أختي الجوزاء رعاك الله
أختي الجوزاء ....
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وبعد,,,
فأرجو أن يتسع صدرك لكلامي تعقيبا على مشاركتك , فأقول :
1ـ إن العلماء ورثة الأنبياء, وأنتي قد وصفتي العلماء بعدم الفقه و... و...
متعجلة في رأيك , وأنهم يتكلمون ولايعلمون .....
وكل هذا بناء على رأيك وفهمك للقصة!!! أرجو لكي الهداية ..
2ـ أما من ناحية الفتوى وعدم تقبلك لها ، فيجب أن تعلمي ـ وفقك الله ـ أن العلماء لم يصدروا عليها حكما بعدم قبول توبتها, ذلك أن هذا الأمر من الأمور المعتمدة على النية والقصد , وهذا فيما بين العبد وربه...
3ـ أنهم في جوابهم إنما طبقوا الحكم الشرعي : فالتوبة ـ كما هو معلوم ـ تحتاج لشروط أربعة لكي يحكم عليها بالصحة , وهذه الشروط هي:
أـ الندم على ما فات .
ب ـ الإقلاع عن الذنب .
جـ ـ العزم أن لا يعود .
وهناك شرط رابع متعلق بحقوق الآدميين : أداء الحق لمستحقيه أو بتحلله من ذلك ، كأن يقول لصاحب الحق سامحني يا أخي أو اعف ...
ذلك لأن الحقوق قسمان : حقوق لله تعالى , وهذه لابد من الشروط الثلاثة
وحقوق للآدميين , وهذه لابد من الشرط الرابع .
وفي قصتنا لم يتوفر الشرط الرابع , فماذا تريدي منهم أن يحكموا به ؟!!
4ـ أن عصيان الزوجة لزوجها في حق من حقوقه يعد ظلما , كما أن ترك الزوج لحقوق زوجته ظلمٌ , وقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام : ((من كانت عنده لأخيه مظلمة فليتحلله اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ من حسناته بقدر مظلمته فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه" رواه البخاري في صحيحه )).
5ـ أن العلماء قد اعتبروا هذا الشرط , وقد قال الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ : فالواجب على المؤمن أن يحرص على البراءة والسلامة من حق أخيه ، بأن يرد إليه أو يتحلله منه ، وإن كان عرضا فلا بد من تحلله منه أيضا إن استطاع ، فإن لم يستطع أو خاف من مغبة ذلك كأن يترتب على إخباره شر أكثر- فإنه يستغفر له ويدعو له ويذكره بالمحاسن التي يعرفها عنه بدلا مما ذكره عنه من السوء في المجالس التي اغتابه فيها ليغسل السيئات الأولى بالحسنات الآخرة ضد السيئات التي نشرها سابقا ويستغفر له ويدعو له .
6ـ استغرب كثيرا حدتك في التعقيب , رغم أن القصة جاء فيها ( لانملك لك غير ذلك)
فما المطلوب ؟!
إن هذا هو الحكم الشرعي ولو لم يوافق رأينا..
وأما استشاهدك بالآية فصحيح ولكن ضمن الشروط , وإلا لكان السارق ونحوه قبلت توبته دون رد الحقوق لأصحابها ...
وأما التوبة من القتل , فالفقهاء يبينون هذه المسألة كما يلي: وأما توبة القاتل عمداً، فإن عليه ثلاثة حقوق: حق الله، وحق القتيل، وحق الورثة، فإنه لما كان حقّ القتيل لايمكن الوفاء به في الدنيا، فقد قال ابن القيم في هذه المسألة: فالصواب والله اعلم ان يقال: اذا تاب القاتل من حق الله وسلم نفسه طوعا الى الوارث ليستوفي منه حق موروثه، سقط الحقان عنه، وبقي حق الموروث لا يضيعه الله، ويجعل من تمام مغفرته للقاتل تعويض المقتول، لأن مصيبته لم تنجبر بقتل قاتله
وقد ذكر الشيخ / د, محمد بن سعد الشويعر في ا لتوبة وظيفة العمر (: أما حق غير الله، فيحتاج إلى التحلل من المظالم فيه، والى أداء الحقوق إلى مستحقيها، وإلا لم يحصل الخلاص، من ضرر ذلك الذنب، ولكن من لم يقدر على الايصال بعد بذله الوسع في ذلك، فعفو الله مأمول، فإنه يضمن التبعات، ويبدل السيئات حسنات ( ص 83).
وأما عدم اليأس من رحمة الله فهذا حق لاشك فيه , وليس في جوابهم ذلك , لأن اليأس إنما يكون إذا تأكد عدم القبول , ولكن العلماء أجابوا بما يملكون , ولا شك أن صدقها في الندم مما يشفع لها ..
ووالله ليس في ردي عتب شخصي , ولكن أخاف عليكي من آفات الكلام , ,,,,
وأخير أرجوا ان تكون الصورة قد اتضحت لك يا أختي وفقك الله , ومن المفيد التأكيد على أن المفتون لم يحكموا عليها بشي غير عدم زوال الإثم كما في سائر المعاصي المتعلقة بحقوق العباد والتي لايزول إثمها إلا بمسامحة صاحب الحق, ولا يعني ذلك القنوط واليأس لأن ذلك مما يستوفى يوم القيامة فالاستغفار ينفعها لاشك في اسقاط حق الله في هذه المعصية, ولكن الحكم في حق البشر كما سبق في الحديث .
ولتعلمي أن مصدر الأحكام :. الكتاب والسنة لا الرأي والاستحسان ...
والله الموفق
والسلام عليكم ....