لا تطفئوا الشمعة..!
تخيل انك في غرفة مظلمة لا ترى شيئا فيها وتمشي بحذر شديد، انت لا تعلم ما بداخل تلك الغرفة ولا تعلم ابعادها. ينتابك شعور بانك ستتعثر في شيء ما لا تراه.. او انك ستصطدم في جدار او باب.. او لربما ستقع في حفرة.. ربما يكون هناك شخص داخل تلك الغرفة.. صديق ام عدو؟ لا تدري! اوربما هناك حيوان.. مفترس.. ام اليف؟ لا تدري! ترى. كيف ستشعر؟ وانت في هذا الحالة. وتحت هذه الظروف، هل انت قادر على استخدام كامل قدراتك. العضلية والفكرية؟ كل ما تعرفه ان عليك ان تسير وتستمر في السير وفي الاتجاه الصحيح.. وبدون علامات ترشدك الى الطريق الصحيح.. المهم انك مطالب بالوصل.. اين؟ لا تدري! المهم ان تصل! هل سبق ان انتابك مثل هذا الشعور؟
في نقاش مع احد المعلمين تحدث عن تدني اقبال الطلاب على تعلم المادة التي يدرسها بالرغم انه يبذل جهوداً كبيرة في الشرح.. ذكر الاستاذ اساليب يتبعها لمساعدة الطلاب الا انه يستغرب عدم اقبالهم على تعلم المادة. خلال النقاش لاحظت ان تركيز الاستاذ في شرحه للدرس يغطي جوانب الكيف فقط اي كيف تطبق قاعدة ما وكيف تتم عملية ما وما الي ذلك كان الاستاذ مستاء مما حصل ويتساءل كيف يتصرف؟
ان مما يحفز الناس على القيام بعمل ما هو ان يعرفوا لماذا عليهم ان يعملوه والا فانهم لن يجدوا سببا مقنعا لبذل الجهد او الابداع في هذا العمل. ينطبق هذا على كل ما يتطلب بذل جهود سواء في العمل او في المدرسة.
عندما يطلب مني شرح العمل الذي نقوم به للمهندسين الجدد فاني اخبرهم اولا عن مواقع ابارا البترول والغاز وانواعها وجهات انتاجها وكمياتها ومراحل انتقالها من المكامن الى ان تصل الى الزبون وعن السياسة النفطية للشركة ومسارات نقل كل منتج ومن ثم انتقل بالتدريج الى ان اصل الى العمل الذي سيقوم به الموظف لتتضح له الرؤية ويعرف لماذا يقوم بعمله ليشعر باهمية العمل الذي يقوم به لجهة عمله ولوطنه ولامته فيحفزه هذا الشعور للبذل والعطاء والابداع كي يحقق اقصى فائدة من عمله.
عندما يعرف الطالب والموظف لماذا عليه ان يقوم بالعمل المطلوب منه فانه سيشعر باهمية دراسته او عمله وان ما يقوم به ذو قيمة ويشعر باهميته كشخص.. ليس اثقل على الانسان من ان يقوم بعمل هو لايعرف لماذا يقوم به اولا يدرك اهميته فكيف نتوقع منه الابداع؟ تكون المشكلة اكبر اذا اعتقد الطالب او الموظف ان المادة التي يدرسها او العمل الذي يقوم به ليس له قيمة.
هل سبق ان سألك ابنك او ابنتك او اخوك او اختك لماذا نتعلم مادة الرياضيات مثلا؟ ترى ما جوابك لهذا النوع من الاسئلة؟: حوالي 40 بالمائة من الناس يحفزهم ان يعرفوا لماذا عليهم تعلم شيء ما .. فالمعلم مطالب بشرح لماذا يجب على الطلاب تعلم كل درس ليكون اول شيء يتطرق له قبل الدخول في شرح الماهية والكيف.
الانظمة الادارية المتبعة لا تعطي اهتماما لهذا الجانب فالموظف في الغالب يقوم بعمله فقط لان رئيسه طلب منه القيام به. ان عدم معرفة الموظفين لماذا يقومون بعمل ما يسبب كل يوم في هدر الملايين ويهدر سلامتهم وسلامة المنشآت ويضيع فرصا ثمينة عليها اذ لو عرف الموظف الصغير الجواب لاقترح حلولا لم تخطر على بال الرؤساء و القادة الخبراء لانه الاقرب لميدان العمل والاعرف بما يتطلبه تحقيق افضل النتائج. تأكد ان تكون انت مقتنعا بما تعمل لان احساسك سيكون له اثر اكبر من كلماتك على ايصال الرسالة الى الاخرين.
عندما يعرف الموظف والطالب لماذا فانك تسمع وترى منهم اراء واقتراحات لم تخطر ببالك.. كن منفتحا لتلك الاراء والاقتراحات فهي الشمعة التي تبث النور وتضيء المستقبل مستقبل الوطن فلا تطفئها فبسببها سيزول الظلام. وفر لها الرعاية والحماية التي تحتاجها لتكبر وتكشف عن كنوز دفينة في عقولهم لتحملها ايديهم ولترى النور على ارض الامل.
مقالة لـ: محمد عبدالله البوزيد - الظهران
__________________
اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا .. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا
اللهم يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه، اجمع بيني وبين حبيبتي في الدنيا والآخرة
آآآآآآآآآآآآآآمين
If there is a WELL , there is a WAY