أخي الكريم للتوضيح والفائدة
النَشْز: المرتفع من الأرض، والنشوز بين الزوجين، كراهة كل واحد منهما صاحبه وإمرأة ناشز: أي ارتفعت على زوجها واستعصت عليه وأبغضته وخرجت عن طاعته .
ويكون النشوز بين الزوجين. فقد قال تعالى: { وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ } ، وذلك عندما تستعصي المرأة على زوجها وتخرج عن طاعته، وقال أيضاً: { وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتْ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا }، وذلك عندما يكون النشوز من الزوج وهو بمعنى الاستعلاء بنفسه عنها إلى غيرها آَثَرَة عليها، وارتفاعاً بها عنها إما لبغضة وإما لكراهة منه بعض أشياء بها .
وفي الحالة الأولى عند نشوز المرأة، للرجل الحق في اعتماد طريقة في تقويم هذا النشوز، تتدرج من الوعظ إلى الهجر ومن ثم الضرب وذلك مصداقاً للآية الآنفة الذكر، التي تحدثت عن كيفية علاج النشوز، فبدأت مع الوعظ والإرشاد بالتي هي أحسن، لأن الوعظ ذكر في القرآن ملازماً للحكمة والحسن فقال تعالى: { ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }. كما وأن الوعظ يجب أن يكون عبر طريقة تؤلف القلوب، وتستعمل كل ما من شأنه الإصلاح، من كلمات وعبارات، وتصرفات وغيرها. قال تعالى: { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ، تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } .
وأمّا إذا لم ينفع الوعظ والإرشاد والنصح في معالجة نشوز المرأة، فللرجل أن ينتقل عند ذلك إلى الوسيلة الثانية وهي الهجر في المضاجع، وذلك بعزل فراشه عن فراشها وترك معاشرتها ، وعن ابن عباس أنه قال في هذه الآية: " الهجر في المضاجع هو أن يضاجعها ويُوليها ظهره ولا يجامعها " والقصد من ذلك كما قال الإمام القرطبي: " إن الزوج إذا أعرض عن فراشها فإن كانت محبة للزوج فذلك يشق عليها فترجع للصلاح، وإن كانت مبغضة فيظهر النشوز منها، فيتبين النشوز من قبلها " .
وأمّا إذا لم تنفع الوسيلة هذه في الردع والإصلاح، فهناك الوسيلة الثالثة، ألا وهي الضرب غير المبرّح وهو ضرب الأدب، الذي لا يكسر عظماً ولا يشين جارحة، لأن المقصود منه الصلاح ويكون ذلك كما قال ابن عباس عندما سأله عطاء: قال: " بالسواك ونحوه " وهو الضرب الذي يؤلم ولا يؤثر. وقد بيّن رسول الله أن الضرب ينبغي أن لا يتناول الوجه وأن الهجر يجب أن لا يكون خارج البيت فقال صلى الله عليه وسلم عندما سُئِلَ عن حق زوجة أحدنا عليه قال: ( يطعمها إذا طعم ويكسوها إذا اكتسى، ولا يضرب الوجه ولا يقبّح ولا يهجر إلاّ في البيت ) .
وحال كون الوسيلة الثالثة لم تفلح في تغيير نشوز المرأة إلى طاعة ومحبة، فهناك الوسيلة الرابعة وهي أن يكون حَكَم من أهله وحَكم من أهلها يحاولان إصلاح الأمور وإعادة الحياة إلى سابق عهدها، ويبذلان ما يستطيعان للوصول إلى هذه الغاية قال تعالى: { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقْ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا } وأما في حال الفشل في هذه المحاولة، فلا يعود هناك من وسيلة سوى الطلاق وهو أبغض الحلال إلى الله كما ورد .