من صفحة 49 إلى صفحة 50
الفصل الثالث
.................................................. ......................
يذهب الرجال إلى كهوفهم
وتتحدث النساء
.
.
.
إن أحد أعظم الفروق بين الرجال والنساء هي طريقة تعايشهم مع
الضغوط. يصبح الرجال أكثر تركيزا وانسحابا بينما تصبح النساء
مثقلات ومشوشات عاطفيا. في هذه الأوقات. تكون حاجات الرجال
للشعور بتحسن مختلفة عن حاجات النساء. فهو يشعر بتحسن عن طريق حل المشكلات بينما تشعر هي بتحسن عن طريق التحدث عن المشكلات.
وعدم فهم و قبول هذه الاختلافات يخلق احتكاكات غير ضرورية في علاقاتنا. دعونا ننظر إلى حالة شائعة.
.
.
عندما يعود توم إلى المنزل، فإنه يريد أن يستريح ويسترخي بقراءة
الأخبار بهدوء. إنه مجهد بمشكلات يومه التي لم تحل ويجد الراحة عن طريق نسيانها.
.
أما زوجته ماري، فهي تريد أيضا أن تستريح من يوم متعب. لكنها تريد أن ترتاح بالحديث عن مشكلات يومها،
وينشأ التوتر بينهما ببطء ويصبح بالتدرج استياء.
توم يفكر سرا أن ماري تتكلم كثيرا، بينما تشعر ماري بأنه يتجاهلها. ودون فهم الفروق بينهما سيزدادان بعدا أيضا.
.
.
ربما تستطيع التعرف على هذه الحالة لأنها فقط واحدة من أمثلة كثيرة يكون فيها الرجال والنساء على خلاف . هذه ليست مشكلة توم وماري فقط بل هي تقريبا موجودة في كل علاقة .
وحل هذه المشكلة لتوم وماري يعتمد لا على مدى حبهما لبعضهما ولكنعلى مدى فهمهما للجنس الآخر.
فدون معرفة أن النساء حقا بحاجة إلى التحدث عن المشكلات ليشعرن بالتحسن، سيستمر توم يفكر أن ماري كانت تتحدث كثيرا ويقاومها. ودون معرفة أن توم كان يقرأ الأخبار ليشعر بالتحسن . ستستمر ماري تشعر بأنه متجاهلة ومهملة. وستستمر في محاولتها أن تجعله يتحدث إليها بينما هو لا يريد.
هذه الاختلافات يمكن أن تحل أولا بفهم أكثر تفصيلا لكيفية تعايش الرجال والنساء مع الضغط النفسي . دعونا نراقب الحياة على سطح المريخ والزهرة ونجمع بعض الاستبصارات عن الرجال والنساء.
.
.
.
التعايش مع الضغط النفسي في المريخ والزهرة
.
.
عندما يتضايق الفرد من أهل المريخ لا يتكلم أبدا عما يضايقه. فهو لا يثقل كاهل فرد آخر من أهل المريخ بمشكلته إلا إذا كانت مساعدة صديقه ضرورية لحل المشكلة . وبدلا من ذلك يصبح هادئا جدا ويدخل إلى كهفه الخاص ليفكر في مشكلته، ويقلبها ليجد حلا. وعندما يجد حلا ، يشعر بتحسن ويخرج من كهفه.
وإذا لم يكن قادرا على الوصول إلى حل فإنه يقوم بشيء لينسى مشكلاته . مثل قراءة الأخبار أو ممارسة لعبة. وبتحرير عقله من مشكلات يومه، يستطيع تدريجا أن يسترخي. وإذا كان الضغط عظيما حقا فيلزمه أن ينخرط في شيء أكثر تحديا، مثل التسابق بسيارته، أو التنافس في مسابقة، أو تسلق جبل.
............................................
ليشعر ساكن المريخ بتحسن يدخل إلى كهفه
ليحل المشكلات منفردا.
..............................................
عندما تصبح زهرية منزعجة أو تحت ضغط من أحداث يومها، تبحث عن شخص ما تثق به وتتحدث إليه بتفصيل دقيق عن مشكلات يومها، لكي تشعر بتحسن . وعندما تشارك الزهريات شعورهن بالانسحاق، يشعرن فجأة بتحسن. هذا هو أسلوب الزهريات.
.
.
.................................................. .....
ليشعرن بتحسن، يجتمع الزهريات
ويتحدثن بصراحة عن مشكلاتهن.
.................................................. ......
.
.
المشاركة في مشكلاتك مع شخص آخر تعتبر على سطح الزهرة في الحقيقة علامة حب وثقة وليس عيبا. ولا يشعر الزهريات بالخجل من أن لديهن مشكلات . والأنا لديهن معتمد لا على الظهور بمظهر " الكفؤ" بل بالأحرى على كونهن في علاقات حميمة. إنهن يشاركن بصراحة مشاعرهن بالانسحاق، والارتباك، وفقدان الأمل، والإنهاك.
تشعر الزهرية برضا عن نفسها عندما يكون لها صديقات محبات تشاطرهن مشاعرها ومشكلاتها. ويشعر المريخي بالرضا عندما يتمكن من حل مشكلاته بنفسه في كهفه. وأسرار هذا الشعور بالرضا لا تزال قابلة للتطبيق اليوم .
.
.
العثور على الراحة في الكهف
.
.
عندما يكون الرجل تحت ضغط نفسي سينسحب إلى كهف عقله ويركز على حل المشكلة. ويختار في الغالب أكثر المشكلات إلحاحا أو أكثرها صعوبة. ويصبح شديد التركيز على حل هذه المشكلة الوحيدة إلى درجة أنه يفقد الوعي بكل شيء آخر بصورة مؤقته. أما المشكلات الأخرى والمسئوليات فتتلاشى إلى الخلف.
.
في مثل هذه الأوقات ، يصبح الرجل باضطراد مبتعدا ، وكثير النسيان، وغير متجاوب، ومنشغلا في علاقاته. فمثلا، حين يدور حديث معه في المنزل ، يبدو كأن 5% فقط من عقله متاح للعلاقة بينما 95% الأخرى لا تزال في شغل.
إن وعيه الكامل غير حاضر لأنه يقلب مشكلته، آملا أن يجد حلا .
وكلما كان مجهودا أكثر، كلما كان استحواذ المشكلة عليه أكبر. إنه في مثل هذه الأوقات غير مؤهل لإعطاء المرأة الانتباه والمشاعر التي تتلقاها علدة والتي تستحقها بكل تأكيد . إن عقله مشغول وهو عاجز عن تحريره. ولكن إذا استطاع أن يعثر على حل، سيشعر فورا بتحسن ويخرج من كهفه فجأة يكون متوفرا ليكون طرفا في علاقة مرة أخرى.
ولكن، إذا لم يكن قادرا على العثور على حل لمشكلته، فإنه يبقى عالقا بكهفه. وليتحرر فإنه يجر إلى حل مشكلات صغيرة ، مثل قراءة الأخبار ومشاهدة التلفزيون و قيادة سيارته، القيام بتمارين رياضية ، مشاهدة مباراة في كرة القدم ، لعب كرة سلة، وهكذا. وأي نشاط تنافسي يتطلب في الأصل 5% من عقله يمكن أن يعينه على نسيان مشكلاته ويصبح متحررا . ثم في اليوم التالي يستطيع أن يعيد توجيه تركيزه لمشكلته بنجاح أعظم.
دعونا نستكشف بتفصيل أكبر بعض الأمثلة . يلجأ جم عادة لقراءة الصحف لينسى مشكلاته. عندما يقرأ الصحيفة فإنه لا يعود في مواجهة مع مشكلاته اليومية . وبما نسبته 5% من عقله التي لا تكون مركزة على مشاكل العمل ، يبدأ في تشكيل آراء وإيجاد حلول لمشكلات العالم وبالتدريج يصبح عقله باضطراد مشغولا بالمشكلات الموجودة في الأخبار وينسى مشكلاته. بهذه الطريقة يحقق التحول من كونه مركزا على مشكلاته في العمل للتركيز على مشكلات العالم الكثيرة ـ التي ليس هو مسئول عنها مباشرة ـ
هذه العملية تحرر عقله من استحواذ مشكلات العمل وبالتالي يستطيع أن يركز على زوجته وعائلته مرة أخرى .
يشاهد توم مباراة كرة قدم لينعتق من الضغط ويسترخي . يحرر عقله من محاولة حل مشكلاته الشخصية عن طريق حل مشكلات فريقه المفضل. وعن طريق مشاهدة الرياضة يستطيع أن يشعر أنه حل مشكلة بالنيابة مع كل مباراة. عندما يسجل فريقه أهدافا أو يربح، يستمتع بشعور الفوز. وإذا خسر فريقه، فإنه يعاني خسارتهم وخسارته. ولكن عقله قد تحرر من استحواذ مشاكله الحقيقية في كلا الحالين .
.
.
وبالنسبة لتوم وكثير من الرجال الانعتاق الحتمي من التوتر الذي يحدث عند انتهاء أي حدث رياضي، أو حدث إخباري، أو فيلم يوفر تحررا من التوتر الذي يشعر به في حياته.
.
.
كيف تتفاعل النساء مع الكهف
.
.
عندما يعلق رجل بكهفه، فإنه يكون عاجزا عن منح شريكته الانتباه الجيد الذي تستحقه. ومن الصعب عليها أن تكون متقبلة له في هذه الأوقات لأنها لا تدري كم هو مجهود. فلو أنه كان يأتي إلى البيت ليتكلم عن كل مشكلاته، عندها يمكن أن تكون متعاطفة أكثر. وبدلا من ذلك ، يحجم عن التحدث عن مشكلاته، وتشعر أنه يتجاهلها. إنها تستطيع أن تقرر بأنه منزعج ولكن تفترض خطأ أنه لا يهتم بها لأنه لا يتحدث إليها .
والنساء عادة لا يفهمن كيف يتعايش أهل المريخ مع الضغط. إنهن يتوقعن أن يفتح الرجال صدورهم ويتحدثون عن كل مشكلاتهم كما تفعل الزهريات . عندما يعلق الرجل بكهفه ، تستاء المرأة من أنه غير منفتح أكثر. وتشعر بألم حين يفتح على الأخبار أو يخرج ليلعب كرة سلة ويتجاهلها.
أن تتوقع من الرجل الذي في كهفه أن يصبح فورا منفتحا ، واستجابيا ، وودودا أمر غير واقعي مثلما نتوقع من المرأة المنزعجة أن تهدأ فورا وتصبح منطقية جدا . إن من الخطأ أن نتوقع أن تكون مشاعر المرأة دوما عقلانية ومنطقية .
عندما يدخل أهل المريخ إلى كهوفهم يميلون إلى نسيان أن أصدقاءهم يمكن أن تكون لديهم مشكلات أيضا . وتسيطر الغريزة التي تقول قبل أن تهتم بأي شخص آخر، يجب أولا أن تهتم بنفسك. وعندما تشاهد المرأة رد فعل الرجل بهذه الطريقة ، فإنها تقاومها وتستاء من الرجل.
ويمكن أن تطلب دعمه بنبرة قاسية ، وكأن عليها أن تقاتل من أجل حقوقها مع هذا الرجل العديم الاهتمام. وبتذكر أن الرجال من المريخ، يمكن للمرأة أن تؤول بشكل صحيح رد فعله تجاه الضغوط على أنه أسلوبه في التعايش مع الضغط بدلا من أنه تعبير عن كيفية شعوره نحوها .
.
وتستطيع أن تبدأ بالتعاون معه لتحصل على ماتحتاج إليه بدلا من مقاومته.
وعلى الجانب الآخر ، لدى الرجال عموما القليل من الوعي عن مدى ما أصبحوا عليه من البعد عندما يكونون في الكهف.
وحين يدرك الرجل كيف يمكن أن يؤثر انسحابه إلى الكهف على المرأة ، يستطيع أن يكون متعاطفا حين تشعر بأنها متجاهلة أو غير مهمة. وتذكر أن النساء من الزهرة يساعده في أن يكون أكثر تفهما لردود أفعالها ومشاعرها ودون فهم صدق ردود أفعالها ، يدافع الرجل عن نفسه عادة، ويتجادلان.
هذه خمسة إساءات للفهم شائعة :
& عندما تقول " إنك لا تنصت" يقول " ماذا تقصدين بأنني لا أنصت ؟ أستطيع أن أخبرك بكل ماقلت "
.
يستطيع الرجل عندما يكون في الكهف أن يسجل ما تقوله بنسبة %5 من عقله الذي يستمع. الرجل يستنبط أنه إذا كان يستمع نسبة %5 فهو إذا يستمع . ولكن ، ما تطلبه هي كل انتباهه غير المجزأ .
.
_& عندما تقول " أشعر كما لو أنك لست حتى هنا " يقول " ماذا تقصدين بأنني لست هنا ؟ بالطبع أنا هنا . ألا ترين جسدي؟ "
.
إنه يستنبط أنه إذا كان جسده موجودا فيجب أن لا تقول أنه ليس هناك. ولكن ، على الرغم من أن جسده موجود . فإنها لا تشعر بكل وجوده، وهذا ماقصدته .
.
& عندما تقول" إنك لا تهتم بي " يقول " بالطبع أنا أهتم بك . لماذا تظنين أنني أحاول أن أحل المشكلة ؟ "
إنه يستنبط أن من الواجب عليها أن تدرك أنه يهتم بها بسبب كونه مشغولا بحل مشكلة ستعود بطريقة ما بالفائدة عليها . ولكنها تريد أن تشعر بانتباهه المباشر واهتمامه.
وهذا ما تطلبه حقا .
.
& عندما تقول " أشعر أنني لست مهمة بالنسبة إليك" يقول" هذا سخف . بالطبع أنت مهمة "
.
إنه يستنبط أن مشاعرها غير صحيحة لأنه يحل مشكلات لينفعها . فهولا يدرك حين يركز على مشكلة واحدة ويتجاهل المشكلات التي تزعجها أن أي امرأة يمكن أن يكون لديها نفس رد الفعل وتأخذ الأمر بطريقة شخصية وتشعر بأنها غير مهمة .
.
& عندما تقول " أنت ليست لديك أي مشاعر . أنت موجود في أعماقك " يقول " ماهو الخطأ في ذلك؟ بأي طريقة أخرى تتوقعين أن أحل هذه المشكلة ؟"
.
إنه يستنبط أنها أصبحت انتقادية جدا وكثيرة المطالب لأنه يقوم بشيء أساسي ليتمكن من حل المشكلات . إنه يشعر أنه غير مقدر حق قدره . وهو بالإضافة إلى ذلك لا يدرك صدق مشاعرها.
الرجال عموما لا يدركون كم يتبدلون بتطرف وبسرعة من كزنهم دافئين وحساسين إلى كونهم غير متجاوبين ومبتعدين . الرجل في كهفه مشغول بحل مشكلاته ولا يعي كيف يبدو موقفه غير المكترث للآخرين .
ولزيادة التعاون يحتاج كل من الرجل والمرأة إلى أن يفهما بعضهما بشكل أفضل .
عندما يبدأ الرجل بتجاهل زوجته. تأخذ هي الأمر بطريقة شخصية. وإدراك أنه يتعايش مع الضغط بطريقته الخاصة نافع للغاية ولكن ذلك لا يعينها دوما على تخفيف الألم .
في مثل هذه الأوقات يمكن أن تشعر هي بالرغبة في الحديث عن تلك المشاعر. هذا الوقت الذي يكون من المهم بالنسبة للرجل أن يصادق على مشاعرها . إنه يحتاج إلى أن يفهم أن لها الحق في أن تتحدث عن شعورها بالتجاهل وعدم المساندة تماما كما أن له الحق في أن ينسحب إلى داخل كهفه والامتناع عن الكلام . وإذا لم تشعر أنها قد فهمت فسيكون صعبا بالنسبة إليها أن تتحرر من شعورها بالجرح .