار السلفيَّة التي تدلُّ عليه، وتحثُّ على الامتثال به.

وذلك لمَّا طلب مني أخ عزيز، وصديق كريم أن أُسْعِفَه ببعض الأحاديث، والآثار التي تحثُّ الأزواجَ على معاشرة زوجاتهم بالمعروف؛ لينصحَ بها أحد أصدقائه ممَّن أخلَّ بهذا الأمر العظيم.
سَأَلَنِي إِيَّاهُ مَنْ لاَ بُدَّ لِي
مِنَ امْتِثَالِ سُؤْلِه المُمْتَثَلِ

فقمتُ بتلبية طلبه، وكتبتُ هذه الرسالة الصغيرة؛ امتثالاً لقوله - تعالى -: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾ [المائدة: 2]، ورغبةً في نشْر العلم؛ امتثالاً لقول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((بَلِّغوا عنِّي ولو آية))[1]، وبَذْلاً للنُّصح للآخرين؛ امتثالاً لقولِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الدِّين النصيحة))، قيل: لمَن يا رسولَ الله؟ قال: ((لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمَّة المسلمين وعامتهم))[2]، وحِرْصًا على نفْع المسلمين؛ امتثالاً لقول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن استطاع منكم أن ينفعَ أخاه فليفعلْ))[3]، وتذكيرًا للمؤمنين؛ امتثالاً لقوله - تعالى -: ﴿ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الذاريات: 55].

وقدْ جعلتُ هذه الرِّسالة في ثلاثة مباحِث:
الأول: أوردتُ فيه بعض الآيات القرآنية.
الثاني: أوردتُ فيه بعض الأحاديث النبوية.
الثالث: أوردتُ فيه بعض ما أُثِر عن السَّلف - رضوان الله عليهم - مِن أقوال، وحكايات.

وأسأل اللهَ العظيم أن يكونَ هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفع بهذه الوريقات كاتبَها، وقارئَها، وجميعَ المسلمين.
آمين.
فَقُلْتُ مَعْ عَجْزِي وَمَعْ إِشْفَاقِي
مُعْتَمِدًا عَلَى القَدِيرِ البَاقِي

المبحث الأول
الآيات القرآنية

قمتُ بذِكْر ثلاث آيات قرآنية من كِتاب الله - تعالى - تَحُثُّ وتأمُر الأزواج بالمعاشَرة بالمعروف، وإليك الآيات مع شرْحها:
1 - قال الله تعالى: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 19]، في هذه الآية أَمَر الله تعالى الرِّجال عمومًا، والأزواجَ خصوصًا بِحُسْن معاشرةِ النساء، والمعاشرة: مِن العِشْرَة، وهي: المخالطة، والمعروف: هو ما عَرَّفه وحدَّده الشارع، وأمَر به من التلطُّف مع النساء، والرحمة بهنَّ، وحُسن الخُلُق معهن، وطِيب القول لهن.

ومعنى الآية: صاحبوهنَّ، وعاملوهنَّ بالمعروف مما حَضَّ عليه الشرع، وارتضاه العقلُ مِن الأفعال الحميدة، والأقوال الحسَنة، بأن تُلاطفوهنَّ في المقال، وتتَجَمَّلُوا معهنَّ في الفعال.

قال ابنُ كثير في تفسيره (2/242): "﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ أي: طَيِّبُوا أقوالكم لهنَّ، وحَسِّنُوا أفعالكم وهَيْئَاتِكُم بحسب قُدرتكم، كما تحبُّ ذلك منها، فافعل أنت مثله".

وقال الغزالي في الإحياء (2/43): "والمعاشرة بالمعروف تكون بِحُسْن الخُلُق معها، وكف الأذى عنها، بل احتمال الأذى منها، والحِلْم عن طيشها وغضبها؛ اقتداءً برسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقد كانتْ أزواجه تراجعْنَه الكلام؛ بل أن يَزيد على احتمال الأذى منها بالمداعبة، والمزاح والملاعبة، فهي التي تُطَيِّب قلوبَ النساء، وقد كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يمزح معهنَّ".

ثم ختَم الله الآية الكريمة بقوله: ﴿ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 19]؛ ليُبَيِّن أنَّه لا يصحُّ للرجال أن يسترسلوا في كراهية النِّساء إن عرضت لهم أسبابُ الكراهية، بل عليهم أن يُغَلِّبُوا النظرَ إلى المحاسن، ويتغاضوا عن المكارِه.

فمعنى الآية: إن وُجِد سببُ سوء المعاشَرة - وهو: الكراهية - فكرهتم صحبتهنَّ وإمساكهن، فتثبَّتوا ولا تتعجَّلوا في مفارقتهن بالطلاق، فإنَّه عسى أن تكرهوا شيئًا، ويجعل الله لكم في الصبر عليه خيرًا كثيرًا في الدنيا والآخِرة.

فجَعل الله العشرة بالمعروف فريضةً على الرجال حتى في حالةِ كراهية الزوج لزوجته، وجعَل للزوج في ذلك خيرًا كثيرًا.

2 - قال الله تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21].

وفي هذه الآية يُبَيِّن الله تعالى أنَّ مِن آياته العظيمة أن جَعَل بين الزوجين المودَّةَ والرحمة، وبيَّن أن النكاح مبنيٌّ على هذه الأصول: السكن، والمودَّة، والرحمة.

فقال: ﴿ لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا ﴾، والسكينة: الطمأنينة، والأُنس، والاستقرار؛ أي: لتألفوا بها، وتطمئِنُّوا إليها، فجعَل الله المرأة سكنًا للرجل يأوي إليها، ويطمئن بها، ويستقر عندَها، فبيَّن أنَّ البيوت ينبغي أن تُبْنَى على الطمأنينة والسكينة، وهو ما يؤدِّي إلى الاستِقْرار في الحياةِ الزوجية.

ثم قال سبحانه: ﴿ وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾، فبيَّن في هذه الآية أنَّ العلاقة بيْن الرجل وزوجه مبنيةٌ على المحبَّة، والمودة، والأُلْفة، فإنِ انتفى الحبُّ فلتكن العلاقة مبنيَّة على الرَّحْمة بها، والعطف عليها؛ لأنَّها الحلقة الأضعَف، وقد حرَّج النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - علينا حقَّها بقوله: ((إني أُحَرِّج عليكم حقَّ الضعيفين: اليتيم، والمرأة))[4]، وهذه الآية تؤكِّد ما أفادتْه الآية الأولى: بأنَّه إن كَرِه الرَّجلُ المرأةَ، وانتهتْ علاقة الحُبِّ والوُدِّ بينهما، فلا يُفارقها، بل يُعاملها بالرحمة، والرأفة، والشفقة، وهو المعروف الذي ذَكَرَه في الآية الأولى؛ ولِذَا قال ابن عباس في تفسير الآية: "المودَّة: حبُّ الرجل امرأته، والرحمةُ: شفقتُه عليها أن يصيبَها بسوء"[5]، وذلك إنِ انتفت المحبَّة، وحلَّت مكانها الكراهية.

3 - قال الله تعالى: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة: 228].

يُؤكِّد الله - سبحانه وتعالى - في هذه الآية أنَّ للمرأة على زوجها حقوقًا كما أنَّ له عليها حقوقًا، فعليه أن يُوَفِّي لها حقوقَها بالمعروف الذي ترضاه الطباعُ السليمة، ووافق ما شرَعه الله، فلا يستوفي حقوقَه منها، ويظلمها حقوقَها، فالمعنى: وللنساء على الرجال مثلُ ما للرجال على النساء، فليؤدِّ كل واحد منهما إلى الآخَر ما يجب عليه بالمعروف.

وقدْ قال ابن عباس: "إني لأتزيَّن لامرأتي كما أُحِبُّ أن تتزين لي؛ لأنَّ الله قال: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة: 228]"[6].


منقوووول للفائدة يارعاكم الله
 

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] معطلة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:26 AM.


images