منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - الـــــسجــــينه .. رسالة لكل أب يعضل ابنته
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-10-2007, 05:37 AM
  #2
حبيبة الفهد
عضو نشيط جدا
 الصورة الرمزية حبيبة الفهد
تاريخ التسجيل: Mar 2004
المشاركات: 842
حبيبة الفهد غير متصل  
ومن المحزن أن تجد أحيانا في البيت الواحد أكثر من ضحية على هذه الحال، وكل هذا لا يهم، المهم أن لا يطرأ على العائلة أيّ تغيـير يقدح بالنظام الذي سارت عليه ردحا من الزمان.

فأين الأمانة أيها الآباء؟

استمعوا إلى أنين الحيارى، وشكاوى الأيامى، وتحسسوها بقلوبكم وعقولكم، فلربما هي لم تفصح، ولكن أنت لا تحس؟!

استمع إليها تخاطبك..

أبي..كنتُ يوماً أعيش الحنــان وأحمل حُلمـاً بقلـبي الصغيـرْ

أقوم أناجـي طيـور الصبــاح وأغفـو طويـلاً بحُلمٍ كبيــرْ

كبـرتُ وتاهـت بيَ الأمنيـات وأبصرتُ عمـري أمامـي يطيرْ

ظمئتُ فلـم ألقَ غيـر السـراب وتهتُ ولـم أدر أيـن المسيــرْ

لقد كنـت أحلُـم مثل البنـات ببيتٍ سعيدٍ وطفـلٍ صغيـــرْ

فأغمر طفلـي بفيـض حنـاني وترفل بنـتي بثـوبٍ حـريـرْ

أبي..قد ركبتُ بحـورَ الأمــاني فعدتُ بجرحٍ وقلـبٍ كسيــرْ

سجنتَ فؤادي بحصـنٍ منيــعٍ وقطّعتَ دوني جميــعَ الجسـورْ

إذا جاء شخصٌ يريـد عفافـي تهيـجُ جنـوناً وتُبـدي النفـورْ

فهذا كبيــرٌ وذاك صغيــرٌ وهـذا طـويلٌ وذاك قصيــرْ

فأعرَضَ عني الرجـالُ وصارت حياتي شقـاءً وسـاء المصيـرْ

أتوق لكلْمةِ"مـامـا" كما قدْ تشوّقَ للضـوءِ شخصٌ ضـريرْ

وزوجٍ يؤانس وحشـةَ روحي ألستَ تحـسُّ بهذا الشعــورْ؟!

أبي..قد ذبُلـتُ وضاع شبابي ولا زلتَ تلهـو بكـل سـرورْ

كأنك ما قـد ظلمـتَ فتـاةً تئن وتبكـي لسـوء الأمــورْ

فماذا عسى أن تقـولَ إذا مـا بُعثتَ إلى الله يـوم النشــورْ ؟

أئنُّ وأشكـو إلى الله حـالـي فنعم المعـينُ ونعم النصيـــرْ

الحقيقة أن الأمر غاية في الغرابة!!

فهذا الرجل وأمثاله ألا يشعرون؟!

ألا يتذكر أحدهم الفراغ الذي كان يسيطر على حياته قبل زواجه؟

ألم يكن محتاجا للدفء العاطفي، والاستقرار النفسي؟!

ألم يكن متشوقا لرؤية أبنائه؟

بل وبصراحة، ألم يكن محتاجا لقضاء وطره وإشباع غريزته؟

فلماذ لم يتساءل؟ فهل المرأة تختلف.

اسمعوا نداء الغريزة..

ضرب عبد الملك بن مروان بعثا إلى اليمن فأقاموا سنين حتى إذا كان ذات ليلة خرج للعسس، فبينما هو في بعض أزقتها إذ هو بصوت امرأة قائمة تصلي فتسمع إليها فلما انصرفت إلى مضجعها قالت: اللهم مسير النجب ومنزل الكتب ومعطي الرغب أسألك أن ترد لي غائبي فتكشف به همي وتقر به عيني وأسألك أن تحكم بيني وبين عبد الملك بن مروان الذي فعل بنا هذا ثم أنشأت تقول:

تطاول هذا الليل فالعين تدمــع وأرقني حـزن لقلبي مــوجع

فبت أقاسـي الليل أرعى نجومـه وبات فؤادي بالجـوى يتقطـع

إذا غاب منها كوكب في مغيـبه لمحت بعيني كوكـبا حيـن يطلع

إذا ما تذكرت الذي كان بينـنا وجدت فؤادي حسـرة يتصدع

وكــل حبيب ذاكـر لحبيبـه يرجي لقـاه كـل يوم ويطمع

فذا العرش فرج ما ترى من صبابتي فأنت الذي يدعو العباد فيسمـع

دعـوتك في السراء والضر دعوة على حاجـة بين الشراسيف تلذع

فقال عبد الملك لحاجبه: تعرف هذا المنزل؟ قال: نعم، هذا منزل يزيد بن سنان. قال: فما المرأة منه؟ قال: زوجته، وكتب ألا يتأخر البعث أكثر من ستة أشهر.

وكان عمر ابن الخطاب رضي الله عنه إذا أمسى أخذ درته ثم طاف بالمدينة فإذا رأى شيئا ينكره أنكره فبينما هو ذات ليلة يعس إذ مر بامرأة على سطح وهي تقول:

تطاول هذا الليل واخضل جانبه وأرقني أن لا خليـل ألاعبـه

فوالله لولا الله لا رب غيــره لحرك مـن هذا السرير جوانبه

مخافة ربي والحيـــاء يصدني وأكرم بعلي أن تنال مراكبـه

ثم تنفست الصعداء، وقالت: لهان على عمر بن الخطاب ما لقيت الليلة.

فضرب باب الدار، فقالت: من هذا الذي يأتي إلى امرأة مغيبة هذه الساعة؟

فقال: افتحي، فأبت.

فلما أكثر عليها، قالت: أما والله لو علم بك أمير المؤمنين لعاقبك، قال: افتحي فأنا أمير المؤمنين، قالت: كذبتَ، لست أمير المؤمنين، فرفع بها صوته وجهر لها، فعرفت أنه هو ففتحت له، فقال هيه كيف قلت؟، فأعادت عليه ما قالت، فقال: أين زوجك؟ قالت: في بعث كذا وكذا، فبعث إلى عامل ذلك الجند أن سرح فلان ابن فلان، فلما قدم عليه، قال: اذهب إلى أهلك، ثم دخل على حفصة ابنته فقال: أي بنية! كم تصبر المرأة عن زوجها؟ قالت: شهرا، واثنين، وثلاثة، وفي الرابع ينفد الصبر فجعل ذلك أجلا للبعث.

ألا تدري أيها العاقل أن جلوس المرأة دون زواج كالجمرة التي تحتضنها، لا تدري في أي لحظة ستحرق ثيابك!

ولا تقل: إن النسب والحسب يمنع، فالفتنة إذا تحركت لا يوقفها شيء، والضعف موجود.

ولا نقول ذلك تهوينا للفساد، ولكن لننبه إلى ما قد يقع.

ويا عبد الله: احذر من الظلم.

فما قولك حين تقف بين يدي الله، وقد ظلمت هذه المسكينة، وأغلقْت دونها الأبواب، وكلما تقدم لها رجل كفء رفضته، فما عذرك أمام الله؟

ألا تخشى أن تدعو عليك هذه المسكينة حين تأجج مشاعرها، وفوران غريزتها، وشوقها لطفل تحتضنه، وتضمه إلى صدرها.

لقد بلغ ظلم بعض الآباء لبناتهم إلى درجة كبيرة تحمل في طياتها كل معاني الأسى والحسرة، بعضهم جهلاً وبعضهم غفلة وبعضهم استغلالاً وبعضهم ربما يكون نتيجة مرض نفسي هو نفسه لا يعرف سببه، ولقد جاءت السنة النبوية محذرة من الظلم وعقوبته، قال صلى الله عليه وسلم: "بابان معجلان عقوبتهما في الدنيا، البغي والعقوق"(2).

كما جاءت مبينة فضل تربية البنات والصبر عليهن، واحتساب الأجر في تربيتهن، وموصية بإحسان الصحبة لهن، قال صلى الله عليه وسلم: "من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له ستراً من النار"(3).

وقال صلى الله عليه وسلم: "من كان له أختان أو بنتان فأحسن إليهما ما صحبتاه كنت أنا وهو في الجنة كهاتين ـ وقرن بين إصبعيه ـ"(4).

وقال صلى الله عليه وسلم : "استوصوا بالنساء خيراً"(5).

ومن إحسان الصحبة للبنات والاستيصاء بهن خيراً، ألا يقف حجر عثرة في طريق زواجها الذي هو سبيل سعادتها وعفتها.

إن بعض الناس (قساة القلوب..) إذا ولاّه الله أمر بنيات له، استبد برأيه وأظهر شجاعته، وفتل عضلاته أمام هذا الجنس الضعيف، فقتل مشاعرها وكسر قلبها لمرض نفسي يعاني منه، أو طمع في مادة، أو حقد دفين لا يعرف دوافعه!!

وكلما تقدم أحد لزواجها رفضه، واضعاً الشروط المعجزة، متعذراً بالأعذار التي لا تغني عن صاحبها شيئاً.

الظلم مرتعه وخيم، وعاقبته سيئة، والله جل وعلا يجازي صاحبه في الدنيا قبل الآخرة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليملي الظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته"(6).

وقد حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الفعل كثيراً، فقال: "واتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب"(7).

فكيف بذلك الظالم إذا رفعت تلك المظلومة يديها إلى السماء تستغيث بربها، وتستنصره على من ظلمها؟؟

وكيف به إذا اشتكت إلى خالقها ما عانته من ظلم هذا المتسلط، الذي وقف حجر عثرة في طريقها؟؟..

ألا يظن بأن الله عز وجل ناصرها ؟؟..

بلى والله، فقد أقسم ربنا سبحانه تعالى على نصرة المظلوم، كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "اتقوا دعوة المظلوم، فإنها تحمل على الغمام فيقول الله: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين"(8).

فليحذر المسلم من الظلم، وليحذر من دعوة مظلومٍ تصعد إلى السماء وهو غافل عنها غير منتبه إلى أن تحلَّ عاقبتها به.

لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرا فالظلم ترجع عقباه إلى الندم

تنـام عيناك والمظلـوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنم

وليتذكر وقوفه بين يدي الله سبحانه تعالى يوم القيامة، يبلغ الخوف بالعباد منتهاه، {وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع * يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور}(9).

وحينئذ يقتصُّ الله سبحانه للمظلوم من الظالم.

فويلٌ لمن حملوا أوزار الناس على ظهورهم، ألا ساء ما يزرون.

إن العاقل في هذا الزمن من بحث لابنته عن رجل صالح فزوّجها له، فكيف بمن يأتيه الصالح ـ دينا وأخلاقاً ورجولة ـ فيرفضه؟!

انتبه لنفسك يا عبد الله، واستدرك ما فاتك، ولا تكن كمن ظلم ابنته طول عمره، فلما حضره الموت قال: حلليني.

ومن قال إنها ستحللك، وهي ترى نساء أقل منها عقلاً ودينا وحسبا وجمالا وعفة، قد تزوجن، وهي استكملت جميع الصفات التي يرغب بها الخطاب وقد حكمْت عليها بالحبس بين الجدران المظلمة، كالأسيرة التي تنتظر بصيصا من نور يكشف عنها الظلمة الحالكة التي خيمت على عينيها طويلاً.

فهل تظن أن هذا هين؟!!

امرأة عضلها والدها عن الزواج، فلما حضرته الوفاة طلب منها أن تحلله، فقالت: لا أحلك لما سببته لي من حسرة وندامة، وحرمتني حقي في الحياة.

ماذا أعمل بشهادات أعلقها على جدران منزل لا يجري بين جدرانه طفل؟!

ماذا أفعل بشهادة ومنصب؟ أنام معهما على السرير؟

لم أرضع طفلاً، لم أضمه إلى صدري، لم أشكو همي إلى رجل أحبه وأوده ويحبني ويودني، حبه ليس كحبك؟ مودته ليست كمودتك؟

لا جعلتك في حل أبدا.



يتبع >>>