الوقاية من الانتكاسات المتكررة و علاجها المبكر:
إن من الأمور الطبيعة التي تحدث باستمرار في هذا المرض ,و حدوث الانتكاسات المتكررة و التي قد تختلف حدتها من في كل مرة , وخاصة عند وجود السبب الظاهر لها كالالتهابات المتكررة و النزلات المعدية .
يجب على الأبوين وعند وجود الأعراض المبكرة للانتكاسة المبادرة سريعا بإعطاء الطفل السوائل بشكل اكبر , ويكون ذلك عن طريق الفم او أنبوب التغذية عن طريق الأنف او المعدة مباشرة. أو الفتحة المعدية المباشرة .و قد يواجه الوالدين صعوبة في إقناع الطفل في تناول هذه السوائل لذلك قد تنفع عملية إعطاء السوائل بكميات قليلة و لكن بشكل متكرر و مستمر.
كما قد ننصح بمضاعفة كمية دواء البوليسترا (Polycitra ) و دواء الكارنتين (Carnitine) . أما عند تدهور الحالة العامة للطفل وازدياد الإستفراغ والخمول الشديد والرفض التام للسوائل , عندها يجب المسارعة إلى اقرب مركز صحي مجاور لمقر إقامتك ,و لا يلزم أن تقطع المسافات الطويلة إلى المستشفيات الكبيرة , التي قد يكون نتيجة ذلك حياة المريض وهلاكه . إن علاج المرضى في مثل هده الحالات هو السوائل والمحاليل الوريدية الملحية والسكرية بكميات محددة , مع تحويل الأدوية المعتادة إلى طريق الوريد . (وهذه المحاليل متوفرة في معظم المستشفيات الكبيرة ) .
ومما ينبغي التنبيه على أن حدة المرض قد تزداد و حتى عند التدخلات الطبية القصوى, مما يستدعى إدخال المريض العناية الفائقة .
خطورة المرض ومضاعفاته .
تشتد خطورة هدا المرض في الأسابيع الأولى من الولادة .
وهذه الخطورة تكمن في مقدار الحموضة في الدم , والتي قد تؤدى في الكثير من الحالات إلى الهبوط الشديد في الجهازين القلبي والرئوي مع نقص الأكسجين و بالتالي قد تؤدي إلى الضرر البالغ بالمخ والمراكز الحساسة بالدماغ . ويضاف إلى ما سبق , ارتفاع الأمونيا و التي قد ذكرنا سابقا ضررها وما قد تسببه من اثر بالغ بخلايا المخ ومن ثم التسبب في الضمور و التأخر العقلي .
يعرف هدا المرض بأثره البالغ على نخاع العظم ( مصنع الكريات والصفائح الدموية ) , وينتج عن دلك نقص الإنتاج العام من الكريات الحمراء ( فقر الدم ) , والكريات البيضاء ( الالتهابات المتكررة ) , والصفائح الدموية ( النزيف) .
وبشكل عام , فأن هدا المرض ذو انتكاسات حادة متكررة , تؤدي في الكثير من الحالات لتعريض الطفل إلى حالة حرجة تحتاج إلى العناية الطبية الدقيقة و إعطاء السوائل الوريدية .
للأسف فإن هذا المرض ليس له علاج شافي و ناجع كغيره من الأمراض الإستقلابية . غير انه يمكن الحد والسيطرة جزئيا على الكثير من الأعراض المؤدية إلى تضاعف خطورة وشدة المرض .
إن مرض ارتفاع الحمض الأميني البروبيونى من الأمراض الوراثية الإعاقية التي قد تزداد سواء في معظم الحالات ومن هده المضاعفات والمشاكل المتعلقة بالمرض نورد بعض منها :
1) التأخر العقلي بجميع الدرجات ( شديد ،متوسط ،خفيف ) , وهدا التخلف يرجع إلى ضمور خلايا المخ و الذي هو جزء من المرض ( يمكن عمل فحص أشعة الرنين المغناطيسي للمخ ورؤية هده التغيرات) , ونسبة حصول هدا التخلف يعتمد على شدة الإصابة و عدد الانتكاسات.
2) ضعف النمو الجسدي ( قلة الشهية ) , وهذا شيء حاصل لا محالة , ويمكن التغلب عليه بواسطة أنبوب التغذية عن طريق الأنف أو المعدة مباشرة عن طريق الجراحة.
3) الصرع أو التشنجات ( نسبة حصولها 30% . )
4) كثرة الحركة , مع ضعف التركيز الذهني .
5) الإمساك .
6) التهاب البنكرياس .
7) القابلية للالتهابات المتكررة .(بسبب ضعف المناعة ) .
8) فقر الدم ( الأنيميا ) المزمن المتكرر , ونقص الصفائح الدموية , والتي قد تستدعي اعطائهما عند الحاجة الماسة لذالك .
9) القيء المتكرر والمزمن مع الارتجاع المعدي إلى المريء , و الذي قد يستدعي في الكثير من الحالات التدخل الجراحي البسيط , بأجراء عملية تضييق لفوهة المعدة العلوي .
10) حموضة الدم المزمن
11) ارتفاع الأمونيا المزمن .
12) الضعف التدريجي لوظائف الكلى , و التي قد تؤدى إلى الفشل الكلوي مستقبلا لا قدر الله.
13) الصعوبة في وضع المغذيات نظرا لصعوبة رؤية الأوردة في الأطراف و ذلك لكثرة استعمالها من قبل الأطباء, ويمكن التغلب على هذه المشكلة جراحيا بعمل الخط الوريدي المركزي .
إن تشخيص هده المضاعفات قد تحتاج لعمل الكثير من الفحوصات , لتحديد شدتها , والعمل مبكرا للتقليل من أثرها على حالة الطفل .
طرق الوقاية , التشخيص الجنينى , والمبكر للمرض .
هناك عدد محدود من المراكز العالمية البحثية التي قد يكون لديها المقدرة على تشخيص الجنين المصاب بالمرض , وذلك في حدود الأسبوع 16-18 من بداية الإخصاب , ويتم ذلك بتحليل السائل الأمينوسي (المحيط بالجنين ) بدقه ودراسة المكونات التي تنتج عن تراكم مادة الحمض البروبيونى .
و إذا تم التشخيص وثبت صحة إصابة الجنين بالمرض , فإن الخطوة التي قد يتم مناقشتها هي موضوع إجهاض الجنين المصاب بالمرض , وهذا الأمر يرجع إلى الحكم الشرعي بهذا الخصوص.
حتى الآن , لا يتوفر هدا الفحص الدقيق إلا في القليل من المراكز عبر العالم .
أما التشخيص الوراثي للجين ( المورث) المسبب للمرض لدى الزوجين و و بقية أفراد العائلة , فإن ذلك يتم بالتحليل المبدئي و المسح الشامل للطفرة ( التغير الوراثي ) الحاصلة في العائلة المصابة بالمرض , وبعدها يتم تحديد الشخص الحامل و السليم .
هذا الفحص هو فحص بحثي وتجريبي , و لا يتوفر إلا في مراكز محدودة بالعالم .
للمزيد من التفصيل في هده النقاط وغيرها , يرجى سؤال استشاري الأمراض الوراثية و الإستقلابية المتابع لحالة ابنك المصاب .
كتبها :د.عيسي علي فقيه من مستشفى الملك فيصل التخصصي
يتبع