![]() |
العروس المستعصية...
العروس المستعصية... أحمد زينبين الحين والآخر أرجع إلى أوراقي الخاصة المتناثرة أجمعها وأحاول أن ألملم خواطر ومشاعر فترات عمرية متلاحقة.. فأضحك مع قصاصة صحفية، أو أذرف الدمع مع خاطرة آسفة، أو أراجع هدفًا لم يتحقق ووسيلة نافعة لم تنفذ.. وحين وقعت عيناي على ما قرأت أو جمعت من قصاصات وخواطر عن مواصفات "فتاة الأحلام" لدى الأدباء والشعراء وجدت صورة مثالية رومانسية إنسانية رفيعة عن تلكم الفتاة الملتزمة .. المتدينة.. رقيقة المشاعر.. فهي دومًا مرهفة الأحاسيس، عذبة الصوت.. حلوة اللسان، واسعة العلاقات الاجتماعية، موسوعية الثقافة، أصيلة النسب، راضية بالقليل، متوكلة على الله. باختصار: أسد العرين إن غبت وبلبل العش إن حضرت.. وضحكت فلم أكن آنذاك على وعي بفقه الواقع المرير فإذا استرسلنا في الحكاوي لن ننتهي؛ ولكن الملاحظ أن أنماطًا عجيبة من الناس بدأت تظهر في مجتمعاتنا: أ- نموذج العروس "المشروع": فبعض الأهالي يعتبر ابنته مشروعًا مربحًا؛ فيسعى لارتباط ابنته بأفضل "المثمنين"!! وإجراء مزايدة مغلقة "المظاريف" لاختيار على من يرسو المزاد؟ ومعنى مغلقة المظاريف أن يتمهل أهل العروس في الرد كذا شهر.. والخاطب المسكين لا يعلم أنه أحد المتقدمين الذين تجرى المفاضلة بينهم، ويا ليتها مفاضلة أخلاقية أو دينية أو حتى ذات بعد مستقبلي.. ولكن القبيح أن تكون مفاضلة لما في جيبه حاليًا. ب- نموذج "العروس الدمية": التي تحب خطيبها بصدق لكنها تستجيب لضغوط أهلها بطلبات مرهقة لا يطلبونها بأنفسهم لكنهم يقدمون ابنتهم لتبتز هي خطيبها، والأهل في هذه الحالة يزكون الفتنة ويصعبون الخيار فمقولات مثل: "هي التي تريد"، "هل تغضبها أم تدخل السرور على قلبها.." ، "هل هي غالية عندك؟"- كفيلة بألا يكون أمام العريس خيار!! ج- نموذج العروس "المستكشفة": وهي تلك التي تريد أن تعرف ما أقصى قدرات العريس فيدفعها الأهل – أو تفعل من تلقاء نفسها- إلى إرهاقه بالمطالب الكمالية وكل مرة "إما هذه وإما لا.." وحين يستجيب مرة وراء الأخرى – حبًا في البنت- يعرفون أن البئر ما زال مليئًا فيفكرون ما الذي بقي لنغترف من البئر!! نماذج.. نماذج… نماذج .. ماذا يفعل الشاب إزاءها؟؟ الشاب الذي تستعر المشاعر داخله، وإذا تجاوزنا الإشباع المادي بكل سعاره الحالي!! فإننا أمام جفاف الروح في عالم الدولار والبورصة سنقف مشفقين على شاب تعدى الثلاثين ولم يرتبط عاطفيًا وقضى بضعة عشر عامًا منذ بلوغه وهو يكتفي من العواطف بسماعه عنها … والأزمة الحقيقية مع الشباب الملتزم الذي يمنعه دينه من تفريغ هذه المشاعر – النفسية منها والمادية- تفريغًا بهيميًا لكنه يدخرها.. والسؤال إلى متى يدخرها؟ ومن تستحق عناء الادخار؟ إذا كانت مستعدة للتضحية به في سبيل مطلب مرهق تعثر تنفيذه، إذا كان ينحت في الصخر ويخوض لجج البحار ويأكل الشوك كي يصل إلى زهرة حياته، فيجد عنصر الشر في مغامرته (المجتمع) يصده عنها ويرهقه بمطالب مذهلة معجزة.. وأفهم جيدًا أن يتم إنهاء الارتباط من جانب أهل الفتاة لعيوب شخصية قادحة أو فروق اجتماعية فادحة أو أي نوع من التقويم الجاد، ولكن أن يتم التفريق بين قلبين – أزعم أنهما قد ارتبطا وتعلقا في معظم الحالات- بسبب نوع الغسالة أو تكاليف حفل الزفاف فهذا مالا يُفهم؛ خاصة إذا كان الشاب رجلاً حقيقيًا يطمئن الأهل وابنتهم في كنفه. حالة من الفوضى العارمة تسود، وعدم وجود أسس تقويم ومبادئ انتقاء؛ أدى بالأمر إلى ما وصفه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم "فتنة في الأرض وفساد كبير" صدقت يا رسول الله وما فتنة أعظم من تلكم التي تناقلتها الصحف أن بنتًا لم تتعد الثالثة والعشرين تزوجت أربع مرات دون علم أهلها .. زواجًا عرفيًا وهي تقيم بين ظهراني أهلها الذين لا يعلمون عنها شيئًا.. أين أمها تلك التي استأسدت على من رغب ابنتها في الحلال؟.. ألم تلحظ تغيرًا ما جسديًا أو نفسيًا أو عاطفيًا أو ..على ابنتها ؟ أم تراها في وادٍ آخر غير ابنتها وإذا كان الأمر هكذا فلم لا تتركها تختار شريك حياتها ليبدآ سويًا حياة عامرة.. كفاحًا ونضالاً، فشلاً ونجاحًا! وأي فساد أكبر من أن تلتهب عواطف الفتى والفتاة خمسة عشر عامًا لا تجد متنفسًا، والمرجل يغلي وقد سُدَّت فوهته، فالانفجار بالفتنة والتعبير بالفساد هو ما يفسد المرجل ويفجره. واللافت للنظر أن هذه النماذج القميئة تظهر في شريحة غير قليلة في مجتمعاتنا، وهذه الشريحة هي التي تعيش بين نارين: الرغبة في التسلق لطبقة أعلى (وربما كان ذلك بواسطة ابنتهم المتعلمة المرغوبة).. ونار الخوف من السقوط درجة إلى طبقة أقل وأدنى اجتماعيًا وماديًا.. وهذا – في رأيي- ما يجعل عريسًا مقبولاً ماديًا، ينتظره مستقبل مرموق يُرفض لا لشيء إلا لأن أهل العروس يخشون من المغامرة معه، وهم يريدون صفقة حاضرة بمبدأ Cash & Carry. والشاب يصارع، نعم يصارع، بل ويقاتل ويطاحن حتى يتزوج ..فبين إعداد مادي ضخم والالتحاق بأكثر من عمل، والتضحية بإكمال دراسته مثلاً أو استغلال نقوده في مشروع تجاري وبين اختيار صعب في ظل تعثر العلاقات الطبيعية بين العائلات وتقلص مساحات الأهل والمعارف، وتشتت الذهن في أسس الاختيار وعدم وجود الناصح الأمين الذي يرشح ويزكي ويقود زمام الموقف، ومن جهة أخرى الصراع والمفاوضات مع أهل الزوجة حول المطالب المادية، ومن جهة ثالثة إرضاء الأم والأخت في ظل غيرتهما من حماته المستقبلية، وكذلك ضغوط العمل وغيرها.. فمتى يعمل على التقارب مع مخطوبته؟.. ومتى يقيس فيها مشاعرها تجاهه؟.. ومتى يعمل على إثراء ثقافتها؟.. ومتى يتعاونا سويًا للتخلي والتحلي الخلقي والثقافي والاجتماعي؟.. ومتى.. ومتى.. النماذج الإيجابية موجودة.. لا ننكرها وإن ندرت، ونحن بحب نثق في قول الحبيب صلى الله عليه وسلم :"الخير فيَّ وفي أمتي إلى يوم الدين"، فما زال هناك من ينتهج نهج "شعيب" عليه السلام فيختار القوي الأمين ولا يجد غضاضة في أن يخطب "موسى" لابنته، وما زال هناك من يزوج ابنته بالقرآن، وما زال هناك من يشتري رجلاً ويأمره بالتماس "خاتم" ولو من حديد، ولا يزال نموذج الفتاة التي تشارك في المجتمع بخدرها الطاهر وتنتقي من إذا أحبها أكرمها وإذا كرهها لم يظلمها بغض النظر عما سيضيفه إلى رصيدها البنكي، وما يزال.. وما يزال.. ولكن تغوُّل النموذج السلبي وهيمنته، وانتقال العقلية الاستهلاكية إلى أشرف العلاقات الإنسانية (الزواج) حوَّل الأمر لدى البعض إلى كابوس رهيب. من فضلكم.. كفانا اتهامًا متكررًا للشباب بالعبث واللهاث الدائم وراء الجمال فحسب وإغفال قيم الدين والتربية والأخلاق، بينما الواقع يصرخ فينا ..إن شبابًا كثيرين يتطلعون إلى "ذات الدين" ولكن كثيرًا ما لا تُطبَّق عليهم: إذا أتاكم "من ترضون".. وتقبلوا فائق احترااامي... |
موضوع رررررررررررررررررررررائع
الله يسلم ايديك |
اقتباس:
والله يسلمك اختي الكريمة ومشكورة ع المرور العطر وتقبلي فائق احترااامي... |
موضوع قيم ومفيد اخى اديمنى
الله يعيطك العافيه خالص تحياتى |
اقتباس:
|
صدقت بما كتبت ولكن هناك اناس يردون الستر للإبنة وان يخاف الله فيها ولا يظلمها كتبتك اكثر من رائعة سحر البيان |
اقتباس:
|
موضوع رااااااائع
ومشاركة قيمة تسلم خوي وبالتوفيق |
رائع وجميل موضوعك رائئئئئئئئئئئئئئئئئئئئئئئئئئئئئئئئئع جدا
|
موضوعك رائع حقا يا اخي
بارك الله فيك , لكن كنت اتمنى ان تأخذ الموضوع من ناحية اخرى هي : كيف ان صعوبة الزواج الان اثرت على الفتاة نفسها بازدياد العنوسة وتفشي الزواج العرفي تحياتي لك |
الساعة الآن 06:06 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
جميع الحقوق محفوظة لموقع و منتدى عالم الأسرة و المجتمع 2010©