تتمه
.
.
.
والآن أسوق لكم هذه القصة، والتي تدل على أن الرزق يطلب صاحبه،
ويأتيه من الباب الذي يظن بعض الناس أنه السبب في ضياع الرزق، فلنستمع معاً إلى صاحبها:
الشاعر والرزق
قال إبراهيم السويقي مولى المُهالِبة:
تتابعت عليً سنون ضيقة مع كبر في العمر وكثرة العيال وقلة ذات اليد،
وكنت مشتهرا بالشعر أقصد به الإخوان وأهل الأقدار وغيرهم
حتى جفاني كل صديق وملني من كنت أقصده فأضرني ذلك جدا.
وبينما أنا جالس مع امرأتي في يوم شديد البرد إذ قالت يا هذا،
قد طال علينا الفقر وأضر بنا الجهد وقد بقيت في بيتي كأنك مبتلى،
مع كثرة الولد، فاخرج عني واكفني نفسك ودعني مع هؤلاء الصبيان أقوم بهم مرة وأقعد بهم أخرى،
ثم قالت: يا مشئوم تعلمت صناعة لا تجدي عليك شيئا.
قال: فضجرت منها ومن قولها وخرجت على وجهي في ذلك البرد وليس عليً إلا فروٌ خلق ليس فوقه دثار ولا تحته شعار،
ولا أعلم أين أذهب. فبينما أنا أجيل الفكرة إذ أخذتني قدماي إلى دار على بابها مظلة وبجانب الباب دكة لطيف وليس عليها أحد،
فقلت أستتر بالمظلة إلى أن يسكن المطر.
فقصدت تلك الدار، فإذا بجارية قاعدة قد جلست على باب الدار كالحافظة عليه،
فقالت لي: إليك يا شيخ عن بابنا، فقلت أنا ويحك لست بسائل ولا أنا ممن تتخـــوفون ناحيته.
فجلست على الدكة، ولما سكنت نفسي سمعت نغمة رخيمة من وراء الباب تدل على نغمة امرأة
فأصغيت فإذا بكلام يدل على عتاب ثم سمعت نغمة أخرى مثل ذلك وهي تقول فعلت وفعلت،
والأخرى تقول بل أنت فعلت وفعلت،
إلى أن قالت إحداهما أنا جعلت فداك، حتى أنشدت بيتين من أشعاري،
فلما سمعت ذكري و ذكر مولانا علمت أنهما من بعض نساء المهالبة
فلم أتمالك أن دفعت الباب وهجمت عليهما فصاحتا وراءك يا شيخ عنا حتى نستتر
وتوهمتا أني من أهل الدار فقلت لهما جعلت فداكما، لا تحتشما عني فإني أنا إبراهيم السويقي،
ثم قلت لإحداهما بحق حرمتي إلا شفعتني فيها ووهبت لي ذنبها واسمعي مني فأنا الذي يقول:
خذي بيدي من الحزن الطويل *** فقد يعفو الخليل عن الخليل
فقالت قد فعلت وصفحت عن زلتها. ثم قالت يا أبا إسحاق،
ما لي أراك بهذه الهيئة الرثة والبزة الخلقة؟،
فقلت يا مولاتي تعدى علي الدهر ولم ينصفني الزمان وجفاني الإخوان وكسدت بضاعتي،
فقالت عزً عليً ذلك وأومأت إلى الأخرى
فضربت بيدها على كمها فأنزلت ما بيدها من ذهب وحلي وقالت لي يا أبا إسحاق خذ هذا واقعد على الباب مكانك وانتظر الجارية حتى تأتيك،
ثم قالت، يا جارية أسكن المطر؟ قالت نعم، فقامتا.
وخرجت وقعدت مكاني فما شعرت إلا والجارية قد وافتني بمنديل فيه خمسة أثواب وصرة فيها ألف درهم،
وقالت: تقول لك مولاتي أنفق هذا فإذا احتجت فأت إلينا حتى نزيدك إن شاء الله.
فأخذت ذلك وقمت، وقلت في نفسي إن ذهبت بالسوارين إلى امرأتي قالت: هذا لبناتي وكاثرتني عليهما،
فدخلت السوق فبعتهما بخمسين دينارا وأقبلت.
فلما فتحت الباب صاحت امرأتي وقالت قد جئت أيضا بشؤمك،
فطرحت الدنانير والدراهم بين يديها والثياب، فقالت من أين لك هذا؟
قلت من الذي تشاءمت منه وزعمت أنه بضاعتي التي لا تجدي،
فقالت: قد كانت عندي في غاية الشؤم، وهي اليوم في غاية البركة (تقصد إنشاده للشعر).
...........
والقصة تعلمنا أهمية الصبر في التغلب على أزمات الحياة،
وبالذات الأزمات المادية والتي تواجه الكثير منا في مراحل مختلفة من حياتنا،
ولكن انفراج تلك الأزمات يحدث كثيراً أيضاً بعد الكد والعمل والمثابرة،
وعلينا هنا أن نذكر أن المتاح كثير، ولكنه يتطلب الحكمة والتدبير والصبر،
يقول الدكتور وين
"الحقيقة أنه لا حدود لما هو متاح لنا في هذا الكون .
إذا ما أدركنا هذه الحقيقة، فسوف يساعدنا هذا الاعتقاد في آلاف المرات.
لقد آمن بهذا المبدأ كل من أعرفهم ممن تحولوا من حياة القلة إلى حياة الوفرة".
والآن ما رأيكم في أن نعيش مع بعض النماذج التي حققت نجاحاً مُبهراً بعد التحمل والمعاناة ؟
بعض الأسماء التي حققت نجاحا كبيرا
في المرة القادمة عندما تواجه مشكلة أدت إلى تعثرك، عليك أن تتوقف للحظة وتفكر فيما لديك من نعم، ركز على ما لديك، لا على ما ليس لديك، إليك قائمة بأسماء الأفراد الذين ربما سمعت عنهم، والأشياء التي تغلبوا عليها لتحقيق النجاح.
الإسم التفاصيل
لويـــس برايـــل1809 – 1852م
أصيب بالعمى في سن الثالثة، رغم ذلك أصبح فيما بعد مدرسا في باريس وقام بوضع أسلوب الكتابة الشهير للمكفوفين، والذي سمي باسمه.
ميجيل دي سيرفانتس1547 – 1616م
فقد ذراعه في إحدى الحروب، وعاني من الفقر في معظم حياته، ولكن قصته "دون كيشوت" وأعماله الأخرى جعلته من أبرز الأسماء الأدبية في إسبانيا.
هيلـــين كيلـــــر1880 – 1968م
رغم أنها كانت لا تسمح ولا ترى منذ الثانية من عمرها، فقد أصبحت واحدة من أشهر وألمع الشخصيات الأمريكية، كما نجحت إلى حد كبير كمؤلفة ومحاضرة، إذ كتبت عشرة كتب وأعمالا أخرى كثيرة.
فرانكليـــن روزفلـت1882 – 1945م
لقد علًم فرانكلين الشعب الأمريكي هذا المبدأ جيدا في ظل الكساد العظيم: "لا يوجد ما نخاف منه إلا الخوف نفسه"، أصيب روزفلت بالشلل في سن التاسعة والثلاثين، إلا أنه داوم على المسيرة حتى أصبح واحدا من قادة امريكا المحبوبين والمؤثرين، وتم ترشيحه للرئاسة أربع مرات.
دكتور هنري فيسكاردي1912م
ولد هنري بلا ساقين، ولكنه خدم في أثناء الحرب العالمية الثانية كضابط في الصليب الأحمر، عمل الدكتور هنري كرئيس لمركز الموارد البشرية، وأسس شركة "أبليتيز إنكوربوريشن"، ونال ثلاث عشرة درجة فخرية، وكتب تسعة كتب، وكان مستشارا للعديد من الرؤساء في القضايا المتعلقة بالمعاقين.
وللحديث بقيه