منتدى عالم الأسرة والمجتمع

منتدى عالم الأسرة والمجتمع (http://www.66n.com/forums/index.php)
-   الثقافة الاسلامية (http://www.66n.com/forums/forumdisplay.php?f=2)
-   -   الفقه الميسر ثم فتاوى العثيمين (http://www.66n.com/forums/showthread.php?t=272844)

صاحب فكرة 24-06-2017 03:20 PM

الفقه الميسر ثم فتاوى العثيمين
 
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
وبعد

فإن معرفة رب العالمين وعبادته على نور وهدى وبصيرة هو أساس الحياة، والمطلب الأعلى للنجاة، ولا يتأتَّى ذلك للعبد إلا بالفقه في الدين؛ لذا حث عليه الشرع المطهر ورغب فيه، فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)رواه البخاري ومسلم ، فقد رتب - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -في هذا الحديث- الخير كله على معرفة أحكام الدين، وفهمها الفهم الصحيح الذي يحصل به العلم النافع، المؤدي إلى العمل الصالح. لذا كان لزاماً على كل مسلم أن يتفقه في دينه؛ كي يعبد ربه على علم وبصيرة؛ معتصماً في ذلك بكتاب الله الكريم، وبسنة سيد المرسلين - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى يصلح عمله، ويستقيم أمره، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ) رواه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم.
ومن هنا يسرني أن أقدم لكم هذا الكتاب الماتع بإذن الله تعالى (الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة (والذي شارك في إعداده نخبة من أساتذة الفقه وقد حُرص في إعداده على أن يكون واضح العبارة، سهل التناول، يستفيد منه العامة والخاصة في عباداتهم ومعاملاتهم
التمهيد
ونبدأ بالتمهيد الذي يشتمل على النقاط التالية:
تعريف الفقه لغة واصطلاحاً.
مصادره.
موضوعه.
ثمرته.
فضله.
معنى الفقه لغةً واصطلاحاً:
الفقه في اللغة: الفهم. ومنه قول الله تعالى عن قوم شعيب: ( ... مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ ... ) [هود: 91]. وقوله عز وجل ( ... وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ... ) [الإسراء: 44].
والفقه في الاصطلاح: العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسبة من أدلتها التفصيلية. وقد يطلق الفقه على الأحكام نفسها.
مصادر الفقه "الأساسية":
1 - القرآن الكريم.
2 - السنة المطهرة.
3 - الإجماع.
4 - القياس.
موضوع الفقه:
موضوع الفقه أفعال المكلفين من العباد على نحوٍ عام وشامل، فهو يتناول علاقات الإنسان مع ربه، ومع نفسه، ومع مجتمعه.
ويتناول الأحكام العملية، وما يصدر عن المكلف من أقوال، وأفعال، وعقود وتصرفات. وهي على نوعين:
الأول: أحكام العبادات: من صلاة، وصيام، وحج، ونحوها.
الثاني: أحكام المعاملات: من عقود، وتصرفات، وعقوبات، وجنايات،
وضمانات وغيرها مما يقصد به تنظيم علاقات الناس بعضهم مع بعض.
وهذه الأحكام يمكن حصرها فيما يلي:
1 - أحكام الأسرة من بدء تكوينها إلى نهايتها. وتشمل: أحكام الزواج، والطلاق، والنسب، والنفقة، والميراث ونحوها.
2 - أحكام المعاملات المالية (المدنية): وهي المتعلقة بمعاملات الأفراد، ومبادلاتهم من: بيع، وإجارة، وشركة ونحوها.
3 - الأحكام الجنائية: وهي التي تتعلق بما يصدر عن المكلف من جرائم وتعديات، وما يستحقه عليها من عقوبات.
4 - أحكام المرافعات والقضاء: وهي المتعلقة بالقضاء في الخصومات، والدعوى، وطرق الإثبات ونحوها.
5 - الأحكام الدولية: وهي التي تتعلق بتنظيم علاقة الدولة الإسلامية بغيرها من الدول في السلم والحرب، وعلاقة غير المسلمين المواطنين بالدولة.
وتشمل الجهاد والمعاهدات.
ثمرة علم الفقه:
معرفة الفقه، والعمل به، تثمر صلاح المكلف، وصحة عبادته، واستقامة سلوكه.
وإذا صلح العبد صلح المجتمع، وصارت النتيجة في الدنيا السعادة والعيش الرغد، وفي الأخرى رضوان الله وجنته.
فضل الفقه في الدين والحث على طلبه وتحصيله:
إن التفقه في الدين من أفضل الأعمال، ومن أطيب الخصال. وقد دلت النصوص من الكتاب والسنة على فضله، والحث عليه. منها: قوله تعالى: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) [التوبة:122].
وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)رواه البخاري . فقد رتب النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الخير كله على الفقه في الدين، وهذا مما يدل على أهميته، وعظم شأنه وعلوّ منزلته. وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا) (رواه البخاري).
فالفقه في الدين منزلته في الإسلام عظيمة، ودرجته في الثواب كبيرة؛ لأن المسلم إذا تفقه في أمور دينه، وعرف ما له، وما عليه من حقوق وواجبات، يعبد ربه على علم وبصيرة، ويُوَفق للخير والسعادة في الدنيا والآخرة.


صاحب فكرة 26-06-2017 10:23 PM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
أولاً: كتاب الطهارة
ويشتمل على عشرة أبواب
الباب الأول: في أحكام الطهارة والمياه، وفيه عدة مسائل:
المسألة الأولى: في التعريف بالطهارة، وبيان أهميتها، وأقسامها:
1 - أهمية الطهارة وأقسامها: الطهارة هي مفتاح الصلاة، وآكد شروطها، والشرط لابد أن يتقدم على المشروط.
والطهارة على قسمين:
القسم الأول: طهارة معنوية وهي طهارة القلب من الشرك والمعاصي وكل ما ران عليه، وهي أهم من طهارة البدن، ولا يمكن أن تتحقق طهارة البدن مع وجود نجس الشرك كما قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) [التوبة: 28].
القسم الثاني: الطهارة الحسية، وسيأتي تفصيل القول فيها في الأسطر التالية.
2 - تعريفها: وهي في اللغة: النظافة، والنزاهة من الأقذار.
وفي الاصطلاح: رفع الحَدَث، وزوال الخَبَث.
والمراد بارتفاع الحدث: إزالة الوصف المانع من الصلاة باستعمال الماء في جميع البدن، إن كان الحدث أكبر، وإن كان حدثاً أصغر يكفي مروره على أعضاء الوضوء بنية، وإن فقد الماء أو عجز عنه استعمل ما ينوب عنه، وهو التراب، على الصفة المأمور بها شرعاً. وسيأتي ذكرها إن شاء الله في باب التيمم.
والمراد بزوال الخَبَث: أي: زوال النجاسة من البدن والثوب والمكان.
فالطهارة الحسية على نوعين: طهارة حدث وتختص بالبدن، وطهارة خبث، وتكون في البدن، والثوب، والمكان.
والحدث على نوعين: حدث أصغر، وهو ما يجب به الوضوء، وحدث أكبر، وهو ما يجب به الغسل.
الحَدَثُ: هو وصف قائم بالبدن يمنع من الصلاة ونحوها مما يشترط له الطهارة. وهو نوعان: حدث أصغر؛ وهو الذي يقوم بأعضاء الوضوء كالخارج من السبيلين من بول وغائط، ويرتفع هذا بالوضوء، وحدث أكبر؛ وهو الذي يقوم بالبدن كله، كالجنابة، وهذا يرتفع بالغسل. وعلى هذا فطهارة الحدث: كبرى؛ وهي الغسل، وصغرى، وهي الوضوء، وبدل منهما عند تعذرهما؛ وهو التيمم.

والخَبَثُ على ثلاثة أنواع: خبث يجب غسله، وخبث يجب نضحه، وخبث يجب مسحه.
المسألة الثانية: الماء الذي تحصل به الطهارة:
الطهارة تحتاج إلى شيء يتطهر به، يزال به النجس ويرفع به الحدث وهو الماء، والماء الذي تحصل به الطهارة هو الماء الطَّهُور، وهو: الطاهر في ذاته المطهر لغيره، وهو الباقي على أصل خلقته، أي: على صفته التي خلق عليها، سواء كان نازلاً من السماء: كالمطر وذوب الثلوج والبَرَد، أو جارياً في الأرض: كماء الأنهار والعيون والآبار والبحار.
لقوله تعالى: (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ) [الأنفال: 11]. ولقوله تعالى: (وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا) [الفرقان: 48].
ولقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد) (البخاري).
ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن ماء البحر: (هو الطهور ماؤه، الحِلُّ ميتته) (صححه الألباني).
ولا تحصل الطهارة بمائع غير الماء كالخل والبنزين والعصير والليمون، وما شابه ذلك؛ لقوله تعالى: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا) [المائدة: 6] فلو كانت الطهارة تحصل بمائع غير الماء لنقل عادم الماء إليه، ولم ينقل إلى التراب.

المسألة الثالثة: الماء إذا خالطته نجاسة:
الماء إذا خالطته نجاسة فغيَّرت أحد أوصافه الثلاثة -ريحه، أو طعمه، أو لونه- فهو نجس بالإجماع لا يجوز استعماله، فلا يرفع الحدث، ولا يزيل الخبث –سواء كان كثيراً أو قليلاً- أما إن خالطته النجاسة ولم تغير أحد أوصافه: فإن كان كثيراً لم ينجس وتحصل الطهارة به، وأما إن كان قليلاً فينجس، ولا تحصل الطهارة به. وحدُّ الماء الكثير ما بلغ قُلتين فأكثر، والقليل ما دون ذلك.
القلة هي الجرة، جمعهِا قُلل وقلال. وهي تساوي ما يقارب 93.075 صاعاً= 160.5 لترا من الماء، والقلتان خمس قرب تقريبا.
والدليل على ذلك حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إن الماء طهور لا ينجسه شيء) (صححه الألباني في الإرواء (1/ 45).
)، وحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث) (صححه الألباني في الإرواء (1/ 45)).



2018Hi 27-06-2017 07:13 AM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
صباحك فكر وبصيرة ... انت كذا بتعطيني تأسيس بدين ..الله يوفقك متابعه

صاحب فكرة 28-06-2017 01:46 PM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة 2018Hi (المشاركة 3511364)
صباحك فكر وبصيرة ... انت كذا بتعطيني تأسيس بدين ..الله يوفقك متابعه

جزاكم الله خيرا ووفقنا وإياكم للعمل على مرضاته

صاحب فكرة 28-06-2017 01:52 PM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
المسألة الرابعة: الماء إذا خالطه طاهر:
الماء إذا خالطته مادة طاهرة، كأوراق الأشجار أو الصابون أو الأُشْنَان
(الأُشْنَان معرَّب، وهو حمض تغسل به الأيدي، ويقال له بالعربية: الحُرْضُ، ويقال بكسر الألف أيضا)
أو السدر أو غير ذلك من المواد الطاهرة، ولم يغلب ذلك المخالط عليه، فالصحيح أنه طهور يجوز التطهر به من الحدث والنجاسة، لأن الله سبحانه وتعالى قال: (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ) [النساء: 43].
فلفظ الماء في الآية نكرة في سياق النفي، فيعم كل ماء. لا فرق بين الماء الخالص والمخلوط.
ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للنسوة اللاتي قمن بتجهيز ابنته: (اغسلنها ثلاثاً أو خمساً، أو أكثر من ذلك إن رأيتن، بماء وسدر، واجعلن في الآخرة كافوراً، أو شيئاً من كافور) (متفق عليه).
المسألة الخامسة: حكم الماء المستعمل في الطهارة:
الماء المستعمل في الطهارة -كالماء المنفصل عن أعضاء المتوضئ والمغتسل- طاهر مطهر لغيره على الصحيح، يرفع الحدث ويزيل النجس، ما دام أنه لم يتغير منه أحد الأوصاف الثلاثة: الرائحة والطعم واللون.
ودليل طهارته: (أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه) (البخاري 189)، ولأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صبَّ على جابر من وضوئه إذ كان مريضاً (البخاري 5651). ولو كان نجساً لم يجز فعل ذلك، ولأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه ونساءه كانوا يتوضؤون في الأقداح والأَتْوار (جمع تَوْر، وهو: إناء يشرب فيه)، ويغتسلون في الجِفَان (واحدتها: جَفنَة، وهي كالقصعة)، ومثل هذا لا يَسْلَم من رشاش يقع في الماء من المُستَعْمِل، ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأبي هريرة وقد كان جنباً: (إن المؤمن لا ينجس) (مسلم 371). وإذا كان كذلك فإن الماء لا يفقد طهوريته بمجرد مماسته له.

المسألة السادسة: أَسْاَر الآدميين وبهيمة الأنعام:
السُّؤر: هو ما بقي في الإناء بعد شرب الشارب منه، فالآدمي طاهر، وسؤره طاهر، سواء كان مسلماً أو كافراً، وكذلك الجنب والحائض، وقد ثبت أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (المؤمن لا ينجس) (مسلم 371). وعن عائشة: أنها كانت تشرب من الإناء وهي حائض، فيأخذه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فيضع فاه على موضع فيها (مسلم 300).
وقد أجمع العلماء على طهارة سؤر ما يؤكل لحمه من بهيمة الأنعام وغيرها.
أما ما لا يؤكل لحمه كالسباع والحمر وغيرها فالصحيح: أن سؤرها طاهر، ولا يؤثر في الماء، وبخاصة إذا كان الماء كثيراً.
أما إذا كان الماء قليلاً وتغيَّر بسبب شربها منه، فإنه ينجس.
ودليل ذلك: الحديث السابق، وفيه: أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئل عن الماء، وما ينوبه من الدواب والسباع، فقال: (إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث)، وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الهرة وقد شربت من الإناء: (إنها ليست بنجس، إنما هي من الطوافين عليكم والطوافات) (صححه الألباني (الإرواء رقم 23))، ولأنه يشق التحرز منها في الغالب. فلو قلنا بنجاسة سؤرها، ووجوب غسل الأشياء، لكان في ذلك مشقة، وهي مرفوعة عن هذه الأمة.
أما سؤر الكلب فإنه نجس، وكذلك الخنزير.
أما الكلب: فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (طهور إناء أحدكم إذا وَلَغَ (وَلَغَ: شرب منه بلسانه) فيه الكلب، أن يغسله سبع مرات، أولاهن بالتراب) (رواه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم).
وأما الخنزير: فلنجاسته، وخبثه، وقذارته، قال الله تعالى: (فَإِنَّهُ رِجْسٌ) [الأنعام: 145].



[/COLOR]

صاحب فكرة 29-06-2017 02:03 PM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
الباب الثاني: في الآنية، وفيه عدة مسائل:
الآنية: هي الأوعية التي يحفظ فيها الماء وغيره، سواء كانت من الحديد أو من غيره. والأصل فيها الإباحة؛ لقوله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا) [البقرة: 29].

المسألة الأولى: استعمال آنية الذهب والفضة وغيرهما في الطهارة:
يجوز استعمال جميع الأواني في الأكل والشرب وسائر الاستعمال، إذا كانت طاهرة مباحة، ولو كانت ثمينة، لبقائها على الأصل وهو الإباحة، ما عدا آنية الذهب والفضة، فإنه يحرم الأكل والشرب فيهما خاصة، دون سائر الاستعمال؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة) (رواه البخاري برقم (5426))، وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم) (رواه البخاري برقم (5634)) فهذا نصٌ على تحريم الأكل والشرب دون سائر الاستعمال، فدل على جواز استعمالها في الطهارة. والنهي عام يتناول الإناء الخالص، أو المُمَوَّه (المُمَوَّه: المطليّ) بالذهب أو الفضة، أو الذي فيه شيء من الذهب والفضة.

المسألة الثانية: حكم استعمال الإناء المُضَبَّب (التضبيب: هو وصل الإناء المكسور بالحديد ونحوه) بالذهب والفضة:
إن كانت الضبة من الذهب حرم استعمال الإناء مطلقاً؛ لدخوله تحت عموم النص، أما إن كانت الضبة من الفضة وهي يسيرة فإنه يجوز استعمال الإناء؛ لحديث أنس - رضي الله عنه - قال: (انكسر قدح رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فاتخذ مكان الشعْب سلسلة من فضة) (رواه البخاري برقم (3109)).
المسألة الثالثة: آنية الكفار:
الأصل في آنية الكفار الحل، إلا إذا عُلمت نجاستها، فإنه لا يجوز استعمالها إلا بعد غسلها؛ لحديث أبي ثعلبة الخشني قال: قلت يا رسول الله إنا بأرض قوم أهل كتاب، أفنأكل في آنيتهم؟ قال: (لا تأكلوا فيها إلا أن لا تجدوا غيرها فاغسلوها، ثم كلوا فيها) (رواه البخاري برقم (5478)).
وأما إذا لم تُعلم نجاستها بأن يكون أهلها غير معروفين بمباشرة النجاسة، فإنه يجوز استعمالها؛ لأنه ثبت أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه أخذوا الماء للوضوء من مَزَادة امرأة مشركة (رواه البخاري رقم (344))، ولأن الله سبحانه قد أباح لنا طعام أهل الكتاب، وقد يقدِّمونه إلينا في أوانيهم، كما دعا غلام يهودي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على خبز شعير وإهالَة سَنِخَة فأكل منها (صححه الألباني في الإرواء (1/ 71)).

المسألة الرابعة: الطهارة في الآنية المتخذة من جلود الميتة:
جلد الميتة إذا دبغ طهر وجاز استعماله لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أيما إهاب دبغ فقد طهر) رواه الترمذي برقم (1650)، ومسلم برقم (366) بلفظ: (إذا دبغ الإهاب فقد طهر) من حديث ابن عباس الإهاب: الجلد قبل أن يدبغ. ولأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرّ على شاة ميتة فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (هلَّا أخذوا إهابها فدبغوه فانتفعوا به)؟ فقالوا: إنها ميتة. قال: (فإنما حَرُمَ أكلُهَا) (رواه مسلم برقم (363)). وهذا فيما إذا كانت الميتة مما تحلها الذكاة وإلا فلا.
أما شعرها فهو طاهر -أي شعر الميتة المباحة الأكل في حال الحياة- وأما اللحم فإنه نجس، ومحرم أكله. لقوله تعالى: (إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ) [الأنعام: 145].
ويحصل الدبغ بتنظيف الأذى والقذر الذي كان في الجلد، بواسطة مواد تضاف إلى الماء كالملح وغيره، أو بالنبات المعروف كالقَرَظ أو العرعر ونحوهما.
وأما ما لا تحله الذكاة فإنه لا يطهر، وعلى هذا فجلد الهرة وما دونها في الخلقة لا يطهر بالدبغ، ولو كان في حال الحياة طاهراً.
وجلد ما يحرم أكله ولو كان طاهراً في الحياة فإنه لا يطهر بالدباغ.
والخلاصة: أن كل حيوان مات، وهو من مأكول اللحم، فإنَّ جلده يطهر بالدباغ، وكل حيوان مات، وليس من مأكول اللحم، فإن جلده لا يطهر بالدباغ.



حمنتو 29-06-2017 10:30 PM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
يعطيك العافية

صاحب فكرة 30-06-2017 07:24 PM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حمنتو (المشاركة 3511704)
يعطيك العافية

وإياكم بارك الله فيكم

صاحب فكرة 30-06-2017 07:36 PM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
الباب الثالث: في قضاء الحاجة وآدابها، وفيه عدة مسائل:
المسألة الأولى: الاستنجاء والاستجمار وقيام أحدهما مقام الآخر:
الاستنجاء: إزالة الخارج من السبيلين بالماء. والاستجمار: مسحه بطاهر مباح مُنْقِ كالحجر ونحوه. ويجزئ أحدهما عن الآخر؛ لثبوت ذلك عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فعنَ أنس - رضي الله عنه - قال: (كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يدخل الخلاء، فأحمل أنا وغلام نحوي إداوة من ماء وعنزة، فيستنجي بالماء) (رواه مسلم برقم (271)، والإداوة: إناء صغير من جلد). وعن عائشة رضي الله عنها، عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (إذا ذهب أحدكم إلى الغائط، فليستطب بثلاثة أحجار، فإنها تُجزئ عنه) (أخرجه أحمد (6/ 108)، والدارقطني برقم (144) وقال: إسناد صحيح). والجمع بينهما أفضل.
والاستجمار يحصل بالحجارة أو ما يقوم مقامها من كل طاهر مُنْقِ مباح، كمناديل الورق والخشب ونحو ذلك؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يستجمر بالحجارة فيلحق بها ما يماثلها في الإنقاء. ولا يجزئ في الاستجمار أقل من ثلاث مسحات؛ لحديث سلمان - رضي الله عنه -: (نهانا -يعني النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) - أن نستنجي باليمين، وأن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، وأن نستنجي برجيع أو عظم) (رواه مسلم برقم (262)، والرجيع: العَذرَةُ والروْثُ).

المسألة الثانية: استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة:
لا يجوز استقبال القبلة ولا استدبارها حال قضاء الحاجة في الصحراء بلا حائل؛ لحديث أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه -: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة، ولا تستدبروها، ولكن شَرِّقوا أو غَرِّبوا) قال أبو أيوب: فقدمنا الشام، فوجدنا مراحيض قد بُنيت نحو الكعبة، فننحرف عنها، ونستغفر الله (رواه البخاري في كتاب الوضوء برقم (144)).
أما إن كان في بنيان، أو كان بينه وبين القبلة شيء يستره، فلا بأس بذلك؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: (أنه رأى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يبول في بيته مستقبل الشام مستدبر الكعبة) (رواه البخاري برقم (148))، ولحديث مروان الأصغر قال: (أناخ ابن عمر بعيره مستقبل القبلة، ثم جلس يبول إليه، فقلت: أبا عبد الرحمن، أليس قد نُهي عن هذا؟ قال: بلى إنما نهي عن هذا في الفضاء، أما إذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس) (حَسنه الحافظ ابن حجر، والحازمي، والألباني (انظر: الإرواء برقم 61).
والأفضل ترك ذلك حتى في البنيان، والله أعلم.

المسألة الثالثة: ما يسن فعله لداخل الخلاء:
يسن لداخل الخلاء قول: "بسم الله اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث". وعند الانتهاء والخروج: "غفرانك". وتقديم رجله اليسرى عند الدخول واليمنى عند الخروج، وأن لا يكشف عورته حتى يدنو من الأرض.
وإذا كان في الفضاء يستحب له الإبعاد والاستتار حتى لا يُرى. وأدلة ذلك كله: حديث جابر - رضي الله عنه - قال: (خرجنا مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في سفر وكان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يأتي البراز حتى يتغيب فلا يُرى) (صحيح ابن ماجه (1/ 60)).
وحديث علي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ستر ما بين الجن وعورات بني آدم إذا دخل الخلاء، أن يقول: بسم الله) (حسنه أحمد شاكر في حاشية الترمذي، وصححه الألباني. صحيح الجامع الصغير برقم (3611).
وحديث أنس - رضي الله عنه -: كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا دخل الخلاء قال: (اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث) (رواه البخاري برقم (142)).
وحديث عاثشة رضي الله عنها: (كان - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا خرج من الخلاء قال: غفرانك) (حسنه الألباني).
وحديث ابن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا أراد الحاجة لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض) (صححه الألباني).

المسألة الرابعة: ما يحرم فعله على من أراد قضاء الحاجة:
يحرم البول في الماء الراكد؛ لحديث جابر عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أنه نهى عن البول في الماء الراكد) (البخاري برقم (239). والراكد: هو الساكن الذي لا يجري).
ولا يمسك ذكره بيمينه وهو يبول، ولا يستنجي بها. لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إذا بال أحدكم فلا يأخذن ذكره بيمينه، ولا يستنجي بيمينه) (رواه البخاري برقم (154)).
ويحرم عليه البول أو الغائط في الطريق أو في الظل أو في الحدائق العامة أو تحت شجرة مثمرة أو موارد المياه؛ لما روى معاذ قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل) (ابن ماجه برقم (328). وإسناده حسن انظر إرواء الغليل (1/ 100))، ولحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (اتقوا اللاعنين)، قالوا: وما اللاعنان يا رسول الله؟ قال: (الذي يَتَخَلى في طريق الناس أو في ظلهم) (رواه مسلم برقم (269)). كما يحرم عليه قراءة القرآن، ويحرم عليه الاستجمار بالروث أو العظم أو بالطعام المحترم؛ لحديث جابر - رضي الله عنه -: (نهى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يتمسح بعظم أو ببعر) (رواه مسلم برقم (263)). ويحرم قضاء الحاجة بين قبور المسلمين، قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا أبالي أوسط القبور قضيت حاجتي، أو وسط السوق؟) (صححه الألباني في إرواء الغليل (1/ 102)).
المسألة الخامسة: ما يكره فعله للمُتَخَلِّي:
يكره حال قضاء الحاجة استقبال مهب الريح بلا حائل؛ لئلا يرتد البول إليه، ويكره الكلام؛ فقد مرّ رجل والنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يبول، فسلَّم عليه، فلم يردّ عليه (رواه مسلم برقم (370)).
ويكره أن يبول في شَق ونحوه؛ لحديث قتادة عن عبد الله بن سرجس: (أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى أن يبال في الجُحْر، قيل لقتادة: فما بال الجحر؟ قال: يقال: إنها مساكن الجن) (قال الشيخ ابن عثيمين: أقل أحواله أن يكون حسناً (الشرح الممتع 1/ 95 - 96)). ولأنه لا يأمن أن يكون فيه حيوان فيؤذيه، أو يكون مسكناً للجن فيؤذيهم.
ويكره أن يدخل الخلاء بشيء فيه ذكْرُ الله إلا لحاجة؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (كان إذا دخل الخلاء وضع خاتمه) (ضعفه الألباني)
(وعلى القول بضعف هذا الحديث وعدم صلاحيته للاحتجاج في هذه المسألة، فإن الأولى والأفضل ألا يدخل الخلاء بشيء فيه اسم الله بلا ضرورة؛ إكراماً لاسمه تعالى وإجلالاً)

أما عند الحاجة والضرورة فلا بأس، كالحاجة إلى الدخول بالأوراق النقدية التي فيها اسم الله؛ فإنه إن تركها خارجاً كانت عرضة للسرقة أو النسيان.
أما المصحف فإنه يحرم الدخول به سواء كان ظاهراً أو خفياً؛ لأنه كلام الله وهو أشرف الكلام، ودخول الخلاء به فيه نوع من الإهانة.





العقل نعمة 30-06-2017 07:55 PM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
يوميا مع الفقه الميسّر
ومتابعة لكم كلّما تيسّر
وأجركم على الله


صاحب فكرة 02-07-2017 10:26 PM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة العقل نعمة (المشاركة 3511830)
يوميا مع الفقه الميسّر
ومتابعة لكم كلّما تيسّر
وأجركم على الله


بارك الله فيكم على مروركم الكريم وأسلوبكم الشيق في التعبير

صاحب فكرة 02-07-2017 10:35 PM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
الباب الرابع: في السواك وسنن الفطرة، وفيه عدة مسائل:
السواك: هو استعمال عود أو نحوه في الأسنان أو اللثة؛ لإزالة ما يعلق بهما من الأطعمة والروائح.

المسألة الأولى: حكمه:
السواك مسنون في جميع الأوقات، حتى الصائم لو تَسَوَّك في حال صيامه فلا بأس بذلك سواء كان أول النهار أو آخره؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رغَّب فيه ترغيباً مطلقاً، ولم يقيده بوقت دون آخر، حيث قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (السواك مطهرة للفم مرضاة للرب) (وصححه الألباني في الإرواء (1/ 105)). وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة) (متفق عليه).

المسألة الثانية: متى يتأكد؟
ويتأكد عند الوضوء، وعند الانتباه من النوم، وعند تغير رائحة الفم، وعند قراءة القرآن، وعند الصلاة. وكذا عند دخول المسجد والمنزل؛ لحديث القدام بن شريح، عن أبيه قال: سألت عائشة، قلت: بأيِّ شيء كان يبدأ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا دخل بيته؟ قالت: بالسواك (أخرجه مسلم برقم (253)). ويتأكد كذلك عند طول السكوت، وصفرة الأسنان، للأحاديث السابقة.
وكان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا قام من الليل يَشُوصُ (الشوص: الدلك) فاه بالسواك (رواه البخاري برقم (245))، والمسلم مأمور عند العبادة والتقرب إلى الله، أن يكون على أحسن حال من النظافة والطهارة.
المسألة الثالثة: بم يكون؟
يسن أن يكون التسوك بعود رطب لا يتفتت، ولا يجرح الفم؛ فإن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يستاك بعود أراك (الأرَاك: شجر من الحمض يستاك بقضبانه، واسمه الكَبَاث). وله أن يتسوك بيده اليمنى أو اليسرى، فالأمر في هذا واسع.
فإن لم يكن عنده عود يستاك به حال الوضوء، أجزأه التسوك بأصبعه، كما روى ذلك عليُّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - في صفة وضوء النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (صححه ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 70))

المسألة الرابعة: فوائد السواك:
ومن أهمها ما ورد في الحديث السابق: أنه مطهرة للفم في الدنيا مرضاة للرب في الآخرة. فينبغي للمسلم أن يتعاهد هذه السنة، ولا يتركها؛ لما فيها من فوائد عظيمة. وقد يمر على بعض المسلمين مدة من الوقت كالشهر والشهرين وهم لم يتسوكوا إما تكاسلاً وإما جهلاً، وهؤلاء قد فاتهم الأجر العظيم والفوائد الكثيرة؛ بسبب تركهم هذه السُّنةَ التي كان يحافظ عليها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكاد يأمر بها أمته أَمْرَ إيجاب، لولا خوف المشقة.
وقد ذكروا فوائد أخرى للسواك، منها: أنه يقوي الأسنان، ويشد اللثة، وينقي الصوت، وينشط العبد.

المسألة الخامسة: سنن الفطرة:
وتسمى أيضاً: خصال الفطرة؛ وذلك لأن فاعلها يتصف بالفطرة التي فطر الله الناس عليها واستحبها لهم؛ ليكونوا على أحسن هيئة وأكمل صورة.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (خمس من الفطرة: الاستحداد والختان وقص الشارب ونتف الإبط وتقليم الأظافر) (متفق عليه).
1 - الاستحداد: وهو حَلْقُ العانة، وهي الشعر النابت حول الفرج، سمي بذلك لاستعمال الحديدة فيه وهي المُوسَى. وفي إزالته جمال ونظافة، ويمكن إزالته بغير الحلق كالمزيلات المصنعة.
2 - الختان: وهو إزالة الجلدة التي تغطي الحَشَفَة (الحشفة: هي رأس الذكر) حتى تبرز الحشفة، وهذا في حق الذكر. أما الأنثى: فقطع لحمة زائدة فوق محل الإيلاج. قيل: إنها تشبه عُرف الديك. والصحيح: أنه واجب في حق الرجال، سنة في حق النساء.
والحكمة في ختان الرجل: تطهير الذكر من النجاسة المحتقنة في القُلْفَة (وهي الجلدة التي تغطي الحشفة، والتي تقطع في الختان).
وفوائده كثيرة.
أما المرأة: فإنه يُقَلِّل من غُلْمَتِها أي: شدة شهوتها.
ويستحب أن يكون في اليوم السابع للمولود؛ لأنه أسرع للبرء، ولينشأ الصغير على أكمل حال.
3 - قص الشارب وإحفاؤه: وهو المبالغة في قَصِّه؛ لما في ذلك من التجمل، والنظافة، ومخالفة الكفار.
وقد وردت الأحاديث الصحيحة في الحث على قَصِّه، وإعفاء اللحية، وإرسالها وإكرامها؛ لما في بقاء اللحية من الجمال ومظهر الرجولة، وقد عَكَسَ كثير من الناس الأمر، فصاروا يوفرون شواربهم، ويحلقون لحاهم، أو يقصرونها.
وفي كل هذا مخالفة للسنة والأوامر الواردة في وجوب إعفائها؛ منها: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (جزُّوا الشوارب، وأرخوا اللحى، وخالفوا المجوس) (أخرجه مسلم برقم (260)، والجز: القص. وإرخاء اللحية: تركها وعدم التعرض لها). وحديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (خالفوا المشركين، وفِّروا اللحى، وأحفوا الشوارب) (رواه البخاري برقم (5892)).
فعلى المسلم أن يلتزم بهذا الهدي النبوي، ويخالف الأعداء، ويتميز عن التشبه بالنساء.
4- تقليم الأظافر: وهو قَصُّها بحيث لا تترك حتى تطول. والتقليم يجملها، ويزيل الأوساخ المتراكمة تحتها، وقد خالف هذه الفطرة النبوية بعض المسلمين فصاروا يطيلون أظافرهم، أو أظافر إصبع معين من أيديهم. كل ذلك من تزيين الشيطان والتقليد لأعداء الله.
5 - نتف الإبط: أي إزالة الشعر النابت فيه، فيسن إزالة هذا الشعر بالنتف أو الحلق أو غيرهما؛ لما في إزالته من النظافة وقطع الروائح الكريهة التي تتجمع مع وجود هذا الشعر، فهذا هو ديننا الحنيف، أمرنا بهذه الخصال؛ لما فيها من التجمل والتطهر والنظافة، وليكون المسلم على أحسن حال، مبتعداً عن تقليد الكفار والجهال، مفتخراً بدينه، مطيعاً لربه، متبعاً لسنة نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
ويضاف إلى هذه الخصال الخمس: السواك، واستنشاق الماء، والمضمضة، وغسل البراجم -وهي العقد التي في ظهور الأصابع، يجتمع فيها الوسخ-، والاستنجاء، وذلك لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
  • (عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء) يعني الاستنجاء. قال مصعب بن شيبة -أحد رواة الحديث-: "ونسيت العاشرة، إلا أن تكون المضمضة". (رواه مسلم برقم (261))




صاحب فكرة 04-07-2017 07:32 PM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
الباب الخامس: في الوضوء، وفيه مسائل:
المسألة الأولى: تعريفه، وحكمه:

الوُضوء لغة: مشتق من الوضاءة، وهي الحسن والنظافة.
وشرعاً: استعمال الماء في الأعضاء الأربعة -وهي الوجه واليدان والرأس والرجلان- على صفة مخصوصة في الشرع، على وجه التعبد لله تعالى.
وحكمه: أنه واجب على المُحْدِث إذا أراد الصلاة وما في حكمها، كالطواف ومسِّ المصحف.

المسألة الثانية: الدليل على وجوبه، وعلى من يجب، ومتى يجب؟
أما الدليل على وجوبه: فقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [المائدة: 6].
وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا يقبل الله صلاةً بغير طُهُور، ولا صدقة من غُلُول) (رواه مسلم برقم (224). والغلول: السرقة من أموال الغنيمة وغيرها). وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ) (رواه مسلم برقم (223)).
ولم ينقل عن أحد من المسلمين في ذلك خلاف، فثبتت بذلك مشروعية الوضوء: بالكتاب، والسنة، والإجماع.
وأما على مَنْ يجب: فيجب على المسلم البالغ العاقل إذا أراد الصلاة وما في حكمها.
وأما متى يجب؟ فإذا دخل وقت الصلاة أو أراد الإنسان الفعل الذي يشترط له الوضوء، وإن لم يكن ذلك متعلقاً بوقت، كالطواف ومس المصحف.
المسألة الثالثة: في شروطه:
ويشترط لصحة الوضوء ما يأتي:
أ) الإسلام، والعقل، والتمييز، فلا يصح من الكافر، ولا المجنون، ولا يكون معتبراً من الصغير الذي دون سن التمييز.
ب) النية: لحديث: (إنما الأعمال بالنيات) (رواه البخاري برقم (1)). ولا يشرع التلفظ بها؛ لعدم ثبوته عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
ج) الماء الطهور: لما تقدم في المياه، أما الماء النجس فلا يصح الوضوء به.
د) إزالة ما يمنع وصول الماء إلى البشرة، من شمع أو عجين ونحوهما: كطلاء الأظافر الذي يعرف بين النساء اليوم.
هـ) الاستجمار أو الاستنجاء عند وجود سببهما لما تقدم.
و) الموالاة.
ز) الترتيب. وسيأتي الكلام عليهما بعد قليل.
ح) غسل جميع الأعضاء الواجب غسلها.

المسألة الرابعة: فروضه -أي أعضاؤه-:
وهي ستة:
1 - غسل الوجه بكامله؛ لقوله تعالى: (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) [المائدة: 6]، ومنه المضمضة والاستنشاق؛ لأن الفم والأنف من الوجه.
2 - غسل اليدين إلى المرفقين؛ لقوله تعالى: (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ) [المائدة: 6].
3 - مسح الرأس كله مع الأذنين؛ لقوله تعالى: (وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ) [المائدة: 6].
وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (الأذنان من الرأس) (صحيح سنن ابن ماجه برقم 357، والسلسلة الصحيحة برقم 36)). فلا يُجزئ مسح بعض الرأس دون بعضه.
4- غسل الرجلين إلى الكعبين؛ لقوله تعالى: (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) [المائدة: 6].
5 - الترتيب: لأن الله تعالى ذكره مرتباً؛ وتوضأ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرتباً على حسب ما ذكر الله سبحانه: الوجه، فاليدين، فالرأس، فالرجلين، كما ورد ذلك في صفة وضوئه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حديث عبد الله بن زيد (أخرجه مسلم برقم (235)) وغيره.
6 - الموالاة: بأن يكون غسل العضو عقب الذي قبله مباشرة بدون تأخير، فقد كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يتوضأ متوالياً، ولحديث خالد بن معدان: (أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأى رجلاً يصلي وفي ظهر قدمه لُمعَةٌ قدر الدرهم لم يصبها الماء، فأمره أن يعيد الوضوء) (صححه الألباني. انظر إرواء الغليل (1/ 127))، فلو لم تكن الموالاة شرطاً لأمره بغسل ما فاته، ولم يأمره بإعادة الوضوء كله. واللُّمْعَة: الموضع الذي لم يصبه الماء في الوضوء أو الغسل.
وللحديث بقية مع الوضوء

صاحب فكرة 07-07-2017 02:47 AM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
المسألة الخامسة: سننه:
هناك أفعال يستحب فعلها عند الوضوء ويؤجر عليها من فعلها، ومن تركها فلا حرج عليه، وتسمى هذه الأفعال بسنن الوضوء، وهي:
1 - التسمية في أوله: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه) (قال الألباني: حسن).
2 - السواك: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء) (أخرجه البخاري معلقاً).
3 - غسل الكفين ثلاثاً في أول الوضوء: لفعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذلك، إذ كان يغسل كفيه ثلاثاً كما ورد في صفة وضوئه.
4- المبالغة في المضمضة والاستنشاق لغير الصائم: فقد ورد في صفة وضوئه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (فمضمضَ واستنثَر)، ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً) (صححه الألباني).
5 - الدلك، وتخليل اللحية الكثيفة بالماء حتى يدخل الماء في داخلها: لفعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فإنه (كان إذا توضأ يدلك ذراعيه) (صححه الحاكم وابن حبان وابن خزيمة)، وكذلك (كان يدخل الماء تحت حنكه ويخلل به لحيته) (صححه الألباني).
6 - تقديم اليمنى على اليسرى في اليدين والرجلين: لفعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فإنه (كان يحب التيامن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله) (متفق عليه).
7 - تثليث الغسل في الوجه واليدين والرجلين: فالواجب مرة واحدة، ويستحب ثلاثاً، لفعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقد ثبت عنه: (أنه توضأ مرة مرة ومرتين مرتين وثلاثاً ثلاثاً) (متفق عليه).
8 - الذكر الوارد بعد الوضوء: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ما منكم أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء) (أخرجه مسلم برقم (234) وزاد الترمذي: (اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين) برقم (55)، وصححه بهذه الزيادة الألباني (الإرواء برقم 96).
المسألة السادسة: في نواقضه:
والنواقض: هي الأشياء التي تبطل الوضوء وتفسده.
وهي ستة:
1 - الخارج من السبيلين: أي من مخرج البول والغائط، والخارج: إما أن يكون بولاً أو غائطاً أو منيّاً أو مذيّاً أو دم استحاضة أو ريحاً قليلاً كان أو كثيراً؛ لقوله تعالى: (أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ) [النساء: 43]. وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ) وقد تقدَّم. وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ولكن من غائط أو بول ونوم) (حسنه الألباني). وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيمن شك هل خرج منه ريح أو لا: (فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً) (متفق عليه).
2 - خروج النجاسة من بقية البدن: فإن كان بولاً أو غائطاً نقض مطلقاً لدخوله في النصوص السابقة، وإن كان غيرهما كالدم والقيء: فإن فحش وكَثُرَ فالأَولى أن يتوضأ منه؛ عملاً بالأحوط، وإن كان يسيراً فلا يتوضأ منه بالاتفاق.
3 - زوال العقل أو تغطيته بإغماء أو نوم: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ولكن من غائط وبول ونوم). وقوله: (العين وِكَاءُ السَّه ، فمن نام فليتوضأ) (حسنه الألباني) (وكاء السَّه : رباط الدبر بمعنى أن العينين في يقظتهما بمنزلة الحبل الذي يربط به، فزوال اليقظة كزوال هذا الرباط). وأما الجنون والإغماء والسكر ونحوه فينقض إجماعاً، والنوم الناقض هو المستغرق الذي لا يبقى معه إدراك على أي هيئة كان النوم، أما النوم اليسير فإنه لا ينقض الوضوء، لأن الصحابة -رضي الله عنهم- كان يصيبهم النعاس وهم في انتظار الصلاة، ويقومون، يُصَلُّون، ولا يتوضؤون (صحيح مسلم برقم (376)).

4- مس فرج الآدمي بلا حائل: لحديث بسرة بنت صفوان رضي الله عنها أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (من مسّ ذكره فليتوضأ) (صححه الألباني). وفي حديث أبي أيوب وأم حبيبة: (من مسّ فرجه فليتوضأ) (رواية أم حبيبة أخرجها: ابن ماجه برقم (481)، وصححها الألباني في الإرواء (1/ 151)، أما حديث أبي أيوب فقال الألباني: "لم أقف على إسناده" الإرواء (1/ 151)).
5 - أكل لحم الإبل: لحديث جابر بن سمرة أن رجلاً سأل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: (إن شئت توضأ وإن شئت لا تتوضأ)، قال: أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: (نعم توضأ من لحوم الإبل). (رواه مسلم برقم (360))
6 - الردة عن الإسلام: لقوله تعالى: (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ) [المائدة: 5]. وكل ما أوجب الغسل أوجب الوضوء غير الموت.

المسألة السابعة: ما يجب له الوضوء:
ويجب على المكلف فعل الوضوء للأمور الآتية:
1 - الصلاة: لحديث ابن عمر مرفوعاً: (لا يقبل الله صلاة بغير طُهُور، ولا صدقة من غلول) (رواه مسلم برقم (224)).
2 - الطواف بالبيت الحرام فرضاً كان أو نفلاً: لفعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فإنه توضأ ثم طاف بالبيت) (رواه البخاري برقم (1614))، ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام) (صححه الألباني)، ولمنعه الحائض من الطواف حتى تطهر (رواه البخاري برقم (305).
3- مس المصحف ببشرته بلا حائل: لقوله تعالى: (لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) [الواقعة: 79]. ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا يمس القرآن إلا طاهر) (صححه الألباني).

المسألة الثامنة: ما يستحب له الوضوء:
يستحب الوضوء ويندب في الأحوال التالية:
1 - عند ذكر الله تعالى وقراءة القرآن.
2 - عند كل صلاة: لمواظبته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على ذلك، كما في حديث أنس - رضي الله عنه - قال: (كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يتوضأعند كل صلاة) (أخرجه البخاري برقم (214)).
3 - يستحب الوضوء للجنب إذا أراد أن يعود للجماع، أو أراد النوم أو الأكل أو الشرب: لحديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (إذا أتى أحدكم أهله، ثم أراد أن يعود، فليتوضأ) (أخرجه مسلم برقم (308)). ولحديث عائشة رضي الله عنها: (أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا أراد أن ينام وهو جنب، توضأ وضوءه للصلاة، قبل أن ينام) (أخرجه مسلم برقم (305)). وفي رواية لها: (فأراد أن يأكل أو ينام) (انظر المصدر السابق، الحديث الذي يليه).
4 - الوضوء قبل الغسل: لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا اغتسل من الجنابة يبدأ، فيغسل يديه، ثم يفرغ بيمينه على شماله، فيغسل فرجه، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ... ) الحديث (أخرجه مسلم برقم (316)).
5 - عند النوم: لحديث البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إذا أتيت مضجعك فتوضَّأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن ... ) الحديث (أخرجه البخاري برقم (247)

صاحب فكرة 07-07-2017 10:53 PM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
الباب السادس: في المسح على الخفين والعمامة والجبيرة، وفيه مسائل:
الخُفُّ: هو ما يلبس على الرِّجْلِ من جلد ونحوه، وجمعه: خِفاف. ويلحق بالخفين كل ما يلبس على الرجلين من صوف ونحوه.

المسألة الأولى: حكم المسح على الخفين ودليله:
المسح على الخفين جائز باتفاق أهل السنة والجماعة. وهو رخصة من الله -عز وجل- تخفيفاً منه على عباده ودفعاً للحرج والمشقة عنهم. وقد دل على جوازه السنة والإجماع.
أما السنة: فقد تواترت الأحاديث الصحيحة على ثبوته عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من فعله وأمره بذلك وترخيصه فيه.
قال الإمام أحمد رحمه الله: ليس في قلبي من المسح شيء، فيه أربعون حديثاً عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. والمراد بقوله: ليس في قلبي أدنى شك في جوازه.
وقال الحسن البصري: حدثني سبعون من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه مسح على الخفين. ومن هذه الأحاديث: حديث جرير بن عبد الله قال: (رأيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بال ثم توضأ ومسح على خفيه) (رواه مسلم برقم (272)). قال الأعمش عن إبراهيم: كان يعجبهم هذا الحديث؛ لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة -يعني آية الوضوء-.
وقد أجمع العلماء من أهل السنة والجماعة على مشروعيته في السفر والحضر لحاجة أو غيرها.
وكذلك يجوز المسح على الجوارب، وهي ما يلبس على الرجْل من غير الجلد كالخِرَق ونحوها، وهو ما يسمى الآن بالشُّرَّاب؛ لأنهما كالخف في حاجة الرجل إليهما، والعلة فيهما واحدة، وقد انتشر لبسها أكثر من الخف، فيجوز المسح عليها إذا كانت ساترة.
المسألة الثانية: شروط المسح على الخفين، وما يقوم مقامهما:
وهذه الشروط هي:
1 - لبسهما على طهارة: لما روى المغيرة قال: كنت مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في سفر فأهويت لأنزع خفيه فقال: (دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين، فمسح عليهما) (متفق عليه).
2 - سترهما لمحل الفرض: أي: المفروض غسله من الرجل، فلو ظهر من محل الفرض شيء، لم يصح المسح.
3 - إباحتهما: فلا يجوز المسح على المغصوب، والمسروق، ولا الحرير لرجل؛ لأن لبسه معصية، فلا تستباح به الرخصة.
4 - طهارة عينهما: فلا يصح المسح على النجس، كالمتخذ من جلد حمار.
5 - أن يكون المسح في المدة المحددة شرعاً: وهي للمقيم يوم وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام بلياليهن.
هذه شروط خمسة استنبطها أهل العلم لصحة المسح على الخفين من النصوص النبوية والقواعد العامة، لابد من مراعاتها عند إرادة المسح.

المسألة الثالثة: كيفية المسح وصفته:
المحل المشروع مسحه ظاهر الخف، والواجب في ذلك ما يطلق عليه اسم المسح. وكيفية المسح: أن يمسح أكثر أعلى الخف؛ لحديث المغيرة بن شعبة الذي بيَّن فيه وصف مسح رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على خفه في الوضوء، فقال: (رأيت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يمسح على الخفين: على ظاهرهما) (قال الألباني: حسن صحيح).
ولا يجزئ مسح أسفله وعقبه ولا يسن. لقول عليٍّ - رضي الله عنه -: (لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يمسح على ظاهر خفه) (صححه الحافظ ابن حجر (التلخيص الحبير 1/ 160)). ولو جمع بين الأعلى والأسفل صَحَّ مع الكراهة.
المسألة الرابعة: مدته:
ومدة المسح على الخفين بالنسبة للمقيم ومن سفره لا يبيح له القصر: يوم وليلة، وبالنسبة للمسافر سفراً يبيح له القصر: ثلاثة أيام بلياليها، لحديث علي - رضي الله عنه - قال: (جعل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوماً وليلة للمقيم) (رواه مسلم برقم (85).

المسألة الخامسة: مبطلاته:
ويبطل المسح بما يأتي:
1 - إذا حصل ما يوجب الغسل بطل المسح، لحديث صفوان بن عسال قال: (كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يأمرنا إذا كنا سفراً ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة) (حسنه الألباني).
2 - إذا ظهر بعض محل الفرض، أي: ظهور بعض القدم، بطل المسح.
3 - نرع الخفين يبطل المسح، ونزع أحد الخفين كنزعهما في قول أكثر أهل العلم.
4 - انقضاء مدة المسح مبطل له؛ لأن المسح مؤقت بزمن معين من قبل الشارع، فلا تجوز الزيادة على المدة المقررة لمفهوم أحاديث التوقيت.

المسألة السادسة: ابتداء مدة المسح:
وتبتدئ مدة المسح من الحدث بعد اللبس، كمن توضأ لصلاة الفجر، ولبس الخفين، وبعد طلوع الشمس أحدث، ولم يتوضأ، ثم توضأ قبل صلاة الظهر، فابتداء المدة من طلوع الشمس وقت الحدث. وقال بعض العلماء: ابتداؤها من حيث توضأ قبل صلاة الظهر، أي: من المسح بعد الحدث.
المسألة السابعة: المسح على الجبيرة والعمامة وخمر النساء:
الجبيرة: هي أعواد ونحوها كالجبس مما يربط على الكسر ليجبر ويلتئم، ويمسح عليها. وكذلك يمسح على اللصوق واللفائف التي توضع على الجروح، فكل هذه الأشياء يمسح عليها بشرط أن تكون على قدر الحاجة، فإن تجاوزت قدر الحاجة لزمه نَزْعُ ما زاد على الحاجة.
ويجوز المسح عليها في الحدث الأكبر والأصغر، وليس للمسح عليها وقت محدد بل يمسح عليها إلى نزعها أو شفاء ما تحتها. والدليل على ذلك: أن المسح على الجبيرة ضرورة والضرورة تقدر بقدرها ولا فرق فيها بين الحدثين.
وكذلك يجوز المسح على العمامة، وهي ما يعمم به الرأس، ويكور عليه، والدليل على ذلك: حديث المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - (أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مسح على عمامته وعلى الناصية والخفين) (رواه مسلم برقم (274)).
وحديث: (أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مسح على الخفين والخمار) يعني العمامة (رواه مسلم برقم (275).
والمسح عليها ليس له وقت محدد، ولكن لو سلك سبيل الاحتياط فلم يمسحها إلا إذا لبسها على طهارة وفي المدة المحددة للمسح على الخفين، لكان حسناً.
أما خمار المرأة وهو ما تغطي به رأسها، فالأولى ألا تمسح عليه، إلا إذا كان هناك مشقة في نزعه، أو لمرض في الرأس أو نحو ذلك. ولو كان الرأس ملبداً بحناء أو غيره فيجوز المسح عليه؛ لفعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وعموماً طهارة الرأس فيها شيء من التسهيل والتيسير على هذه الأمة.


صاحب فكرة 09-07-2017 09:51 AM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
الباب السابع: في الغسل، وفيه مسائل:
المسألة الأولى: معنى الغسل، وحكمه، ودليله:
1 - معناه: الغُسل لغة: مصدر من غسل الشيء يَغسله غَسْلاً وغُسْلاً، وهو تمام غسل الجسد كله.
ومعناه شرعاً: تعميم البدن بالماء. أو: استعمال ماء طهور في جميع البدن، على صفة مخصوصة، على وجه التعبد لله سبحانه.
2 - حكمه: والغسل واجب إذا وجد سبب لوجوبه. لقوله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا) [المائدة: 6]، والأحاديث التي ورد فيها كيفية الغسل عن عدد من الصحابة نقلاً عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دالة على وجوبه.
وسيأتي طرف منها قريباً إن شاء الله.
3 - موجباته: ويجب الغسل للأسباب الآتية:
1 - خروج المنيّ من مخرجه: ويشترط أن يكون دفقاً بلذة من ذكر أو أنثى، لقوله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا) [المائدة: 6]، ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعلي: (إذا فَضَخْتَ الماء فاغتسل) (صححه الألباني) (فَضْخُ الماء: أي دَفْقُهُ، والمراد المَنِي ). ما لم يكن نائماً ونحوه فلا تشترط اللذة؛ لأن النائم قد لا يحس به، ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما سئل: هل على المرأة غسل إذا احتلمت؟ قال: (نعم إذا رأت الماء) (رواه مسلم برقم (313). وهذا كله مجمع عليه.
2 - تغييب حشفة الذكر كلها أو قدرها في الفرج، وإن لم يحصل إنزال بلا حائل: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إذا جلس بين شعبها الأربع، ومس الختانُ الختانَ، وجب الغسل) (رواه مسلم برقم (349). لكن لا يجب الغسل في هذه الحالة إلا على ابن عشر أو بنت تسع فما فوق.
3- إسلام الكافر ولو مرتداً: (لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر قيس بن عاصم حين أسلم أن يغتسل) (صححه الألباني).
4 - انقطاع دم الحيض والنفاس: لحديث عائشة أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لفاطمة بنت أبي حبيش: (إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي وصَلِّي) (رواه البخاري برقم (320). والنفاس كالحيض بالإجماع.
5 - الموت: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حديث غسل ابنته زينب حين توفيت: (اغسلنها) (متفق عليه). وقال في المحرم: (اغسلوه بماء وسدر) (متفق عليه). وذلك تعبداً؛ لأنه لو كان عن حدث لم يرتفع مع بقاء سببه.

المسألة الثانية: في صفة الغسل وكيفيته:
للغسل من الجنابة كيفيتان، كيفية استحباب، وكيفية إجزاء (وكيفية الإجزاء: هي التي تشتمل على ما يجب فقط، وكيفية الاستحباب والكمال: هي التي تشتمل على الواجب والمسنون).
أما كيفية الاستحباب: فهي أن يغسل يديه، ثم يغسل فرجه، وما أصابه من الأذى، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يأخذ بيده ماءً فيخلل به شعر رأسه، مدخلاً أصابعه في أصول الشعر حتى يروي بشرته، ثم يحثو على رأسه ثلاث حثيات، ثم يفيض الماء على سائر بدنه؛ لحديث عائشة المتفق عليه.
وأما كيفية الإجزاء: أن يعم بدنه بالماء ابتداءً مع النية لحديث ميمونة: (وضع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَضُوءَ الجنابة، فأفرغ على يديه فغسلهما مرتين أو ثلاثاً، ثم تمضمض، واستنشق، وغسل وجهه وذراعيه، ثم أفاض الماء على رأسه، ثم غسل جسده، فأتيته بالمنديل فلم يُرِدْها، وجعل ينفض الماء بيديه) (متفق عليه). ومثله حديث عائشة
وفيه: (ثم يخلل شعره بيده. حتى إذا ظن أنه قد روى بشرته، أفاض عليه الماء ثلاث مرات، ثم غسل سائر جسده) (متفق عليه). ولا يجب على المرأة نقض شعرها في الغسل من الجنابة، ويلزمها ذلك في الغسل من الحيض؛ لحديث أم سلمة قالت: قلت: يا رسول الله إني امرأة أشدُّ ضفر رأسي، أفأنقضه لغسل الجنابة؟ قال: (لا. إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات، ثم تفيضين عليك الماء، فتطهرين) (رواه مسلم برقم (330).

المسألة الثالثة: الأغسال المستحبة:
تقدم بيان الأغسال الواجبة، وأما الأغسال المسنونة والمستحبة، فهي:
1 - الاغتسال عند كل جماع: لحديث أبي رافع أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان ذات ليلة يغتسل عند هذه وعند هذه قال: فقلت يا رسول الله ألا تجعله واحداً؟ قال: (هذا أزكى وأطيب وأطهر) (حسَّنه الألباني).
2 - الغسل للجمعة: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل) (أخرجه البخاري برقم (877).
وهو آكد الأغسال المستحبة.
3 - الاغتسال للعيدين.
4 - الاغتسال عند الإحرام بالعمرة والحج: فإنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اغتسل لإحرامه.
5 - الغسل من غسل الميت: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (من غَسَّلَ ميتاً فليغتسل) (صححه الألباني).

المسألة الرابعة: الأحكام المترتبة على من وجب عليه الغسل:
الأحكام المترتبة على ذلك يمكن إجمالها في ما يأتي:
1 - لا يجوز له المكث في المسجد إلا عابر سبيل لقوله تعالى: (وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا) [النساء: 43]، فإذا توضأ جاز له المكث في المسجد،
لثبوت ذلك عن جماعة من الصحابة على عهد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولأن الوضوء يخفف الحدث، والوضوء أحد الطهورين.
2 - لا يجوز له مس المصحف. لقوله تعالى: (لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) [الواقعة: 79]. وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا يمس المصحف إلا طاهر) (صححه الألباني).
3 - لا يجوز له قراءة القرآن. فلا يقرأ الجنب شيئاً من القرآن حتى يغتسل.
لحديث علي قال: (كان عليه الصلاة والسلام لا يمنعه من قراءة القرآن شيء إلا الجنابة) (صححه الترمذي وابن حجر ، و الحاكم في المستدرك)، ولأن في منعه من القراءة حثَّاً له على المبادرة إلى الاغتسال، وإزالة المانع له من القراءة.
ويحرم عليه أيضاً:
4 - الصلاة.
5 - والطواف بالبيت.
كما سبق بيان ذلك عند الكلام على مسألة: (ما يجب له الوضوء). من الباب الخامس.


صاحب فكرة 11-07-2017 10:40 AM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
الباب الثامن: في التيميم، وفيه مسائل:
التيمم لغة: القصد. وشرعاً: هو مسح الوجه واليدين بالصعيد الطيب، على وجه مخصوص؛ تعبداً لله تعالى.

المسألة الأولى: حكم التيمم ودليل مشروعيته:
التيمم مشروع، وهو رخصة من الله عز وجل لعباده، وهو من محاسن هذه الشريعة، ومن خصائص هذه الأمة.
لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [المائدة: 6].
ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (الصعيد الطيب كافيك وإن لم تجد الماء عشر حِجج، فإذا وجدت الماء فَأمِسَّه بَشَرَتَك) (صححه الألباني). ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (جُعلت لي الأرضُ مسجداً وطهوراً) (رواه البخاري برقم (335).
وقد أجمع أهل العلم على مشروعية التيمم إذا توافرت شرائطه، وأنه قائم مقام الطهارة بالماء، فيباح به ما يباح بالتطهر بالماء من الصلاة والطواف وقراءة القرآن وغير ذلك.
وبذلك تثبت مشروعية التيمم بالكتاب والسنة والإجماع.

المسألة الثانية: شروط التيمم، والأسباب المبيحة له:
يباح التيمم عند العجز عن استعمال الماء: إما لفقده، أو لخوف الضرر من استعماله لمرض في الجسم أو شدة برد؛ لحديث عمران بن حصين: (عليك بالصعيد الطيب فإنه يكفيك) (رواه البخاري برقم (344) وسيأتي مزيد بسط لذلك بعد قليل. ويصح التيمم بالشروط الآتية:
1 - النية: وهي نية استباحة الصلاة، والنية شرط في جميع العبادات، والتيمم عبادة.
2 - الإسلام: فلا يصح من الكافر، لأنه عبادة.
3 - العقل: فلا يصح من غير العاقل، كالمجنون والمغمى عليه.
4 - التمييز: فلا يصح من غير المميز، وهو من كان دون السابعة.
5 - تعذر استعمال الماء: إما لعدمه؛ لقوله تعالى: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا) [المائدة: 6]، وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إن الصعيد الطيب طَهُورُ المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليمِسَّهُ بشرته، فإن ذلك خير) (رواه الترمذي وصححه برقم (124). أو لخوفه الضرر باستعماله، إما لمرض يخشى زيادته أو تأخر شفائه باستعمال الماء؛ لقوله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى)، ولحديث صاحب الشَّجَّة، وفيه قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (قتلوه قتلهم الله، هلاَّ سألوا إذا لم يعلموا إنما شفاء العِيِّ السؤال) (حسّنه الألباني). أو لشدة برد يُخشى معه الضرر، أو الهلاك، باستعمال الماء؛ لحديث عمرو بن العاص أنه لما بعث في غزوة ذات السلاسل قال: (احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت، وصلَّيت بأصحابي صلاة الصبح) (صححه الألباني).
6 - أن يكون التيمم بتراب طهور غير نجس -كالتراب الذي أصابه بول ولم يطهر منه- له غبار يعلق باليد إن وجده لقوله تعالى: (فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) [المائدة: 6]. قال ابن عباس: (الصعيد: تراب الحرث، والطيب: الطاهر)، فإن لم يجد تراباً تيمم بما يقدر عليه من رمل أو حجر، لقوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [التغابن: 16]. قال الأوزاعي: الرمل من الصعيد.

المسألة الثالثة: مبطلات التيمم:
وهي الأشياء التي تفسده، ومبطلاته ثلاثة:
1 - يبطل التيمم عن حدث أصغر بمبطلات الوضوء، وعن حدث أكبر بموجبات الغسل من جنابة وحيض ونفاس، فإذا تيمم عن حدث أصغر، ثم بال أو تغوَّط، بطل تيممه؛ لأن التيمم بدل عن الوضوء، والبدل له حكم المبدل، وكذا التيمم عن الحدث الأكبر.
2 - وجود الماء. إن كان التيمم لعدمه، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (فإذا وجدت الماء فأمسه بشرتك) وقد تقدم.
3 - زوال العذر الذي من أجله شرع التيمم من مرض ونحوه.

المسألة الرابعة: صفة التيمم:
وكيفيته: أن ينوي، ثم يُسَمِّي، ويضرب الأرض بيديه ضربة واحدة، ثم ينفخهما -أو ينفضهما- ثم يمسح بهما وجهه ويديه إلى الرسغين؛ لحديث عمار وفيه: (التيمم ضربة للوجه والكفين) (صححه الألباني)، وحديث عمار أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال له: (إنما كان يكفيك أن تصنع هكذا) فضرب بكفه ضربة على الأرض، ثم نفضها، ثم مسح بهما ظهر كفه بشماله، أو ظهر شماله بكفه، ثم مسح بهما وجهه (رواه البخاري برقم (347).



صاحب فكرة 12-07-2017 02:06 PM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
الباب التاسع: في النجاسات وكيفية تطهيرها. وفيه مسائل:
المسألة الأولى: تعريف النجاسة، ونوعاها:
النجاسة: هي كل عين مستقذرة أمر الشارع باجتنابها.
وهي نوعان:
1 - نجاسة عينية أو حقيقية: وهي التي لا تطهر بحال؛ لأن عينها نجسة، كروث الحمار، والدم، والبول.
2 - نجاسة حكمية: وهي أمر اعتباري يقوم بالأعضاء، ويمنع من صحة الصلاة، ويشمل الحدث الأصغر الذي يزول بالوضوء كالغائط، والحدث الأكبر الذي يزول بالغسل كالجنابة.
والأصل الذي تزال به النجاسة هو الماء، فهو الأصل في التطهير، لقوله تعالى: (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ) [الأنفال: 11].
وهي على ثلاثة أقسام:
نجاسة مغلظة: وهي نجاسة الكلب، وما تولَّد منه.
نجاسة مخففة: وهي نجاسة بول الغلام الذي لم يأكل الطعام.
نجاسة متوسطة: وهي بقية النجاسات. كالبول، والغائط، والميتة.

المسألة الثانية: الأشياء التي قام الدليل على نجاستها:
1 - بول الآدمي وعذرته وقيئه: إلا بول الصبيِّ الذي لم يأكل الطعام، فيكتفى برشه؛ لحديث أم قيس بنت محصن: (أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأجلسه في حجره، فبال على ثوبه، فدعا بماء فنضحه ولم يغسله) (أخرجه البخاري برقم (223). وَنَضَحَهُ: رشَّه بالماء وصَبَّه عليه) أما بول الغلام الذي يأكل الطعام، وكذا بول الجارية، فإنه يغسل كبول الكبير.
2- الدم المسفوح من الحيوان المأكول، أما الدم الذي يبقى في اللحم والعروق، فإنه طاهر، لقوله تعالى: (أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا) [الأنعام: 145]، وهو الذي يهراق وينصبُّ.
3 - بول وروث كل حيوان غير مأكول اللحم، كالهر والفأر.
4 - الميتة: وهي ما مات حتف أنفه من غير ذكاة شرعية لقوله تعالى: (إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً) [الأنعام: 145] .. ويستثنى من ذلك ميتة السمك، والجراد، ومالا نفس له سائلة، فإنها طاهرة.
5 - المَذْي: وهو ماء أبيض رقيق لزج، يخرج عند الملاعبة أو تذكُّر الجماع، لا بشهوة ولا دفق، ولا يعقبه فتور، وربما لا يحس بخروجه، وهو نجس؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حديث عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه -: (توضأ، واغسل ذكرك) (أخرجه البخاري برقم (269). يعني من المذي، ولم يؤمر فيه بالغسل تخفيفاً ورفعاً للحرج؛ لأنه مما يشق الاحتراز منه.
6 - الوَدْي: وهو ماء أبيض ثخين يخرج بعد البول، ومَنْ أصابه فإنه يغسل ذكره ويتوضأ، ولا يغتسل.
7 - دم الحيض: كما في حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: جاءت امرأة إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقالت: إحدانا يصيب ثوبها من دم الحيض كيف تصنع؟ فقال: (تَحُتُّهُ، ثم تَقْرُصُهُ (تَحُتُّه: تحكه بطرف حجر أو عود، وتقرصه: تدلكه بأطراف الأصابع والأظفار دلكاً شديداً وتصب عليه الماء حتى يزول عينه وأثره) بالماء، ثم تنضحه، ثم تصلي فيه) (مسلم برقم (291).

المسألة الثالثة: كيفية تطهير النجاسة:
1 - إذا كانت النجاسة في الأرض والمكان: فهذه يكفي في تطهيرها غسلة واحدة، تذهب بعين النجاسة، فيصب عليها الماء مرة واحدة؛ لأمره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بصب الماء على بول الأعرابي الذي بال في المسجد (أخرجه البخاري برقم (220).
2- إذا كانت النجاسة على غير الأرض: كأن تكون في الثوب أو في الإناء.
فإن كانت من كلب ولغ في الإناء، فلابد من غسله سبع غسلات إحداهن بالتراب؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً، أُولاهن بالتراب) (رواه مسلم برقم (279) ولفظه: "طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بتراب"). وهذا الحكم عام في الإناء وغيره، كالثياب، والفرش.
أما نجاسة الخنزير: فالصحيح أنها كسائر النجاسات يكفي غسلها مرة واحدة، تذهب بعين النجاسة، ولا يشترط غسلها سبع مرات.
وإن كانت النجاسة من البول والغائط والدم ونحوها: فإنها تغسل بالماء مع الفرك والعصر حتى تذهب وتزول، ولا يبقى لها أثر، ويكفي في غسلها مرة واحدة.
ويكفي في تطهير بول الغلام الذي لم يأكل الطعام النضح، وهو رشه بالماء؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (يغسل من بول الجارية، وينضح من بول الغلام) (صححه الألباني)، ولحديث أم قيس بنت محصن المتقدم.
أما جلد الميتة مأكولة اللحم: فإنه يطهر بالدباغ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أيما إهاب دبغ فقد طهر) (صححه الألباني وأخرجه مسلم في صحيحه برقم (366) بلفظ: "إذا دبغ الإهاب فقد طهر").
ودم الحيض تغسله المرأة من ثوبها بالماء، ثم تنضحه، ثم تصلي فيه.
فعلى المسلم أن يهتم بالطهارة من النجاسات في بدنه ومكانه وثوبه الذي يصلي فيه، لأنها شرط لصحة الصلاة.


صاحب فكرة 13-07-2017 01:40 PM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
الباب العاشر: في الحيض والنفاس، وفيه مسائل:
الحيض لغة: السيلان. وشرعاً: دم طبيعة وَجِبِلَّة، يخرج من قعر الرحم في أوقات معلومة، حال صحة المرأة، من غير سبب ولادة.
والنفاس: دم يخرج من المرأة عند الولادة.

المسألة الأولى: بداية وقت الحيض ونهايته:
لا حيض قبل تمام تسع سنين؛ لأنه لم يثبت في الوجود لامرأة حيض قبل ذلك. وقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة) (ذكره الترمذي (3/ 418)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 320) بدون إسناد).
ولا حيض بعد خمسين سنة في الغالب على الصحيح. وقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (إذا بلغت المرأة خمسين سنة خرجت من حد الحيض) (المغني 1/ 406).

المسألة الثانية: أقل مدة الحيض وأكثرها:
الصحيح: أنه لا حدَّ لأقله ولا لأكثره، وإنما يُرجع فيه إلى العادة والعرف.

المسألة الثالثة: غالب الحيض:
وغالبه ست أو سبع. لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لحمنة بنت جحش: (تَحَيضِي في علم الله ستة أيام، أو سبعة، ثم اغتسلي وصلي أربعة وعشرين يوماً، أو ثلاثة وعشرين يوماً، كما يحيض النساء ويطهرن لميقات حيضهن وطهرهن) (حسَّنه الألباني).
المسألة الرابعة: ما يحرم بالحيض والنفاس:
يحرم بسبب الحيض والنفاس أمور:
1 - الوطء في الفرج: لقوله تعالى: (فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) [البقرة: 222]. فقال النبيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين نزلت: (اصنعوا كل شيء إلا النكاح) (أخرجه مسلم برقم (302)).
2 - الطلاق: لقوله تعالى: (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) [الطلاق: 1]. وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعمر لما طلق ابنه عبد الله امرأته في الحيض: (مره فليراجعها) الحديث (رواه البخاري برقم (5251).
3 - الصلاة: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لفاطمة بنت أبي حبيش: (إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة) (رواه البخاري برقم (320).
4 - الصوم: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أليس إحداكن إذا حاضت لم تصم، ولم تصلِّ؟) قلن: بلى (رواه البخاري برقم (304).
5 - الطواف: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعائشة رضي الله عنها لما حاضت: (افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري) (متفق عليه).
6 - قراءة القرآن: وهو قول كثير من أهل العلم من الصحابة والتابعين، ومَنْ بعدهم. لكن إذا احتاجت إلى القراءة -كأن تحتاج إلى مراجعة محفوظها حتى لا يُنسى، أو تعليم البنات في المدارس، أو قراءة وردها- جاز لها ذلك، وإن لم تحتج فلا تقرأ، كما قال به بعض أهل العلم (انظر: الشرح الممتع (1/ 291 - 292)).
7- مس المصحف: لقوله تعالى: (لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) [الواقعة: 79].
8 - دخول المسجد واللبث فيه: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا أُحِلُّ المسجد لجنب، ولا حائض) (صححه ابن خزيمة، وحسنه ابن القطان وابن سيد الناس)، ولأنه - (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) - كان يدني رأسه لعائشة، وهي في حجرتها، فترجله وهي حائض، وهو حينئذ مجاور في المسجد (أخرجه البخاري برقم (296). وكذا يحرم عليها المرور في المسجد إن خافت تلويثه، فإن أمنت تلويثه لم يحرم.

المسألة الخامسة: ما يوجبه الحيض:
1 - يوجب الغسل: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها، ثم اغتسلي وصلي) (متفق عليه).
2 - البلوغ: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار) (صححه الألباني). فقد أوجب عليها السترة بحصول الحيض، فدلَّ على أن التكليف حصل به، وإنما يحصل ذلك بالبلوغ.
3 - الاعتداد به: فتنقضي العدة في حق المطلقة ونحوها بالحيض لمن كانت تحيض، لقوله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ) [البقرة: 228].
يعني: ثلاث حِيَض.
4 - الحكم ببراءة الرحم في الاعتداد بالحيض.
تنبيه: إذا طهرت الحائض أو النفساء قبل غروب الشمس؛ لزمها أن تصلي الظهر والعصر من هذا اليوم، ومن طهرت منهما قبل طلوع الفجر لزمها أن تصلي المغرب والعشاء من هذه الليلة؛ لأن وقت الصلاة الثانية وقت للصلاة الأولى في حال العذر. وبه قال الجمهور: مالك والشافعي وأحمد (انظر: الملخص الفقهي (1/ 59 - 60)).
المسألة السادسة: أقل النفاس وأكثره:
لا حدّ لأقل النفاس؛ لأنه لم يرد فيه تحديد، فرجع فيه إلى الوجود، وقد وجد قليلاً وكثيراً. وأكثره أربعون يوماً. قال الترمذي: أجمع أهل العلم من أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومَنْ بعدهم على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يوماً إلا أن ترى الطهر قبل ذلك، فتغتسل وتصلي، ولحديث أم سلمة: (كانت النفساء على عهد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تجلس أربعين يوماً) (قال الألباني: موقوف ضعيف).

المسألة السابعة: في دم المستحاضة:
الاستحاضة: سيلان الدم في غير وقته على سبيل النزيف، من عرق يسمى العاذل.
ودم الاستحاضة يخالف دم الحيض في أحكامه وفي صفته، وهو عرق ينفجر في الرحم، سواء كان في أوقات الحيض أو غيرها، وهو لا يمنع الصلاة ولا الصيام ولا الوطء؛ لأنها في حكم الطاهرات. ودليله حديث فاطمة بنت أبي حبيش: قالت: يا رسول الله إني أُسْتَحَاضُ، فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ فقال: (لا، إن ذلك عِرْق وليس بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، فإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي) (متفق عليه). فيجب عليها أن تغتسل عند نهاية حيضتها المعتبرة، وعند الاستحاضة تغسل فرجها، وتجعل في المخرج قطناً ونحوه يمنع الخارج، وتشد عليه ما يمسكه عن السقوط. ويغني عن ذلك الحفائظ الصحية في هذا الوقت، ثم تتوضأ عند دخول وقت كل صلاة.
والمستحاضة لها ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن تكون لها عادة معروفة، بأن تكون مدة الحيض معلومة لديها قبل الاستحاضة، فهذه تجلس قدر عادتها، وتدع الصلاة والصيام، وتُعَدُّ حائضاً، فإذا انتهت عادتها اغتسلت وصلّت وعدَّت الدم الخارج دم استحاضة؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأم حبيبة: (امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك، ثم اغتسلي، وصلي) (رواه مسلم برقم (334).
الحالة الثانية: إذا لم تكن لها عادة معروفة، لكن دمها متميز بعضه يحمل صفة الحيض: بأن يكون أسود أو ثخيناً أو له رائحة، والباقي يحمل صفة الاستحاضة، دم أحمر ليس له رائحة. ففي هذه الحالة ترد إلى العمل بالتمييز؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لفاطمة بنت أبي حبيش: (إذا كان دم الحيض فإنه أسود يعرف، فأمسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر فتوضَّئي، وصلي فإنما هو عرق) (صححه الألباني).
الحالة الثالثة: إذا لم تكن لها عادة ولا صفة تميز بها الحيض من غيره، فهذه تجلس غالب الحيض ستاً أو سبعاً؛ لأن هذه عادة غالب النساء، وما بعد هذه الأيام من الدم يكون دم استحاضة تغسله، ثم تصلي، وتصوم؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لحمنة بنت جحش: (إنما هي رَكْضَةٌ من الشيطان، فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام ثم اغتسلي، فإذا استَنْقَأتِ فصلي وصومي فإن ذلك يجزئك) (حسَّنه الألباني). ومعنى (ركضة من الشيطان) يعني: دفعة، أي: إن الشيطان هو الذي حرَّك هذا الدم.



صاحب فكرة 15-07-2017 11:45 AM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
ثانياً: كتاب الصلاة
ويشتمل على خمسة عشر باباً

الباب الأول: في تعريف الصلاة، وفضلها، ووجوب الصلوات الخمس:
1 - تعريفها: الصلاة لغة: الدعاء.
وشرعاً: عبادة ذات أقوال وأفعال مخصوصة، مفتتحة بالتكبير، مختتمة بالتسليم.
ويأتي تفصيلها في الأبواب التالية إن شاء الله.
2 - فضلها: الصلاة من آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين، بل هي عمود الإسلام، وقد فرضها الله على نبيه محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليلة المعراج فوق سبع سموات. وذلك دليل على أهميتها في حياة المسلم، وقد كان - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا حَزَبَه (أي: أصابه) أمرٌ فزع إلى الصلاة. وقد جاء في فضلها والحث عليها أحاديث كثيرة منها:
قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر) (رواه مسلم).
وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من دَرَنه شيء؟) قالوا: لا يبقى من دَرَنه شيء.
قال: (فذلك مَثَلُ الصلوات الخمَسَ، يمحو الله بهن الخطايا) (متفق عليه). والدَّرَنُ: الوسخ.
3 - وجوبها: وفرضيتها معلومة بالكتاب، والسنة، والإجماع المعلوم من الدين بالضرورة، قال تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ) [البقرة: 43] في آيات كثيرة من كتاب الله، وقال تعالى: (قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ) [إبراهيم: 31].
ومن السنة: حديث المعراج وفيه: (هي خمس وهي خمسون) (رواه البخاري برقم (349). والمعنى: هي خمس في العدد باعتبار الفعل، وهي خمسون في الأجر والثواب). وفي "الصحيحين" قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لمن سأله عن شرائع الإسلام: (خمس صلوات في اليوم والليلة) قال السائل: هل عليَّ غيرهن؟ قال: (لا، إلا أن تَطَّوَّع) (متفق عليه).
وتجب الصلاة على المسلم البالغ العاقل، فلا تجب على الكافر، ولا الصغير، ولا المجنون، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن الصغير حتى يبلغ). ولكن يؤمر بها الأولاد لتمام سبع سنين، ويضربون على تركها لعشر. فمن جحدها أو تركها فقد كفر، وارتدَّ عن دين الإسلام لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر) (رواه مسلم).
الباب الثاني: الأذان، والإقامة، وفيه مسائل:
المسألة الأولى: تعريف الأذان والإقامة، وحكمهما:
أ- تعريف الأذان والإقامة:
الأذان لغة: الإعلام. قال تعالى: (وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) [التوبة: 3]. أي إعلام.
وشرعاً: الإعلام بدخول وقت الصلاة بذكر مخصوص.
والإقامة لغة هي: مصدر أقام، وحقيقته إقامة القاعد.
وشرعاً: الإعلام بالقيام إلى الصلاة بذكر مخصوص ورد به الشارع.
ب- حكمهما: ألاذان والإقامة مشروعان في حق الرجال للصلوات الخمس دون غيرها، وهما من فروض الكفايات إذا قام بهما من يكفي سقط الإثم عن الباقين؛ لأنهما من شعائر الإسلام الظاهرة، فلا يجوز تعطيلهما.

المسألة الثانية: شروط صحتهما:
1 - الإسلام: فلا يصحان من الكافر.
2 - العقل: فلا يصحان من المجنون والسكران وغير المميز، كسائر العبادات.
3 - الذكورية: فلا يصحان من المرأة للفتنة بصوتها، ولا من الخنثى لعدم العلم بكونه ذكراً.
4 - أن يكون الأذان في وقت الصلاة: فلا يصح قبل دخول وقتها، غير الأذان الأول للفجر والجمعة، فيجوز قبل الوقت، وأن تكون الإقامة عند إرادة القيام للصلاة.
5 - أن يكون الأذان مرتباً متوالياً: كما وردت بذلك السنة، وكذا الإقامة، وسيأتي بيانه في الكلام على صفة الأذان والإقامة.
6 - أن يكون الأذان، وكذا الإقامة، باللغة العربية وبالألفاظ التي وردت بها السنة.
المسألة الثالثة: في الصفات المستحبة في المؤذن:

1 - أن يكون عدلاً أميناً؛ لأنه مؤتمن يُرجع إليه في الصلاة والصيام، فلا يؤمن أن يغرهم بأذانه إذا لم يكن كذلك.
2 - أن يكون بالغاً عاقلا، ويصح أذان الصبيّ المميز.
3 - أن يكون عالماً بالأوقات ليتحراها فيؤذن في أولها، لأنه إن لم يكن عالماً ربما غلط أو أخطأ.
4 - أن يكون صَيِّتا(أي: قويَّ الصوت) ليُسْمِعَ الناس.
5 - أن يكون متطهراً من الحدث الأصغر والأكبر.
6 - أن يؤذن قائماً مستقبل القبلة.
7 - أن يجعل أصبعيه في أذنيه، وأن يدير وجهه على يمينه إذا قال: حَيَّ على الصلاة، وعلى يساره إذا قال: حَيَّ على الفلاح.
8 - أن يترسل في الأذان -أي يتمهل- ويحدر الإقامة -أي يسرع فيها-.

المسألة الرابعة: في صفة الأذان والإقامة:
كيفية الأذان والإقامة: ولهما كيفيات وردت بها النصوص النبوية، ومنها ما جاء في حديث أبي محذورة، أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - علمه الأذان بنفسه، فقال: (تقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حَيَّ على الصلاة، حَيَّ على الصلاة، حَيَّ على الفلاح، حَيَّ على الفلاح، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله) (صححه الألباني).
وأما صفة الإقامة فهي: (الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حَيَّ على الصلاة، حَيَّ على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله)؛ لحديث أنس - رضي الله عنه -قال: (أمر بلالٌ أن يشفع الأذان، وأن يوتر الإقامة إلا الإقامة) (أخرجه البخاري برقم (605). فتكون كلمات الأذان مرتين مرتين، وكلمات الإقامة مرة مرة، إلا في قوله: (قد قامت الصلاة) فتكون مرتين؛ للحديث الماضي.
فهذه صفة الأذان والإقامة المستحبة؛ لأن بلالاً كان يؤذن به حضراً وسفراً مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى أن مات. وإن رَجّع في الأذان، أو ثنَّى الإقامة، فلا بأس؛ لأنه من الاختلاف المباح. (الترجيع: الترديد، بمعنى أنه يخفض صوته في الشهادتين، ثم يعيدهما برفع الصوت، كما أخرجه أبو داود برقم (503) ويستحب أن يقول في أذان الصبح بعد حَيَّ على الفلاح: الصلاة خير من النوم مرتين (وهو التثويب، من ثاب يثوبُ: إذا رجع، فالمؤذن حين يقول هذه الجملة في صلاة الصبح، فهو رجوع منه إلى كلام فيه الحث على المبادرة إلى الصلاة)؛ لما روى أبو محذورة أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال له: (إن كان في أذان الصبح قلت: الصلاة خير من النوم) (صححه الألباني).

المسألة الخامسة: ما يقوله سامع الأذان، وما يدعو به بعده:
يستحب لمن سمع الأذان أن يقول مثل ما يقول المؤذن؛ لحديث أبي سعيد أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن) (متفق عليه). إلا في الحَيْعَلَتَيْن، فيشرع لسامع الأذان أن يقول: "لا حول ولا قوة إلا بالله" عقب قول المؤذن: حَيَّ على الصلاة، وكذا عقب قوله: حَيَّ على الفلاح؛ لحديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في ذلك (أخرجه مسلم برقم (385).
وإذا قال المؤذن في صلاة الصبح: الصلاة خير من النوم، فإن المستمع يقول مثله، ولا يُسَنُّ ذلك عند الإقامة.
ثم يصلي على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم يقول: "اللهم رَبَّ هذه الدعوة التامَّةِ والصلاة القائمةِ، آتِ محمداً الوسيلةَ والفضيلةَ، وابعثْهُ مقاماً محموداً الذي وعدته" (أخرجه البخاري برقم (614)، وفيه: أن من قال ذلك حلت له شفاعة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم القيامة.



صاحب فكرة 18-07-2017 11:22 AM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
الباب الثالث: في مواقيت الصلاة
الصلوات المفروضات خمس في اليوم والليلة، لكل صلاة منها وقت محدد حدده الشرع. قال تعالى: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) [النساء: 103]. يعني: مفروضاً في أوقات محددة فلا تجزئ الصلاة قبل دخول وقتها.
وهذه المواقيت الأصل فيها حديث ابن عمر [و] رضي الله عنهما: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ووقت صلاة المغرب ما لم يَغِبِ الشفق، ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس) (رواه مسلم برقم (612).
فصلاة الظهر يبدأ وقتها بزوال الشمس، أي: ميلها عن كبد السماء إلى جهة المغرب، ويمتد وقتها إلى أن يصير ظل كل شيء مثله في الطول، ويستحب تعجيلها في أول وقتها، إلا إذا اشتد الحر، فيستحب تأخيرها إلى الإبراد (يعني: قرب صلاة العصر)؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم) (متفق عليه).
وصلاة العصر يبدأ وقتها من نهاية وقت الظهر -أي من صيرورة ظل كل شيء مثله- وينتهي بغروب الشمس، أي عند آخر الاصفرار، ويسن تعجيلها في أول الوقت، وهي الصلاة الوسطى التي نصَّ الله عليها في قوله تعالى: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) [البقرة: 238].
وقد أمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالمحافظة عليها، فقال: (من فاتته صلاة العصر فكأنما وُترَ أهله وماله) (متفق عليه ومعنى (وتر أهله وماله): انتزع منه أهله وماله، أو: فقد أهله وماله).
وقال أيضاً: (من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله) (رواه البخاري برقم (553).
ووقت صلاة المغرب من غروب الشمس إلى مغيب الشَّفَقِ الأحمر( الشفق: الحمرة التي تكون من غروب الشمس إلى وقت العشاء الآخرة، وترى هذه الحمرة بعد سقوط الشمس )؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (وقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق) (رواه مسلم برقم (173) (1/ 427)، وهو جزء من حديث المواقيت الطويل). ويسن تعجيلها في أول وقتها؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا تزال أمتي بخير، ما لم يؤخروا المغرب حتى تشتبك النجوم) (الحاكم (1/ 190 - 191) وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي)، إلا ليلة المزدلفة للمحرم بالحج، فيسنُّ تأخيرها حتى تصلى مع العشاء جمع تأخير.
أما صلاة العشاء فيبدأ وقتها من مغيب الشفق الأحمر إلى نصف الليل، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (وقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط) (مسلم - جزء من حديث المواقيت الطويل). ويستحب تأخيرها إلى آخر الوقت المختار ما لم تكن مشقة، ويكره النوم قبلها، والحديث بعدها لغير مصلحة؛ لحديث أبي برزة - رضي الله عنه - (أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يكره النوم قبل العشاء، والحديث بعدها) (متفق عليه).
ووقت صلاة الفجر من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس، ويستحب تعجيلها إذا تحقق طلوع الفجر.
هذه هي الأوقات التي يشرع أداء الصلوات الخمس فيها، فيجب على المسلمين التقيد بذلك، والمحافظة عليها في وقتها، وترك تأخيرها؛ لأن الله توعد الذين يؤخرونها عن وقتها فقال تعالى: (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ) [الماعون: 4 - 5]. وقال تعالى: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) [مريم: 59]. والغيُّ: هو العذاب الشديد المضاعف والشر والخيبة في جهنم عياذاً بالله.
وأداء الصلوات في أوقاتها من أحب الأعمال إلى الله، وأفضلها، فقد سئل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أيُّ العمل أحب إلى الله؟ قال: (الصلاة على وقتها) (متفق عليه).


صاحب فكرة 19-07-2017 11:12 AM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
الباب الرابع: في شروط الصلاة، وأركانها، وأدلة ذلك، وحكم تاركها.
وفيه مسائل:

المسألة الأولى: في عدد الصلوات المكتوبة:
عدد الصلوات المكتوبة خمس، وهي: الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء. وهي مجمع عليها، وقد دلّ على ذلك حديث طلحة بن عبيد الله أن أعرابياً قال: يا رسول الله ماذا فرض الله عليَّ من الصلاة؟ قال: (خمس صلوات في اليوم والليلة .. الحديث) (رواه مسلم برقم (11)، وحديث أنس - رضي الله عنه - في قصة الرجل من أهل البادية، وقوله للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا. قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (صدق) ... الحديث (رواه مسلم برقم (12).

المسألة الثانية: على من تجب؟
تجب على المسلم البالغ العاقل، غيرَ الحائض والنفساء، ويؤمر بها الصبي إذا بلغ سبع سنين، ويُضرب عليها لعشر؛ لحديث: (رفع القلم عن ثلاثة)، فذكر منها: (وعن الصَّبيِّ حتى يحتلم)، ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفَرِّقوا بينهم في المضاجع) (صححه الألباني).

المسألة الثالثة: في شروطها: وهي التي يتوقف عليها صحة الصلاة.
وشروطها تسعة:
1 - الإسلام: فلا تصح من كافر؛ لبطلان عمله.
2 - العقل: فلا تصح من مجنون؛ لعدم تكليفه.
3- البلوغ: فلا تجب على الصبي حتى يبلغ، ولكن يؤمر بها لسبع، ويُضرب عليها لعشر؛ لحديث: (مروا أولادكم بالصلاة لسبع ... ) الحديث.
4 - الطهارة من الحَدَثين (الأكبر والأصغر) مع القدرة: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حديث ابن عمر: (لا يقبل الله صلاة بغير طهور) (رواه مسلم برقم (224).
5 - دخول الوقت للصلاة المؤقتة: لقوله تعالى: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) [النساء: 103]، ولحديث جبريل حين أمّ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالصلوات الخمس، ثم قال: (ما بين هذين الوقتين وقت) (حديث صحيح (إرواء الغليل برقم 250). فلا تصح الصلاة قبل دخول وقتها، ولا بعد خروجه، إلا لعذر.
6 - ستر العورة مع القدرة بشيء لا يصف البشرة: لقوله تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) [الأعراف: 31]. وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار) (صححه الألباني (الإرواء برقم 196). والمقصود بالحائض: التي بلغت سن التكليف.)
وعورة الرجل البالغ ما بين السرة والركبة لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لجابر - رضي الله عنه -: (إذا صليت في ثوب واحد، فإن كان واسعاً فالتحف به، وإن كان ضيقاً فاتزر به) (متفق عليه). والأولى والأفضل أن يجعل على عاتقه شيئاً من الثياب؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى الرجل أن يصلي في الثوب ليس على عاتقه منه شيء. والمرأة كلها عورة إلا وجهها وكفيها، إلا إذا صلَّت أمام الأجانب -أي غير المحارم- فإنها تغطي كل شيء؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (المرأة عورة) (صححه الألباني)، وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار).
7 - اجتناب النجاسة في بدنه وثوبه وبقعته -أي مكان صلاته- مع القدرة:
لقوله تعالى: (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) [المدثر: 4]. وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (تَنَزَّهوا عن البول؛ فإن عامة عذاب القبر منه) (صححه الألباني)، ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأسماء في دم الحيض يصيب الثوب: (تحتُّه، ثم تقرصه بالماء، ثم تنضحه، ثم تصلي فيه) (متفق عليه)، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأصحابه وقد بال الأعرابي في المسجد: (أريقوا على بوله سجلاً من ماء) (رواه البخاري برقم (220).
8 - استقبال القبلة مع القدرة: لقوله تعالى: (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) [البقرة: 144]، ولحديث: (إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة) (متفق عليه).
9 - النية: ولا تسقط بحال؛ لحديث عمر: (إنما الأعمال بالنيات). ومحلها القلب، وحقيقتها العزم على الشيء. ولا يشرع التلفظ بها؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يتلفظ بها، ولم يَرِدْ أن أحداً من أصحابه فعل ذلك.


صاحب فكرة 22-07-2017 09:46 AM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
المسألة الرابعة: في أركانها:
الأركان: هي ما تتكون منها العبادات، ولا تصح العبادة إلا بها. والفرق بينها وبين الشروط: أن الشرط يتقدم على العبادة، ويستمر معها، وأما الأركان: فهي التي تشتمل عليها العبادة من أقوال وأفعال.
وأركانها أربعة عشر ركناً، لا تسقط عمداً، ولا سهواً، ولا جهلاً. وبيانها كما يلي:
1 - القيام: في الفرض على القادر منتصباً؛ لقوله تعالى: (وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) [البقرة: 238]، ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعمران بن حصين: (صَل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب) (رواه البخاري برقم (1117)، فإن ترك القيام في الفريضة لعذر، كمرض وخوف وغير ذلك، فإنه يُعذر بذلك، ويصلي حسب حاله قاعداً أو على جنب.
أما صلاة النافلة: فإن القيام فيها سنة وليس ركناً، لكن صلاة القائم فيها أفضل من صلاة القاعد؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم) (رواه مسلم برقم (735).
2 - تكبيرة الإحرام في أولها: وهي قول (الله أكبر) لا يُجْزئه غيرها؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للمسيء الصلاة: (إذا قمت إلى الصلاة فكبر) (قال الألباني: حسن صحيح)، وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (تحريمها التكبير وتحليلها التسليم) (قال الألباني: حسن صحيح)، فلا تنعقد الصلاة بدون التكبير.
3 - قراءة الفاتحة مرتبة في كل ركعة: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) (متفق عليه). ويستثنى من ذلك المسبوق: إذا أدرك الإمام راكعاً، أو أدرك من قيامه ما لم يتمكن معه من قراءة الفاتحة، وكذا المأموم في الجهرية، يُستثنى من قراءتها، لكن لو قرأها في سكتات الإمام فإن ذلك أولى؛ أخذاً بالأحوط.
4 - الركوع في كل ركعة: لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا) [الحج: 77]. ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للمسيء الصلاة: (ثم اركع حتى تطمئن راكعاً) (متفق عليه).
5، 6 - الرفع من الركوع والاعتدال منه قائماً: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حديث المسيء: (واركع حتى تطمئن راكعاً ثم ارفع حتى تعتدل قائماً).
7 - السجود: لقوله تعالى: (وَاسْجُدُوا) [الحج: 77]، ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حديث المسيء: (ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً). ويكون السجود في كل ركعة مرتين على الأعضاء السبعة المذكورة في حديث ابن عباس. وفيه: (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: الجبهة -وأشار بيده إلى أنفه- واليدين، والركبتين، وأطراف القدمين) (البخاري ومسلم واللفظ لمسلم).
8، 9 - الرفع من السجود والجلوس بين السجدتين: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للمسيء: (ثم ارفع حتى تطمئن جالساً).
10 - الطمأنينة في جميع الأركان: وهي السكون، وتكون بقدر القول الواجب في كل ركن؛ لأمره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المسيء بها في صلاته في جميع الأركان، ولأمره له بإعادة الصلاة لتركه الطمأنينة فيها.
11 - التشهد الأخير: لقول ابن مسعود - رضي الله عنه -: (كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد: السلام على الله من عباده). فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا تقولوا السلام على الله، ولكن قولوا: التحيات لله) (صححه الألباني). فدل قوله - رضي الله عنه -: "قبل أن يفرض" على أنه فرض.
12 - الجلوس للتشهد الأخير: لأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فعله، وداوم عليه، وقال: (صلوا كما رأيتموني أصلي) (رواه البخاري برقم (631).
13 - التسليم: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (وتحليلها التسليم) (قال الألباني : حسن صحيح)، فيقول عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله، وعن يساره: السلام عليكم ورحمة الله.
14 - ترتيب الأركان على ما تقدَّم بيانه: لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فعلها مرتبة، وقال: (صلوا كما رأيتموني أصلي)، وعَلَّمَهَا المسيء في صلاته بقوله: (ثم) التي تدل على الترتيب.

صاحب فكرة 23-07-2017 09:35 AM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
المسألة الخامسة: في واجباتها:
وواجباتها ثمانية، تبطل الصلاة بتركها عمداً، وتسقط سهواً وجهلاً، ويجب للسهو عنها سجود السهو، فالفرق بينها وبين الأركان: أن من نسي ركناً لم تصح صلاته إلا بالإتيان به، أمَّا من نسي واجباً أجزأ عنه سجود السهو، فالأركان أوكد من الواجبات. وبيانها على النحو الآتي:
1 - جميع التكبيرات غير تكبيرة الإحرام، وهو ما يسمى بتكبير الانتقال.
لقول ابن مسعود: (رأيت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يكبر في كل رفع وخفض وقيام وقعود) (صححه الألباني)، فقد واظب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عليه إلى أن مات، وقد قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (صلوا كما رأيتموني أصلي).
2 - قول: "سمع الله لمن حمده" للإمام والمنفرد: لحديث أبي هريرة: (كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يكبر حين يقوم إلى الصلاة، ثم يكبر حين يركع، ثم يقول: سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركعة، ثم يقول وهو قائم: ربنا ولك الحمد) (رواه مسلم).
3 - قول: "ربنا ولك الحمد" للمأموم فقط، أما الإمام والمنفرد فيسن لهما الجمع بينهما؛ لحديث أبي هريرة المتقدم، ولحديث أبي موسى وفيه: (وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا لك الحمد) (رواه مسلم).
4 - وقول: "سبحان ربي العظيم" مرة في الركوع.
5 - قول: "سبحان ربي الأعلى" مرة في السجود. لقول حذيفة في حديثه: (كان -يعني النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) - يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم. وفي سجوده: سبحان ربي الأعلى) (صححه الألباني). وتسنُّ الزيادة في التسبيح في السجود والركوع إلى ثلاث.
6 - قوله: "ربِّ اغفر لي" بين السجدتين: لحديث حذيفة: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يقول بين السجدتين: (رب اغفر لي. رب اغفر لي) (صححه الألباني).
7 - التشهد الأول على غير من قام إمامه سهواً، فإنه لا يجب عليه لوجوب متابعته؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما نسي التشهد الأول لم يَعُدْ إليه، وجبره بسجود السهو (متفق عليه).
والتشهد الأول هو: "التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله".
8 - الجلوس له -أي التشهد الأول- لحديث ابن مسعود مرفوعاً: (إذا قعدتم في كل ركعتين فقولوا: التحيات لله) (صححه الألباني). ولحديث رفاعة بن رافع: (فإذا جلست في وسط الصلاة فاطمئن، وافترش فخذك اليسرى، ثم تشهد) (حسنه الألباني).
المسألة السادسة: في سننها:
وهي نوعان: سنن أفعال وسنن أقوال.
أما سنن الأفعال: فكرفع اليدين مع تكبيرة الإحرام وعند الركوع وعند الرفع منه وحطهما عقب ذلك؛ لأن مالك بن الحويرث كان إذا صلَّى كبَّر، ورفع يديه، وإذا أراد أن يركع رفع يديه، وإذا رفع رأسه من الركوع رفع يديه.
وحَدَّثَ أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صنع ذلك (أخرجه مسلم برقم (391). ووضع اليمين على الشمال وجعلهما على صدره حال قيامه، ونظره في موضع سجوده، وتفرقته بين قدميه قائماً، وقبض ركبتيه بيديه مفرجتي الأصابع في ركوعه، ومد ظهره فيه، وجعل رأسه حياله.
وأما سنن الأقوال: فكدعاء الاستفتاح، والبسملة، والتعوذ، وقول: آمين، والزيادة على قراءة الفاتحة، والزيادة على تسبيح الركوع والسجود، والدعاء بعد التشهد قبل السلام.


صاحب فكرة 24-07-2017 09:49 AM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
المسألة السابعة: مبطلاتها:
يبطل الصلاة أمور نجملها فيما يأتي:
1 - يبطل الصلاة ما يبطل الطهارة؛ لأن الطهارة شرط لصحتها، فإذا بطلت الطهارة بطلت الصلاة.
2 - الضحك بصوت: وهو القهقهة، فإنه يبطلها بالإجماع؛ لأنه كالكلام، بل أشد، ولما في ذلك من الاستخفاف والتلاعب المنافي لمقصود الصلاة. أما التبسم بلا قهقهة فإنه لا يبطلها، كما نقله ابن المنذر وغيره.
3 - الكلام عمداً لغير مصلحة الصلاة: فعن زيد بن أرقم - رضي الله عنه - قال: كنا نتكلم في الصلاة، يكلم الرجل منا صاحبه، وهو إلى جنبه في الصلاة، حتى نزلت: (وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) [البقرة: 238]. فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام (متفق عليه). فإن تكلم جاهلاً أو ناسياً، لا تبطل صلاته.
4 - مرور المرأة البالغة، أو الحمار، أو الكلب الأسود بين يدي المصلي دون موضع سجوده: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إذا قام أحدكم يصلي فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل، فإذا لم يكن بين يديه مثل آخِرَةِ الرَّحْلِ، فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود) (رواه مسلم برقم (510). والرَّحْلُ: هو ما يركب عليه على الإبل، وهو كالسرج للفرس، ومؤخرة الرحل مقدارها ذراع، فيكون هذا المقدار هو المجزئ في السترة.
5 - كشف العورة عمداً: لما تقدم في الشروط.
6 - استدبار القبلة: لأن استقبالها شرط لصحة الصلاة.
7 - اتصال النجاسة بالمصلي، مع العلم بها، وتذكرها إذا لم يُزلها في الحال.
8 - ترك ركن من أركانها أو شرط من شروطها عمداً بدون عذر.
9 - العمل الكثير من غير جنسها لغير ضرورة، كالأكل والشرب عمداً.
10 - الاستناد لغير عذر، لأن القيام شرط لصحتها.
- تعمُّد زيادة ركن فعلي كالزيادة في الركوع والسجود؛ لأنه يخل بهيئتها، فتبطل إجماعاً.
12 - تعمُّد تقديم بعض الأركان على بعض؛ لأن ترتيبها ركن، كما تقدم.
13 - تعمُّد السلام قبل إتمامها.
14 - تعمُّد إحالة المعنى في القراءة، أي قراءة الفاتحة؛ لأنها ركن.
15 - فسخ النية بالتردد بالفسخ، وبالعزم عليه؛ لأن استدامة النية شرط.

المسألة الثامنة: ما يكره في الصلاة:
الكراهة في اصطلاح الفقهاء: هي النهي عن الشيء من غير إلزام بالترك. وحكم المكروه: أنه يثاب تاركه امتثالاً، ولا يعاقب فاعله، ويجوز فعله عند الحاجة من غير اضطرار.
يكره في الصلاة الأمور التالية:
1 - الاقتصار على الفاتحة في الركعتين الأوليين، لمخالفة ذلك لسنة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهديه في الصلاة.
2 - تكرار الفاتحة: لمخالفة ذلك -أيضاً- لسنة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لكن إن كررها لحاجة؛ كأن يكون فاته الخشوع وحضور القلب عند قراءتها، فأراد تكرارها ليحضر قلبه، فلا بأس بذلك، لكن بشرط ألا يَجُرَّهُ ذلك إلى الوسواس.
3 - يكره الالتفات اليسير في الصلاة بلا حاجة: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين سئل عن الالتفات في الصلاة: (هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد) (أخرجه البخاري برقم (751).
والاختلاس: السرقة والنهب.
أما إذا كان الالتفات لحاجة فلا بأس به، كمن احتاج إلى أن يتفُل عن يساره في الصلاة ثلاثاً إذا أصابه الوسواس، فهذا التفات لحاجة، أمر به النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكمن خافت على صبيّها الضياع، فصارت تلتفت في الصلاة؛ ملاحِظة له.
هذا كله في الالتفات اليسير، أما إذا التفت الشخص بكليته أو استدبر القبلة، فإنه تبطل صلاته، إذا كان ذلك بغير عذر من شدة خوف ونحوه.
4- تغميض العينين في الصلاة: لأن ذلك يشبه فعل المجوس عند عبادتهم النيران. وقيل: يشبه فعل اليهود أيضاً، وقد نُهينا عن التشبه بالكفار.
5 - افتراش الذراعين في السجود: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب) (أخرجه البخاري برقم (822). فينبغي للمصلي أن يجافي بين ذراعيه، ويرفعهما عن الأرض، ولا يتشبه بالحيوان.
6 - كثرة العبث في الصلاة: لما فيه من انشغال القلب المنافي للخشوع المطلوب في الصلاة.
7 - التَخَصُّرُ: لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: (نُهي أن يصلي الرجل مختصراً) (أخرجه البخاري برقم (1220). والتخصُّر والاختصار في الصلاة: وَضْعُ الرجل يده على الخَصْرِ والخاصِرَة، وهي وسط الإنسان المُستَدقّ فوق الوركين. وقد عللت عائشة رضي الله تعالى عنها الكراهة: بأن اليهود تفعله (روى ذلك عنها مسروق، أخرجه البخاري في صحيحه برقم (3458).
8 - السَّدْلُ وتغطية الفم في الصلاة: لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: (نهى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن السدل في الصلاة، وأن يغطي الرجل فاه) (حسنه الألباني). والسدل: أن يطرح المصلي الثوب على كتفيه، ولا يردَّ طرفيه على الكتفين. وقيل: إرسال الثوب حتى يصيب الأرض، فيكون بمعنى الإسبال.
9 - مسابقة الإمام: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار، أو يجعل صورته صورة حمار) (متفق عليه).
10 - تشبيك الأصابع: لنهيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من توضأ وأتى المسجد يريد الصلاة عن فعل ذلك (صححه الألباني)، فكراهته في الصلاة من باب أولى. والتشبيك بين الأصابع: إدخال
بعضها في بعض. وأما التشبيك خارج الصلاة فلا كراهة فيه، ولو كان في المسجد، لِفِعْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إياه في قصة ذي اليدين.
11 - كَفُّ الشعر والثوب: لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: (أُمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يسجد على سبعة أعظم، ولا يكفَّ ثوبه ولا شعره) (متفق عليه). والكفّ: قد يكون بمعنى الجمع، أي: لا يجمعهما ويضمهما، وقد يكون بمعنى المنع، أي: لا يمنعهما من الاسترسال حال السجود. وكله من العبث المنافي للخشوع في الصلاة.
12 - الصلاة بحضرة الطعام، أو وهو يدافع الأخبثين: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا صلاة بحضرة الطعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان) (أخرجه مسلم برقم (560). أما كراهة الصلاة بحضرة الطعام: فذلك مشروط بتوقان نفسه إليه ورغبته فيه، مع قدرته على تناوله، وكونه حاضراً بين يديه. فلو كان الطعام حاضراً، لكنه صائم، أو شبعان لا يشتهيه، أو لا يستطيع تناوله لشدة حرارته، ففي ذلك كله لا يكره له الصلاة بحضرته. وأما الأخبثان: فهما البول والغائط. وقد نهي عن ذلك كله؛ لما فيه من انشغال قلب المصلي، وتشتت فكره، مما ينافي الخشوع في الصلاة. وقد يتضرر بحبس البول والغائط ومدافعتهما.
13 - رفع البصر إلى السماء: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة، أو لتخطفن أبصارهم) (رواه مسلم برقم (429).


صاحب فكرة 24-07-2017 11:23 AM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
ذكرت من مبطلات الصلاة تعمد إحالة المعنى في قراءة القرآن أي في قراءة الفاتحة لأنها ركن من أركان الصلاة وسأضرب مثلا لإحالة المعنى في سورة الفاتحة
مثل : فتح همزة إهدنا وضم تاء أنعمت
فمن تعمد فعل ذلك بطلت صلاته

صاحب فكرة 25-07-2017 10:05 AM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
المسألة التاسعة: حكم تارك الصلاة:
من ترك الصلاة جاحِداً لوجوبها، فهو كافر مرتد، لأنه مُكذِّبٌ لله ورسوله وإجماع المسلمين.
أمَّا من تركها تهاوناً وكسلاً: فالصحيح أنه كافر إذا كان تاركاً لها دائماً وبالكلية، لقوله تعالى عن المشركين: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ) [التوبة: 11]. فدلَّ على أنهم إن لم يحققوا شرط إقامة الصلاة فليسوا بمسلمين، ولا إخوة لنا في الدين. ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر) (صححه الألباني). وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إن بين الرجل وبين الشرك والكفر تَرْكَ الصلاة) (أخرجه مسلم برقم (82).
أمَّا من كان يصلي أحياناً ويترك أحياناً، أو يصلي فرضاً أو فرضين، فالظاهر أنه لا يكفر؛ لأنه لم يتركها بالكلية، كما هو نص الحديث: (ترك الصلاة) فهذا ترك (صلاة) لا (الصلاة). والأصل بقاء الإسلام، فلا نخرجه منه إلا بيقين، فما ثبت بيقين لا يرتفع إلا بيقين (انظر: الشرح الممتع. (2/ 24 - 28).
الباب الخامس: في صلاة التطوع، وفيه مسائل:
والمراد بالتطوع: كل طاعة ليست بواجبة.

المسألة الأولى: فضلها، والحكمة من مشروعيتها:
1 - فضلها: التطوع بالصلاة من أفضل القربات بعد الجهاد في سبيل الله وطلب العلم؛ لمداومة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على التقرب إلى ربه بنوافل الصلوات، ولحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إن الله تعالى قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرَّب إليّ عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ... ) الحديث (صححه الألباني).
2 - الحكمة من مشروعيتها: وقد شرع سبحانه التطوع رحمة بعباده، فجعل لكل فرض تطوعاً من جنسه؛ ليزداد المؤمن إيماناً ورفعة في الدرجات بفعل هذا التطوع، ولتكمل الفرائض، وتجبر يوم القيامة بهذا التطوع؛ فإن الفرائض يعتريها النقص، كما في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (إن أول ما يحاسب به العبد المسلم يوم القيامة الصلاة، فإن أتمها، وإلا قيل: انظروا هل له من تطوع؟ فإن كان له تطوع أكملت الفريضة منْ تطوُّعه، ثم يفعل بسائر الأعمال المفروضة مثل ذلك) (صححه الألباني).

المسألة الثانية: في أقسامها:
صلاة التطوع على نوعين:
النوع الأول: صلوات مؤقتة بأوقات معينة، وتسمى بالنوافل المقيدة، وهذه منها ما هو تابع للفرائض، كالسنن الرواتب، ومنها ما ليس بتابع كصلاة الوتر، والضحى والكسوف.
النوع الثاني: صلوات غير مؤقتة بأوقات معينة، وتسمى بالنوافل المطلقة.
والنوع الأول أنواع متعددة بعضها آكد من بعض، وآكد أنواعه الكسوف، ثم الوتر، ثم صلاة الاستسقاء، ثم صلاة التراويح، وأما النوع الثاني فيشرع في الليل كله، وفي النهار -ما عدا أوقات النهي- وصلاة الليل أفضل من صلاة النهار.

المسألة الثالثة: ما تُسَنُّ له الجماعة من صلاة التطوع:
تسن صلاة الجماعة: للتراويح، والاستسقاء، والكسوف.

المسألة الرابعة: في عدد الرواتب:

والرواتب: جمع راتبة، وهي الدائمة المستمرة، وهي التابعة للفرائض.
وفائدة هذه الرواتب أنها تجبر الخلل والنقص الذي يقع في الفرائض، كما مضى بيانه.
وعدد الرواتب عشر ركعات، وهي المذكورة في حديث ابن عمر: (حفظت عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعد الظهر، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الغداة، كانت ساعة لا أدخل على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيها، فحدثتني حفصة أنه كان إذا طلع الفجر، وأذَّن المؤذن، صلَّى ركعتين) (متفق عليه).
ويتأكد للمسلم أن يحافظ على ثنتي عشرة ركعة؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ما من عبد مسلم يصلي لله تعالى في كل يوم ثنتي عشرة ركعة، إلا بنى الله له بيتاً -أو: (إلا بُنِيَ له بيت- في الجنة) (رواه مسلم برقم (728).
وهي العشر المذكورة سابقاً، إلا أنه يكون قبل الظهر أربع ركعات، فقد
زاد الترمذي في رواية حديث أم حبيبة الماضي: (أربعاً قبل الظهر وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل صلاة الفجر) (صححه الألباني)، ولما ثبت في الصحيح من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يدع أربعاً قبل الظهر) (أخرجه البخاري برقم (1182).
وآكد هذه الرواتب: ركعتا الفجر -وهما سنة الفجر القبلية- لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها) (أخرجه مسلم برقم (725). ولقول عائشة -رضي الله عنها- عن هاتين الركعتين: (ولم يكن يدعهما أبداً) (أخرجه البخاري برقم (1159).


صاحب فكرة 26-07-2017 05:35 PM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
المسألة الخامسة: حكم الوتر وفضله ووقته:
حكمه: سنة مؤكدة، حثَّ عليه الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ورغَّب فيه، فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إن الله وتر يحب الوتر) (متفق عليه). وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (يا أهل القرآن أوتروا، فإن الله وتر يحب الوتر) (صححه الألباني).
ووقته: ما بين صلاة العشاء وصلاة الفجر بإجماع العلماء؛ لفعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولقوله: (إن الله أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم: صلاة الوتر، ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر) (قال الألباني: صحيح دون قوله: (هي خير لكم من حمر النعم).
فإذا طلع الفجر فلا وتر، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى) (أخرجه البخاري برقم (990). فهذا دليل على خروج وقت الوتر بطلوع الفجر.
قال الحافظ ابن حجر: (وأصرح منه -يعني في الدلالة- ما رواه أبو داود والنسائي، وصححه أبو عوانة وغيره ... أن ابن عمر كان يقول: من صلى من الليل فليجعل آخر صلاته وتراً؛ فإن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يأمر بذلك، فإذا كان الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر) (فتح الباري (2/ 557).
وصلاة الوتر آخر الليل أفضل منه في أوله، لكن يستحب تعجيله أول الليل لمن ظن أنه لا يقوم آخر الليل، وتأخيره لمن ظن أنه يقوم آخر الليل؛ لما رواه جابر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخر الليل فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل) (رواه مسلم برقم (755).

المسألة السادسة: صفة الوتر وعدد ركعاته:
الوتر أقله ركعة واحدة، لحديث ابن عمر وابن عباس مرفوعاً: (الوتر ركعة من آخر الليل) (رواه مسلم برقم (753،752). ولحديث ابن عمر الماضي قريباً: (صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى).
ويجوز الوتر بثلاث ركعات؛ لحديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان (يصلِّي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يُصَلِّي أربعاً، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلِّي ثلاثاً) (رواه مسلم برقم (738).
وتجوز هذه الثلاث بسلامين؛ لأن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (كان يُسَلِّم من ركعتين حتى يأمر ببعض حاجته) (أخرجه البخاري برقم (991). وتجوز سرداً بتشهد واحد وسلام واحد؛ لحديث عائشة رضي الله عنها: (كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوتر بثلاث لا
يقعد إلا في آخرهن) (صححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي). ولا تصلَّى بتشهدين وسلام واحد؛ حتى لا تُشْبه صلاة المغرب، وقد نهى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن ذلك (صححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي).
ويجوز الوتر بسبع ركعات وبخمس، لا يجلس إلا في آخرها؛ لحديث عائشة رضي الله عنها: (كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة، يوتر من ذلك بخمس، لا يجلس في شىء إلا في آخرها) (أخرجه مسلم برقم (737)، ولحديث أم سلمة رضي الله عنها: (كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوتر بسبع أو بخمس، لا يفصل بينهن بتسليم ولا كلام) (صححه الألباني).

المسألة السابعة: الأوقات المنهي عن النافلة فيها:
هناك أوقات نهي عن صلاة التطوع فيها إلا ما استثني، وهي أوقات خمسة:
الأول: من بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس. لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا صلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس) (البخاري ومسلم واللفظ لمسلم).
الثاني: من طلوع الشمس حتى ترتفع قدر رمح في رأي العين، وهو قدر متر تقريباً، ويقدر بالوقت بحوالي ربع الساعة أو ثلثها. فإذا ارتفعت الشمس بعد طلوعها قدر رمح فقد انتهى وقت النهي؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعمرو بن عبسة: (صلِّ صلاة الصبح، ثم أقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس حتى ترتفع ... ) (أخرجه مسلم برقم (832)، ولحديث عقبة بن عامر الآتي.
والثالث: عند قيام الشمس (يعني: منتهى ارتفاعها، لأن الشمس ترتفع في الأفق، فإذا انتهت بدأت بالانخفاض) حتى تزول إلى جهة الغرب ويدخل وقت الظهر، لحديث عقبة بن عامر: (ثلاث ساعات كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ينهانا أن نصلي فيهن وأن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول، وحين تَتَضَيَّف للغروب حتى تغرب) (رواه مسلم برقم (831). ومعنى تتضيف للغروب: تميل للغروب.
والرابع: من صلاة العصر إلى غروب الشمس (يعني: شروعها في الغروب) لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، ولا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغيب الشمس) (متفق عليه).
والوقت الخامس: إذا شرعت في الغروب حتى تغيب كما تقدم في الحديث؛ فتكون هذه الأوقات الخمسة محصورة في ثلاثة أوقات وهي: من بعد صلاة الفجر حتى ترتفع الشمس قدر رمح، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول الشمس، ومن بعد صلاة العصر حتى يتم غروب الشمس.
أما حكمة النهي عن الصلاة في هذه الأوقات: فقد بيَّن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن الكفار يعبدون الشمس عند طلوعها وعند غروبها، فتكون صلاة المسلم في تلك الأوقات فيها مشابهة لهم، ففي حديث عمرو بن عبسة: (فإنها -أي الشمس- تطلع حين تطلع بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار ... فإنها تغرب حين تغرب بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار) (صحيح مسلم برقم (832).
هذا عن وقت طلوع الشمس ووقت غروبها، وأما عن وقت ارتفاعها وقيام قائم الظهيرة، فقد بَيَّن - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - علة النهي في الحديث السابق نفسه فقال: (فإن حينئذٍ تُسْجَرُ جهنم) (المصدر السابق).
فلا تجوز صلاة التطوع في هذه الأوقات إلا ما ورد الدليل باستثنائه؛ كركعتي الطواف، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلَّى فيه، أية ساعة شاء، من ليل أو نهار) (صححه الألباني). وكذا قضاء سنة الفجر بعد صلاة الفجر، وقضاء سنة الظهر بعد العصر، ولا سيما إذا جمع الظهر مع العصر، وكذلك فعل ذوات الأسباب من الصلوات؛ كصلاة الجنازة، وتحية المسجد، وصلاة الكسوف، وكذلك قضاء الفرائض الفائتة في هذه الأوقات؛ لعموم قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها) (أخرجه مسلم برقم (684)، ولأن الفرائض دَيْنٌ واجب الأداء، فتؤدَّى متى ذكرها الإنسان.


صاحب فكرة 29-07-2017 11:02 AM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
الباب السادس: في سجود السهو والتلاوة والشكر، وفيه مسائل:
المسألة الأولى: في مشروعية سجود السهو وأسبابه:
والمراد به: السجود المطلوب في آخر الصلاة جبراً لنقص فيها أو زيادة أو شك.
وسجود السهو مشروع؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين) (رواه مسلم)، ولفعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كما سيأتي بيانه.
وقد أجمع أهل العلم على مشروعية سجود السهو.
وأسبابه ثلاثة: الزيادة، والنقص، والشك.

المسألة الثانية: متى يجب؟
يجب سجود السهو لما يأتي:
1 - إذا زاد فعلاً من جنس الصلاة، كأن يزيد ركوعاً أو سجوداً أو قياماً أو قعوداً ولو قدر جلسة الاستراحة؛ لحديث ابن مسعود: (صلى بنا الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خمساً فلما انفتل من الصلاة تَوَشْوَش (ويقال بالسين المهملة (توسوس)، والوشوشة: صوت في اختلاط) القوم بينهم فقال: ما شأنكم؟ فقالوا: يا رسول الله هل زيد في الصلاة شيء؟ قال: لا. قالوا: فإنك صَلَّيت خمساً. فانْفَتَلَ (أي: انصرف ورجع إلى القبلة)، فسجد سجدتين، ثم سلَّم، ثم قال: إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، فإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين) (رواه مسلم). فإذا علم بالزيادة وهو في الصلاة وجب عليه الجلوس حال علمه، حتى لو كان في أثناء الركوع، لأنه لو استمر في الزيادة مع علمه لزاد في الصلاة شيئاً عمداً، وهذا لا يجوز.
2 - أو سلم قبل إتمام صلاته؛ لحديث عمران بن حصين قال: (سلم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ثلاث ركعات من العصر، ثم قام فدخل الحجرة، فقام رجل بسيط اليدين فقال: أقصرت الصلاة؟ فخرج، فصلى الركعة التي كان ترك، ثم سلم، ثم سجد سجدتي السهو، ثم سلم) (رواه مسلم).
3 - أو لحن لحناً يحيل المعنى سهواً؛ لأن عمده يبطل الصلاة، فوجب سجود السهو.
4 - أو ترك واجباً؛ لحديث ابن بحينة قال: (صلى لنا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ركعتين من بعض الصلوات ثم قام فلم يجلس (يعني: ترك التشهد الأول)، فقام الناس معه، فلما قضى صلاته ونظرنا تسليمه كبر قبل التسليم فسجد سجدتين وهو جالس، ثم سلَّم) (متفق عليه). ثبت هذا بالخبر فيمن ترك التشهد الأوسط، فيقاس عليه سائر الواجبات، كترك التسبيح في الركوع والسجود، وقوله بين السجدتين: ربِّ اغفر لي، وتكبيرات الانتقال.
5 - ويجب سجود السهو إذا شك في عدد الركعات فلم يدر كم صلى؟
وذلك أثناء الصلاة؛ لأنه أدى جزءاً من صلاته متردداً في كونه منها أو زائداً عليها، فضعفت النية، واحتاجت للجبر بالسجود؛ لعموم حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (إن أحدكم إذا قام يصلي جاءه الشيطان فلبسَ عليه، حتى لا يدري كم صلى، فإذا وجد ذلك أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس) (متفق عليه). وهو في هذه الحالة بين أمرين: إمَّا أن يكون الشك بدون ترجيح لأحد الاحتمالين، ففي هذه الحالة يأخذ بالأقل ويبني عليه، ويسجد للسهو؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثاً أم أربعاً، فليطرح الشك، وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يُسَلِّم) (أخرجه مسلم).
أما إذا غلب على ظنه وترجح أحد الاحتمالين، فإنه يعمل به، ويبني عليه، ويسجد سجدتين للسهو؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيمن شك وتردد: (فليتحر الصواب، ثم ليتم عليه -أي على التحري- ثم ليسلِّم، ثم ليسجد سجدتين بعد أن يسلِّم) (أخرجه مسلم).

المسألة الثالثة: متى يُسَنُّ؟
يسن سجود السهو إذا أتى بقول مشروع في غير محله سهواً؛ كالقراءة في الركوع والسجود، والتشهد في القيام، مع الإتيان بالقول المشروع في ذلك الموضع، كأن يقرأ في الركوع مع قوله: سبحان ربي العظيم؛ لحديث النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين) (رواه مسلم).

المسألة الرابعة: موضعه وصفته:
1 - موضعه:
لا ريب أن الأحاديث وردت في موضع سجود السهو على قسمين:
قسم دلَّ على مشروعيته قبل السلام، والقسم الآخر دل على مشروعيته بعد السلام؛ ولهذا قال بعض المحققين: إن المصلي مخيَّرٌ إن شاء سجد قبل السلام أو بعده؛ لأن الأحاديث وردت بكلا الأمرين، فلو سجد للكل قبل السلام أو بعده جاز. قال الزهري: كان آخر الأمرين السجود قبل السلام.
2 - صفة سجود السهو: سجدتان كسجود الصلاة، يكبر في كل سجدة للسجود وللرفع منه، ثم يُسَلِّم. وذهب بعضهم إلى أنه يتشهد إذا سجد للسهو بعد السلام؛ لورود ذلك عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ثلاثة أحاديث حسنة بمجموعها، كما قال الحافظ ابن حجر (انظر: فح الباري).


صاحب فكرة 31-07-2017 11:02 AM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
المسألة الخامسة: سجود التلاوة:
1 - مشروعيته وحكمه: وهو مشروع عند تلاوة الآيات التي وردت فيها السجدات واستماعها.
قال ابن عمررضي الله عنهما: (كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقرأ علينا السورة فيها السجدة فيسجد ونسجد معه، حتى ما يجد أحدنا موضعاً لجبهته) (متفق عليه)، وهو سنة على الصحيح، وليس بواجب، فقد قرأ زيد ابن ثابت على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "والنجم"، فلم يسجد فيها (أخرجه البخاري). فدل على عدم الوجوب.
ويشرع سجود التلاوة في حق القارئ والمستمع، إذا قرأ آية سجدة في الصلاة أو خارجها؛ لفعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذلك عندما كان يقرأ السجدة، ولسجود الصحابة معه كما مرّ في حديث ابن عمر: (فيسجد ونسجد معه). والدليل على مشروعيته في الصلاة: ما رواه البخاري ومسلم عن أبي رافع قال: صليت مع أبي هريرة العتمة، فقرأ (إذا السماء انشقت) فسجد، فقلت: ما هذه؟ قال: سجدت بها خلف أبي القاسم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلا أزال أسجد فيها حتى ألقاه (البخاري ومسلم واللفظ للبخاري).
فإذا لم يسجد القارئ لا يسجد المستمع؛ لأن المستمع تبع فيها للقارئ، ولحديث زيد بن ثابت المتقدم، فإن زيداً لم يسجد، فلم يسجد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
2 - فضله: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: (إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي، يقول: ياويله، أُمر ابن آدم بالسجود فسجد، فله الجنة، وأمرت بالسجود فأبيت، فلي النار) (رواه مسلم).
3 - صفته وكيفيته: يسجد سجدة واحدة، ويكبِّر إذا سجد، ويقول في سجوده: (سبحان ربي الأعلى) كما يقول في سجود الصلاة، ويقول أيضاً: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي)، وإن قال: (سجد وجهي للذي خلقه، وشقَّ سمعه وبصره بحوله وقوته) (صححه الألباني) فلا بأس.
4 - مواضع سجود التلاوة في القرآن:
مواضع سجود القرآن الكريم خمسة عشر موضعاً، وهي على الترتيب:
1 - آخر سورة الأعراف (آية رقم 206).
2 - سورة الرعد (آية رقم 15).
3 - سورة النحل (آية 49 - 50).
4 - سورة الإسراء (آية 107 - 109).
5 - سورة مريم (آية 58).
6 - أول سورة الحج (آية 18).
7 - آخر سورة الحج (آية 77).
8 - سورة الفرقان (آية 73).
9 - سورة النمل (آية 25 - 26).
10 - سورة السجدة (آية 15).
11 - سورة فصلت (آية 37 - 38).
12 - آخر سورة النجم (آية 62).
13 - سورة الانشقاق (آية 20 - 21).
14 - آخر سورة العلق (آية 19).
والخامسة عشرة: هي سجدة سورة (ص)، وهي سجدة شكر، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (ليست "ص" من عزائم السجود، وقد رأيت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يسجد فيها) (أخرجه البخاري).
المسألة السادسة: سجود الشكر:
يستحب لمن وردت عليه نعمة، أو دُفعت عنه نقمة، أو بُشَرَ بما يَسُرُّه، أن يَخِرَّ ساجداً لله؛ اقتداء بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ولا يشترط فيها استقبال القبلة، ولكن إن استقبلها فهو أفضل.
وقد كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يفعله، فعن أبي بكرة: (أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا أتاه أمر يسره -أو يُسَرُّ به- خر ساجداً شكراً لله تبارك وتعالى) (حسنه الألباني)، وكذا فعله الصحابة رضوان الله عليهم.
وحكم هذا السجود حكم سجود التلاوة، وكذا صفته وكيفيته.

صاحب فكرة 02-08-2017 09:50 AM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
الباب السابع: في صلاة الجماعة، وفيه مسائل:
المسألة الأولى: فضل صلاة الجماعة وحكمها:
1 - فضلها: صلاة الجماعة في المساجد شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام.
واتفق المسلمون على أن أداء الصلوات الخمس في المساجد من أعظم الطاعات، فقد شرع الله لهذه الأمة الاجتماع في أوقات معلومة، منها الصلوات الخمس، وصلاة الجمعة، وصلاة العيدين، وصلاة الكسوف. وأعظم الاجتماعات وأهمها الاجتماع بعرفة، الذي يشير إلى وحدة الأمة الإسلامية في عقائدها وعباداتها وشعائر دينها، وشرعت هذه الاجتماعات العظيمة في الإسلام لأجل مصالح المسلمين؛ ففيها التواصل بينهم، وتفقُد بعضهم أحوال بعض، وغير ذلك مما يهم الأمة الإسلامية على اختلاف شعوبها وقبائلها، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) [الحجرات: 13].
وقد حثَّ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عليها، وبيَّن فضلها وعظيم أجرها، فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ -يعني الفرد- بسبع وعشرين درجة) (أخرجه البخاري). وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (صلاة الرجل في الجماعة تضعَّف على صلاته في بيته وفي سوقه خمساً وعشرين ضعفاً؛ وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد، لا يخرجه إلا الصلاة، لم يَخْطُ خطوة إلا رفعت له بها درجة، وحط عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه، ما دام في مصلاه ... ) (أخرجه البخاري) الحديث.
2 - حكمها: صلاة الجماعة واجبة في الصلوات الخمس، وقد دل على وجوبها الكتاب والسنة، فمن الكتاب: قوله تعالى: (وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ) [النساء: 102]. والأمر للوجوب وإذا كان ذلك مع الخوف فمع الأمن أولى.
ومن السنة: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما، ولو حبواً، ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلاً يصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار) (متفق عليه)، فدلَّ الحديث على وجوب صلاة الجماعة، وذلك لأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أولاً: وصف المتخلفين عنها بالنفاق، والمتخلف عن السنة لا يعد منافقاً، فدل على أنهم تخلفوا عن واجب. ثانياً: أنه هَم بعقوبتهم على التخلف عنها، والعقوبة إنما تكون على ترك واجب، وإنما منعه من تنفيذ العقوبة أنه لا يعاقب بالنار إلا الله عز وجل. وقيل: منعه من ذلك مَنْ في البيوت من النساء والذرية الذين لا تجب عليهم صلاة الجماعة.
ومنها: أن رجلا كفيف البصر ليس له قائد، استأذن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يصلي في بيته فقال: (أتسمع النداء؟). قال: نعم. قال: (أجب لا أجد لك رخصة) (رواه مسلم)، ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (من سمع النداء فلم يجب، فلا صلاة له إلا من عذر) (صححه الألباني)، ولقول ابن مسعود - رضي الله عنه -: (لقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق) (رواه مسلم).
وهي واجبة على الرجال دون النساء والصبيان غير البالغين، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حق النساء: (وبيوتهن خير لهن) (صححه الألباني). ولا مانع من حضور النساء الجماعة في المسجد، مع التستر والصيانة وأمن الفتنة، بإذن الزوج. وتجب الجماعة في المسجد على من تلزمه، على الصحيح.
ومن ترك الجماعة وصلى وحده بلا عذر صحت صلاته، لكنه آثم لترك الواجب.

المسألة الثانية: إذا دخل الرجل المسجد وقد صلى: هل يجب عليه أن يصلي مع الجماعة الصلاة التي قد صلاها أولا؟
لا تجب عليه إعادتها مع الجماعة، وإنما يسن له ذلك، والأولى فرض والثانية نافلة. لحديث أبي ذر: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (كيف أنت إذا كان عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها أو يميتون الصلاة عن وقتها). قلت فما تأمرني؟ قال: (صَلّ الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم فصلّ؛ فإنها لك نافلة) (رواه مسلم). ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للرجلين اللذين اعتزلا صلاة الجماعة في المسجد: (إذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتما مسجد جماعة فَصَلِّيَا معهم، فإنها لكما نافلة) (صححه الألباني).

المسألة الثالثة: أقل ما تنعقد به الجماعة:
أقل الجماعة اثنان بلا خلاف. لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لمالك بن الحويرث: (إذا حضرت الصلاة فأذِّنا، ثم أقيما، وليؤمكما أكبركما) (متفق عليه).

المسألة الرابعة: بم تُدرك الجماعة؟
تدرك الجماعة بإدراك ركعة من الصلاة، ومن أدرك الركوع غير شاك أدرك الركعة، واطمأن، ثم تابع. لحديث أبي هريرة: (إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا، ولا تعدوها شيئاً ومن أدرك ركعة فقد أدرك الصلاة) (صححه الألباني).


بياض الديم 02-08-2017 12:43 PM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
نفع الله بك

بياض الديم 02-08-2017 12:46 PM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
لكن بالنسبة للرجل اذا قام متأخرا مثلا من النوم ، فهل يجب عليه ان يذهب للمسجد وان كانت الجماعة قد صلوا مثلا كصلاة الفجر على افتراض ؟

هل صلاته في المسجد مفردا ضعف صلاته في بيته بخمسة وعشرين ضعفا؟

صاحب فكرة 03-08-2017 09:19 AM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بياض الديم (المشاركة 3514627)
لكن بالنسبة للرجل اذا قام متأخرا مثلا من النوم ، فهل يجب عليه ان يذهب للمسجد وان كانت الجماعة قد صلوا مثلا كصلاة الفجر على افتراض ؟

هل صلاته في المسجد مفردا ضعف صلاته في بيته بخمسة وعشرين ضعفا؟

للرد على سؤالك أنقل لك فتوى لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله تعالى
السؤال
ما المقصود بصلاة الجماعة هل هي التي في المسجد فقط وما حكم الذي يصلي في المسجد بمفرده لتأخره عن الجماعة وهل هي تعادل صلاة الفرد في بيته؟
الجواب
صلاة الجماعة هي المضاعفة فيلزمه أن يصلي في الجماعة في المسجد ليحصل له أجر مضاعفة الجماعة في المسجد فإن عجز عن المسجد وأمكنه الجماعة في البيت؛ لأن عنده من يصلي معه صلوا جماعة في البيت وإذا لم يتسن ذلك صلى وحده لكن يلزمه إن كان مستطيعاً السعي للجماعة وأن يجيب المؤذن ليصلي مع إخوانه جماعة في المساجد هذا هو الواجب، فإذا فاتته صلى وحده ولا حرج وإن تيسر أن يصلي مع جماعة أخرى وجب ذلك، إذا فاتته الجماعة الأولى وحصل على جماعة يصلون جميعاً ولو قال من قال فلا وجه له؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل الرجل وقد صلى الناس قال: ( من يتصدق على هذا فيصلي معه)


صاحب فكرة 03-08-2017 09:25 AM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
المسألة الخامسة: من يعذر بترك الجماعة:
يعذر المسلم بترك الجماعة في الأحوال التالية:
1 - المريض مرضاً يلحقه منه مشقة لو ذهب إلى الجماعة، لقوله تعالى: (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ) [الفتح: 17]، ولأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما مرض تخلف عن المسجد، وقال: (مروا أبا بكر فليصل بالناس) (متفق عليه)، ولقول عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: (ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق قد علم نفاقه، أو مريض) (أخرجه مسلم). وكذلك الخائف حدوث المرض؛ لأنه في معناه.
2 - المدافع أحد الأخبثين أو من بحضرة طعام محتاج إليه؛ لحديث عائشة مرفوعاً: (لا صلاة بحضرة طعام، ولا وهو يدافع الأخبثين) (رواه مسلم).
3 - من له ضائع يرجوه أو يخاف ضياع ماله أو قوته أو ضرراً فيه؛ لحديث ابن عباس مرفوعاً: (من سمع النداء فلم يمنعه من اتباعه عذر -قالوا: فما العذر يا رسول الله؟ قال: خوف أو مرض- لم يقبل الله منه الصلاة التي صلى) (رواه أبو داود برقم (551)، وهو ضعيف بهذا اللفظ، لكنه صحيح بلفظ: (من سمع النداء فلم يأته، فلا صلاة له إلا من عذر) (الإرواء 2/ 336 - 337).
وكذا كل خائف على نفسه أو ماله أو أهله وولده، فإنه يعذر بترك الجماعة؛ فإن الخوف عذر.
4 - حصول الأذى بمطر ووحل وثلج وجليد، أو ريح باردة شديدة بليلة مظلمة. لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: (كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يأمر المؤذن، إذا كانت ليلة باردة ذات مطر، يقول: ألا صَلُّوا في الرِّحال) (متفق عليه واللفظ لمسلم).
5 - حصول المشقة بتطويل الإمام، لأن رجلاً صلى مع معاذ، ثم انفرد، فصلى وحده لما طَوَّل معاذ، فلم ينكر عليه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين أخبره (انظر: صحيح مسلم برقم (465).
6 - خوف فوات الرفقة في السفر؛ لما في ذلك من انشغال قلبه إذا انتظر الجماعة، أو دخل فيها، مخافة ضياع وفوات رفقته.
7 - الخوف من موت قريبه وهو غير حاضر معه، كأن يكون قريبه في سياق الموت، وأحب أن يكون معه يلقنه الشهادة ونحو ذلك، فيعذر بترك الجماعة لأجل ذلك.
8 - ملازمة غريم له، ولا شيء معه يقضيه، فله ترك الجماعة لما يلحقه من الأذية بمطالبة الغريم، وملازمته إياه.

المسألة السادسة: إعادة الجماعة في المسجد الواحد:
إذا تأخر البعض عن حضور جماعة المسجد مع الإمام الراتب، وفاتتهم الصلاة، فيصح أن يصلوا جماعة ثانية في المسجد نفسه؛ لعموم قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده ... ) (صححه الحاكم) الحديث، ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للرجل الذي حضر إلى المسجد بعد انتهاء صلاة الجماعة: (من يتصدق على هذا فيصلي معه؟) فقام أحد القوم، فصلى مع الرجل (صححه الألباني).
وكذلك إذا كان المسجد مسجد سوق أو طريق وما أشبه ذلك، فلا بأس بإعادة الجماعة فيه، وبخاصة إذا لم يكن لهذا المسجد إمام راتب، ويتردد عليه أهل السوق والمارة.
أما إذا كان المسجد فيه جماعتان أو أكثر دائماً وعلى نحو مستمر، واتخذ الناس ذلك عادة، فإنه لا يجوز؛ إذ لم يعرف ذلك في زمن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه، ولما فيه من تفرُّق الكلمة، والدعوة للكسل والتواني عن حضور الجماعة الأم مع الإمام الراتب، وربما كان ذلك مدعاة لتأخير الصلاة عن أول وقتها.
المسألة السابعة: حكم الصلاة إذا أقيمت الصلاة المكتوبة:
إذا شرع المؤذن في الإقامة لصلاة الفريضة، فلا يجوز لأحد أن يبتدئ صلاة نافلة، فيتشاغل بنافلة يقيمها وحده عن أداء فريضة تقيمها الجماعة؛ وذلك لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة) (رواه مسلم). ورأى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رجلاً يصلي والمؤذن يقيم لصلاة الصبح، فقال له: (أتصلي الصبح أربعاً؟!) (رواه مسلم).
أما إذا شَرَعَ المؤذن في الإقامة بعد شروع المتنفل في صلاته، فإنه يتمها خفيفة لإدراك فضيلة تكبيرة الإحرام، والمبادرة إلى الدخول في الفريضة.
وذهب بعض أهل العلم: إلى أنه إن كان في الركعة الأولى فإنه يقطعها، وإن كان في الركعة الثانية فإنه يتمها خفيفة، ويلحق بالجماعة.

صاحب فكرة 06-08-2017 09:43 AM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
الباب الثامن: في الإمامة في الصلاة، وفيه مسائل:
والمقصود بالإمامة: ارتباط صلاة المؤتم بإمامه.

المسألة الأولى: من أحق بالإمامة؟
بَيَّنَ الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الأحق بالإمامة والأولى بها في قوله: (يؤمُّ القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سِلْماً) (رواه مسلم برقم (673). وسلماً: يعني إسلاما). فأولى الناس وأحقهم بالإمامة يكون على النحو التالي:
1 - أجودهم قراءة، وهو الذي يتقن قراءة القرآن، ويأتي بها على أكمل وجه، العالم بفقه الصلاة، فإذا اجتمع من هو أجود قراءة ومن هو أقل قراءة منه لكنه أفقه، قُدِّم القارئ الأفقه على الأقرأ غير الفقيه، فالحاجة إلى الفقه في الصلاة وأحكامها أشد من الحاجة إلى إجادة القراءة.
2 - ثم الأفقه الأعلم بالسنة، فإذا اجتمع إمامان متساويان في القراءة، لكن أحدهما أفقه وأعلم بالسُّنَّة، قُدِّم الأفقه، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة).
3 - ثم الأقدم والأسبق هجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، إذا كانوا في القراءة والعلم بالسنة سواء.
4 - ثم الأقدم إسلاماً، إذا كانوا في الهجرة سواء.
5 - ثم الأكبر سناً، إذا استويا في الأمور الماضية كلها، قُدِّم الأكبر سناً، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الحديث الماضي: (فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلماً -وفي رواية: سناً-). ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (وليؤمكم أكبركم).
فإذا استويا في جميع ما سبق قُرع بينهما، فمن غلب في القرعة قُدِّم.
وصاحب البيت أحق بالإمامة من ضيفه، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا يؤمَّنَّ الرجل الرجلَ في أهله ولا في سلطانه) (رواه مسلم برقم (673). وكذا السلطان أحق بالإمامة من غيره -وهو الإمام الأعظم- لعموم الحديث الماضي قبل قليل، وكذلك إمام المسجد الراتب أولى من غيره -إلا من السلطان- حتى وإن كان غيره أقرأ منه وأعلم؛ لعموم قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا يؤمَّنَّ الرجلُ الرجلَ في أهله ولا في سلطانه).

المسألة الثانية: من تحرم إمامته:
تحرم الإمامة في الحالات الآتية:
1 - إمامة المرأة بالرجل، لعموم قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) (أخرجه البخاري برقم (4425). ولأن الأصل تأخرها في آخر الصفوف صيانة لها وسترا، فلو قُدمت للإمامة لأصبح ذلك مخالفاً لهذا الأصل الشرعي.
2 - إمامة المُحْدِث ومن عليه نجاسة، وهو يعلم ذلك، فإن لم يعلم بذلك المأمومون حتى انقضت الصلاة، فصلاتهم صحيحة.
3 - إمامة الأُميِّ، وهو مَنْ لا يحسن الفاتحة، فلا يقرؤها حفظاً ولا تلاوة، أو يدغم فيها من الحروف ما لا يدغم، أو يبدل فيها حرفاً بحرف، أو يلحن فيها لحناً يحيل المعنى، فهذا لا تصح إمامته إلا بمثله لعجزه عن ركن الصلاة.
4 - إمامة الفاسق المبتدع، لا تصح الصلاة خلفه إذا كان فسقه ظاهراً، ويدعو إلى بدعة مكفرة لقوله تعالى: (أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ) [السجدة: 18].
5 - العاجز عن الركوع والسجود والقيام والقعود، فلا تصح إمامته لمن هو أقدر منه على هذه الأمور.

المسألة الثالثة: من تكره إمامته:
وتكره إمامة كلٍّ من:
1 - اللَّحَّان: وهو كثير اللَّحْن والخطأ في القراءة، وهذا في غير الفاتحة، أما
اللحن في الفاتحة بما يحيل المعنى فلا تصح معه الصلاة، كما مضى، وذلك لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (يؤم القوم أقرؤهم).
2 - من أمَّ قوماً وهم له كارهون، أو يكرهه أكثرهم، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ثلاثة لا ترتفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبراً: رجل أمَّ قوماً وهم له كارهون ... ) الحديث. (حسنه الألباني)
3 - من يخفي بعض الحروف، ولا يفصح، وكذا من يكرر بعض الحروف، كالفأفاء الذي يكرر الفاء، والتمتام الذي يكرر التاء وغيرهما، وذلك من أجل زيادة الحرف في القراءة.

المسألة الرابعة: موضع الإمام من المأمومين:
السنة تقدُّم الإمام على المأمومين، فيقفون خلف الإمام إذا كانوا اثنين فأكثر؛ لأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا قام إلى الصلاة تقدم وقام أصحابه خلفه. ولمسلم وأبي داود: (أن جابراً وجباراً وقفا، أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره فأخذ بأيديهما حتى أقامهما خلفه) (رواه مسلم برقم (3010)، ولقول أنس - رضي الله عنه - لما صلَّى بهم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في البيت: (ثم يؤم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ونقوم خلفه، فيصلي بنا) (أخرجه مسلم برقم (659).
ويقف الرجل الواحد عن يمين الإمام محاذياً له: (لأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أدار ابن عباس وجابراً إلى يمينه لما وقفا عن يساره) (رواه مسلم برقم (3010). ويصح وقوف الإمام وسط المأمومين؛ لأن ابن مسعود صلى بين علقمة والأسود، وقال: (هكذا رأيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فعل) (رواه أبو داود برقم (613) وهو صحيح، انظر إرواء الغليل (2/ 319)، لكن يكون ذلك مقيداً بحال الضرورة، ويكون الأفضل: هو الوقوف خلف الإمام. وتكون النساء خلف صفوف الرجال؛ لحديث أنس - رضي الله عنه -: (صففت أنا واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا) (أخرجه مسلم برقم (658).


بياض الديم 07-08-2017 10:38 AM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
بارك الله فيك ونفع بك

صاحب فكرة 07-08-2017 12:06 PM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بياض الديم (المشاركة 3515051)
بارك الله فيك ونفع بك

آمين وجزاكم الله خير الجزاء

صاحب فكرة 08-08-2017 09:23 AM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
المسألة الخامسة: ما يتحمله الإمام عن المأموم:
يتحمل الإمام عن المأموم القراءة في الصلاة الجهرية، لحديث أبي هريرة مرفوعاً: (وإذا قرأ فأنصتوا) (قال الألباني: حسن صحيح). ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (من كان له إمام فقراءته له قراءة) (حسنه الألباني). أما في السرية فإن الإمام لا يتحمل قراءة الفاتحة عن المأموم.

المسألة السادسة: مسابقة الإمام:
لا يجوز للمأموم مسابقة إمامه، فمن أحرم قبل إمامه لم تنعقد صلاته؛ لأن شرطه أن يأتي بها بعد إمامه وقد فاته. وعلى المأموم أن يشرع في أفعال الصلاة بعد إمامه؛ لحديث: (إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا) (متفق عليه).
فإن وافقه فيها أو في السلام كره لمخالفته السنة، ولم تفسد صلاته؛ لأنه اجتمع معه في الركن. وإن سبقه حرم؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام) (رواه مسلم). والنهي يقتضي التحريم. وعن أبي هريرة مرفوعاً: (أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار؟) (متفق عليه).

المسألة السابعة: أحكام متفرقة في الإمامة والجماعة:
ومن الأحكام المتعلقة بالإمامة والجماعة غير ما تقدَّم:
1 - استحباب قرب أولي الأحلام والنهى من الإمام: فيقدم أولو الفضل والعقل والحلم والأناة خلف الإمام وقريباً منه، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ليلني منكم أولو الأحلام والنُّهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم) (أخرجه مسلم).
والحكمة في ذلك: أن يأخذوا عن الإمام، ويفتحوا عليه في القراءة إذا احتاج إلى ذلك، ويستخلف منهم من شاء إذا نابه شيء في الصلاة.
2 - الحرص على الصف الأول: يستحب للمأمومين أن يتقدموا إلى الصف الأول ويحرصوا عليه ويحذروا من التأخر؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (تقدموا فأتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم، لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله) (أخرجه مسلم)، وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا) (أخرجه مسلم).
أما النساء فيستحب أن يَكُنَّ في الصفوف المتأخرة، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها) (أخرجه مسلم).
3 - تسوية الصفوف والتراص فيها، وسد الفرج، وإتمام الصف الأول فالأول: يستحب للإمام أن يأمر بتسوية الصفوف وسد الفرج قبل الدخول في الصلاة، لفعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذلك، ولقوله. (سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة) (أخرجه مسلم). وعن أنس - رضي الله عنه - قال: أقيمت الصلاة فأقبل علينا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بوجهه فقال: (أقيموا صفوفكم وتراصُّوا، فإني أراكم من وراء ظهري) (أخرجه البخارى). وقال أنس - رضي الله عنه -: (كان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه) (أخرجه البخارى).
ويستحب إتمام الصف الأول فالذي يليه، فإذا كان نقص فليكن في آخر الصفوف؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ألا تصفُّون كما تصف الملائكة عند ربها؟) فقلنا: يا رسول الله، وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: (يتمون الصفوف الأُول، ويتراصون في الصف) (أخرجه مسلم).
4 - صلاة المنفرد خلف الصف: لا تصح صلاة الرجل وحده منفرداً خلف الصف، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا صلاة لمنفرد خلف الصف) (صححه الألباني). ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يصلي وحده خلف الصف، فأمره أن يعيد الصلاة (صححه الألباني).


بياض الديم 08-08-2017 10:19 AM

رد: يوميا مع ... الفقه الميسر
 
جهد مبارك طيب

جزاك الله خيرا ونفع بك


الساعة الآن 09:27 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
جميع الحقوق محفوظة لموقع و منتدى عالم الأسرة و المجتمع 2010©