منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - الرسالة ......... الاخيرة
عرض مشاركة واحدة
قديم 29-09-2007, 12:22 AM
  #3
nadasteel
عضو مميز و مثالي
 الصورة الرمزية nadasteel
تاريخ التسجيل: Mar 2006
المشاركات: 1,204
nadasteel غير متصل  
ومع انني أصبحت أدرك ان كل دقيقة من عمري لها أهميتها.. وان كل ثانية تمر تنقص من زمني الباقي إلا ان الزمن ويا للعجب أصبح شديد الطول.. فإنني خائف إلي حد ان كل ثانية تمر عليٌ وكأنها عام.. وأنا حزين إلي درجة ان كل يوم يمر عليٌ وكأنه ثانية.. وأصبحت أعيش في عذاب النظر إلي وجه والدتي الملتاع ووجوه اخوتي الحزاني.. ووجه خطيبتي التي لا تصدق انني لن أكون موجودا في القريب لنكبر معا ونشيخ كما وعدتها حتي نبلغ أرذل العمر.. انها بدلا من أن تعد لنفسها فستان الفرح الأبيض.. فإن عليها أن تعد ملابس الحداد السوداء.. وأصبحت تتنازعني رغبتان ان كل منهما ضد الأخري.. ان يتوقف الزمن حتي أعيش.. أو أن يجري حتي أموت واستريح.
وجاء شهر رمضان الكريم بأيامه المفترجة ولياليه العطرة.. فلم أشعر بالراحة إلا عندما علمت بأن والدتي قد قررت أن نسافر أنا وهي وخطيبتي لأداء مناسك عمرة رمضان.. وكانت لحظة شعرت فيها بالهدوء الشديد عندما رأيت نفسي أواجه الكعبة الشريفة.. وان الفندق الذي نسكنه يقع بجانب أقدس بقعة في الأرض.. ومنذ وصلنا إلي مكة وأنا لا أغفو بالليل أو النهار.. فأنا جالس معظم الوقت في جوار الكعبة أصلي واقرأ القرآن.. ورغم ضعف صحتي فإنني كثيرا ما أطوف حول الكعبة أو أهرول بين الصفا والمروة أو أدعو في مقام ابراهيم أو أركع في حجر اسماعيل.. وأنا أكثر من الصلاة والتعبد هذه الأيام حتي لا يطوف برأسي ذلك الخاطر الحزين فأسأل: 'لماذا يارب اخترتني لأعيش هذه التجربة القاسية.. تجربة أن يعرف الانسان انه علي شفا الموت؟ وأستطيع أن أقول لك انني في النهاية شعرت بكثير من الراحة.. وانني أصبحت مستعدا للقاء ربي وأنا راض بما قسم لي من حياة لم أحقق فيها الكثير.
لكنني في النهاية أجد نفسي في مواجهة والدتي وخطيبتي.. فكل منهما ترغب في أن أتم زواجي فور عودتنا إلي مصر.. فوالدتي تريدني أن أعيش أيامي الأخيرة في سعادة كما تتصور وتريدني أيضا أن أترك لها حفيدا من صلبي بحيث يحمل اسمي ويكون من رائحتي.. ويساعدها علي السلوي عن فقدي.. فهي لا تريدني أن أخرج من الدنيا دون أن أترك فيها ذكري أو أثرا.. وهي تبكي أمامي وهي تمسك بأستار الكعبة وتطالبني بأن أحقق لها أمنيتها بأن تراني وأنا أزف علي عروسي.. فهي تريد أن تتذكرني وأنا عريس في الزفة.. ولا تريد أن تتذكرني وأنا مريض موشك علي الهلاك.. وخطيبتي لها نفس الرأي فهي تلح عليٌ الزواج ولها منطقها في ذلك. ولكنني لا أريد أن أتزوج لمجرد انني سوف أموت.. لا أريد أن أشعر وأنا أزف وكأنني أزف إلي ملك الموت.. لا أريد أن ارتبط بانسانة مهما بلغ حبها لي فسوف أتركها أرملة ولابد أن تنساني في يوم من الأيام.. فتندم علي انها تزوجت من هالك.. أيضا لا أريد أن آتي إلي الدنيا بطفل يبدأ حياته يتيما بلا أب يرعاه. انني لا أريد أن أغضب والدتي وغضبها من الكبائر.. ولا أريد أن أدمر رغبة خطيبتي في أن تزف إلي الرجل الوحيد الذي أحبته في حياتها.. لكنني أجد ان هذا التصرف غير انساني.. وغير سليم.. وانني يجب أن أقضي أيامي الباقية في الصلاة والعبادة.. فأنا مقبل علي يوم الحساب.. فهل أغضب أمي وخطيبتي في أيامي الأخيرة وأرفض طلبهما؟.. أم أخضع لرغبتهما وأتزوج في حين انني لم يعد لي رغبة في أي شيء.. وكيف يمكن لمحكوم عليه بالموت أن يرغب في علاقة مفروض أن بها لا تستمر الحياة؟. ساعديني علي التصرف الأقرب إلي الصواب.. فهذه الرسالة التي أكتبها إليك قد تكون هي آخر رسالة أكتبها لانسان.