* أختاه !
هل تعلمين أن المتبرجة السافرة مهزومة من داخلها ؟ لأنها مهزوزة الشخصية ، مطموسة الهوية ، مسلوبة الإرادة ، لا تعتزُّ بدينها ، ولا تفخر بعقيدتها ..
فهي تشعر بدناءة نفسها ، وتحس بضعف ثقتها بذاتها ، فتحاول ستر هذه السوءة ، بسوءةِ التبرُّج والسفور وحبّ الظهور ، وكم قُصمت بهذا ظُهور ؟!
فأين هي ـ أسفاً عليها ـ من تلك الواثقة بطريقها ، المُعتزَّة بدينها ، والمستمسكة بأمر ربِّها .. فواسعداً لها !
لقد جعلت الحجاب مبدأ تعيش عليه ، لا يمكنها التنازل عنه ، وقضية تناظل من أجلها ، فكيف تتساوى مع من تتهاوى ـ في كلِّ يوم ـ تحت أقدام أعدائها ، يحرفونها عن مسارها كيفما أرادوا ، وهي سامعة مطيعة ، خاضعة ذليلة ، لا رأي لها أو قرار ، ولا فكر لها أو خيار ؟!
قال تعالى :[ أفمن يمشي مكباً على وجهه أهدى أمن يمشي سوياً على صراط مستقيم ] 7
* هل تعتقدين أن التبرج حضارة ، ومواكبة للتطور ، ومسايرة لركب التقدم ؟
الحقيقة أنها خدعة لا أظنها تنطلي عليك ، ولا أحسب أنك من ضحاياها ، فالتبرج عودة للعصور الهمجية ، ورجوع لأسن الجاهلية ، ولهذا جاء النهي الصريح في كتاب الله تعالى عن النكوص على الأعقاب ، والرجوع لزمن الوحش والغاب .
قال تعالى :[ ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأطعن الله ورسوله .. ] 8
فهل ترضين بأن توصفي بالجاهلية ؟ أو تنسبين إلى العصور الحجرية ؟
انتبهي من مكر الأعداء ، واحذري من كيد الشيطان ، فالرقي والتقدم تستلزم التمسُّك بالآداب الشرعية ، والقيم الإيمانية ، وإلا فإنها الجاهلية الأولى ، واللوثة الكبرى ، والنكسة الأخرى !
أختاه !
هل تحتملين الحرمان من الجنة العالية لنزوة زائلة ، ولنشوة عاجلة ؟ تمضي سريعاً كومض البرق ، ثم يبقى الذنب في الصحيفة ، وقد يكون سبباً للحرمان من الجنة ، فيا له من حرمان موجع وغبنٍ مفجع !
فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ ( :" صِنفانِ مِن أهلِ النار لم أرَهُما . قومٌ معهُم سياطٌ كأذنابِ البقرِ يضربُونَ بها الناسَ ، ونساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ ، مميلاتٌ مائلاتٌ ، رُؤسُهنَّ كأسنةِ البُختِ المائلةِ لا يدخلنَ الجنةَ ، ولا يجدنَ ريحهَا ، وإنَّ ريحها ليُوجدُ مِن مسيرةِ كذا وكذا "9
وعن أبي أذينة الصدفي ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ( ـ قال :" خير نسائكم الودُودُ الولودُ ، المواتية ، المواسية ؛ إذا اتَّقينَ اللهَ ، وشرُّ نسائكم المُتبرِّجاتُ المتخيلات ، وهنَّ المنافقات ، لا يدخل الجنة منهنَّ إلا مثلُ الغراب الأعصم " 10 وهذا الغراب في رجله ومنقاره لون أحمر ، وهو نادر في الغربان .
أختاه !
لماذا تتبرجين ؟! أليس ليراك الناس ، فيعجبون بك ، وينظرون إليك ، ويثنون عليك ، ويرضون عنك ؟!
فأين أنت عن البحث الدؤوب عن رضى الرب ـ سبحانه ! أيعقل أن رضى الله تعالى آخر ما تفكرين به ، وتبحثين عنه ؟!
أليست قلوب العباد بين يديه يقلِّبها كيف يشاء ؟! بلى ! فلماذا لا تجعلين الهمَّ همَّاً واحداً ؟!
فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" من التَمس رضا الله بسخط الناس ؛ رضي الله عنه ، وأرضى عنه الناس ، ومن التمس رضا الناس بسخط الله ، سخط الله عليه ، وأسخط عليه الناس " 11
فأفيقي ـ يا أخيَّة ـ من هذا السبات العميق ، واحذري من آفات الطريق ، واعلمي أن اليوم عمل ولا حساب ، وغداً حساب ولا عمل ، وأنك راجعة إلى الله ، وواقفة بين يديه ، فخذي للموقف أهبته ، وللموقف عدته ، وللسؤال إجابته ، فلا يغرنَّك بالله الغرور ، فإلى الله ترجع الأمور . ----------------------------