ظاهرة الاحتراق الذاتي
لا أظنني سأكتب أغرب من هذا المقال .. هذا مادار في ذهني حين باشرت التحضير للموضوع فقد قرأت الكثير عن الظواهر العجيبة ورأيت كثير مما لايقابله المنطق .. ومع ذلك لم أدهش لشيء كدهشتي من الظاهرة المعروفة باسم الاحتراق الذاتي للإنسان أو مايعرف ب (SPONTANEOUS HUMAN COMBUSTION).ففي هذه الظاهرة يحدث احتراق ذاتي لجسم الإنسان بصورة مفاجئة وبدون أي مصدر خارجي للنار ورغم أنني لم أسمع بمثل هذا الأمر في تراثنا العربي إلا أن هذه الظاهرة على ندرتها معروفة في مجتمعات عديدة حول العالم
فحالات الاحتراق الذاتي للجسم تعود بداياتها الموثقة إلى القرن السابع عشر في التقارير الطبية لمستشفيات أوروبا ومع نهاية هذا القرن أصبح هناك أكثر من (250) حالة مؤكدة لتلك الظاهرة وفي الحقيقة يدعى المهتمون بأن العدد يفوق ذلك بكثير (فمعظم الحالات تصنف كحوادث احتراق عادية أفضت للموت).أضف لذلك أن الواقع يثبت أن تلك الظاهرة بعيدة تماما عن كونها حوادث احتراق عادية تسبب بها " مصدر خارجي " ففي معظم الحالات لايكون قرب الضحية لأي مصدر للنار فهناك حوادث احتراق حدثت لأناس يمشون أو يسوقون سياراتهم وهناك حالات حدثت لأطفال رضع (كالتي شهدها مستشفى برمنجهام في إنجلترا في 26 أغسطس 1974 لطفلة تدعى ليزا إحترقت بدون سبب معروف!).
وكثيرا مايبدو الاحتراق محدودا ونابع من الجسم نفسه ففي حالات كثيرة يتحول الجسم إلى رماد في حين تظل ملابس الضحايا وأحذيتهم بدون أذى ولم يحدث أبدا أن امتدت النار إلى الستائر أو أثاث المنزل أو سببت حريقا كبيرا فالأمر هنا أشبه بالتهاب عود كبريت يبدأ بقوة ثم ينتهي فجأة ومن العجيب أن عظام الإنسان لاتتلاشى إلا في درجة حرارة عالية (4000 ف) وبعد مدة طويلة..وحتى في هذه الحالة لايسع جمجة الإنسان إلا أن تتقلص إلى حجم البرتقالة , أما في تلك الظاهرة فالجسم يتحول إلى رماد!!؟
وفي العصور الوسطى كانت الكنيسة تدعي أن تلك الظاهرة تحدث لأناس بلغت ذنوبهم " الحد الأقصى " وفي عصور لاحقة ظهر اعتقاد قوي بأن حالات الاحتراق تحدث لمدمني الكحول فقط (لكونه مادة سريععة الاحتراق) وهناك من يرى أن تلك الحوادث تتسبب بها " الجن والشياطين "
وكثير من الأطباء وعلماء الفيزياء لايصدقون بهذه الظاهرة رغم تسليمهم بغرابة حالات الاحتراق نفسها ومع ذلك أرى أن مواصفات تلك الظااهرة (القوة , والفجائية , والمحدودية) هي الأقرب إلى فرضية التقاء جزيئات المادة بأجسامها المضادة.فمن المعروف أن لكل جسم مادي (ضد) متى ما التقى به فنى معه وأطلقا كمية هائلة ومافجئة من الطاقة وفي ظاهرة الاحتراق الذاتي للجسم لابد أن أجساما مضادة تكونت بصورة غير معروفة فالتقت مع أضدادها فسببت دمار الجسم وحولته إلى رماد...!
ومن أشهر الحوادث الموثقة ماحدث للمؤلف الإنجليزي المعروف (تمبل تومسون) ميتا في منزله إثر احتراق نصفه السفلي بشكل كامل وكان من الواضح أن نارا قوية سببت تفحم ذلك الجزء وتقلص عظامه إلى حد كبير الغريب في الأمر ان تلك النار لم تؤثر على نصفه العلوي رغم شدتها كما لم تسبب احتراق ملابس الضحية أو أثااث المنزل.
ورغم تشكك بعض العلماء في تلك الظاهرة إلا أن الفيزيائي المعروف (هارتويل) كان من شهود العيان الذين حضروا احتراق إحدى النساء في ماساشوسيت بدون سبب واضح ففجأة وأمام أعين الجميع اشتعلت النار في جذع وساقي المرأة ثم سرعان ماتفحمت خلال ثواني معدودة .
وفي عام 1938 وقعت حادثة احتراق مشهورة أمام حشد كبير من الناس في مقاطعة إسكس الإنجليزية فبينما كانت فتاة (فيليس نيوكومب) خارجة من أحد الفنادق مع مجموعة من المدعويين غمرتها نار مفاجئة أتت عليها خلال دقائق . وقد فشل الحاضرون في إخماد النار التي بدا أنها تنبع من داخل جسمها (وقد ورد في أوراق المحقق الفقرة التالية : لم يسبق أن شاهدت شيئا كهذا .. فقد احترقت الفتاة بنار زرقاء ذات منشأ مجهول .
وكان البيولوجي (إيفان ساندرسون) مؤسس جمعية " تقصي مالا يمكن تفسيره " قد ذكر في أحد تقاريره حالة السيدة (ماري كاربنتر) التي اشتعلت فيها النار أثناء قيامها بنزهة في أحد القوارب ولم تفلح محاولات زوجها وأبناؤها في إطفاء النار بماء البحر حتى لفظت أنفاسها.
أما أشهر حالات الاحتراق الذاتي في الولايات المتحدة فهي صور احتراق الدكتور (جون بنتلي) عام 1966 والذي تحول إلى كومة من الرماد بدون سبب مفهوم العجيب في الحادثة أن القدم اليمنى وستائر الحمام ظلا بدون أذى وبقي كل مايحيط بجثمان الطبيب سليما في حين تحولت عظامه إلى رماد
ومهما يكن الوضع باستثناء ماذكرته عن المادة المضادة .. ليس لدي تعليق آخر