![]() |
{{{ المعايشة الجمالية 000 بين الذات وطبيعة الأشياء }}}
{{{ المعايشة الجمالية 000 بين الذات وطبيعة الأشياء }}} لابد من التنويه بداية, الى أننا لانذهب في حديثنا الجمالي هذا عن الجمال والذوق والتذوق مذهباً فلسفياً تقليدياً, بل وسنبتعد قدر الإمكان عن كل ماهو تقليدي في طرح مثل هذه المواضيع.. حتى العبارات ستكون بعيدة عن الأسلوب المعروف في معالجة مثل هذه المواضيع..إذاً نحن أمام موضوع قديم بصيغة عصرية جديدة. ونقر في بداية معالجتنا لموضوعنا هذا..أنه وحتى الآن هناك اختلاف وتباينات في تحديد ماهية علم الجمال وتعريفه.. إلا أن هذه الاختلافات في مجملها لاتعدو أن تكون شكلية لا دلالية.. صورية لا مضمونية.. حتى إننا لنستطيع أن نشتق رغم هذه الاختلافات تحديداً أولياً لعلم الجمال.. فنقول: هو العلم الذي يدرس النشاطين الشعوري واللاشعوري للإنسان والمتضمن على جماليات الحياة والعالم, الطبيعية والصنعية.. وما يرافق هذا النشاط من آثار قبلية وآنية وبعدية. لقد نحا فلاسفة وعلماء الجمال على تباين أساليبهم واتجاهاتهم العقائدية ثلاثة مناهج متمايزة في تحديد طبيعة او مفهوم الجمال.. هي: الموضوعية, الذاتية والجدلية ونؤكد ان الفصل بين هذه الاتجاهات هو نظري أكثر مما هو واقعي..وكما يقو ل (محمد الحامد العباسي).وهو شاعر مهجري مغمور: صور الجمال كثيرة وتحجبت إلا على أهل النهى بحجاب من رام تحديد الجمال فإنه سيعود في خسر وعجز حساب لكن وبلغة الإرسال والاستقبال والتفاعل نقول عن المنحى الاول, المنحى الموضوعي. بأن الطبيعة الجمالية فيه ومرتبته القيمية تتحدد بكمية المعلومات والمعطيات والإشارات والتأثيرات التي يرسلها الأثر الجمالي الطبيعي أو الصنعي الفني. وفي المنحى الذاتي نقول: تتحدد طبيعة الجمال وفقاً وانطلاقاً من طبيعة المستقبل أو الملتقى- الذات- وفاعليتها الشخصية الخاصة بما تمتلكه من خصائص ومزايا تفترق بها عن أي ذات مستقبلة أخرى, بل يمكننا القول: ان طبيعة الجمال ومرتبته القيمية تتحدد هنا بكمية المعلومات المستقبَلَة.. وهنا سنتحدث عن الجمال كاستقبال ومعالجة ومعايشة وتمثل. والمنحى الثالث- الجدلي- هو الذي يجعل تحديد طبيعة الجمال أكثر دقة وتعقيداً بآن واحد.. فعملية الإرسال والاستقبال تحدثان معاً في آن واحد. أي أن هناك تغذية خارجية وتغذية داخلية ذاتية.. أي تغذية راجعة أو مرتدة. وبالتلخيص نجد انه ورغم الاختلافات الظاهرية في تحديد ماهية الجمال.. إلا أن الاتفاق جرى على ان الجمال هو صفات واقعية متجسدة في موضوعات مدركة (طبيعية أم صنعية) وهو العلم الذي يدرس النشاط الشعوري واللاشعوري للإنسان والمتضمن جماليات الحياة والعالم الطبيعية والصنعية,بل وهناك من ذهب الى أبعد من ذلك ليقول: إن الجمال ذات مستقلة او هو مثال نقيس اليه الموضوعات وكلما اقتربت الموضوعات من هذه - الذات- المستقلة, من هذا - المثال- اكثر, كلما احتلت الموضوعات هذه مرتبة قيمية أرقى في التقييم الجمالي, ونقاط الالتقاء هذه في تحديد الموضوع الجمالي ومكانته في سلم القيم الجمالية ستكون هي معايير- التناسق والانسجام والتوافق والتوازن والمثالية. وهنا لابد من الحديث عن هيئات النفس الراسخة كالاتجاهات والميول والأهواء والعواطف والرغبات.. التي ينطلق الانسان من خلالها وغالباً بصورة لاشعورية في تقويم أي أثر جمالي.. أو في تحليل الرسالة الإعلامية المبثوثة من الموضوع الجمالي تواجدك في مكان ما.. حيث تتلقى خبراً جميلاً.. سيصير هذا المكان جميلاً في تقييماتك الجمالية الشخصية. وهذا بالذات ما دفع - أبو حيان التوحيدي- 1023م لأن يتساءل في »الهوامل والشوامل« عن سبب استحسان الصورة الحسنة.. فيتساءل: أهي كلها من آثار الطبيعة ..أم انها من عوارض النفس؟ وهذا كذلك ما دفع ابن خلدون 1406م لان يظهر في مقدمته وثاقة الصلة بين الصفات الشكلية للموضوع الجمالي وتقبل النفس وارتياحها له. كما دفع الوحشي (ماتيس) لأن يقول: » لن أكتفي من الآن فصاعداً بتسجيل مشاعر سطحية«.. وهو لذلك يطالب بتكثيف المشاعر التي ستصنع اللوحة.. وهو في ذلك إنما يؤكد:» يجب رؤية اللوحة بالمتعة البصرية لا الفكرية وبالمتعة اللونية لا الشكلية وبجمال الحركة والتأليف لا المطابقة مع اشياء عرفناها«. الجمال بين الشكل والموضوع : رغم كل الذي مرَّ معنا فإن الإجماع بين الفلاسفة تموضع حول الشكل الحامل للقيمة الجمالية.. بمعنى أن خصائص ومقومات الجمال تتموضع على صورية الموضوع, وإن كان بعضهم يضيف المحتوى عنصراً ثابتاً الى هذا الحامل, فإننا لانميل الى اعتبار ذلك ثنائىة متفاضلة أو متلازمة لان الفصل بين الشكل والمضمون من الناحية الجمالية على الاقل أمر غير مقبول, بل يحق لنا القول إنه غير ممكن.. فالفرق واضح وكبير بين الوردة الحقيقية والوردة البلاستيكية أو المرسومة.والقوس المنحني جميل بصفته علاقة هندسية معمارية.. ولكنه قبيح اذاكان شكلاً لظهر مُحدّب لشخص ما. وحتى نسب الجسد البشري الجميل.. تتغير بتغير المحتوى البيولوجي لرجل أو امرأة, صبي أو شاب. فالحمرة على خد صبية هيفاء جميلة هو شيء رائع, لكنها ليست كذلك-أي الحمرة- إذا كانت على أنفها. تصوروا فتاة أنفها هو الأحمر وليس الخد عندها. وتصوروا كذلك أن ما ينطبق على جمال الجسد الأنثوي موجود في جسد ذكوري. كل هذا يدل على ان الصفة الجمالية هي صفة للشكل ولايمكن أن تنفصل عن المحتوى الذي تعبر عنه. الموضوعات الجميلة : الحقيقة أنه ليس هناك حتى الآن اتفاق على تصنيف وتحديد للموضوعات الجمالية » من رام تحديد الجمال فإنه سيعود في خسر وعجز حساب« وذلك رغم الاتفاق على أن الأثر الجمالي هو كل موضوع نستطيع أن نحكم عليه بالجمال أو(القبح) وما يتشعب عن هذين الحكمين من درجات تراتبية, صعوداً أو نزولاً.. على ان مايمكن اعتباره علامة فارقة تتميّز بها الموضوعات الجمالية من غيرها هي تلك المشاعر والاختلاجات التي يثيرها فينا الأثر الجمالي.. على هيئة لذة نوعية نسميها اللذة الجمالية.. ولهذا الاعتبار تتشعب الموضوعات الجمالية الى نوعين طبيعية وصنعية. في الاولى: نجد الإنسان شكلاً ومضموناً.. هذا أولاً وثانياً الحيوان شكلاً وحركة.. وثالثاً النباتات بأنواعها وأصنافها.. ورابعاً الجمادات كلها (جبال- سهول- وديان- انهار) وظواهر اخرى مستقلة أو متداخلة مع بعضها أو مع غيرها من الصنوف الاخرى. في الثانية: »الصنعية« نجد الفنون الصوتية ومنها(الشعر والقصة والمسرحية والموسيقا والغناء) والصورية (النحت, التصوير, العمارة, والزخرفة) والصورية الصوتية (كالرقص والتمثيل). إن الوحدة البشرية (وحدة المعالجة) وانطلاقاً من حيويتها وتباين طبائعها التي لايمكن إغفال دورها, فإنها تتعدى هذا الدور الى التأثير في طبيعة الإرسالية الجمالية بحد ذاتها من حيث تسبغ عليها لبوساً جديداً قد يكون غائباً في الاصل, من خلال عمليتي الحذف والاصطفاء) حذف ما لا ترغبه ولاينسجم مع رغباتها وعواطفها. إن كل انسان منا هو بحد ذاته وحدة معالجة جمالية مستقلة في تركيبها ووظيفتها.. وكل وحدة من هذه الوحدات عرضة للتغيير والتبديل من حين الى آخر. وآلية التذوق في وحدة المعالجة هذه.. تتمثل بعناصر أربعة رئىسية لايمكن الفصل بينها من الناحية النفسية والوظيفية لان كلاً منها يؤثر في الآخر.. ويتأثر به.. اللهم إلا البيئة التي تقتصر هنا على التأثير. وهذه العناصر هي: 1- البيئة: اجتماعية, اقتصادية, دينية. 2- الانفعالات: عواطف, ميول ,أهواء. 3- الغرائز: عضوية, نفسية, اجتماعية. 4- المعرفة: التعلم, الثقافة, الخبرة. البيئة: تلعب البيئة دوراً هاماً وواضحاً وكبيراً في صياغة الذوق الجمالي الفردي والجمعي لدى الإنسان..إذ تجعل له نظرته الخاصة ومعاييره المحددة كفرد وكعضو في الجماعة لخصائص الجمال... فهي تحبب اليه مثلاً بعض الالوان دون غيرها.. في الوقت الذي تكوِّن لديه سلماً قيميِّاً خاصاً للدلالات والمعاني والحقائق, كما وتسهم في تحديد رؤيته وفهمه للتناظر والرشاقة والكمال والتفرد وهذا ما يمكن التعبير عنه بأن البيئة بكل مستوياتها تسهم في نصيب آخر من صياغة القيم المعلوماتية الجمالية لكل عنصر من عناصر الجمال في منظومة الخصائص الجمالية العامة. الانفعالات: لاتقل الانفعالات العاطفية أو الوجدانية أهمية عن البيئة في تحديد الذوق الجمالي لدى الإنسان ولاتنفصل عنها في اداء هذا الدور وممارسته انطلاقاً من جدلية العلاقة بينهما ففي حين تسهم البيئة في نسخ الجماعة في شخوص افرادها..فإن الانفعالات تختص بمنح الأفراد هويات استقلالهم عن الجماعة وإن كنا لانستطيع إنكار اثر البيئة في تأصيل هذه الانفعالات.. فإننا لانستطيع ان ننكر ان هذه الانفعالات هي التي تهب كل فرد ذاته وتحميه من الذوبان الكلي في شخص الجماعة ولذلك تأتي انفعالات كل شخص لتعدل من قيَّم مصفوفة الخصائص الجمالية التي وضعتها البيئة فيه. المعرفة : يأتي العامل المعرفي بمختلف مدلولاته عنصراً أخيراً من عناصر بناء وحدة المعالجة الجمالية وقلنا انه العنصر الاخير لانه يكون هنا بمثابة المتغير المستقل ووحدة المعالجة هي المتغير التابع وبالتالي فإن كل ما يطرأ من تطور على المتغير المستقبل( المعرفة ) يلزم عنه تغييراً أكيداً في المتغير التابع ( وحدة المعالجة الجمالية ) وبهذا المعنى, فإن العامل المعرفي هو الذي يُفترض ان يكون دائماً العنصر الموجّه والمصحح والمطور لآلية التذوق الجمالية او للبرامج التي تعتمد عليها وحدة المعالجة في فك الاشارات المعلوماتية المستقلة. ولاتقل المعرفة اهمية عن العناصر السابقة كما لا تنفصل عنها في عملية بناء وحدة المعالجة الجمالية.. فهي تتضافر معها وتتكامل في هذه العملية.. وعلى هذا النحو تكون وحدة معالجة الاشارة الجمالية قد تحددت واخذت صيغتها الواضحة المستقلة من حيث تحديد موقف الذات من مختلف الموضوعات الجمالية وخصائصها وتبلور اتجاهها او ميلها الى صنف معين من الجماليات أو الى ضرب محدد من الخصائص الجمالية.. ومستقلة من حيث تباينها عن الذوات الاخرى في رؤيتها ومعالجتها للموضوعات والخصائص الجمالية. منقول بإختصار وللفائدة |
000يرفــــــــــــــــــــــــــع000 |
موضوع رائع ..
جزاك الله خير اخي الكريم على المجهود والنقل المفيد .. تحياتي لك |
اقتباس:
000لولو000 000شكرا لمرورك000 000حياك المولى000 |
فيه مثل أكرره دوماً حتى أن كل من يعرفني صاروا بمجرد أن ينظروا إلي يدركون أنني على وشك أن أنطق به ،،،
المثل هو من تأليفي وهو مثل أعتز به كثيراً وإليكم المثل بالفرنجي وترجمته بالعربي: The way you look at it, is the way you SEE it الترجمة: كما تنظر إليها تراها أخي وجه الخير هذا ما خرجت به بعد أن قرأت ما اخترته لنا عن الجمال، تحية طيبة ودمت بخير |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موضوع جميل وفقك الله ولكن نصيحة للجميع لابد من قراءة الموضوع اكثر من مرة |
يصبح المكان جميلا عندما تتلقى فيه خبرا جميلا ..
استوقفتني هذه الجملة كثيرا .. وجه الخير .. موضوع ثري قيم يحمل تحليل الصورة الجمالية بابعاد رائعة كل العوامل المذكورة صحيحة وان كنت ارى ان الانفعالات هي اهمها .. جزاك الله خيرا .. |
مشكور اخي الكريم ووفق الله لما يحب ويرضي
|
الساعة الآن 12:29 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
جميع الحقوق محفوظة لموقع و منتدى عالم الأسرة و المجتمع 2010©