الثالث:الطواف بالبيت:
فيحرم عليها الطواف بالبيت ، فرضه ونفله، ولا يصح منها لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة لما حاضت ((افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري))
وأما بقية الأفعال كالسعي بين الصفا والمروة والوقوف بعرفة ، والمبيت بمزدلفة ومنى ، ورمي الجمار وغيرها من مناسك الحج والعمرة فليست حرام عليها، وعلى هذا فلو طافت الأنثى وهي طاهر ثم خرج الحيض بعد الطواف مباشرة، أو في أثناء السعي فلا حرج في ذلك.
الرابع: سقوط طواف الوداع منها:
فإذا أكملت الأنثى مناسك الحج والعمرة ثم حاضت قبل الخروج إلى بلدها واستمر بها الحيض إلى خروجها ، فإنها تخرج بلا وداع، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: (( أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض)).
ولا يستحب عند الوداع أن تأتي إلى باب المسجد الحرام وتدعو، لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم والعبادات مبنية على الوارد بل الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم يقتذي خلاف ذلك، ففي قصة صفية رضي الله عنها حين حاضت بعد طواف الإفاضة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: (( فلتَنفُر إذن)). متفق عليه. ولم يأمر بالحضور إلى باب المسجد ولو كان ذلك مشروعاً لبيّنه.
وأم طواف الحج والعمرة فلا يسقط عنها بل تطوف إذا طهرت.
الخامس: المكث في المسجد:
فيحرم على الحائض أن تمكث في المسجد حتى مصلى العيد يحرم عليها أن تمكث فيه، لحديث أم عطية رضي الله عنها: أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (( يَخرجُ العواتقُ وذواتُ الخدورِ والحيّض)). وفيه ((يعتزل الحيض المصلى)). متفق عليه.
السادس:الجماع:
فيحرم على زوجها أن يجامعها ، ويحرم عليها تمكينه من ذلك.
لقوله تعالى: (( ويسألونك عن المحيض قل هو أذىً فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن)). البقرة 222.
والمراد بالمحيض زمان الحيض ومكانه وهو الفرج. ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: (( اصنعوا كل شيء إلا النكاح)). يعني الجماع. رواه مسلم؛ ولأن المسلمين أجمعوا على تحريم وطء الحائض في فرجها.
فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقدم على هذا الأمر المنكر الذي دل على المنع منه كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع المسلمين، فيكون ممن شاق الله ورسوله واتبع غير سبيل المؤمنين، قال في المجموع شرح المذهب ص 374 ج2 قال الشافعي: (( من فعل ذلك فقد أتى كبيرة)). قال أصحابنا وغيرهم : (( من استحل وطأ الحائض حكم بكفره)). اهـ. كلام النووي.
وقد أبيح له ولله الحمد ما يكسر به شهوته دون الجماع ، كالتقبيل والضم والمباشرة فيما دون الفرج لكن الأولى ألا يباشر فيما بين السرة والركبة إلا من وراء حائل لقول عائشة رضي الله عنها : (( مان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرني فأتز فيباشرني وأن حائض)). متفق عليه.
السابع: الطلاق:
يحرم على الزوج طلاق الحائض حال حيضهالقوله تعالى: (( يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فلطلقوهن لعتدهن)). الطلاق آية 1. أي في حال يستقبلن به عدة معلومة حين الطلاق ولا يكون ذلك إلا إذا طلقها حاملاً أو طاهراً من غير جماع لأنها إذا طلقت حال الحيض لم تستقبل العدة حيث إن الحيضة التي طلقت فيها لا تحتسب من العدة، وإذا طلقت طاهراً بعد الجماع لم تكن العدة التي تستقبلها معلومة حيث إنه لا يعلم هل حملت من هذا الجماع، فتعتد بالحمل، أو لم تحمل فتعتد بالحيض، فلما لم يحصل اليقين من نوع العدة حرّم عليه الطلاق حتى يتبين الأمر.
فطلاق الحائض حال حيضه حرام للآية السابقة ، ولما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر أنه طلّق امرأته وهي حائض فأخبر عمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فتغيّظ فيه الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: (( مُرْهُ فليُراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر، ث تحيض، ثم إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء)). فلو طلق الرجل امرأته وهي حائض فهو آثم وعليه أن يتوب إلى الله تعالى، وأن يرد المراة إلى عصمته ليطلقها طلاقاً شرعياً موافقاً لأمر الله ورسوله ، فيتركها بعد ردها حتى تطهر من الحيضة التي طلقها فيها ، ثم تحيض مرة أخرى ، ثم إذا طهرت فإن شاء أبقاها وإن شاء طلقها قبل أن يجامعها.
ويستثني من تحريم الطلاق في الحيض ثلاث مسائل:
الأولى: إذا كان الطلاق قبل أن يخلو بها ، أو يمسها فلا بأس أن يطلقها وهي حائض ، لأنه لا عدة عليها حينئذ، فلا يكون طلاقها مخالفاً لقوله تعالى: ((فطلَِقُوهن لعدتهن)).
الثانية: إذا كان الحيض في حال الحمل ، وسبق بيان سبب ذلك.
الثالثة : إذا كان الطلاق على عوض ، فإنه لا باس أن يطلقها وهي حائض.
مثال أن يكون بين الزوجين نزاع وسوء عشرة فيأخذ الزوج عوضاً ليطلقها، فيجوز ولو كانت حائضاً. لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة ثابت بن قيس بن شامس جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكن أكره الكفر في الإسلام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( أتردين عليه حديقته)). قالت: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( اقبل الحديقة وطلقها تطليقة)). رواه البخاري. ولم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم هل كانت حائضاً أو طاهراً ، ولأن هذا الطلاق افتداءئ من المرأة عن نفسها فجاز عند الحاجة إليه على أي حال كان.
قال في ((المغني)). معللاً جواز الخلع حال الحيض ص52 ج7ط م: (( لأن المنع من الطلاق في الحيض من أجل الضرر الذي يلحقها بطول العدة ، والخلعَ لإزالة الضرر الذي يلحقها بسوء العشرة والمقال مع من تكرهه وتبغضه، وذلك أعظم من ضرر طول العدة فجاز دفع أعلاهما بأدناهما ، ولذلك لم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم المختلعة عن حالها)). ا. هـ. كلامه.
وأما عقد النكاح على المرأة وهي حائض فلا بأس به لأن الأصل الحل ، ولا دليل على المنع منه، لكن إدخال الزوج عليه وهي حائض ينظر فيه فإن كان ايؤمن من أن يطأها فلا بأس، وإلا فلا يدخل عليها حتى تطهر خوفاً من الوقوع في الممنوع.
الثامن: اعتبار عدة الطلاق به – أي الحيض.
فإذا طلق الرجل زوجته بعد أن مسها أو خلا بها وجب عليها أن تعتد بثلاث حيض كاملة ، إن كانت من ذوات الحيض ، ولم تكن حاملاً لقوله تعالى: (( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء)). البقرة آية 228 . أين ثلاث حيض. فإن كانت حاملاً فدتها إلى وضع الحمل كله، سواء طالت المدة أو قصرت لقوله تعالى: (( وأولاتُ الأحمال أجلهم أن يضعن حملهن)). الطلاق آية 4. وإن كانت من غير ذوات الحيض كالصغيرة التي لم يبدأ بها الحيض والآيسة من الحيض لكبر أو عملية استأصلت رحمها أو غير ذلك مما لا ترجو معه رجوع الحيض، فعتدها ثلاثة أشهر لقوله تعالى: (( واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن)) الطلاق آية 4. وإن كانت من ذوات الحيض لسبب معلوم كالمرض والرضاع فإنها تبقى في العدة وإن طالت المدة حتى يعود الحيض فتعتد به ، فإن زال السبب ولم يعد الحيض بأن برئت من المرض أو انتهت من الرضاع وبقي الحيض مترفعاً فإنها تعتد بسنة كاملة من زوال الحيض صارت كمن ارتفع حيضها لغير سبب معلوم، وإذا ارتفع حيضها لغير سبب معلوم ، فإنها تعتد بسنة كاملة تسعة أشهر للحمل احتياطاً لأنها غالب الحمل ، وثلاثة أشهر للعدة.
• أم إذا كان الطلاق بعد العقد وقبل المسيس والخلوة ، فليس فيه عدة إطلاقاً ، لا بحيض ولا غيره لقوله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها)). الطلاق آية 4
التاسع: الحكم ببراءة الرحم
أي بخلوّه من الحمل ، وهذا يحتاج إليه كلما احتيج إلى الحكم ببراءة الرحم وله مسائل:
منها: إذا مات شخص عن امراة يرثه حملُها ، وهي ذات زوج لا يطؤها حتى تحيض ، أو تبين حملها ، فإن تبين حملها ، حكمنا بإرثه لحكمنا بوجوده حين موت موروثه ، وإن حاضت حكمنا بعدم إرثه لحكمن ببراءة الرحم بالحيض.
العاشر: وجوب الغسل
فيجب على الحائض إذا طهرت أن تغتسل بتطهير جميع البدن ، لقول النبي صلى الله عيه لفاطمة بنت أبي حبيش: (( فغذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة ، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي)). رواه البخاري.
• وأقل واجب في الغسل أن تعم به جميع بدنها حتى ما تحت الشعر، والأفضل أن يكون على صفة ما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث سألته أسماء بنت شكل عن غسل المحيض فقال صلى الله عليه وسلم : (( تأخذ إحداهن ماءها وسدرتها فتطهر فتحسن الطهور ، ثم تصب على رأسها فتدلكه دلكاً شديداً ، حتى تبلغ شؤون رأسها ، ثم تصب عليها المساء ، ثم تأخذ فرصة ممسكة أي : قطعة قماش فيها مسك فتطهر بها)). فقال أسماء كيف تطهر بها؟ فقال : (( سبحان الله )) فقالت عائشة لها تتبعي أثر الدم. رواه مسلم. (1)
• ولا يجب نقض شعر الرأس ، إلا أن يكون مشدوداً بقوة بحيث يخشى أن لا يصل الماء إلى أصوله ، لما في ((صحيح مسلم))ز من حديث أم سلمة رضي الله عنها أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن امرأة أشد شعر رأسي أفأنقضه لغسل الجنابة وفي رواية للحيضة والجنابة ؟ فقال : (( لا إنما يكفيها أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضين عليك الماء فتطهُرين)).
وإذا طهرت الحائض في أثناء وقت الصلاة وجب عليها أن تبادر بالاغتسال لتدرك أداء الصلاة في وقتها ، فإن كانت في سفر وليس عندها ماء ولكن تخاف الضرر باستعماله ، أو كانت مريضة يضرها الماء فإنها تتيمم بدلاً عن الاغتسال حتى يزول المانع ثم تغتسل.
وإن بعض النساء تطهر في أثناء وقت الصلاة وتؤخر الاغتسال إلى وقت آخرتقول: إنه لا يمكنها كمال التطهر في هذا الوقت ، ولكن هذا ليس بحجة ولا عذر ، لأنها يمكنها أن تقتصر على أقل الواجب في الغسل ن وتؤدي الصلاة في وقتها ، ثم إذا حصل لها وقت سعة تطهرت التطهر الكامل