منتدى عالم الأسرة والمجتمع - حوار بين عقلي وقلبي ونفسي.. من سينتصر يا ترى !!!!

بسم الله الرحمن الرحيم

بما أني مازلت في الجهة الآمنه من الضفة الأخرى.. لا أدري ما هي حقيقة مشاعر من هم في الطرف الآخر من الضفة المقابلة لضفتي.. يفصلنا نهر عريض.. مما يعوق رؤيتي ما يحدث هناك.. سمعت ممن رجع منها أخبار كثيرة.. منها المفرح ومنها المحزن.. منها ما يجعل قلبي يقفز شوقاً للإتحاق بمن ذهب.. ومنها ما يجعل عقلي يقول لي أنفذي بجلدك وأركضي هرباً ولا تنظري للوراء أبداً من سوء ما سمع.. ومازلت أقف حائرة وعقلي في نقاش حاد مع قلبي ونفسي تحاول إيجاد حل وسط يرضي جميع الأطراف.. وإليكم بعض ما قالوا:

القلب: هيا هيا نذهب

العقل: تمهل يا مغفل

القلب: لو سمحت أنا لست مغفل

العقل: أثبت لك ؟

القلب: إثبت.. لكن لا تقل مغفل

العقل: آسف.. متسرع أفضل ؟

القلب: حسناً.. لكن لو كررتها لن أستمع لك.

العقل: أمرك يا طيب.. أنظر معي وركز النظر.. لمن يعود من الطرف الآخر.. وقل لي ماذا ترى ؟

القلب: هممممم.. وجدت فيمن عاد يحمل بين طيات وجهه سمتين لا ثالث لهما.. سعيد أو حزين.. هل أصبت ؟ يـــا ذكي!.

العقل: أتسخر بي إنتقاماً لمقولتي تلك بعد أن أعتذرت ؟ لم أعهدك حاقداً.. عموماً أصبت.. والآن أتعلم لم لا ثالث لهما ؟!! هداك الله.

القلب: عذراً.. أخجلتني فيجب أن أنتبه أكثر.. لكنك أنت من بدأت..

نفسي: أريد الخلاصة.. أيها القلب والعقل كفاكم عتاب ترفعوا قليلاً عن سفاسف الأمور.. ماذا تريد أن تقول يا عقلي.

العقل: أعتذر لك يا نفس لكن القلب أتعبني.. نعود للب الموضوع.. وجدت السعيد يكاد يطير من الفرح بعودته وبيده صك حريته ولسان حاله يقول.. " وأخيرا سأعوض ما أمكن مما فاتني وأنا محبوس في تلك الجهة المشؤمة أسأل الله أن لا يعيدها علي " ، ووجدت الحزين عاد مطأطأ الرأس ينظر للوراء فتذرف دمعة من عينه.. يخطي خطوات تائه.. حائر.. ضائع.. يعتصر ألماً على ما فقد.. لا يدري بأي ذنب نبذه ذلك اليم.

القلب: معقول ؟!! وما أدراك ؟ لعلها مجرد تحليل ترجمته لكلمات تتباهى بها أمامي.. لتحرقني وتقنعني أن لا خير بتلك الجهة الأخرى.. وتعف النفس التي تهوى الذهاب.. فماذا تقولي يا نفس.

نفسي: يا قلبي قد تكون وجهة نظر عقلي سليمة.. نعم نعم.. سليمة.. لا مجال لمغالطتها.. فأعد النظر يا قلبي.. فما ترى أنت ؟!

القلب: أيهمكم رأيي ؟

العقل: أعرف أنك تقصدني.. نعم ننتظر رأيك بفارغ الصبر.. لا تتغلى.. تكلم.

القلب: سأتكلم بشرط.. أن لا تنقصوا من ما سأقول.

العقل: لا تكن مفرط الحساسية.. سأحترم وأقدر وأبجل كل كلمة تتفوه بها.. قل ما شئت.

القلب: حسناً.. حسناً.. بادئ ذي بدء.. سأسأل كل منكما سؤال أريد الإجابة عليها فوراً ومن ثم أخبركم برأيي.. أيها النفس.. آلحب يهذب ؟

نفسي: سؤال صعب يحتاج لتفكير عميق ومطول.. وبما أنك طلبت السرعة سأحاول لكن أمهلني ثوان.

القلب: هيا لا وقت لدينا نريد إتخاذ قرار جازم العبور أو البقاء !!

نفسي: وجدتها !.. أستطيع تخديره لأجل لكنه يلح علي.. هذبت ما استطعت من فطرتي التي فطرني الله عليها بما جاء في كتابه الكريم وسنة نبيه عليه أفضل الصلاة والتسليم.. لكن إلا الحب.. والأمومة.. نسيتها يا قلب.. لا مجال لهاتين من السمو والرقي أكثر.. فهم أغلى ما أحمله فإن تحملت فوق طاقتها تعبت.. وانهارت.. وشكلت ثغرة.. وتعلم ما بعد الثغرة !!!

القلب: أحزنني جوابك وفطر قلبي.. وكاد أن يبكيني.

العقل: أف منك ومن رهف إحساسك.. هيا.

القلب: ويحك.. أتغار مما أعطاني الله.. يا جامد.

نفسي: أعدنا ؟.. ماذا دهاكما لا يمر يوم دون نزاع.. تعقل يا عقل.. ورق يا قلب.

القلب: عذراً يا نفس.. بيني وبينك..سيطرة العقل علي تغيضني.. نعود.. ياعقل.. أتحب المغامرة ؟

العقل: نعم نعم أحبها.. تعرف ماذا فعلت ذات مرة ؟ مهلاً.. أتجرني لأمر ما !!

القلب لا أبداً.. لكني أكتفي بإجابتك الفورية.. وهي نعم.

العقل: آه منك غلبتني.

القلب: إليكم ما أرى.. بما أن النفس مثقلة.. وأنت ياعقل مغامر.. وأنا مشتاقة.. أرى أننا وياحبذا أن نتفق إرضاءً لجميع الأطراف على القفز للضفة الأخرى.. فقد مللنا جميعاً من التظاهر بالسعادة المفرطة والرضى المشوب بالتحسر والخوف الزائد عند حده.. ولا تنسيا أن هناك الكثير من من لم يعد من هناك فهذا دليل على أن نسبة النجاح كبيرة.. بقليل من التنازل وكثير من الصبر والأكثر منهما الثقة التامة بالله عز وجل.. فماذا ترونا فاعلين ؟

نفسي: هيا هيا.. على بركة الله.

العقل:....................................

القلب: مالي أراك وكأن رأيي لم يعجبك ؟!! .

العقل:..................................

نفسي: ياعقلي لا مجال للتفكير.. لاتتردد.. كلام القلب والله لمقنع أكثر منك.. إسمحلي أقول صراحة نظرتك سلبية ومتشائمة.. لهذا صوتي وصوت القلب غلب صوتك.. لا مجال لك بالبقاء وحدك.. وسنعينك على ما سنجد هناك.. إستعذ بالله من الشيطان الرجيم وقم معنا.

العقل(وعلى مضض): حسناً.. لنرى!!!!

القلب: :22:

نفسي::17:

العقل: :d

وهذا حالي أنا الإنسان.. أقف في حافة اليم من ضفتي أنا.. أتحسس ممن يعود فيوم مع القلب و يوم مع العقل.. ويوم أرثى نفسي وما تحمله في جوفها.. جلست على الأرض لمست حشاشها.. أستنشقت ريحها الطيبة.. نظرت إلى السماء.. ناديت مالك السماوات والأرض بأسمائة الحسنى.. فوجدت الجواب الشافي قد ملأ قلبي وعقلي ونفسي..

قال تعالى: ( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون ).

فلا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع.. فانتهى الخلاف إلى الأبد...