.* شوية ذوق:وإنه الزوج الفاشل كذلك الذي يفهم رابطة الزواج وكأنها استئجار خادمة في البيت بحيث تراه يطل على زوجته كل يوم بلائحة من الطلبيات يجب ان تلبيها على الفور والا فإنها المقصرة التي لا بد ان تعاقب على تقصيرها فتحرم من ابسط حقوقها او تنال قسطا من الاهانة ورشقة من السباب والشتائم.
انه اذا اراد ان يشرب فلا يكلف نفسه عناء القيام للشرب بل يطالبها بأن تقوم وتأتيه بالماء وانه يطالبها بأن تجهز له ثيابه من الخزانة، وانه يطالبها بأن تلمع له حذاءه وأن وأن ...
لعل كثير من الزوجات ان لم يكن كلهن يقمن بهذا مختارات راضيات (انني اتفهم قيام الزوجة مختارة بكل ما ذكرت ولكنني لا اتفهم بحال من الأحوال انها هي التي تلمع له حذاءه، فهذا ما ينبغي ان يفعله هو بنفسه وحتى ليس ابنه ولا ابنته)، ولكن قيام الزوجة بهذه الأعمال هو ليس من باب الواجب الشرعي عليها وإنما هو من باب العشرة بالمعروف وحسن تبعلها لزوجها كما اشار الى ذلك السادة العلماء.
ولكنه الزوج الفاشل الذي يعتبر هذا من اقل الواجب عليها بل ان اوجب الواجب ان تقوم به تحت كل ظرف.
ان الرجل صاحب الذوق والناجح في اسرته وعلاقته مع زوجته وحتى وان كانت زوجته تؤدي له هذه الخدمة مختارة فلا بد ان يراعي ظروفا وأوقاتا فيها يقلل طلباته او على الأقل يقوم هو بخدمة نفسه:
-1 فترة الحيض الذي تكون فيه المرأة في وضع نفسي أو معنوي وجسماني متعب ومنهك.
-2حين تكون منهمكة بضيافة صديقاتها او قريباتها
-3 بعد جولة عاصفة من النقاش واسماعها كلاما حادا فلا ينبغي ان يتبع ذلك بطلبات
-4 اذا كانت مشغولة بأعمال اخرى في البيت
-5 اياك وسيل الطلبات في وقت واحد، فالحد الأدنى ان لا تطلب منها واذا طلبت منها ذلك فساعدها،
لأن هذا من حسن عشرة الرجل مع زوجته والا فإنها قلة الذوق وانها من علامات الفشل منك ايها الزوج. ولقد قال المرحوم الشيخ مصطفى السباعي في احدى حكمه:" السعادة الزوجية لا تتم الا بأن تفهم زوجتك وتفهمك زوجتك، وتتحملها وتتحملك فإن لم تفهمك فافهمها، وان لم تتحملك فتحملها" واعلم " ان الزوجات حظوظ الأزواج في الدنيا ومهما حاول الزوج حسن الاختيار فإن حظه في زوجته من صنع الأقدار".
* الفاشلون لا يعتذرون:ان الزوج الفاشل هو الذي يزعم لنفسه العصمة فلا يخطىء، واذا اخطأ فإنه لا يتنازل عن شموخه وكبريائه وغروره ويعتذر لمن اخطأ اليه ويزداد الغرور ويتعاظم الاعتداد بالنفس اذا كانت من اخطأ اليها هي زوجته.
انه الزوج الفاشل الذي لا يرى الحق والصواب الا في جانبه واما زوجته فإنها عنوان الخطأ بل انها كومة من الأخطاء المتراكمة.
في اي مشكلة تقع بين الزوجين لا بد وان يكون احدهما سببا في وقوعها او ان كليهما شريكان متساويان في خلق اجواء التنافر، وبالتالي فإن خيرهما الذي يبدأ بالسلام والكلام والمصالحة وانهاء الخصام حتى ولو كان محقا، وهذا ما يفعله كثيرون من الأزواج الناجحين اذا خيمت عليهم اجواء الخصومة والتنافر، ولكن الزوج الفاشل هو الذي يعتبر اعترافه بالخطأ واعتذاره لزوجته عما بدر منه نوعا من الضعف ولن يعطي لزوجته الفرصة بأن تستمتع برؤيته وهو يعتذر لسان حاله يقول :" الرجال لا يعتذرون" ولأنه فاشل وجاهل فإنه لا يعلم ان خير الرجال وخير الأزواج صلى الله عليه وسلم كان يسترضي زوجاته ويسارع لتبرير مواقفه بل ويقدم لهن الهدايا المعنوية والعينية من اجل ارضائهن رغم انه لم يكن يفعل حراما صلى الله عليه وسلم.
انك لست معصوما ايها الزوج، فإذا حصل وكان منك الخطأ فلا بأس عليك ان تقول لزوجتك آسف، واني اعتذر وسامحيني. واعلم بأن هذا يعلي مقامك في عيني زوجتك ويزيد احترامك عندها واعجابها بك، ولا بأس ان يكون مع الاعتذار بعض البهار ليزيد طعم الاعتذار لذة ونكهة، يقول الأستاذ اكرم رضا في كتابه ( اوراق الورد) :" تعلم كيف تعتذر، فإن الاعتذار من شيمة الرجل الذوق والحد الأدنى ان تعتذر بصدق عندما تكون مخطئا، وان يكون اعتذارك ليس مجرد كلمة، وانما لمسة حانية وقبلة دافئة وهدية رقيقة وهذه هي الرحمة، والحد الأعلى ان تعتذر عنها اذا اخطأت هي، وأن تلتمس لها عذرا والف عذر، والا تلجئها الى الاعتذار، وان تذيب خجلها من خطئها في جمال ابتسامتك، ودفء لمستك وعبير لثمتك"
لا بأس عليك ايها الزوج اذا اخطأت ان تمد يدك الى يد زوجتك تلامس يدها وأنت تعتذر اذا اخطأت فلهذا اثر كبير ( فإن فريقا من الباحثين السويديين والكنديين اكتشف سر الدور الذي تلعبه لمسات الأيدي في نقل مشاعر الحب والعاطفة حيث توصلوا الى انه توجد مجموعة من الألياف العصبية في جلد الانسان مسؤولة عن توصيل احاسيس ومشاعر الحب الى المخ، وان اطراف الأصابع وكف اليد به مائتان وخمسون من تلك الألياف مسؤولة فقط عن نقل المشاعر العاطفية .
* اياك والروتين:ان من الأزواج من اذا انقضت السنوات الأولى من الزواج بما فيها من بريق ولمعان ووعود وآمال ثم اذا راحت السنون تتراكم عددا والمسؤوليات تتعاظم فإن وهج سنوات الزواج الاولى يخبو ويخفت ويغلب على العلاقة بين الزوجين الرتابة والروتين، وان الزوج الفاشل هو الذي يعتبر هذا ناموسا لا بد منه ونظاما فطريا لا يمكن اختراقه ولا تجاوزه فيستسلم له ويركن اليه.
ان الروتين في الحياة الزوجية يمكن ان يساهم في تراكم الاشكالات بين الزوجين واستعصاء حلها، الأمر الذي يحتم على الزوج ان يسعى لكسر هذا الروتين عبر سلوكيات وافعال وممارسات تضفي على الحياة الزوجية صورة من التجديد وتبعث الأمل من جديد ان كان ذلك في نظام النوم او في اوقات الراحة او تجديد غرفة النوم ( وفق الظروف والامكانات) او ساعات الخلوة مع الزوجة في رحلة او نزهة، او حتى بمرافقتها والاولاد او لوحدها في تناول الطعام خارج البيت في مكان مناسب او مطعم ملائم فإن ذلك من مظاهر كسر الروتين الذي يساهم في خلق اجواء من الايجابية على العلاقة بين الزوجين.
ان تراكم سنوات ذات العدد وتشابه السلوك اليومي طوال كل هذه السنوات مما يساهم في خلق حالة من البرود في التعامل بين الزوجين، الأمر الذي يجب ان يدفع الزوج العاقل والناجح لوضع حد لهذه الظاهرة ويكون ذلك عبر التجديد والابتكار وابتداع ظروف وخلق اجواء تساهم في بث روح الحيوية في نفسية الزوجة، مع ان من النساء من تبالغ بالرغبة بالمطالبة بكسر الروتين وتغيير المألوف وقد قيل انها كلما انتقلت من حال الى ما هو احسن منه ملّته وتشكت منه وتريد تغييره ولو وصلت الى الجنة لملتها وتمنت الانتقال الى جهنم !!!
* الغزل الحلال:يظن الزوج الفاشل ان ابداعه في بث معاني الحب ومواقف الاحترام لزوجته لا تكون الا في فترة الشباب حيث تتطلب الحاجة ذلك، بينما اذا امتدت السنون فإنه يظن ان الزوجة تصبح في غنى عن ذلك وان هذه المصطلحات والمواقف لم تعد ضرورية بل لعلها لم تعد ذات تأثير.
بل ان العكس هو الصحيح فإن الزوجة اذا كبر ابناؤها وانشغل كل منهم في بيته اذا تزوج او وظيفته اذا اشتغل فتصبح هي تحت تأثير بحبوحة الوقت الذي يمكن ان يخلق اجواء من الكآبة، وهذا لا يعوضه الا زوج ناجح محب يعرف كيف يعوض زوجته ما ينقصها وبالذات في ظل تأثير كبر السن . تقول احدى الفتيات العاقلات:" كانت امي في الخمسين من عمرها وكنت امشط لها شعرها وبجوارها حبيبها ابي، وبينما انا كذلك اذ قلت لها: ما رأيك يا ست الحبايب ان نصبغ لك شعرك بالحناء، فابتسمت ابتسامتها العذبة ونظرت لوالدي بحب وحنان وقالت : استأذني اباك، وقبل ان اسأله قام من مكانه وجلس الى جوارها ووضع يده على شعرها وقال: والله، ان هذا الشعر الأبيض وهذا الجمال الذي ترونه تجاعيد انما هي عندي سنين حب وعطاء وذكريات جميلة في شبابي وكهولتي قضيتها مع شريكة عمري وقلبي، وان كل شعرة ابيضت وهي معي لكأنها ابن لي ولد بين يدي، وهل يترك الأب الوفي ولده او يغيره. ثم نظر اليها وعيناه كلها تنطق بالحب والوفاء وقبلها بين عينيها وأمسك بيدها وقال: والله اني لأراها اجمل من ملكة جمال في العشرين من عمرها ولو اجتمعت لي كل نساء الدنيا ما استمتعت برؤيتهن او صحبتهن اكثر من استمتاعي لروحي وحبيبة قلبي ... ثم ما لبثت امي ان بادلته بكلمات عذبة ونظرات حانية".
تقول الفتاة التي اورد قصتها الأستاذ محمد احمد عبد الجواد في كتابه ( افتحوا نوافذ للحب والحوار) ص 75:" والله، انا لا اسرد قصة من خيالي ولا اجري بكم في درب من دروب الأفلام، وانما هي حياة عشت تفاصيلها بقلبي وعقلي، فقد عاشا- رحمهما الله- رغم ضغوط الحياة وشدة الابتلاءات كعاشقين ... في قلبيهما حرارة تبعث لنا الدفء والأمان وكأنما تزوجا بالأمس القريب". ثم تقول :" فما كان اسهل على ابي ان يقول لي من البداية: نعم، ولماذا لا تصبغ شعرها لتعود اليها نضارتها، او ان يقول انا لا احب صبغ الشعر، ولكنه ادرك بتوفيق الله ثم ذكائه انها امرأة وانها تحتاج لتأكيد حبه لها في كل وقت وانها ما زالت جميلة في عينه بل وزاد عليها بالحوار غير اللفظي فوضع يده على شعرها وقبلها بين عينيها ونظر اليها نظرة الحب والرحمة .
ايها الزوج، جدد هذا الحب بينك وبين زوجك ولو بكلمة فيها تزيد هذا الرباط المقدس بينك وبينها، فإنه رباط كان وما يزال باسم الله سبحانه.
ايها الأزواج، ان الزواج هو مشروع واي مشروع، وانه يتطلب من اجل انجاحه والارتقاء به بذل كل الوسائل الممكنة من اجل تحقيق ذلك النجاح. وان اعتبار البعض كلمة زوج هو مجرد لقب يناله لحظة اقترانه وخلوته بتلك المرأة التي كانت حتى قبل ساعات مجرد امرأة اجنبية فإنه الجهل بعينه.ان السير في دروب الحياة امر صعب وشاق ويزداد الأمر صعوبة اذا كنت تسير في هذه الدروب وانت محمل بالمسؤولية سواء كنت زوجا او ابا او غير ذلك. مما يعني ضرورة اتقان هذا السير ومعرفة منحنيات هذه الطريق وانحداراتها ومطباتها حتى يسهل تجاوزها بسلام بإذن الله.
واذا كنا نطمح في ان تكون بيوتنا واسرنا وبحق لبنة من لبنات المجتمع المسلم المنشود والذي نسعى لبنائه، فإن هذا يحتم ان تكون بيوتنا نماذج خيرة ومنارات مضيئة، وذلك بأن نكون المثل الأعلى والقدوة الحسنة لغيرنا عبر ان تكون بيوتنا تنبعث منها اخبار المودة والمحبة والاحترام والتقدير والتفاهم بين الزوجين، وان نبني وبنجاح بيوتنا وان تكون علاقتنا مع زوجاتنا قائمة على اساس حقين اثنين لهذه الزوجة، الأول انها مسلمة ولها حق الاسلام " لا يؤمن احدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" والثاني انها زوجة والاسلام كذلك اوجب لها حقوقا " وان لزوجك عليك حقا".
فاجعل ايها الزوج هدفك في هذه الحياة ان تنجح في مشروع الزوجية وبناء البيت المسلم لتكون بذلك حارسا امينا على ذلك الثغر المهم والبؤرة الحساسة في جدار وحصن الاسلام، والا فإنك - لا سمح الله- اذا اهملت هذا الثغر واذا فشلت في مشروع الزوجية فإنها المسؤولية التي ستحاسب عنها يوم القيامة.
وأخيرا فإنني اذكرك بقول القائل:" الزوج الكريم يستر مساوىء زوجته حتى عن اوليائها، والزوج اللئيم يتحدث عن مساوىء زوجته حتى لأعدائها".
فكن كريما ايها الزوج، ولا تكن لئيما، وكن ناجحا ولا تكن فاشلا، ومعا ندعو الله دائما ونقول { ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعين واجعلنا للمتقين اماما}.
منقول [/COLOR][/SIZE]
__________________
استغفر الله العظيم التواب الرحيم لذنبي وللمسلمين وللمسلمات وللمؤمنين وللمؤمنات الأحياء منهم والأموات ألي يوم الدين

كن مع الله