منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - ملخص احكام سجود السهو
عرض مشاركة واحدة
قديم 24-03-2004, 05:56 AM
  #5
Jedawi
عضو مثالي ومميز
تاريخ التسجيل: Jan 2004
المشاركات: 75
Jedawi غير متصل  
الـشــــك

الشك: هو التردد بين أمرين أيهما الذي وقع. والشك لا يلتفت إليه في العبادات إلا في ثلاث حالات:

الأولى: إن كان مجرد وهم لا حقيقة له كالوساوس.

الثانية: إذا كثر مع الشخص بحيث لا يفعل عبادة إلا حصل له فيها شك.

الثالثة: إذا كان بعد الفراغ من العبادات فلا يلتفت إليه ما لم يتيقن الأمر فيعمل بمقتضى يقينه.

مثال ذلك: شخص صلى الظهر فلما فرغ من صلاته شك هل صلى ثلاثاً أو أربعاً فلا يلتفت لهذا الشك إلا إن يتيقن أنه لم يصل إلا ثلاثاً، فإنه يكمل صلاته إن قرب الزمن ثم يسلم ثم يسجد للسهو ويسلم، فإن لم يذكر إلا بعد زمن طويل أعاد الصلاة من جديد.

وأما الشك في غير هذه المواضع الثلاثة فإنه معتبر، ولا يخلو الشك في الصلاة من حالين:

الحال الأولى: أن يترجح عنده أحد الأمرين فيعمل بما ترجح عنده فيتم عليه صلاته ويسلم، ثم يسجد للسهو ويسلم.

مثال ذلك: شخص يصلي الظهر فيشك في الركعة هل هي الثانية أو الثالثة لكن ترجح عنده أنها الثالثة فإنه يجعلها الثالثة فيأتي بعدها بركعة ويسلم ثم يسجد للسهو ويسلم.

دليل ذلك: ما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: « إذا شك أحدكم في صلاته فليتحرَّ الصواب فليتم عليه ثم ليسلم ثم يسجد سجدتين » . (رواه البخاري).

الحال الثانية: أن لا يترجح عنده أحد الأمرين فيعمل باليقين وهو الأقل فيتم عليه صلاته، ويسجد للسهو قبل أن يسلم ثم يسلم.

مثال ذلك: شخص يصلي العصر فشك في الركعة هل هي الثانية أو الثالثة ولم يترجح عنده أنها الثانية أو الثالثة فإنه يجعلها الثانية فيتشهد التشهد الأول ويأتي بعده بركعتين ويسجد للسهو ويسلم.

دليل ذلك: ما رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: « إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدرِ كم صلى ثلاثاً أم أربعاً؟ فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم. فإن كان صلى خمساً شفعن له صلاته وإن كان صلى إتماماً لأربع كانتا ترغيماً للشيطان » .

ومن أمثلة الشك: إذا جاء الشخص والإمام راكع فإنه يكبر تكبيرة الإحرام وهو قائم معتدل، ثم يركع و حينئذ لا يخلو من ثلاث حالات:

الأولى: أن يتيقن أنه أدرك الإمام في ركوعه قبل ن يرفع منه فيكون مدركاً للركعة وتسقط عنه قراءة الفاتحة.

الثانية: أن يتيقن أن الإمام رفع من الركوع قبل أن يدركه فيه فقد فاتته الركعة.

الثالثة: أن يشك هل أدرك الإمام في ركوعه فيكون مدركاً للركعة أو أن الإمام رفع من الركوع قبل أن يدركه ففاتته الركعة، فإن ترجح عنده أحد الأمرين عمل بما ترجح فأت عليه صلاته وسلم، ثم سجد للسهو وسلم إلا أن لا يفوته شيء من الصلاة فإنه لا سجود عليه حينئذ. وإن لم يترجح عنده أحد الأمرين عمل باليقين (وهو أن الركعة فاتته) فيتم عليه صلاته ويسجد للسهو قبل أن يسلم ثم يسلم.

فائدة: إذا شك في صلاته فعمل باليقين أو بما ترجح عنده حسب التفصيل المذكور ثم تبين له أن ما فعله مطابق للواقع وأنه لا زيادة في صلاته ولا نقص سقط عنه سجود السهو على المشهور من المذهب لزوال ما وجب السجود وهو الشك، وقيل: لا يسقط عنه ليراغم به الشيطان لقول النبي صلى الله عليه وسلم: « وإن كان صلى إتماماً كانتا ترغيماً للشيطان » ، ولأنه أدى جزءاً من صلاته شاكاً فيه حين أدائه، وهذا هو الراجح.

مثال ذلك: شخص يصلي فشك في الركعة أهي الثانية أم الثالثة؟ ولم يترجح عنده أحد الأمرين فجعلها الثانية و أتم صلاته ثم تبين له أنها هي الثانية في الواقع فلا سجود عليه على المشهور من المذهب، وعليه السجود قبل السلام على القول الثاني الذي رجحناه.

سجـود السهـو علـى المأمــوم
إذا سها الإمام وجب على المأموم متابعته في سجود السهو لقول النبي صلي الله عليه وسلم: « إنما جعل الإمام ليؤتـم به فـلا تختلفـوا عليه » إلى أن قال « وإذا سجـد فاسجـدوا » (متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه).

وسواء سجد الإمام للسهو قبل السلام أو بعده فيجب على المأموم متابعته إلا أن يكون مسبوقاً قد فاته بعض الصلاة فإنه لا يتابعه في السجود بعده لتعذر ذلك، إذ المسبوق لا يمكن أن يسلم مع إمامه، وعلى هذا فيقضي ما فاته ويسلم ثم يسجد للسهو ويسلم.

مثال ذلك: رجل دخل مع الإمام في الركعة الأخيرة، وكان على الإمام سجود سهو بعد السلام، فإذا سلم الإمام فليقم هذا المسبوق لقضاء ما فاته ولا يسجد مع الإمام فإذا أتم ما فاته وسلم سجد بعد السلام، وإذا سها المأموم دون الإمام ولم يفته شيء من الصلاة فلا سجود عليه لأن سجوده يؤدي إلى الاختلاف على الإمام واختلال متابعته، ولأن الصحابة رضي الله عنهم تركوا التشهد الأول حين نسيه النبي صلي الله عليه وسلم فقاموا معه ولم يجلسوا للتشهد مراعاة للمتابعة وعدم الاختلاف عليه.

فإن فاته شيء من الصلاة فسهى مع إمامه أو فيما قضاه بعده لم يسقط عنه السجود فيسجد للسهو إذا قضى ما فاته قبل السلام أو بعده حسب التفصيل السابق.

مثال ذلك: مأموم نسي أن يقول: سبحان ربي العظيم في الركوع ولم يفته شيء من الصلاة، فلا سجود عليه، فإن فاتته ركعة أو أكثر قضاها ثم سجد للسهو قبل السلام.

مثال آخر: مأموم يصلي الظهر مع إمامه فلما قام الإمام إلى الرابعة جلس المأموم ظناً منه أن هذه الركعة الأخيرة، فلم يعلم أن الإمام قائم قام فإن كان لم يفته شيء من الصلاة فلا سجود عليه، وإن كان قد فاتته ركعة فأكثر قضاها وسلم ثم سجد للسهو وسلم، وهذا السجود من أجل الجلوس الذي زاده أثناء قيام الإمام إلى الرابعة.

تنبيه: تبين مما سبق أن سجود السهو تارة يكون قبل السلام وتارة يكون بعده، فيكون قبل السلام في موضعين:

الأول إذا كان عن نقص، لحديث عبد الله ابن بحينة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد للسهو قبل السلام حين ترك التشهد الأول، وسبق ذكر الحديث بلفظه.

الثاني إذا كان عن شك لم يترجح فيه أحد الأمرين لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فيمن شك في صلاته فلم يدر كم صلى؟ ثلاثاً أم أربعاً؟ حيث أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد سجدتين قبل أن يسلم، وسبق ذكر الحديث بلفظه.


ويكون سجود السهو بعد السلام في موضعين:

الأول إذا كان عن زيادة لحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حين صلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر خمساً فذكَّروه بعد السلام فسجد سجدتين ثم سلم، ولم يبين أن سجوده بعد السلام من أجل أنه لم يعلم بالزيادة إلا بعده، فدل على عموم الحكم وأن السجود عن الزيادة يكون بعد السلام سوء علم بالزيادة قبل السلام أم بعده.

ومن ذلك إذا سلم قبل إتمام صلاته ناسياً ثم ذكر فأتمها فإنه زاد سلاماً في أثناء صلاته فيسجد بعد السلام لحديث أبي هريرة رضي الله عنه حين سلم النبي صلي الله عليه وسلم في صلا ة الظهر أو العصر من ركعتين فذكروه فأتم صلاته وسلم ثم سجد للسهو وسلم وسبق ذكر الحديث بلفظه.

الثاني: إذا كان عن شك ترجح فيه أحد الأمرين لحديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من شك في صلاته أن يتحرى الصواب فيتم عليه ثم يسلم ويسجد، وقد سبق ذكر الحديث بلفظه.

وإن اجتمع عليه سهوان موضع أحدهما قبل السلام وموضع الثاني بعده، فقد قال العلماء: يغلب ما قبل السلام فيسجد قبله.

مثال ذلك: شخص يصلي الظهر فقام إلى الثالثة ولم يجلس للتشهد الأول وجلس في الثالثة يظنها الثانية ثم ذكر أنها الثالثة فإنه يقوم ويأتي بركعة ويسجد للسهو ثم يسلم.

فهذا الشخص ترك التشهد الأول وسجوده قبل السلام وزاد جلوساً في الركعة الثالثة وسجوده بعد السلام فغلب ما قبل السلام، والله أعلم.

والله أسأل أن يوفقنا وإخواننا المسلمين لفهم كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والعمل بهما ظاهراً وباطناً في العقيدة والعبادة والمعاملة وأن يحسن العاقبة لنا جميعاً إنه جواد كريم.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


تم تحريره بقلم الفقير إلى الله تعالى محمد الصالح العثيمين في 4/3/1400هـ .