منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - قِــصّـــةُ ظَــمـــأْ
عرض مشاركة واحدة
قديم 30-05-2007, 12:45 PM
  #8
ولـيـد
قلم مبدع
تاريخ التسجيل: Apr 2007
المشاركات: 309
ولـيـد غير متصل  
خرج خالد من بيت أهله يحمل نفسه بثقل شديد و هم كبير، ضاعت آماله التي

كانت عالية في أن يلتئم الشمل قريبا، هل يمكنه أن يذهب لوحده إلى بيت

عمه و يصلح الأمور بنفسه و يعود بزوجته إلى أبنائه؟ سأل نفسه ذلك السؤال

و أخبر أمه بذلك يستشيرها، باركت أمه تلك الخطوة و دعت له بتوفيق الله، لكن

أباه علم أن ابنه قد نوى ما نوى فعله و أنه يستعد للذهاب إلى عمه كي يصلح الأمور،

نادى أبوه أم خالد و قال لها : أبلغي ابنك أنه لو عاد بزوجته فسأخرجهم من المنزل،

المنزل كان ملكا لأبي خالد، أبلغيه أن لا مقر لهم في بيتي، ليبحثوا عن منزل آخر.

توسلت أم خالد كثيرا من أجل ابنها عند أبيه لكن لم تفلح محاولاتها و أصر أبو خالد

على موقفه.

سمع خالد بموقف أبيه لكنه استبعد جدا أن يقوم أبوه بطرده من منزله و فسر كلام

أبيه أنه ليس سوى حالة غضب و ستزول سريعا بأمر الله، مضى خالد قدما

في أمره و ذهب و أتى برجلين أحدهما أحد إخوة أبيه و الآخر خال لسارة

وذهبوا جميعا إلى منزل عمه، رحب العم بالجميع و استمع إلى خالد و الضيفين الآخرين

حتى فرغوا، كما علم أبو سارة بما حصل بين خالد و أبيه، و بعد كلام طويل

حول الموضوع و تارة قبول و تارة رفض قبل أبو سارة اعتذار خالد

و قبل شفاعة الضيفين ووعد بأن تعود ابنته إلى بيتها قريبا إن شاء الله.


استقبلت سارة الخبر بسرور و جهزت نفسها للعودة يحملها إلى بيتها شوق

كبير إلى ابنيها و أبيهم ، و بالفعل و في يوم خميس و عطلة الأسبوع عادت

سارة إلى بيتها و التقت بزوجها و أبنائها ، احتضنت ابنيها حتى كادت أن تموت

من البكاء و هي تقبلهما و تمسح على رأسيهما، كان لقاؤها بهما كأعظم هدية يمكن

أن تقدم لها في تلك الأيام، و كان لقاؤها بزوجها متميزا ، سبق اللقاء رسالة

اعتذار و شوق على الهاتف النقال ، و عند اللقاء طبع كل منهما قبلة

على جبين الآخر و احتضان طال كثيرا كي تفرغ شحنات الشوق و الألم

و الحزن التي كانت جميعها ملازمة لهما منذ أن حصل ما حصل إلى لقائهما.


كان أبو خالد في سفر يوم أن عادت سارة ، عاد من السفر بعد ثلاثة أيام من رجوعها،

كان وقت عودته صباحا، ابنا خالد كانا عند أم سارة و سارة في عملها و خالد في عمله.

أخبرت أم خالد أباه بما حصل و ترجته ألا يهدم ما حصل و أن يترك ابنه في شأنه

يتصرف في حياته كيف شاء، لكن أبا خالد استشاط غضبا وقال : يبدوا أن خالدا لا يهابني ،

يبدوا أن خالدا يظن أني لا أستطيع أن أخرجه وزوجته من بيت أملكه، قام و توسلات

أم خالد لم تتوقف ، قام و هو عازم أن يفعل شيئا ، ففتح الخزانة و أخرج منها قفلين

عظيمين وذهب إلى منزل ابنه و أقفل بابيه وعاد إلى بيته بعدما ظن أنه بفعله قد

انتصر في معركته التي يبدوا أنها لن تنتهي إلى اليوم مع والد سارة بسبب حفنة

من المال و التراب.

عادت سارة من عملها ووجدت الباب مقفلا بأقفال غريبة، تسارعت نبضات قلبها

و زاد خوفها و علمت أن الأمر فيه أبو خالد، اغرورقت عيناها بالدموع و هي ترجوا

الله بقلبها و لسانها ألا تعود التجربة المريرة التي لم تخرج منها بفضل الله إلا

قبل أيام .

اتصلت بخالد و أخبرته بما وجدت و كان خالد للتو يقف بجانب البيت بسيارته ، أتى

ووجد سارة ووجد الأقفال كما أخبرته تغلق الأبواب بإحكام، جلس خالد بجانب

الباب على عتبات السلم الرخامي جلوس المحبط الكسير المهموم الحائر و قال:

هذا أبي هداه الله ، و جلست سارة بجانبه ، اتكأت برأسها على جنب خالد و دموعها

مهملة على خدها و سألت خالد سؤالا خائفا باكيا : سنفترق مرة أخرى ؟


خالد لا يملك مالا يستأجر بيتا و يؤثثه من جديد، و سارة مالها كله تحت تصرف

أبيها بعد المشكلة الأخيرة، أمرها خالد أن تذهب إلى أهلها و هو سيفكر ماذا

سيفعل و يخبرها الليلة إن شاء الله .

ذهبت سارة إلى أهلها تبكي فظنت أمها أن خالد السبب أيضا ، أخبرتها

ابنتها بما حدث فزادت أمها حقدا على أبي خالد.

عاد أبوها و علم بالذي فعله أبو خالد فغضب غضبا شديدا و أسر في نفسه

أن لا يدع الأمور هذه المرة أن تسير إلا كما يهوى هو لا ما يهواه خالد المسكين و أبوه.



قدمت سارة إلى أبيها و معها طفليها و جلست عنده ، تتحدث و هي تمسح على رأسيهما،

قالت له سارة : تعلم يا والدي أني احتفظ بالمال عندك كما رغبت أنت، و لو

لم يحصل ما حصل اليوم لما تكلمت عنه معك ، لكن يا أبي خالد لا يملك من

راتبه شيئا في البنك مدخرا، و نريد أنا و هو أن نستأجر شقة و نؤثثها

حتى ييسر الله أمرنا ، قاطعها أبوها و لم يدعها تكمل و أقسم أن لا يرى

خالد من مالها شيئا ، خالد رجال و يجب أن يتحرر من أوامر أبيه عليه

و أن يؤمن لأسرته مسكنا بأي طريقة و بماله هو لا بمالك أنت ، انصرفت

سارة و كانت دموعها كالعادة هي التي تتكلم أمام ردود أبيها القاسية عليها.



ذهب خالد عند أحد أصدقائه مثقلا بالهموم يفكر كيف يتصرف و لا يجد

سبيلا ، يذهب إلى الناس و يطلبهم مالا و هم يعلمون أن أباه قادر على

إقراضه ؟ ، انتظرت سارة منه اتصالا تلك الليلة يخبرها فيه بما قرر كما

وعدها لكنه لم يفعل ، لا يملك خالد أي قرار يخبرها به ، تتصل عليه

و لا يرد عليها فعلمت أن حبيبها في و ضع صعب فزادت حالها صعوبة هي الأخرى.


سافر خالد إلى مدينة أخرى كي يبعد عن المشاكل بزعمه، و لم يخبر أحدا ،

لا زوجته و لا والدته و لا أي أحد أبدا و أقفل هاتفه أيضا و لسان

حاله اليائس يقول : لا أب لي و لا أم و لا أقارب و لا زوجة و لم أنجب أبدا .

انتظرته سارة أسبوعا شهرا شهرين و لم يسمع أحد عن أخباره شيئا .

نقص و زنها كثيرا و أم خالد عانت هي الأخرى و أصيبت بمرض

السكر شفاها الله .

سارة لاحظت على نفسها انقطاع الدورة الشهرية ( عفوا ) عنها ، فزاد همها هما

بدلا من أن يكون لها ذلك سرورا ، أأحمل بطفل و أبوه لا أدري

عنه شيئا؟ ، أأحمل بطفل و أنجبه في بيت أهلي ؟ ، اللهم فرج همي و كربي

و يسر أمري يا أرحم الراحمين يارب.


يتبع بإذن الله.


شارفت القصة على النهاية الليلة إن شاء الله.
__________________
اللــهُمّ توفـّنـي مُسْـلـمـاً وَألـْحِـقنـي بـِالـصَّـالِـحـيـْن