![]() |
" الليل المخيف والدجاج".. والfacbook يجمعني به بعد 22 عام ..
بسم الله الرحمن الرحيم كنت معلماً في قرية صغيرة بل أصغر من ذلك بكثير ، كُنّا أحد عشر معلماً ، سعوديين وغير سعوديين ، بهذا العدد نسكن في منزل واحد في تلك القرية أو الهجرة استأجرناه ب500 ريال في الشهر، كان البيت متهالك ومقسم لعدة غرف لكنه الوحيد في تلك الهجرة ، فضلت أن أبقى أنا وهو في غرفة واحدة ، كانت أيام من أجمل الأيام ، كُنّا في بداية عمر الشباب ، لم نرتبط بعد بأسرة ولا أولاد ولا مشاغل ولا أي أمر ، في وقت الشتاء نأوي إلى غرفتنا في وقت مبكر ، بل كان هذا ديدن جميع سكان المنزل ، فالعيش في قرية صغيرة لا يوجد حول البيت جيران ولا كهرباء ولا أي جهاز من أجهزة الترفيه لا تلفاز ولا غيره يضطرك أن تنام مبكرا ، كان ذلك قبل عشرين عاما أو تزيد قليلا، وحين يرخي الليل أستاره وتأوي الطيور الى عششها ، وتلمع النجوم في السماء ، يزداد صمت الليل ، وبين الفينة والأخرى بالكاد نسمع صوت سيارة قادمة من بعيد تقطع شبح سكون هذا الليل وتشعرك أنك لست وحدك في هذا الظلام ، وحيناً آخر يقطع هدوءه المخيف أصوات نباح الكلاب حين تنبح جميعاً ثم ماتلبث أن تصمت ، هكذا كُنّا على مدى ثلاث سنوات ، كنت وهو نقطع هذا الليل الطويل بالأحاديث الشيقه حيناً ، وحينا بقراءة كتاب والحديث حوله ، كان هو خريج الأزهر يملك علماً لا بأس به وحافظاً للقرآن الكريم حتى إن قرأ كان يشبه إلى حدِ بعيد صوت الشيخ محمد صديق المنشاوي رحمه الله .. فيمضي الليل على ضوء شمعه نتبادل الأحاديث الجميلة والمذاكرة الماتعه في تلك الغرفة المتهالكه وذاك البرد القارس ، لاحيلة لنا في ما نحن فيه فمدينتي تبعد أكثر من 200كم وقريتنا هذه لا يوجد بها أفضل مما نحن به ، لكن !! كم كانت أحلى الأيام وكانت أفضل السنون ، أُحسُّ بحشرجه في الفؤاد وغصّةٌ في الحلق حين أتذكر تلك الساعات الجميلة والأوقات اللذيذه ، على ما كُنّا منقطعين به عن العالم لا ندري ما يحدث به إلا آخر الإسبوع ..فلا تلفاز ولا صُحف يومية عدا المذياع .. وفي الصباح حين يصيح الديك معلناً بزوغ الفجر ، كان الـ 11 يتسابقون إلى الوضوء حيناً بالماء الدافئ وحيناً بالبارد ، ثم إلى المسجد الذي نحن مأموموه، وإمامه أحدنا لأداء صلاة الفجر وبعدها نعود الى البيت ، نشعل النار نتحلق حولها ويبدأ أحدنا بتجهيز القهوة والشاي والحليب مع ( شابوره ) وأحاديث لا تمل ولا تكل منها رغم تكرارها كل يوم مع تلك المواقف الجميلة .. ثم نتجه بعدها الى المدرسة وفي الظهر نعود .... وهكذا هو يومنا .. يتخلل هذا ألعاب مختلفة مسلية ككرة القدم والطائرة والسباق في تلك الصحراء ونُزَه البر مع تلك المجموعة ، وقد يمتد اللعب احيانا إلى التهور حين نتفق مثلاً على مطارة أحدهم والقبض عليه ثم ربطه بالحبال وربطه بإحدى السيارات على أن في هذه تهور ربما بحكم صِغَر السن بقدر ما كانت تلك اللحظات نشعر بسعادة غامره وإن تذكرناها بعد أيام حتى صاحبنا المغدور به يتعجب من فعلنا ويضحك . ( فاضين شغل ) . كان إخواننا المصريين يشترون من المدينة دجاج حي وقد وضعوا له غرفة صغيرة من الخشب ملاصقه للبيت من الخارج ومن قبيل اللعب والمزح وربما نسميها ( نذاله بريئه ) نقوم بفتح الباب للدجاج دون علمهم ثم نبدأ نطارد الدجاج في الصحراء حتى تبتعد وحين يسمعون صياحها يخرجو ثم ينظروا إلينا بألم وقلة حيله بعدها يلاحقوا الدجاج بينما نحن غارقون في الضحك لمنظرهم المضحك ، حتى هم رغم الألم يضحكوا على منظرهم . كُنا على ما نحن فيه من بُعد عن أهالينا إلا أننا نعيش أيامنا تلك ونقضيها كأسعد ما نكون . وبعد ثلاث سنوات غادر هذا الأخ الفاضل من مصر الحبيبة حيث تم نقله إلى منطقة أخرى غير منطقتنا ومنها عاد إلى مصر وفي عام 1412ه- 1992م انقطعت عني أخباره فلا عنوان استطعت أن أستدل به عليه عدا أني أعرف اسم قريته "لأنه كان غريبا ومميزا" فلم أنساه .. وكنت أمني النفس في أن ألتقي به أو أتصل به أو أعرف أي شيئ من أخباره .. وفي يوم الجمعة الموافق 29 / 12 /1432هـ وجدت مصادفة اسم قريته في الفيس بوك فكتبت لهم وسالتهم هل تعرفونه ؟ فأجابوني كيف لا وهو شيخنا وإمام مسجدنا . فقلت أسعفوني بهاتفه النقال . قالوا هاك رقم هاتف أخوه .. وحادثته أقصد أخوه وقلبي يرتعش أبعد 22 عاما أسمع صوته وأعرف أخباره .. فسلمت عليه وأخبرته من أكون ؟ فقال عذراً صاحبك .......!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! |
فاضطربت وزادت دقات قلبي توقعت أن يقول توفاه الله ..!! لكنه قال.. عذراً صاحبك باللهجه المصريه " نازل مصر " وحين يقول المصريون " نازل مصر " يقصدون بذلك القاهره ، كما يقول أهل سوريه حين يقولون " رايح عالشام " فالشام لديهم " دمشق " .. فقلت خيرا إن شاء الله .. وبعد 10 دقائق اتصل بي شخص وسلم علي وأخبرني أنه ابن صاحبي فسلمت عليه وقلت أوالدك حي (أعلم الجواب حينها لكن أردت مجرد التأكيد)؟؟ فقال الحمد لله نعم . فقلت الحمدلله . فقال وماذا تريد به ؟ فأخبرته خبري ..!! فرحب بحرارة وسأل عن أخباري وأحوالي فقلت . أين والدك فقال لقد نزل مصر لأمر هام وتعلم أن الأحوال هذه الأيام غير جيدة ولكن سأتصل به وأخبره ولربما هو يتصل بك فقلت خيراً إن شاء الله . بعد 20 دقيقة جائتني رسالة جوال من ابنه .. وبها رقم هاتف والده الجوال .. فاتصلت وجهزت نفسي للمفاجأة .. كان قلبي بحق ينبض فرحاً وخوفاً .. غير مصدق ما يحدث .. حاولت لأكثر من 5 مرات دون أن أجد رداً من الهاتف الجوال .. فقلت عسى المانع خيرا .. نمت ليلتها وأنا في أمر غير طبيعي .. لا يمكن أن تتصور شخصاً فقدته عزيزاً على قلبك من 22 سنه ثم تتفاجأ به وتسمع صوته وتحادثه .. فكيف لو تلتقي به !!! وفي صباح السبت 1 / 1 / 1433هـ .. وأثناء ما كنت في الصف اتصل بي رقم من مصر وعرفت أنه هو صاحبي .. بعد نهاية الدرس اتصلت عليه فاقبل يتدهده صوته كأنما لم يغب عن أذني فتحشرج صوته وبالكاد كان يتكلم .. تأثرنا سوياً أن نلتقي عبر الصوت بعد هذه المدة الطويلة سألني عن كل شيئ في مدينتي وسألته عن أحواله في مصر ، ذكرني بتلك الذكريات الجميلة التي لم تغب عن سماء ذاكرته ، فقال إني أجددها بين الفينة والأخرى حين أجلس مع أبنائي وأحكي لهم عن تلك التجربة الجميلة في السعودية ، وعن تلك الصحبة المباركة .. بقينا طويلا تحدثنا فيها عن كل شيئ ..كل شيئ.. طلبني لزيارته فوعدته خيرا بعد أن تعود أرض الكنانه إلى سالف عهدها وعصرها الجميل عسى أن لايطول .. شكراً للفيسبوك .. وشكراً لمن توقف هنا للقراءة ..... http://www.almlf.com/get-12-2011-almlf_com_5npiaebf.JPG القصر الذي جمعنا ..أقصد البيت المتهالك ..لاجيران غير الصحراء http://www.almlf.com/get-12-2011-almlf_com_vjuhphzn.JPG المسجد . صورة حديثه . |
استرسلت بالقراءه واشغلت بالي في الآخر
انتظر التكمله ايام جميله فعلا ببساطتها افرحتني لاني اول ما دخلت قرأت اول الموضوع فعلا شكر للفايسس بوك انا جمعت جميع الاهل هنااااك به والاصدقاء عدلت على ردي |
وقد يجمع الله الشتيتين بعدما
................. يظنان كل الظن أن لا تلاقيا سبحان الله تأثرت جدا بالقصة اخي الفاضل ثنيان والحمد الله أنك اجتمعت به بعد كل هذه السنين الفيسبوك جمعني أنا أيضا بزميلات المدرسة وأصبح معه العالم كله كأنه قرية صغيرة أسأل الله أن يعم الأمن والأمان لمصر وسوريا واليمن وليبيا وكل بلاد المسلمين وتعود هنا لتفرحنا وتشاركنا تفاصيل وصور اللقاء الحي |
فقال عذرا صاحبك .........
عندما توقفت عن السرد هنا وقفت نفسي لله يسامحك :) إذا خلينا نحسبها :25: الحدث منذ 22 سنة وكنت تقريبا 20سنة إن كنت خريج جديد فهذا يعني بأن عمرك بالاربعين .... فصيحة أنا :) بارك الله بعمرك في طاعة الله فائدة أخرى من فوائد الفيسبوك لتعادل سيئاته سرد جميل ممتع .... لاحظت بأنك استعملت كلمة ماتع فما الفرق بينها وبين كلمة ممتع ؟ |
,,, رااااااااااااائع ما عندي كلمات اوصف فيه شعوري ولكني بكيتُ بحرقة لأنني فقدت الغالية وسعمت اخبارها من اختها .. الله يجمعكم في الجنة قطوفها دانية مثل ما جمعكم في الدنيا الله يسعدك ياخوي ..~ |
اقتباس:
وفعلاً شكراً للفيس بوك .. |
اقتباس:
اللهم آمين ، يحدثني عن كثرة السرقات والسلب والنهب والفوضى العارمه التي تعيشها مصر الآن .. أمنياتي أن يعمها الأمن والأمان .. شكرا أختي . |
اقتباس:
أما من ناحيه ماتع وممتع .. استخدمت " ماتع " لأنها أبلغ في الوصف وأجود ، وقيل بأنه لافرق بينهما .. فلو قرأ القارئ قصه وتأثر بها واستفاد منها قال هذه قصه ماتعه ، وإن قرأها واستمتع بها قال ممتعه . شكراً لحضوركِ هنا . |
اقتباس:
أسأل الله أن يجمعكِ بكلِ غالٍ لكِ . واللهم آمين وإياكِ . شكرا لكِ . |
الساعة الآن 06:24 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
جميع الحقوق محفوظة لموقع و منتدى عالم الأسرة و المجتمع 2010©