ومن الأسباب المعينة على ذلك :
1) أن تكون لهم أيها الأب قدوة صالحة في المحافظة على الصلاة والحرص عليها ، فإذا بلغوا سبعاً وعقلوا شُرع أمْرُهم بالصلاة والذهاب بهم إلى المسجد ؛ فإن الصغير ينشأ على ما كان عوَّده أبوه.
2) تقديم أمر الآخرة على أمر الدنيا في كل شيء ، وتنشئة الصغار على ذلك وغرسه في نفوسهم ، فلا تكون الامتحانات الدراسية أهم من الصلاة ، ولا تكون المذاكرة أهم من الذهاب للمسجد ، وليس من الفخر أن يكون ابنك مسئولاً كبيراً وهو من المنافقين الذين لا يشهدون الصلاة ، أو من الكفار الذين لا يصلون ، ويكفيك عزاً وفخراً أن يأكل من كسب يده ويشهد جماعة المسلمين . وإن جمع الأمرين فَبِها ونعمت .
3) الصبر والمثابرة ]وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى[([18]) فالأمر فيه مشقة ونصب ، وأبشر فإن الله U قال: ]وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ[([19]).
4) توفير الأسباب المعينة على القيام ، ومن ذلك عدم السهر ، وجعل ساعة منبهة عند الأذان أو قبله . وليكونوا في مقدمة الصفوف .
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز السؤال التالي في الجزء 12 من فتاواه :
السؤال : بعض الأولاد يبكرون يوم الجمعة ويأتي أناس أكبر منهم ويقيمونَهم ويجلسون مكانَهم ويحتجون بقوله عليه الصلاة و السلام : « لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الأَحْلامِ وَالنُّهَى ([20])» فهل هذا جائز ؟
الجواب: "هذا يقوله بعض أهل العلم ، ويرى أن الأولى بالصبيان أن يصفوا وراء الرجال ، ولكن هذا القول فيه نظر ، والأصح أنهم إذا تقدموا لا يجوز تأخيرهم ، فإذا سبقوا إلى الصف الأول أو إِلى الصف الثاني فلا يقيمهم من جاء بعدهم ؛ لأنهم سبقوا إلى حق لم يسبق إليه غيرهم فلم يجز تأخيرهم لعموم الأحاديث في ذلك ؛ لأن في تأخيرهم تنفيراً لهم من الصلاة ، ومن المسابقة إليها فلا يليق ذلك.
لكن لو اجتمع الناس بأن جاءوا مجتمعين في سفر أو لسبب فإنه يصف الرجال أولاً ، ثم الصبيان ثانياً ، ثم النساء بعدهم إذا صادف ذلك وهم مجتمعون، أما أن يؤخذوا من الصفوف ويزالوا ويصف مكانهم الكبار الذين جاءوا بعدهم فلا يجوز ذلك لِمَا ذكرنا ، وأما قوله عليه الصلاة و السلام : « لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الأَحْلامِ وَالنُّهَى » فالمراد به التحريض على المسارعة إلى الصلاة من ذوي الأحلام والنهى وأن يكونوا في مقدم الناس، وليس معناه تأخير من سبقهم من أجلهم ؛ لأن ذلك مخالف للأدلة الشرعية التي ذكرنا".
5) بث في أبنائك أحاديث الصلاة وحكم تاركها وعقوبته في الدنيا والآخرة ، ورغبهم في الأجر العظيم لمن حافظ عليها([21])، ولا تقل إنّهم صغار لا يعون ، فهم يدركون ويحفظون ويحتاجون إلى ذلك لتقوية عزائمهم.
6) اجعلْ لهم الحوافز والجوائز حتى يحافظوا على الصلاة، وأَذْكُرُ أنَّ أحد الآباء كان يجعل لأبنائه الصغار ريالاً كل يوم عن صلاة الفجر ، وكانت الثمرة المبكرة أن كان أحد هؤلاء الصغار من كبار الأئمة المعروفين . وأذكرُ أَيْضاً امرأة أرملة وتحتها يتيم صغير فكانت تخرج به لصلاة الفجر كل يوم وأكرمها الله U بِهذا الابن فحفظ كتاب الله تعالى ، وهو أحد أئمة المساجد الآن ومن أبر الناس بأمِّه . قال عبدالله ابن مسعود رضي الله عنه : "حافظوا على أبنائكم في الصلاة ، وعودوهم الخير فإن الخير عادة" رواه الطبراني([22]).
7) الدعاء لهم في كل وقت واجعلهم أحياناً يسمعون دعاءك لهم بالصلاح والهداية والتوفيق والسداد ، ومن دعاء الأنبياء والصالحين ] رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ [([23]).
8) اربطهم بصحبة طيبة ممن يحفظون القرآن ويحافظون على الصلاة مع الجماعة وشجع أولئك الصغار بالهدايا والحوافز فهم أبناء المسلمين .
9) ادْعُ لهم عند إيقاظهم واتْلُ عليهم بعض الآيات والأحاديث ]يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ[([24])، ودعهم يسمعون الأجر العظيم على لسان نبيهم صلى الله عليه و سلم « بَشِّرْ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » رواه أبو داود.([25])
10) لترى منك والدتُهم أنك حريص على أمر صلاتِهم وإيقاظهم فإن ذلك يعينها على الاستمرار والحرص والتأكيد عليهم واشكر لها جهودها وشجعها على ذلك وهم يسمعون.
11) كما أنك أيها الأب إذا أردت شراء منْزل تفكر في قرب الخدمات من سكنك، فكر قبل ذلك بالمسجد ومدى قربه إلى منْزلك لأن في ذلك إعانة على الطاعة وتيسيراً لأمر الصلاة خاصة على الصغار مع مظنة حفظهم ومتابعتهم إذا كانت المسافة قصيرة.
12) استشعر أن ابنك الذي تحب قد يكون حطباً لجهنم إذا لم يُصلِّ ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ[.([26])
13) ليكن بينك وبين إمام المسجد تعاون في تشجيع أطفالك من قِبَلهِ وتقديم الجوائز لهم لمحافظتِهم على الصلاة - بما فيها صلاة الفجر - ، ولا يمنع أن يتحدث الإمام حاثاً الآباء على إحضار أبنائهم للصلاة ، ثم يشكر الآباء الذين يحضرون أبناءهم ويسمى الصغار بأسمائهم.
أيها الأب :
يقول الله تعالى : ] وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى[([27]) وأبشر وأمل فأنت في خير طريق ]وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ[([28]).
أصلح الله أزواجا وذرياتنا وجعلهم قرة عين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
&&&&&
منقول
shark