
حيــــاتك من صنع أفكــــــارك...
سعادة الإنسان وشقائه أو قلقه أو سكينته تنبع من نفسه وحدها .
إنه هو الذي يعطي الحياة لونها البهيج ،أو المقبض ،
كما يتلون السائل بلون الإناء الذي يحتويه
(فمن رضي فله الرضى ومن سخط فله السخط )..
عاد النبي صلى الله عليه وسلم....
أعرابيا مريضا يتلوى من شدة الحمى ،
فقال له مواسيا ومشجعا :طهور فقال الأعرابي
بل هي حمى تفور على شيخ كبير لتورده القبور :قال :فهي اذن
يعني أن الأمر يخضع للاعتبار الشخصي ،
فان شئت جعلتها تطهيرا ورضيت وان شئت جعلتها هلاكا وسخطت .
وانظر إلى هاتين الآيتين وما تبرزانه من صفات الناس :
وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ السَّوْءِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
هولاء وأولئك يدفعون المال المطلوب..
هولاء يتخذونه غرامة مؤذية مكروهة ويتمنون العنت لقابضه .
وأولئك يتخذونه زكاة محبوبة تطيب النفس بأدائها ،وتطلب الدعاء الصالح بعد إيتائها.
قيمة العمل .....بل قيمة صاحب العمل ....ترتبط إرتباطاً وثيقاً....
بحقيقة الأفكار التي تدور في الذهن والمشاعر التي تعتمل في النفس ...
فإن نحن ساورتنا أفكار سعيدة كنا سعداء ....وإذا تملكتنا أفكار شقية غدونا أشقياء ....
واذا خامرتنا أفكار مزعجة تحولنا خائفين جبناء ،واذا تغلبت علينا هواجس السقم....
والمرض فالأغلب أن نبيت مرضى سقماء وهكذا .....
ولا يستطيع أحد إنكا ر ما للروح المعنوية من أثر باهر لدى الأفراد....
والجماعات فالجيوش التي يحسن بلاؤها وتعظم بسالتها أنما تستمد طول مقاومتها ....
من رسوخ العقيدة وقوة الصبر أكثر مما تستمده من وفرة السلاح والعتاد...
والرجل الذي تربو ثقته في نفسه لايشل إقدامه على الحياة نقص في بدنه.....
أو عنت في ظروفه بل قد يكون ذلك مثار نشاطه....
وشدة شكيمته ....
والحق إن مركب النقص قد يكون خيرا وبركة إذا حفز إلى التكمل وحدا المجد...
إن الانسان عندما يرتفع عن سطح الأرض تتغير الأشكال والأحجام....
في عينه وتكون نظرته إلى مادونه أوسع مدى وأرحب أفقاً...
وهو هو لم يتغير ....
كذلك أرتفاع الإنسان في مدارج الأرتقاء الثقافي والكمال الخلقي ....
إنه يغير كثيرا من أفكاره وأحاسيسه ....
ويبدل أحكامه على كثير من الأشخاص والأشياء ....
ونحن نستطيع أن نصنع من أنفسنا مثلا رائـــــــعه إذا أردنا ...
عن طريق تجديد أفكارنا ومشاعرنا كما تتجدد الرقعة من الصحراء إذا انضاف إليها ...
مقدار ضخم من المخضبات والمياه....
حكى لنا ديل كا رنيجي....قصة شاب نهكته العلة....
فرحل عن وطنه يطلب الصحة في السياحة وكان أبوه يعلم طبيعة مرضه وأن....
سقامه جاء من توعك مزاجه وغلبة أوهامه فكتب إليــــــه....
ولدي انك الآن على بعد ألف وخمسمائة ميل من بيتك ومع ذلك ....
لست تحس فارقا بين الحالين هنا وهناك أليس كذلك؟!...
بلى لأنك أخذت عبر هذه المسافة الشاسعة الشيء الوحيد الذي هو مصدر .....
كل ما تعانيه ذلك هو نفسك .لاآفة البتة بجسمك أو عقلك ولا شيء من التجارب التي واجهتها .......قد تردي بك إلى هذه الهاوية السحيقة من الشقاء وانما الذي تردى بك هو ....
العوج الذهني الذي واجهت به تجاربك وكما يفكر المرء يكون ....
فمتى ما أدركت ذلك فعد إلى بيتك وأهلك لأنك يومئذ تكون قد شفيت....
قال الشاب....هاجني هذا الخطاب وبلغ بي الغضب حدا قررت معه ألا أعود إلى بيتي وأهلي قال وفي تلك الليلة وبينا كنت أذرع إحدى الشوارع وجدت كنيسة في طريقي تقام فيها الصلاة ولما لم تكن لي وجهة معينة فقد دلفت اليها لأستمع إلى الموعظة الدينية التي تلقى كان عنوان العظة
هذا الذي يقهر نفسه أعظم من ذاك الذي يفتــــــــــح مدينة
وكأنما جلوسي في معبد من معابد الله وانصاتي الى الأفكار
التي تضمنها خطاب ابي تقال بصيغة أخرى ممحاة مسحت الآضطراب الذي يطغى على عقلي....
ووسعني في تلك اللحظة أن أفكر تفكيرا متزنا في حياتي وهالني اذ ذاك أن أرى نفسي على حقيقتها ..نعم؟ لقد رأيتني أريد أن أغير
الدنيا وما عليها ....في حين أن الشيء الوحيد الذي كان في أشد الحاجة الى التغيير هو تفكيري واتجاه ذهني .هو نفسي.........
وما كتبه كا رنيجي كتبناه في مؤلفنا خلق المسلم....
وجميع الأديان لن تخرج عن طبيعتها في اعتبار النفس الصالحة ....
هي البرنامج المفصل لكل صلاح......
ومن هنا كان الإصلاح النفسي الدعامة الأولى لتغلب الخير في هذه الحياة .فإذا لم تصلح النفوس أظلمت الآفاق ،وسادة الفتن حاضر الناس ومستقبلهم ولذلك يقول الله تعالى ....
(إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ )
ويقول معللا هلاك الأمم الفاسدة ...
(كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ *ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )