۞فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا۞
سورة: الكهف-اية: [77]
۞وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا۞
سورة: الكهف-اية: [82]
اعتمد القرآن الكريم على [طبيعة السكّان] في مسمّياته للتجمعّات السكّانيّة، فإذا كان المجتمع [مُتّـفقاً] على فِكْرة واحدة أو مِهنةٍ واحدة، عِندها أسـماه القرآن [قـرية]، ونحن حتّى الآن نقول مثلاُ: القرية السياحيّة، القرية الرياضيّة. وعِندمـا يُطلق القرآن الكريم مُسمّى [مـدينة] يكون المجتمع فيه الخـير وفيه الشـرّ، أو يكون سـكّانه [أعـداءُ] مع بعضهم.
في سورة الكهف مثلا: فعندما اتّفق المجتمع على [البُخْل] عندها أسـماه القرآن الكريم [قرية]: (فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما..)
اما عِندمـا أضـاف [العبد الصالح] إلى المجتمع البخيل [الفاسد]، أصبح المجتمع [مـدينة] ولم يعُـدْ [قـرية]: (وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا)... لولا هذا الاب الصالح لما كانت [مدينة].
امثلة أخرى:
ومثالُ آخر: عندما اتّفق قوم [لـوط] عليه السلام على معصية واحدة قال تعالى: (ونجّـيناه من القـرية التي كانت تعْمل الخبائث) الأنبياء آية 74
وفي سورة يس عندمـا اتّفقوا على الكُفْر أسماها أيضاً [قرية]:
قال تعالى في سورة يس: وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءهَا الْمُرْسَلُونَ (13)
ثم قال بعد ذلك عندما ظهر هذا الرجل الصالح: وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20)
عندمـا أسـلم أحـد الأشخاص، أصبحت [القرية] الكافرة [مـدينة] فيها الكفر وفيها الإيمـان، لذلك قلب القرآن الكريم التسمية فوراً وبذات الحَدَث منْ [قرية] إلى [مدينة]
القرية التي ليست لها مكانة عند الناس، لكن حينما دخلها الدعاة وظهر فيها الصالحون وتجولوا فيها أكرمها الله وارتفعت مكانتها بسبب وجودهم فتحولت إلى مدينة. لذلك لم يردْ في القرآن الكريم أنّ الله سبحانه قد أهلك [مـدينة]، بل يُهلك القرى الكافرة تماماً أي عندما يعمّ الكُفر في المجتمع. (وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون) [القصص:59]
سبحان الله على روعة وبلاغة القران الكريم... والله تعالى أعلم.
تأمل أخر في قوله: "وكان أبوهما صالحا..." أنهما حفظا بصلاح أبيهما، ولم يذكر منهما صلاح لانهما لم يبلغا الحلم بعد، وكان بينهما وبين الأب الذي حفظا به سبعة آباء. أي ان هذا الاب الصالح المذكور في الآية ليس والدهما مباشرة بل جدهما السابع. هذا دليل على أن الرجل الصالح يحفظ في ذريته، وتشمل بركة عبادته لهم في الدنيا والآخرة، بشفاعته فيهم ورفع درجتهم إلى أعلى درجة في الجنة لتقر عينه بهم، كما جاء في القرآن ووردت السنة به.
تأمل وتدبر:
رجل واحد صالح كان سببا في حفظ ذريته وسببا في تحويل بلدته من "قرية" الي "مدينة" وبالتالي سببا في حفظ هذه القرية من الهلاك الذي توعده الله للقرى الظالمة وفوق كل ذلك كرمه الله بذكر قصته وقصة ذريته في الكتب السماوية تتداولها الأمم منذ بعث الله سيدنا موسي الي يومنا هذا.
سبحان الله على روعة وبلاغة القران الكريم... والله تعالى أعلم.
__________________
ما نال أحدٌ من الفضلِ في مالٍ أو جاهٍ أو علمٍ شيئًا بكسب يده، لكن الأمر كله لله، يُقدّم من يشاء بفضله، ويؤخّر من يشاء بعدله.
و هذا أيضا كسر ل المثل الشهير الذي أكرهه
( الشر يعم و الخير يخص )
__________________
اللهم اغفر و تجاوز عن مالك ربي يمن كتابه و يسر حسابه اللهم أطعمه و اسقه و اكسه من الجنه اللهم بيض وجهه يوم تبيض وجوه يارب قد حل ضيفا عندك ف أكرمه بكرمك اللذي يليق بجلال وجهك و عظيم سلطانك#آمين