منتدى عالم الأسرة والمجتمع - ::+:: آخر مواضيع الفيلسوف (( لا يحب زوجته )) ::+::

لا يحب زوجته

--------------------------------------------------------------------------------

النفس البشرية هي نفس متغيرة ومترددة وتغريها أهواءها ، ولا يوجد شخصين تتطابق شخصياتهما وأخلاقهما تماماً في العالم كله ، لأن الشخصية البشرية مثل بصمات الأصابع أو مثل الحمض النووي ، لا يتشابه فيه إثنان في العالم أبداً .

ونحن هنا بصدد النقاش في مسألة حب الرجل لزوجته وهناك أصناف من الرجال الذين لا يحبون زوجاتهم وسأذكر صنفين على سبيل المثال وهما :

1- من لا يهتم بزوجته ، ويعاملها كقطعة أثاث ، يدخل البيت ويخرج منه بدون أن يتبادل مع زوجته حتى السلام !!! ، وتجده دائماً في القهاوي أو الإستراحات مع أصدقائه .. تراه غالباً ما يرتاد المطاعم ولا يتناول الطعام مع زوجته !! وإذا سألته لماذا كل هذا ؟ يقول لك ... لا أحبها !!! .
2- والصنف الثاني يهتم بزوجته قدرا لمستطاع و هو شخص يحس في داخله بحاجته إلى الحنان ، ولكن ينظر إلى زوجته على أنها زوجته ، أي أن زوجته أمر مسلم به ، وتجده يحس بأنه يحتاج إلى الحب من زوجته ، وزوجته تقول له بأنها تحبه ، ولكنه لا يكتفي بكلمة الحب ويريد حباً من نوع آخر !! والمشكلة في هذا الشخص بأن مشاعره مكبوتة في داخله ولا يفرج عنها ، وتجده خامل ولا يعطي إلا قليلاً وينتظر بأن يأخذ دائماً ، وهذا أكبر خطأ في الحب وأكبر خطأ في الزواج ....

ولكي نأخذ الموضوع بنظرة شمولية أكبر وأوسع ، ولكي نخرج من الدائرة وننظر إلى الدائرة من الخارج ، دعونا نبحر في هذه الكلمات عسى الله بأن ينفع بها ...

1- جاء رجل إلى خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال : لا أحب زوجتي .. فنهره سيدنا عمر وقال له : ومتى كانت البيوت تبنى على الحب ؟ أو كما قال سيدنا عمر رضي الله عنه .

نفهم من هذا الحديث أن البيت الزوجي يبنى على كلمة التقوى لا إله إلا الله محمد رسول الله .. وليس معنى إنعدام الحب معناه إنعدام السعادة في الحياة ًً بل على بركة الله تكون الحياة سعيدة وقال تعالى "وجعل بينكم مودة ورحمة"" ولم يقل جعل بينهما حباً أو غيره ... والحب الذي يعرفونه الناس في هذا الزمن هو حب المسلسلات والأفلام ، حب ليس له معنى ، حب تجد بأنه مبني أساساً على نظرة وإعجاب بالشكل الخارجي قبل أن يتبادل معها كلمة واحدة ، وحب مبني على مجرد كلمة قيلت له فحن ومال قلبه لصوت الحنان الذي كان يحتاجه بدون أن يراها أو يعرف عنها أي معلومة ، والنوع الأول هو مجرد إعجاب سيتطور إلى المزيد من الإعجاب ، ثم المزيد من الإعجاب !!! وهذا ما يعتقده الناس بأنه حب وهو ليس حباً ، بل هو مجرد إعجاب ولكنه وصل لمرحلة أن الأشخاص يعتقدون بأنهم وجدوا تؤام روحهم ، أما النوع الثاني فهو بسبب الإحتياج الروحي الفارغ الذي إن وضعت فيه أي شيء أو أي صوت أو أي شخص لإمتلأ هذا الفراغ به مباشرة ، وهذا الفراغ موجود في القلب ، وطريقة الدخول إلى هذا القلب تعتمد بشكل أساسي إلى اللحظة المناسبة والظروف المناسبة فقط ، لذا يكفي بأن يخرج الرجل من بيته وهو مكتئب من تصرف ما قامت به زوجته ، فتتصل عليه أي إنسانة مهما كان شكلها أو أخلاقها ، ويكفي بأنها جاءت في اللحظة المناسبة ، فيبدأ العقل ببرمجة صوتها على أنه صوت مريح ، ويبدأ العقل بالتجاوب مع المغامرة التي دخلت في حياته بعد البرود والكساد الذي كان يعيشه مع زوجته ، فينسحب إلى روح المغامرة والمراهقة والحياة المثيرة .

وسأفصل في موضوع الحب لاحقاً بإذن الله ...

ولكن الفكرة الأساسية بأن ما ذكرته هذا لا يعتبر حباً ، الحب هو ما ذكره لنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بأنه مودة ورحمة ، وحب الزوج لزوجته هو السكن إليها ، قال تعالى ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) صدق الله العظيم ، ولم يقل لتحبوهن !!! ومعنى وشرح كلمة السكن في هذه الآية يحتاج إلى كتب كبيرة وسأحاول بأن أكتب موضوعاً مبسطاً عنها لاحقاً بإذن الله تعالى ...

إذاً أقول لهؤلاء الأزواج بأن عقد الزواج ميثاق غليظ كما وصفه الله في كتابه وهو من أغلظ العقود في الإسلام ، لذلك يجب عليكم بأن تتنازلوا عن أنانيتكم وتدعوا طيشكم وشيطانكم وتهتموا بزوجاتكم وتحاولوا تجديد العلاقة الزوجية بينكم وإذكائها و مد جسور المودة والرحمة لينبت الحب الذي تريده وتتصوره .

2- أقول لهؤلاء الأزواج وأمثالهم إتقوا الله في زوجاتكم وأنتبهوا لقول الله تعالى " وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم " سورة البقرة –216 وقوله عز وجل ( فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا) سورة النساء – 34 .
3- أقول لهؤلاء الأزواج ولأمثالهم إتقوا الله في زوجاتكم وأعملوا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يفرك < يعني لا يبغض > مؤمن مؤمنة .. إن كره منها خلقاً رضي منها آخر " رواه مسلم .

أنظر إلى مدى عظمة هذا الحديث الشريف وفي عظمة معانيه .
إنه حديث عظيم يحفظ كيان الأسرة ويحفظ للحياة الزوجية سعادتها وهنائها الدائم وفيه نبه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أمر هام ينبغي أن يدركه كل زوج كما ينبغي أن تدركه وتفهمه الزوجة كذلك ، وهي الصبر والنظر إلى نصف الكوب الممتلئ دائماً لكي يصلوا إلى حياة زوجية سعيدة يسودها التفاهم والمودة والوئام والتساهل والتسامح .

ينبهنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن هناك جوانب خير سواء في الزوج أو الزوجة وأن هناك جوانب مضيئة يجب أن نراها دائماً ونفهمها وخاصة في الحالات العصبية ، لأن هذه الجوانب والتفكير فيها يجعلك تمتص الغضب والكراهية وغير ذلك .

نعم البيوت لا تبنى على تصورات الحب وحب الأفلام والمسلسلات العربية و حب الأنانية والإستهتار .

البيوت تبنى على المودة والرحمة والتسامح .

هذا الموضوع حصري وخاص لشبكة الأسرة العربية و لمنتدى عالم الحياة الزوجية

إهدائي إلى كل من يعتقد بأنه لا يحب زوجته !!

تحياتي .....

.