في صباح اليوم التالي، وعلى مائدة الإفطار قالت الوالدة: اسمعي يا منال، ما رأيك أن نلعب سويا أنا وأنت لعبة جديدة؟
تحمست منال وقالت: وما هي هذه اللعبة يا أمي؟
قالت الأم: ما رأيك أن تكوني أنت ماما اليوم وأنا ابنتك؟
ضحكت منال وقالت: وكيف هذا؟
قالت الأم: هذه مجرد لعبة يا منال، أنا أكون منال وأنت ماما، وتكونين أنت مسؤولة عني وتتخذين أنت القرارات.. فما رأيك؟
فرحت منال جدا بهذه اللعبة، فهي ستكون مسؤولة ويمكنها أن تقرر الخروج والذهاب إلى النادي أو شراء أي شئ..
قالت منال: أنا موافقة ومتى تبدأ اللعبة؟
قالت الأم: فورا.. ولنبدأ بأول شئ وهو تجهيز الفطور..
قالت منال: نعم فأنا فعلا جائعة جدا..
قالت الأم: حسنا، فلتحضري الإفطار لنا..
انتبهت منال وقالت: نعم فأنا الأم الآن.. سأجهز الإفطار سريعا لأنني أريد مشاهدة برنامجي المفضل في التلفزيون..
أعدت منال لوالدتها شطيرة من الخبز والجبن وجرت سريعا لتلحق ببداية برنامجها المفضل بالتلفزيون..
وما أن جلست أمام التلفاز حتى وجدت والدتها تنادي عليها وتطلب منها كوبا من العصير.
وضعت منال العصير لوالدتها وعادت سريعا لتتابع البرنامج.. وبعد دقائق قليلة وجدت أمها تنادي عليها مرة أخرى..
عادت منال لوالدتها، فطلبت منها الأم شطيرة أخرى.. فقالت منال لوالدتها: ألا يمكن أن أعدها لك بعد الانتهاء من البرنامج؟
قالت الأم: ولكني جائعة جدا يا منال، وأريد أن أكلها الآن..
لم تجد منال مفرا من أعداد الشطيرة لوالدتها فأعدتها سريعا وذهبت لمتابعة الباقي من البرنامج.
بعد انتهاء البرنامج، قالت الأم لمنال: اليوم يجب أن نذهب لزيارة خالتك..
قالت منال: ولكن اليوم حفلة غادة صديقتي..
قالت الأم: خالتك مريضة يا منال ويجب أن اذهب لزيارتها..
قالت منال: حسنا فلتذهبي أنت لزيارتها، هل يجب علي أن أذهب أنا الأخرى؟
قالت الأم: ولكن هل نسيت لعبتنا؟ فأنت الأم الآن، وأنا لا أستطيع الذهاب دون أمي..
فكرت منال في كلام أمها فوجدت أنها محقة فيما تقول وهي رضيت أن تلعب هذه اللعبة منذ البداية فعليها أن تستمر فيها..
قالت منال: حسنا فلنذهب الآن لخالتي ثم نعود سريعا لأستطيع اللحاق بحفلة غادة..
* * *
ذهبت منال ووالدتها لزيارة الخالة المريضة، وفي طريق العودة أرادت منال أن تذهب لحفلة غادة، ولكن الوالدة اعتذرت لشعورها بالتعب وحاجتها أن تذهب للمنزل كي ترتاح، فاضطرت منال للعودة إلى المنزل مع والدتها، وفي الطريق أخذت منال تفكر، أن والدتها منذ بداية اليوم تطلب منها طلبات كثيرة تتعارض مع ما تريد أن تفعله هي، حتى أنها اضطرت ألا تذهب لحفلة صديقتها والتي كانت تتمنى أن تحضرها منذ فترة طويلة، ومع كل هذا لم تشكرها والدتها مرة واحدة على كل ما تفعله، وشعرت منال بالحزن ولكنها توقفت لحظة وفكرت..
كل يوم والدتها تستيقظ فتعد لها كل ما تتمنى وتنفذ لها جميع ما طلب وهي لم تشكرها مرة واحدة.. والآن هي أحست أنه شعور صعب للغاية أن يقوم الإنسان بتقديم وتنفيذ كل ما يريح من حوله ثم لا يجد الشكر أو التقدير..
خجلت منال من نفسها جدا، فنظرت لوالدتها وقالت لها على استحياء: شكرا لك يا أمي...
سألت الأم منال: لماذا تشكرينني يا منال؟
قالت منال: لقد فهمت الغرض من لعبتنا يا أمي، وأعلم الآن أنني كنت مقصرة معك ومخطئة في حقك، فأنت تستحقين كل الشكر مني على كل ما تقدمينه لي..
ابتسمت الأم وقالت: الحمد لله أنك قد فهمت الدرس وحدك يا منال، فإنك عندما لا تشكرين أحد على ما يقدمه لك فإنك لا تكونين مقصرة في حقه فقط ولكنك تكونين مقصرة في حق الله عز وجل..
اندهشت منال وقالت: وكيف أكون مقصرة في حق الله يا أمي؟
قالت الأم: علمنا الرسول صلى الله عليه وسلم هذا في قوله: (من لم يشكر الناس لم يشكر الله عز وجل) لذا فإنك عندما لا تشكرين الناس فكأنك لم تحمدي الله ولم تشكريه، وخاصة أن الله هو الذي أرسل إليك هؤلاء الناس كي يساعدونك ويقدموا إليك ما يستحقون الشكر عليه منك..
قالت منال: فهمت يا أمي، ولن أنسى بعد اليوم أن أشكر من حولي على كل ما يقدمونه لي كي أشكر ربي وأحمده أيضا
قالت الأم: حسنا يا منال، والآن لتستعدي لنلحق بحفلة غادة قبل أن تنتهي
ضحكت منال وهي سعيدة للغاية وقبلت والدتها وهي تقول: شكرا لك يا أمي...
* * *
تمت بحمد الله القصة الأولى..
وأرجو أن تحبوها كما أحببتها..
ترقبوا المزيد..