سلوك تأكيد الذات لا تجده في العزلةِ، لكن بَتفاعلُ الناس مَع بعضهم البعض،
ومثل هذه التشكيلات من التفاعلات الاجتماعية تمثل ِ في حياتنا- النمط السلوكي والذي له مراحل مختلفةُ
مرحلة الطفولة
حيث يعتبر الطفل والداه كقاعدة آمنِه و راسخة.
وعند اعتماد الطفل على تلك القاعدة الأبوية ِ فإنه يُثبتُ نجاحا،
فلدى الطفلُ القوّةُ والأمنُ لإعادة هيكلة منظومتِه النفسية،
فيَنتقل الطفلِ إلى المراهقةِ وهو سليم ومعافى من الناحية النفسية، كما يبقى بَعْض الناسِ غير قادرين على العمل والإنجاز،
وبعض الآباء أحياناً يَقُومون ُ بطلب دور الطفل. وهذه الأرواحِ الحزينةِ تَبْحثُ عن "والد جيد" على شكل زوجِ أَو صديق ِ،
والذين يستطيعون تُزويّدهم ُ بالحبَّ الأبوي الذي فقدوه في طفولتهم؛
فهم يُريدونَ أَنْ يُغمروا بالحب لما هم عليه (بغض النظر عما هم عليه)
بدلاً مِن: غمرهم بالحب لما يَعملونه من خير وما يقدمونه من خدمات للآخرين.
وفي الحقيقة فإن هذا المطلبِ لا يُمْكن الحصول عليه إلا نادرا،
ولذا فمثل هؤلاء الناسِ يَمْرّونَ بالحياةِ مع شعورهم بالأذى وخيبة الأمل.
العلاقة بين الانغماس في الخطيئة والفكر الطفولي
رغم أننا ننظر إلى البشر الذين نحن منهم ونعيش بينهم، غير أننا نذعن لمشيئة الله عندما يأتي حكم القدر،
وهو الحكم الذي لا يتوفر بصورة مباشرة عن طريق الوعي الذاتي والتزام الصدق لدى اتهام الذات ولدى إثبات الذات.
تحت مظلة الخطيئة، ثمة إرشادات شاملة لهذا النوع من الحكم على الذات،
فالخطيئة تعتبر تجاوزا للقانون الإلهي وخرقا متعمدا لمبادئه،
يشترك البشر من حيث العرف في صيغة واحدة تحدد ما يمكن اعتباره خطيئة
الغرور والحسد والجشع والكسل والغضب والشره والشهوة
نرى البعض يقول إن العافية الأخلاقية الكاملة للفرد،
إذ أن العدالة هي النتيجة الطبيعية لهذه العاقبة،
تماما مثل القول إن الإنسان لا يحصد إلا ما زرعته يداه،
فإذا رميت حجرا لتؤذي شخصا آخر،
فإن هذا الحجر سيرتد ليسقط على رأسك.
ومن حفر حفرة لأخيه وقع فيها.
إذا كانت هذه الديناميكية في مثل هذا الوضوح والجلاء،
فلماذا يمضي بعضهم في ارتكاب الخطايا؟
لا يختزل الأمر في أن بعض الناس أخيار وبعضهم الآخر أشرار.
بل إنهم لم يصلوا لمرحلة النضوج الكامل.
تفكير الخاطئ هو أشبه بتفكير الطفل الصغير،
أي أنه تفكير مزدوج يريد أن ينفذ رغباته دون تحمل العواقب،
فالطفل إنسان مسئول وغير مسئول،
عقلاني وغير عقلاني،
يمكن التكهن بتصرفاته ولا يمكن التكهن بها في الوقت نفسه،
لكنه لا يعي هذه الازدواجية.
والاتزان الذي يتميز به سن الرشد يتطلب من الفرد تجاوز ازدواجية التفكير الطفولي،
بل إن كلمة تجاوز بحد ذاتها تعني تخطي هذه الازدواجية.
إن جميع الملل تحض الفرد –بانسجام فريد– على التخلي عن مركزيته وعن مفهوم حدوده القائم على الأنا،
وعلى سلوك السبيل المؤدي لتجاوز ذاته. تظل هذه النصائح والعظات مثلا أعلى عند الناس لا يمكن تحقيقه على الإطلاق،
هدفا ساميا وفكرة مجردة، لا تفيد سوى في زيادة إحساسهم بالعجز واليأس،
ويرجع ذلك إلى أن تجاوز الذات يتطلب قبل كل شيء بلوغ الإنسان سن الرشد.
إن بعض المشكلات التي يعانيها هؤلاء لا تعود في واقع الأمر لإخفاقهم في تجاوز ذواتهم قدر ما تعود لإخفاقهم في بلوغ سن الرشد.
يقول سكوت بك: السبيل نحو تجاوز الذات يمر عبر سن الرشد.
لا وجود لطرق مختصرة سريعة وسهلة. حدود الأنا يجب أن تقوًى قبل أن يصبح بالإمكان تليينها،
والهوية يجب أن ترسخ قبل أن يصبح بالإمكان تجاوزها. وعلى المرء أن يجد ذاته قبل أن يتمكن من فقدانها.
مرحلة المراهقة
المُراهق يُشكّلُ منظومة سلوكية جديدة، والتي فيها يصبح هدفه واحداً من كَسْب الأمنِ مِن خلال زملائهِ بدلاً مِنْ أبويه.
فأمانه يَنْجمُ عن أنْ يَكُونَ جزءا من َ مجموعة، مع ضمان تقبل وموافقةَ الأشخاص الآخرين في هذه المجموعة لهِ.
وبَعْض الناسِ أبداً لا يَنْمونَ أكثر مِنْ هذا. فتَبْقى عَودته إلى المجموعةِ التي ينتمي إليها هي المنظومة الأمنية التي يلجأ إليها عندما يخاف.
مثل هذا الشخصِ أبداً لا يَنْمو أكثر مِنْ المراهقة. ويَبْقى شخصاً غير ناضج؛
لأنه أبداً لا يُنجزُ هويتَه الخاصةَ به، فيما عَدا نحو المجموعةِ التي ينتمي إليها،
وهو دائم القلق حول نظرة الآخرين نحوهَ،
بل ويُقرّر سلوكه الخاص من خلال أفكارِ الآخرين،
وقد تؤدي أفكار الآخرين السلبيةِ إلى حتى رفضِ المجموعةِ التي ينتمي إليها له.
.
.
.
((( يتبع )))