![]() |
القلب والروح والنفس
فهو ما زال يسأل عن الأمراض الروحية و العقلية والنفسية ؟ ما أكثر ما ينتظر من كان على مثل حاله ولعلمي أنه سوف يطيل المكث حتى يملَّ من الُّبث , آثرت أن أدنو منه لأُجيبه على تساؤلاته وأشاركه في بعض تأوهاته . قائلاً له بعد التحيةِ أحسنت " إنما شفاء العي السؤال " وهذا يعم أدواء القلب والروح والنفس والعقل والبدن , فالجهل داء ودواءه سؤال العلماء , " وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين " شفاء للقلوب من داء الجهل والشك والريب , فلم ينزل الله سبحانه شفاء قط من السماء أنفع ولا أعظم ولا أنجع في إزالة الداء من القران , ويدل لذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي سعيد رضي الله عنه " في رقيته بالفاتحة " فقد أثر هذا الدواء في هذا الداء حتى كأن لم يكن , وهو أسهل دواء لو أحسن العبد التداوي به . إذ أن " الأذكار والآيات والأدعية والتي يرقى بها ويستشفى بها هي في نفسها نافعة ولكن تستدعي قبول المحل وقوة وهمة الفاعل وتأثيره" . وبينا نحن نتجاذب الحديث إذا بفتاة قد تجملت وتعطرت وكأنها في ليلة عرسها! أظنها ممن يعمل ويشارك في العلاج البدني ! "والهدم النفسي الروحي" هكذا يظهر لي لمّا رأيت من حولي وهم يستقبلونها ويودعونها بأبصارهم ! إلى أن حطت رحالها على كرسي - الاستقبال – العلاج - بجانب فتىً يشاطرها القسامة والوسامة ؟! إلتفت إلى صاحبي و قلت , هل يُعقَلُ أن نرى مثل هذا في بلد يطبق الشريعة ! ويرفع لواءها , ويقوم نظامه عليها , وتصدر التعليمات من أعلى سلطة فيه بمنع مثل هذه المشاهد , ومن ثم لا نرى ذلك واقعاً هنا ! , وكيف يعقل العقل ذلك إذ هو آلة التمييز وبصر القلب كما قال الشافعي رحمه الله , وغيره . نعود إلى حديثنا , العقل والروح والنفس , كلها معقولة غير محسوسة على قول من لم يجعل النفس دماً , ومن هنا فهي تشترك مع صويحباتها في الكثير من أدوائها , لارتباطها الشديد ببعضها , مع تميّز قد يعرض عند الاقتران والفحص , ومن هنا فإن حياتها بالتوحيد والايمان , والعكس بالعكس , وبقدر بُعدها , تكون شدة مرضها وموتها , ولهذا فمنها الخبيث والخسيس الذي لا أخبث منه ومنها الطيب الزكّي , وبين ذلك . فقد يمرض القلب كما ذكر ابن قيم الجوزية في مفتاح دار السعادة , فتكون له حياة وبه علة , فله مادتان تمده هذه مرة وهذه أخرى , وهو لما غلب عليه منهما , ففيه محبه لله وإيمان , وبه محبة الشهوة وإيثارها والحرص على تحصيلها . وفي الحقيقة أن نفس الإنسان في ذاتها جاهلة ظالمة ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) الاحزاب (72) والشر والمرض الذي يحصل لها نوعان : عدم , ووجود . فالأول: كعدم العلم والإيمان والصبر وإرادة الخير وعدم العمل بها , أما الشر الثاني : وهو الوجودي – كالعقائد الباطلة والإرادات الفاسدة فهو من لوازم ذلك العدم , فإنه متى عدم العلم النافع والعمل الصالح من النفس لزم أن يخلفه الشر والجهل وموجبهما , ولا بد , لأن النفس لابد لها من احد الضدين . وكمال النفس والروح وصلاحها يتخلف من إحدى جهتين : إما أن تكون طبيعتها قاسية غير لينة وغير منقادة , ولا قابلة لما به كمالها وفلاحها , وإما أن تكون لينة منقادة سلسة القياد , لكنها غير ثابتة على ذلك , بل سريعة التقلب , فمتى رزق العبد انقياداً للحق وثباتاً عليه فليبشر بكل خير وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء . و من أسرار النفوس والأرواح وأسباب عللها وأوجاعها و سبيل نجاتها وفلاحها ما ذكره ابن القيم الجوزية رحمه الله في طريق الهجرتين , ومعنا " أن السائر إلى مقصد لا يصل إلى مقصوده إلا بقوتين : قوة علمية , وقوة عملية , فبالقوة العلمية يبصر منازل الطريق وسبل النجاة فيسلكها , ويتجنب مواضع العطب و أسباب الهلاك , وبالقوة العملية : يكون السير والجدُّ فيه على قدرها . فمن الناس من يحصّل القوة العلمية , وتكون هي أغلب القوتين عليه , ويكون ضعيفاً في القوة العملية , فهو فقيه ما لم يحضر العمل , فإذا حضر شارك الجُهّال في التخلف , وفارقهم في العلم , والعكس بالعكس . ومتى كانت له هاتان القوتان استقام له سيره إلى الله , وقوي على رد القواطع والموانع بحول الله وقوته , فإن القواطع كثيرة شديدة , لا يخلص من حبائلها إلا الواحد بعد الواحد , ولولا القواطع و الآفات لكانت الطريق معمورة بالسالكين .أ, هـ سألني قائلاً البعض يرى أن الرحمة و الرفق ليستا دوماً شعاراً يُرُفع عند التعامل مع المرضى في المستشفيات الأهلية أو الحكومية ؟ قلت وهذا واقع و في جميع مراحل العلاج من الوقوف بالسيارة و التقدم لإستقبال المشفى وحتى الخروج منه . بل إن ما تعظم به البلوى عندما يصاب المرء بمرض يستدعي تدخل علاجي عميق لا تفي به إمكانيات المستشفيات العامة في أكثر المدن والمحافظات !. وفي الوقت الذي يعقد فيه منتدى التنافسية وتحصل به مغالطات المبدعة الطبية ! يتجرع الغصص على الجانب الآخر كهول وعجائز وأطفال , لمرضهم وهم يسألون العلاج فلا يجدونه بلا "جاه " ومن أين لهم ؟ وقد عضّهم ناب الفقر و أحكمت عليهم قبضة الطمع والجشع والتعلق بالوجاهات لبعض المتنافسين في "التنافسية " وقد كان أخلقَ بهم لو أقروا وأنصفوا وهم بالعدل أحرى من مبعوث بني الأصفر الذي حضر اللقاء ورأس الجلسة , وما هذا إلا يوم أن بعدنا عن الاستشفاء بالفاتحة وهي الشافية لهم ولنا جميعاً لأنها تعلمنا "الرحمة " فهلّلا قرءوها بتدبر ؟ إنهم يصفقون و يلمعون! ويُحاجّون, ولا تعجبوا من عشى البصر إذا أُغشّيت البصيرة . بران القسوة وسلطان الهوى ! هم يجادلون عنهم اليوم "فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا " عن مؤسساتهم العلاجية يحاجون كيف ؟ وقد أصبحت مرتعاً للملأ من بني جلدتهم وأخرى للتجميل والتسميع , ولا مُشاحّة فهي رسالة والقلوب أمرها إلى الله , ولكن ليست للكل بل لمن أوجب الله رعايته لأنه من الرعيّة وإن شذ ما ينزل ويستثنى لمصلحة تقدر بقدرها , وإلا صار مَثَلُهُم كمن يصلى النافلة ويترك الفريضة , فهل يصح تعبّده ؟ مشاهدُ لا أخال أحداً يتجاوزها إذا حزبه وجعٌ أو حصل لِصِبِهِ عِيٌّ , فهو متردد بين صنوين في الفعل و إن استقل كل منهما في الهيئة والهدف , أحدهما: يَمُنُ و يقسو و يهين و يخطئ , لأنه " بلا مقابل ! " والآخر : يَغِشُ و يخدع و يَنشِلُ و يُخطِئُ , لأن " همّه المال ولا رقيب ! ". وهذا ما يدعونا جميعاً لتلمس مواطن الخلل والتي منها ولا شك انحسار مفهوم التعبد لله وغياب الاحتساب استشعاراً وتطبيقاً , وخاصة مع وجود المال والمؤسسات والكوادر الطبية والمساعدة , أضف إلى ذلك فقد حلقة أو أكثر من منظومة الإدارة الناجحة في هذا الشأن والذي أدى إلى هذا الهدر - إن صح التعبير – للثروات بلا فائدة مرجوة , ولو تأملنا وترسّمنا ذلك لعرفنا مواطن الخطل فاجتنبنا هنّاتنا والزلل , كلنا على حد سواء مُحاسِبين و محتسبين . أسأل الله أن يصلح قلوبنا و أحوالنا , تحية طيبة لجميع الأحبة |
اللّه يكتب آجرك ويرفع قدرك ويعلي ذكرك
ويضع عنك وزرك .. بآرك اللّه فيك وفيمآ كتبت .. |
السلام عليكم ورحمة الله
ما شاء الله موضوع جدا رائع بارك الله بكم ونفع بقلمكم المبدع ما احوجنا في زمننا الراهن ان نعمل بفكر احتساب الاجر والسعي لاجله ولا ننسى من كان في عون اخيه كان الله في عونه اسأله سبحانه ان ينير بصرنا وبصيرتنا ويجعلنا في خدمة عباده المسلمين ويعيننا عليها اسأل الله سبحانه ان يدخلنا واياكم والاخوة الاعضاء الجنة دون حساب او عذاب......... آميييييين اختكم في الله ينبوع العطاء |
اقتباس:
آمين , آمين , آمين الله ينور قلبك ويفرج همك , ويجزيك بمثل ما دعوتي وزيادة . والله ينفعنا ويرفعنا بالعلم النافع والعمل الصالح . |
اقتباس:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته : آمين , ازداد بحضوركم روعة . ومرحباً بمنبع العطاء . |
الساعة الآن 12:48 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
جميع الحقوق محفوظة لموقع و منتدى عالم الأسرة و المجتمع 2010©