دعوني أفضفض ..!!
عندما تُختزَل ..
مشاعرُك .. أحلامك .. حياتكَ .. في " رقم " ..
تتوقّف لبرهة .. لتلتقطَ أنفاساً أعياها " التبلّد " ..
وتضحكَ بسخرية : ( أهااااا .. إذن أنا موجود ) !!
أنينُ " الإنترفون " يذكّرني بـ " صفّارة " الإنذار
يومَ كانَ " التلفاز " يدوّي بها في بلادنا ..
فأهوي على سريري ببراءةٍ أرهقها الفزع ..
وأتغطّى بـ " البطانيّة " !!
كثيراً ما ينجحُ الإنترفون في استفزازي بنغَمته تلك
لأسارعَ وأخرسَه ..
_ مين ؟
_ السلام عليكم .. أنا موظّف التعداد
_ مين 
_ موظّف التعداد .. يا أختي
_ طيّب ؟
_ أبغى بعض البيانات !
_ تعالَ وقت تاني .. الأولاد خرجوا
_ شكراً !
تسألُني أمّي : مين ؟
فأنظرُ إلى الفراغ بوَجل : هدا اللي بيعمل إحصااءات
ترمقُني بطرفٍ خفيّ ..
فأبادرُها بانهزام : موظّف التعداااااد !!
وهنا أعي تماماً أنّ أمّي ستبدأ لحظاتٍ طويلةٍ منَ الجفاااء ..
كما في كلّ مرّة تتذكّرُ فيها أنّ ابنتها " عنيدَة " !!
في كلّ عام يلاحقُني هذا الموظّف ليذكّرَني
بخيبَتي " الجميلة " !
... أيّ شغَفٍ وفضولٍ يملكه !؟
أمَا تزالُ " شؤونُ " الآخرين تشغلُه إلى هذا الحدّ !؟
تُرى ألا يخطرُ له ..
أنّهُ ثقيلُ " الظلّ " على قلوبِ الآنسات ؟
عندما عرّفني بنفسه .. كدتُ أصرخ :
" مازلتُ هناااااااااا .. لم يتغيّر شيء " !!
أوراقهُ واستماراتهُ " المصمَتة " لا تضيفُ
إليّ شيء .. سوى أنّها تحيلُني إلى رقمٍ " بليد "
تتغنّى بهِ الصّحف .. !
الصّحف ؟ .. وآآآهٍ من هذِهِ الأخرى ..
عدوّ العوانس !!
أمرّ بالصّالة لألمحَ " الجريدة " على الطاولة
جديدة كمَا هيَ .. تغريني هيأتها لأبدأ التصفّح ..
يستوقفُني تحقيقٌ طويل: ( نسبة العنوسة بلغت ...
لقاءاتٌ " وهميّة " .. وكلماتٌ " مفبركة " مخجِلة .. )
أسحبُ " الورقةَ " بهدوووء .. وأهرّبها إلى غرفتي ..
أطوي الجريدة .. وأعيدٌها حيثُ كانت ..
أتسلّلُ إلى غرفتي .. لـ " أفصّصَ " الموضوع
وأفكّر .. أمزّقها إرباً .. أم الأجدَى حرقُها !؟
يربكُني صوتُ أخي في الخارج :
" يا أمّي مين قرأ الجريدة " ؟
أخبّئها على وجهِ السّرعة .. ويطرقُ هوَ بابي
يسألني بلهفة .. فأتظاهرُ بالنعاس وعدمِ الاستيعاب
يخرجُ متذمّراً .. فأخرجُها وأمزّقها " أروبةً .. أروبة " !
وأتنفسُ الصعدااااااء 
وفي المسَاء ..
تطربُني أختي الصّغرى وهيَ تقرأ ..
_ ببراءةٍ تستحقّ " صفَعاتٍ " مرتّبة _
( شوفي يا أمّي .. هادي مدرّسة وعمرها .. وتبغى
وسيم ويقدّر الحياة الزوجية .. وهدا عاطل ويبغى موظّفة )
... حاولتُ أن أبالغَ في عرضِ لا مبالاتي وهدوئي ..
وإخفاء علامات " الخجل " الذي ينبتُ في عينيّ ..
أمسكتُ ببقايا " الجريدة " وأوهمتُ من حولي باستغراقي
في القراءة ..
بينما أنا أتوعّد هذا الملحق بالمُصادرة ..
حيثُ سيأخذ طريقهُ من الآنَ ولاحقاً إلى الأرشيف: غرفتي !
،،،
" توصيَة " ..
يُفترضُ من التعداد .. أن يساهمَ بحلولٍ واقعيّة ملموسة
في التخفيف على العوانس والمطلقات ..
بأن تكونَ الأفضليّة لهنّ دوماً في الوظائف الحكوميّة وفي
مدنهنّ التي يقطنّها !
ولا مانعَ أن يعلنَ القطاع الخاصّ عن وظائفه بعبارة :
" الأفضليّة .. لما فوق 25 ) !
هل هناكَ من توصياتٍ أخرى !؟
،،،
" همسَة "
مِزاجي _ بفضل الله ومنّتهِ وكرمه _ عاااال العااال
_ رغمَ موقفٍ عابرٍ أرهقَني _ لذا لستُ مسؤولة
إن تباهت الحروف .. بوشاحها " الأحمر
" !!
" ومضَة "
يا أيّها الطفلُ الذي في أعمَاقي ..
أما آنَ لكَ أن تكبُر !؟
التعديل الأخير تم بواسطة حسابات الزمن ; 21-12-2006 الساعة 08:19 AM