في مجتمعنا الذي لا تنقصه المتناقضات، يختلط الحابل بالنابل، والأبيض بالأسود، والغبارُ بالماء.
لستُ أرى أشرف من عمل الطبيبة، ورحم الله الشافعيّ حين قال "أشرف علوم الدين الفقه، وأشرف علوم الدنيا الطب".
لكن، ومع علمي بأنّ رأيي هذا يُغضب الأخوات الفاضلات الكريمات ممّن امتهنّ الطبّ، ورغم أني أعلم إني أمثل التناقض في أشدّ حالاته، إلا أنّ الزواج من طبيبة - بصرف النظر عن خُلُقها ودينها - حتماً لن يكون خياريَ المفضل، ولن يكونَ نصيحة أسديها إلى زميل أو صديق، ولعلّي إن اسْتُشرتِ في ذلك فسألوذُ بالصمت.
أنا أعلمُ أنّ هذه نظرةٌ قاصرةٌ خاطئة، وهذا الموضوع بالذات يخضعُ لاعتبارات نفسيّة عديدة. إنّه الوعي الجمعي أو الشموليّ، أو ما يُعرف بعقلية القطيع، ويحلو للبعض تسميته بـ Superconscious . جُبلت الأنفُسُ في المجتمع الخليجيّ على النأي عن الفتيات العاملات في القطاع الصحيّ، طبيبات وممرّضات أو حتى إداريّات.
وبعيداً عن الدّياثة وتفسيراتها التي لا تخلو من التأوّل والإسقاط في غير مواضعه من بعض الموتورين، فإنّ هذا النّأيَ له أسباب اجتماعيّة عديدة رُبّما أشدّها ضوضاءَ وأعلاها طنيناً هو البيئة الاختلاطيّة التي تعمل فيها منسوبات القطاع الصحيّ. على أنّ هذه الأسباب ليست مبرّرات، وهي في أفضل حالاتها لا تخرج عن كونها أسباباً غير منطقيّة وتضطرب مع أبسط قواعد التفكير الصحيح.
لكن من قال إنّ السلوك البشريّ يسير وفقاً لقواعد التفكير الصحيح؟ الذين يقولون ذلك عليهم قراءة التاريخ جيدا، والبحث في أسباب الحروب والنزاعات والأزمات والمشاكل.
وكيما أهربُ من فخّ احتكار الآراء والأفكار، فإنّني أقولُ رُبّما كانت أفكاري بخصوص الفتيات العاملات في القطاع الصحّي في عمومه مشوّشة ولا تستندُ إلى أرضٍ صلبة، وغالب الظنّ أنّها كذلك، لكنّها تظل مرتكزاً أبني فوقه قراريَ الذي لن أغيره حتى يشاءَ الله في شأني أمراً آخر؛ لن أقترب من طبيبةٍ أو ممرضةٍ أو إداريةٍ في مستشفى.
سُئلت بصراحة، وأجبتُ بصراحة، فلله الأمر من قبل ومن بعد، وسامحونا،
عبدالله،،،