أعانكِ الله،
على كل حال، أؤكد على نصيحة الأخ الكريم "الكبير"، وهي أن تتصلي به وتطلبي أشياءك منه، فإن أدّاها إليك كان بها، وإن لم يؤدّها إليكِ فاستخلفي الله فيها وقولي "اللهم آجرني في مصيبتي واخلفني خيراً منها"، وحوقلي كثيراً "لا حول ولاقوة إلا بالله العليّ العظيم"، فإن هذه العبارة تُخفف كثيراً من اضطراب النفس، وتنسب الحول والقوة إلى من يملكها سبحانه وتعالى دوناً عن خلقه.
الخسارة الماديّة قد وقعت فضلاً عن الخسارة المعنوية. وأمركِ في حكم المنفذ. هناك مثلٌ إنجليزيّ شهير يقول:
Don't cry over split milk
أي لا تبكِ على اللبن المسكوب.
لقد سُكبَ اللبن وانقضى أمره. لن يعود إلى الكوب مُطلقا.
نحن نظلمُ أنفسنا كثيراً حينما نعتقدُ أن الذكريات لا تعود، وأنّ القلب لاتزوره أفراح الماضي وأتراحه. الحُزن جزءٌ أصيل من الحياة، وطعم الأحزان مرٌ كالعلقم؛ يحرق اللهاة والبلعوم ويُتلف الدماغ والأعصاب.
مالحلّ إذن؟
كوني كالطفل الصغير حين يتحسس الطريق ويتعلّم المشي. هو لا يفقد الأمل مُطلقا، وكلما سقط أرضاً قام على قدميه الصغيرتين مرةً أخرى، حتى يستوي واقفاً على ساقيه مدى الحياة.
كيف يتعلّم الإنسان؟
من تجاربه المريرة!
يُعرّف الدكتور نجيب الرفاعي كلمة "الخبير" على أنّها "صفةٌ للمرء الأكثر مروراً بالتجارب الفاشلة!"
المسكنة ليست أن نُظلم ولا تستطيع تظلما، أو نُضرب فلا تستطيع دفعا، أو نُنهب فيُحال دوننا ودون مالنا، لكن المسكنة أن نعتقد أن الحياة بطولها وعرضها وسمائها وأرضها حصراً على ذلك الرجل أو تلك المرأة أو ذلك القسم من المال أو تلك الوظيفة البخيسة أو ذلك الرئيس المقيت. هذه هي المسكنة والضيق.
رددي دوماً "أستغفر الله الذي لا إله إلا هوَ الحيّ القيومَ وأتوب إليه"، وكرري دائماً "لا حول ولاقوة إلا بالله العليّ العظيم"، وأعيدي مراراً "اللهمّ آجرني في مصيبتي واخلفني خيراً منها"، وابتسمي للحياة حتى لو كان تصنّعا، فشَبَه الرجل الذي ذهب والحُطام البالي الذي استحوذ عليه لا يساوي دمعةَ عين أو خفقة قلب.
ولله الأمر من قبل ومن بعد،
عبدالله،،،