وبعد ستة أشهر..
صار الشعور .. هو الفتور..
وبدأت أشعر بالمرارة..
زوجي رمى بكل المسئولية علي..
أرجع السائق إلى بلاده..
تحملت أعباء البيت بكل مافيه..
حتى خبزه... وفاكهته.. وخضاره..
وإذا مرضت.. ذهبت بنفسي أترنح نحوالعيادة..
بل حتى وأنا حامل.. وأعاني من آلآم الولادة..
وكم مرة ذهبت بطفلي وحدي..
أحمله مع المفاتيح والشنطة.. واللبادة..
وبينما كنت خارج البيت..
أخبرني زوجي أن ابني مريض..فيه حرارة..
طمأنته بأنني سأعود بسرعة..
خوفاً من غضبه .. وشجاره..
لم يكن يعجبني زوجي.. فأنا لا يعجبني الرجل..
الذي يهمل بيته.. وكثيرة أسفاره..
وكنت أخشى النقاش معه..
لأنه دائماً يذكرني.. بأنني أكثر من شجعه على التجارة..
في هذه الأثناء.. لحقتني أكثر من سيارة..
قطعت الإشارة..!!
سيارتي تسرع بلا هواده..
حتى حاصروني في .. حارة..
وترجل كل منهم من السيارة..
أحدهم يجبرني أن آخذ رقم هاتفه..
والاخر يفتح باب سيارتي.. بكل جرأة وجسارة!!
ما هذه المصيبة!!
توسلت إليهم أن يتركوني..
لأعود لإبني..
كل واحد منهم.. قرّ قراره..
حينما وعدته أن أهاتفه..
وبالكاد رجعت للمنزل..
بعد ساعتين من المطاردات..
وتشتيت الجيوش الجرارة..
دخلت البيت..
صرخ في وجهي..
- لماذا تأخرتِ؟؟ ولم تحضري خبز الصباح؟؟ ألم أقل لكِ أن الولد مريض؟؟ أين خافض الحرارة؟؟- نسيت... وأنت لماذا لم تحضره بنفسك؟؟ ألست والده؟؟- إذا ذهبت أنا يا صاحبة الفخامة ..من سيبقى إلى جواره؟؟
خفت من غضبه واعتذرت.. وظل يمارس عادة اللوم...
نظر إلي بحقارة..
- رائحتكِ بنزين.. تخترق أنفي..بدلاً من رائحة الياسمين- طبعاً التعطر لايجوز..حتى لا يجد من رائحتي الرجال- وأين الملابس الأنيقة؟؟ لم أعد أشاهد إلا الفضفاضة.. وأحذية الرجال!! وأين البهاء؟؟ وأين النضارة؟؟- ضروريات الحجاب.. والراحة- وأين التزين؟؟ والعقد والخاتم.. والإسوارة؟؟- هل تريدني أن أتبرج؟؟ أبشر من الغد- طبعاً سيحدث هذا.. أنا لا أشك لحظة.. فلقد وعدتني
من قبل ألا تخلعي العباءة..!!
وشيئاً فشيئاً ستخلعين كل شىء!!
- لا لن يحدث ذلك.. لاتقل هذا الكلام..لست فاسقة..
أنا في منتهى العفة والطهارة..
- أنا لا أتهمكِ..ولا أشك فيكِ.. لكن كثيرات قلن مثلكِ.. وانخرطن يطبقن أهم سنن الحياة..
سنة التطور المتدهور.. تطورٌ نحو الأسفل..قاسٍ في إنحداره..
كل شىء يا عزيزتي.. حتى الشر.. يعيش أطواره..
قانون التغير..هو القانون الوحيد.. الذي لم يتغير..
ينفذه الناس بجداره..
حبيبتي... بما أنني أنا الرجل سأذهب بالولد إلى الطبيب..
وليمارس كلٌ منّا أدواره..
اصنعي لي طبقاً من يديكِ.. أي شىء..ما رأيكِ بكبسة الأرز الحارة؟؟
صرخت..
- الآن؟؟!! .. مستحيل!!.. سأنام .. فغداً عندي عمل.. فأنا متعبة جداً.. ومنهارة..
تشاجرنا..حتى طلبت منه الطلاق..
وبصمت... طلقني..
في تلك اللحظات.. انهرت.. سالت دموعي مدرارة..
خرج غاضباً.. وعاد وأنا أبكي.. أشفق علي..
ويبدو أنه ندم .. ولأول مرة..أشعر .. بلطفه..
أتراها لحظات الفقد الغدارة؟!..
- أنتي من استفزني.. لقد افتقدتكِ حقاً..
الرجل يحب في زوجته.. الدفء.. والحنان.. والزينة.. والجمال..
وحينما يأتي منهكاً.. تتلقاه بإبتسامة.. وتقابله بحرارة..
تنزع عنه ثياب العمل.. وتعد عشاءه.. وفي الصبح تجهز إفطاره..
* * *
يتبــــــــــــع