فيتناقل الناس والرجال والشباب مثل هذه
الأمثال ومثل هذه الوصايا ويحدث مالا تحمد عقباه ومن الخطأ أن نقول كما قال ذاك
الشاعر:
رأيت الهم في الدنيا كثيرا وأكثره يكون من النـــــساء
فلا تأمن لأنثي قط يومـا ولو قالت نزلت من السماء
ولا نقول كما قال الآخر أيضا:
إن النساء شياطين خلقن لنا نعوذ بالله من شر الشــياطين
فهن أصل البليات التي ظهرت بين البرية في الدنيا وفي الدين
لا نقول كما قال هذا ولا ذاك وإنما نقول كما قال ذلك الشاعر المنصف:
إن النساء رياحين خلقن لنا وكلنا يشتهي شم الرياحين
ثالثا : شكوى كثير من النساء لسوء معاملة زوجها وقبح أخلاقه معها وقد يصل الأمر في
بعض الأحايين إلى ضربها وحبسها وقد يتمنى البعض موتها كما قال أحدهم:
لقد كنت محتاجا إلى موت زوجتي ولكن قرين السوء باق معمر
فيا ليتها صارت إلى القبر عاجلا وعذبها فيه نكير ومنكــر
وكقول الآخر يخاطب زوجه :
تنحى فاجلسي منى بعيدا أراح الله منك العالمين
أغربالا إذا استودعت سر وكانونا على المتحدثين
حياتك ما علمت حياة سوء وموتك قد يسر الصالحين
أقول: ليس هذا هو النهج النبوي في معاملة الزوجة وإنما كما سنعرض له بعد قليل ، ومن
الأسباب أيضا الحياة الزوجية في بيته صلى الله عليه وسلم وآله وسلم نموذج رائع يذكر
به الرجال للاتباع والتأسي هذه الأسباب الأربعة هي التي جعلتني أتحدث عن مثل هذا
الموضوع وأبدأ الآن بعناصر فن التعامل مع الزوجة وأقول بدءا أول فن من الفنون
التلطف والدلال ، التلطف مع الزوجة والدلال لها ومن صور الملاطفة والدلال نداء
الزوجة بأحب الأسماء إليها أو بتصغير اسمها للتلميح أو ترخيمه يعني تسهيله و تليينه
، وهذا أيضا من حياته صلى الله عليه وسلم وقد كان صلى الله عليه وسلم يقول
لـ[عائشة] :" يا عائش ، يا عائش هذا جبريل يقرئك السلام "والحديث متفق عليه وكان
يقول لعائشة أيضا: يا حميراء والحميراء تصغير حمراء يراد بها البيضاء كما قال ذلك
[ابن كثير] في النهاية وقال [الذهبي]: الحمراء في لسان أهل الحجاز البيضاء بحمرة
وهذا نادر فيهم ، إذاً فقد كان صلى الله عليه وسلم يلاطف عائشة ويناديها بتلك
الأسماء مصغرة مرخمة وأخرج [مسلم] من حديث عائشة في الصيام قالت "كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقبل إحدى نسائه وهو صائم ثم تضحك رضي الله تعالى عنها" أى تعني أنه
كان يقبلها وأخرج [النسائي] في عشرة النساء أنها قالت أى عائشة: "أهوى النبي صلى
الله عليه وسلم ليقبلني فقالت: إني صائمة، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: وأنا
صائم" وأيضا أنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يظل صائما فيقبل ما شاء
من وجهي" وفي حديث عائشة أيضا أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثم
ذكر كلمة معناها أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وألطفهم بأهله" والحديث أخرجه
النسائي و[الترمذي] و[أحمد] وفيه انقطاع، من خلال هذه الأحاديث يتبين لنا ملاحظة
النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأزواجه وحسن التعامل معها أي مع عائشة رضي الله
تعالى عنها ومن صور المداعبة والملاطفة أيضا إطعام الطعام فقد أخرج [البخاري]
و[مسلم] من حديث [سعد بن أبي وقاص] أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ثم ذكر الحديث
إلى قوله: "وإنك مهما أنفقت من نفقة فإنها صدقة حتى اللقمة التي ترفعها إلى فِي
امرأتك" حتى اللقمة التي ترفعها بيدك إلى فم امرأتك هي صدقة ليست فقط كسباً للقلب
وليست فقط حسن تعاون مع الزوجة بل هي صدقة تؤجر بها من الله عز وجل وذكر [النووي]
في هذه الحديث قال: "إن وضع اللقمة في فِي الزوجة "ـ في فم الزوجة يعني ـ يقع غالبا
في حال المداعبة ولشهوة النفس في ذلك مدخل ظاهر ومع ذلك إذا وجه القصد في تلك
الحالة إلى ابتغاء الثواب حصل له بفضل الله ، قلت والقائل [الحافظ ابن حجر]: وجاء
ما هو أصرح من ذلك وهو ما أخرجه مسلم عن [أبي ذر] فذكر حديثا فيه: "وفي بضع أحدكم
صدقة قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويؤجر؟ قال: نعم ، أرأيتم لو وضعها في
حرام.." إلى آخر الحديث إذاً فمن صور المداعبة والملاطفة للزوجة إطعامها للطعام وكم
لذلك من أثر نفسي على الزوجة وإني أسألك أيها الأخ أيها الرجل ماذا يكلفك مثل هذا
التعامل ؟ لا شيء إلا حسن التأسي والاقتداء وطلب المثوبة وحسن التعاون وبناء النفس
فالملاطفة والدلال والملاعبة مأمور أنت بها شرعا بما تفضي إليه من جمع القلوب
والتآلف ولذلك قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم [لجابر بن عبد الله]: "هلا بكراً
تلاعبها وتلاعبك وتضاحكها وتضاحكك" إذن فالمضاحكة والملاعبة والملاطفة والدلال
للمرأة مطلوب منك شرعا.
أيضا من الفن التجاوز عن الأخطاء في الحياة الزوجية وغض البصر ، خاصة إذا كانت هذه
الأخطاء في الأمور الدنيوية فأقول لا تنس أيها الأخ الحبيب أنك تتعامل مع بشر وكل
بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ولا تنس أنك تتعامل مع امرأة وكما قال صلى
الله عليه وسلم: "قد خلقت من ضلع أعوج" لا تكن شديد الملاحظة لا تكن مرهف الحس
منقول للأفادة
تحياتي لكم
اختكم
جلنار