|
بسم الله الرحمان الرحيم
ما رأيت أيها الإخوة و الاخوات مثل القناعة و الرضا بما قسمه الله للعبد خاصة في الزواج, و خاصة في مثل هذا الزمن الذي انفلت فيه الصبر من الجنسين في الأسواق و النزهات و القنوات و المجلات.
فالزوج يرى وجوه الحسان, و الزوجة ترى وجوه الصبيان ممن تشبهوا بالنساء, و تجملوا بالمساحيق, و الشيطان بالمرصاد, بدءا بالأفكار و التخيلاتو ثم بالمقارنات, ثم بالجزع و التسخط و الحسرات.
و مثل هذه النفوس لا يطفئ غلة ظمئها ما عندها, فتمتد عينها إلى ما عند غيرها لا يشبعها الحلال, فيسيل لعابها إلى الحرام, و ما أجمل قول ابن الجوزي رحمه الله في صيد الخاطر يقول :
حتى إنه لو قدر على نساء بغدادكلهن فقدمت امرأة مستترة من غير البلد, لظن أنه سيجد عندها ما لا عند غيرها...إلى آخر كلامه
أيها الزوجان! كل ممنوع مرغوب, و النفس تواقة نهمة, و لكن كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :"إن المرأة تقبل في صورة شيطان و تدبر في صورة شيطان, فإن أبصر أحدكم إمرأة فليأت أهله فإن ذلك يرده" كما في صحيح مسلم.
فتعاونا على مثل هذا, و أعلنا الرضا ببعضكما, و لينظر كل منكما لمحاسن وجه صاحبه, و تجنبا "لو" فإنها من عمل الشيطان, و تنبها إلى طول الصحبة يكشف العيوب, و يصيب النفس بالملل, و الطباع لن تتغير بسهولة, و لا تمكن أن تتغير بالعناد و التذمر.
إذاً فلتكن المصارحة و المكاشفة و المناصحة, و بحوار هادئ مقنع, و لكن بشرط عدم الضيق أو التتبع للاختلاف في العادات و الطباع, و خاصة في البدايات, فالسكن النفسي يحتاج لفترة البناء, و حتى يتم عليكما بالرفق و الصبر و القناعة, و النظر لمن هو أسفل منكم لتزدادوا قناعة و رضاً و شكراً لله, و سيجعل الله من بعد عسر يسراً
و اسمعوا للقناعة و الرضا عند هذا الزوج يقول
[poem=font="Arial,5,,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,1," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,"]
قالوا تخير سواها فهي قاسية=فقلت لا غير ليلى ليس يرضيني
فلو جمعتم جمال الكون أجمعه في=شخص أخرى و جاءت تناجيني
لكنت كالصخرة الصماءعاطفة=و قلت هذا جمال ليس يعنيني
إن العيون التي بالوصل تضحكني=هي العيونالتي بالهجر تبكيني[/poem]
من كتاب تحفة العروس الزواج السعيد في الإسلام من الكتاب و السنة (محمود بن الجميل) |
|