منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - وأنا بينهما . . .
الموضوع: وأنا بينهما . . .
عرض مشاركة واحدة
قديم 16-03-2007, 08:56 AM
  #7
أخي في الله
موقوف
 الصورة الرمزية أخي في الله
تاريخ التسجيل: Mar 2007
المشاركات: 6,299
أخي في الله غير متصل  
القصة الثانية

ابنة عمي


أثناء جلوسي مستغرقة في إنهاء ما تبقى لدي من أعمال، دخل شاب تبدو واضحة عليه علامات الأرق والإحباط، لا يكاد ينطق بكلمة واحدة، قدماه بالكاد تسيران على الأرض، عيناه تعلنان عن حزن دفين، طلبت منه الجلوس ! فجلس بهدوء ودون أن ينبس ببنت شفة.


بدأت أنا الكلام: هل لي أن أقدم إليك أي مساعدة ؟ أجاب: أريد أن يسمعني أحد ! أتمنى لو أن هناك شخصاً ما يفهمني . . لو أن هناك أحداً يستطيع مساعدتي !! . . أختي : أتمنى ألا أفقد أغلى وأعز إنسانة بالنسبة لي ، أحببتها منذ الصغر وكبر معي حبها . . أحببتها بكل كياني ..

-وما الذي حدث ؟؟؟

-أجاب: دعيني أعرفك بنفسي أولاً ، أن إنسان من أصل كويتي ، وكبرى أخواتي وصلت لدرجة لا بأس بها من التعليم. . أقصد الثانوية العامة. وقد كنت أعمل في إحدى الوزارات والآن توقفت عن العمل بسبب سؤ حالتي النفسية .

أبي إنسان مسالم، كبير في العمر، تفوق سنوات عمره سنوات عمر أمي بكثير. أحب أمي من كل قلبي ، إنها إنسانة قوية الشخصية ، عاشت مضحية بكل ما لديها من أجلي وأجل أخوتي ، أعتمد عليها في كل أمور حياتي ، لا أستطيع اتخاذ قرار دون اللجوء إليها ، وبالمقابل فهي تحبني كثيراً وتعتقد بأنني الشيء الوحيد الذي حصلت عليه من هذه الحياة .


أما بالنسبة لزوجتي فهي ابنة عمي ، تربينا معاً ونشأت على حبها . قبل وفاة عمي، وعلى فراش الموت عاهده أبي أن أكون لها ولن تصبح زوجة لأحد غيري، وعشت على هذا الأمل حتى كبرنا وطلبتها للزواج وتزوجنا. . لكنه كان زواج على الورق!! لم أستطع أن أقربها ، لا أدري ما الذي حدث لي على الرغم من أنني كنت إنساناً طبيعياً قبل الزواج ، وما زلت أتمتع بصحتي وعافيتي . وحاولت كثيراً ولكنني لم أستطع!! هاهي زوجتي تصبر وتحاول معي بكل الوسائل وأنا لا أستطيع، كرهت ضعفي وصرت أتشاجر معها لأي سبب وأقصر معها في كل شيء حتى بمصروفها وذلك بسبب تركي للعمل عندما أحسست أنني في قمة الفشل.
ساءت حالتي النفسية كثيراً ، وكلما اقتربت منها أشعر بضعفي مما جعلني لا أتقبل منها شيئاً حتى أنني قمت مراراً بضربها دون أدنى تفكير مني ، لمَ ولأي سبب أعاملها هكذا!!


وبعد سنتين من ترددي على الأطباء فشلت جميع محاولاتي، ونفذ صبرها وزادت معاناتها مما جعلها تترك المنزل وتذهب إلى بيت أهلها وتطلب الطلاق. فماذا عساي أن أفعل وأنا أحبها ولا أتخيل أن تصبح ابنة عمي زوجة لأي إنسان آخر غيري ؟.. أرجوكِ يا أختي ساعديني على إقناعها بالعدول عن رأيها. وسوف أتعهد لها أمامك بأنني سأعاملها أفضل معاملة وسوف أعود لعملي وأبذل كل ما لدي من أجل علاج نفسي، لكن مستحيل أن أفقدها.



بعد استماعي إليه وشعوري بمعاناته طلبت منه أن يهدأ قليلاً وأن يذكر الله ويتذكر أن كل ما يصيبه ابتلاء من الله سبحانه وتعالى لا يملك معه غير أن يحمد الله على كل شيء .

تناقشت معه في ظروف عمله أولاً وضرورة رجوعه إليه في أسرع وقت، ثم طلبت منه أن أرى زوجته لأتحدث إليها و أن يعود إلي في مرة أخرى.


حضرت الزوجة في اليوم التالي مباشرة . . فتاة جميلة هادئة لها عقل كبير يفوق سنوات عمرها، جلست فسألتها عن الذي حدث. وبدأت حديثها والدموع تسابقها : أحبه بقدر ما يحبني أو يزيد . . ولكن الله لم يكتب لي معه حياة، فقد تزوجته وكلي أمل بتكوين أسرة سعيدة. في بداية حياتي معه لم يهمني فشله بأي شيء بقدر ما تألمت من سوء معاملته لي دون ذنب ، علماً بأنني حفظت سره عن أمي وكل الناس ، وصبرت طيلة الفترة الماضية على أمل أن يشفيه الله ، ولكن بعد مرور الأيام والشهور وازدياد سوء معاملته وسوء حالته النفسية ، لم أجد مفراً من أن أشكو حالي لأمي وهي بدورها عندما علمت بكل شيء طلبت مني أن أظل عندها وطلبت منه أن يطلقني . وهاهو الآن يرفض تطليقي وأنا محتارة لا أدري ماذا أفعل فأنا أحبه و أتمنى مساعدته، لكنني أعرف بأن حياتي معه شبه مستحيلة. وبعد إنهاء كلامها وعدتها بأن أساعدها على أن تتخطى هذه المحنة.


وفي اليوم التالي حضر الزوج بخطوات متثاقلة، وكأنه أيقن أن ليس هناك مفر من الطلاق!

قلت : الآن ما رأيك ؟هل ترى بأنه من العدل بقاؤها معك سنوات أخرى قبل أن تعالج وترجع لحالتك الطبيعية التي كنت عليها سابقاً ؟ أجاب: لا ولكنني أحبها، قلت اترك العواطف جانباً وتحدث معي بالعقل. . إنها لم تقصر معك في شيء ، وقد عاشت فترة ليست بقصيرة دون التحدث لأحد عن مشكلتها ومأساتها على أمل شفائك ، وقد صبرت أيضاً على عصبيتك وإيذائك لها محتسبة إلى الله جل وعلا ، لكنها اليوم فقدت كل ما لديها من صبر ولا تريد أن تفقد ما تبقى لديها من إحساس بالشوق إلى الأمومة . هي فكرت بعقلها وأنت مازلت تفكر بقلبك فقط.


فأجاب: أتريدين مني أن أطلقها ؟.. قلت: تأكد أنه لو لكَ نصيب معها فسوف تعود إليها بعد شفائك.

ولكن أرجوك فكر قليلاً ولا تظلمها عسى الله أن يشفيك ويجعل من تطليقك لها مخرجاً لك.

استأذن مني وهو في قمة الحزن والكآبة محاولاً أن يخفي دموعه التي خانته! وتركته يذهب إلى أن جاء بعد عدة أيام وقال: قررت أن أطلقها، فلا فائدة من بقائنا معاً. . وطلقها وهو مازال حزيناً عليها .