في ذات يوم ماطر
[SIZE="5"]في ذات يوم ماطر ... [/SIZE][img]http://im52.***********/XljnF6.jpg[/img] في ذات يوم ماطر ، كانت حبَّات المطر تصطف بهندسةٍ إلهية بارعة ، لتشكِّل خيوطا منهمرة من عيون السماء ، وكانت الريح تغيِّرُ مسار خيوط المطر المستقيم ، ليصبح مائلا كخصلات شعر غجرية ساحر ، تهتُ في رماديَّةِ طرقاته .. لم يكن يكفي أن أراقب المطر من وراء زجاج شفاف ، أو أسمع نقرات أنامله المائية على درفتي نافذتي ، وكانت رغبة عارمة بأن يغسلني المطر كما غسل أبنية المدينة وطرقاتها ، وأشجار الغابة ودروبها ، و زهور الحديقة وصخورها ، فاكتستْ ببريق الطهارة والنضارة .... توشَّحْتُ حماقة رغبتي ، وانتعلتُ صخور دربي ،و سرتُ ببطء والمطر يجتاحني ، والريح تدفعني ، والبرق يضيء تارات طريقي ، لا بأس فالمطر صديقي ... وكان لا بدَّ من مرسى ، فتوقفتُ عند مسكنها ، ودعتني لفنجان قهوة ، ولا أجمل من فنجان قهوة في ذات يوم ماطر !! كان صوتها ناشزٌ يعكِّر لحن المطر ، وضحكتها الصارخة تضيِّع رهبةَ المطر ، وتساءلتُ لم هي رفيقتي !! لأننا في نفس الكلية والقسم ؟ والقدر جمعنا بنتين وحيدتين ؟ ربما ... قلَبَتْ فنجان قهوتها ، وقالت لي مازحة : - لم لا تقرأين لي فنجاني ؟!! فابتسمتُ : - ومن قال لك أني قارئة فنجان ؟!! ومن دون أن أسمع ردا ، حملتُ فنجانها بين أصابعي ، وتأملتُ فيه وأنا الجاهلة بخطوطه ، ثم نظرتُ في عينيها ، كانت كتابا مفتوحا – على الأقل بالنسبة لي - وهمستُ لها مازحة : " - إنَّكِ دائمة القلق ، يا "سهام " وشيء ما يقلقك باستمرار .. هناك شخص تهتمين لأمره لكنه يدير ظهره لك ولا يهتم .. هناك من جرحك ذات يوم ، وأنت لا تستطيعين النسيان .. " ورفعتُ نظري من فنجانها ، لأرى عينييها محملقتين في عيوني ، ثم ضحكتْ ضحكتها الصارخة الناشزة تلك وأقسمتْ باستغراب أنَّ كلَّ ما قلتُه لها صحيح ..وأني أفضل من قرأ لها فنجانا ذات يوم ... ابتسمتُ وأنا الجاهلةُ بخطوط وقراءة الفنجان ، بل ولا أؤمن بهذه الترهات ... لكن في تلك اللحظة وأنا أنظر لعينيها وردة فعلها ، عرفتُ لم كنت أرافقها !! لأنها طيبة القلب ، لا تنافق ولا تعرف كيف تنافق ... تركتُها مع خطوط فنجاها ، وعدتُ لغرفتي ، تبلَّلني قطرات المطر الذي بدأ يصبح طلّا هادئ الرتم والنغم ... عدتُ أتأمل فنجاني ، ولم أعرف أن أكون ماهرة في فك شيفرة خطوطه كما فعلت مع " سهام " .. هل ذاتنا دائما بحرٌ حالك السواد ؟! ويتطلب الأمر غواصا ماهرا لنكتشف مكنونات أنفسنا ؟! أم أنَّها صفحةٌ بيضاء ، وضباب إنسانيتنا الخرقاء يحجبها ؟! مهلا ، لقد عرفتُ الجواب في ذاتِ يوم ٍماطر ، فالدرب إلى دواخلنا دائما موجودة ، تنتظر انقشاع الضباب ... بقلم أختكم : مؤيدة بنصر الله |
رد : في ذات يوم ماطر
الله كﻵم مؤثر جدا
فعﻻ انسان و انسانيته تنسيه نفسه حبيبتي مشكورة |
رد : في ذات يوم ماطر
اقتباس:
الشكر لروعة مرورك العطر أختي الفاضلة .... نورت متصفحي |
الساعة الآن 11:09 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
جميع الحقوق محفوظة لموقع و منتدى عالم الأسرة و المجتمع 2010©