منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - هنا تستقبل الأسئلة والاستفسارات الشرعية ليجيب عليها فضيلة الشيخ سعد بن مطر العتيبي
عرض مشاركة واحدة
قديم 26-09-2008, 12:41 PM
  #102
الشيخ/سعد بن مطر العتيبي
عضو هيئة التدريس بقسم السياسة الشرعية بالمعهد العالي للقضاء
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 70
الشيخ/سعد بن مطر العتيبي غير متصل  
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الزوجة الغالية مشاهدة المشاركة


السؤال الثاني هو : نسمع بين الفينة والأخرى عبارة ( لحوم العلماء مسمومة ) ، فهل ورد بشأنها حديث مروي عن النبي
صلى الله عليه وسلم ؟ وإذا كان الجواب ( لا ) فمن أين أتتنا هذه العبارة ؟
لا أعرف أنه ورد بشأنها بلفظها حديث نبوي عن النبي صلى الله عليه وسلم .
والمعروف أنها من كلام الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر الدمشقي رحمه الله ، وعبارته التي وقفت عليها في ( تبيين كذب المفتري :29-30 ) فيها تعليل واستدلال ، إذ قال رحمه الله : " واعلم يا أخي وفقنا الله وإياك لمرضاته وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته أن لحوم العلماء رحمة الله عليهم مسمومة وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة ؛ لأن الوقيعة فيهم بما هم منه براء أمره عظيم ، والتناول لأعراضهم بالزور والافتراء مرتع وخيم ... والارتكاب لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الاغتياب وسبّ الأموات جسيم ، ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )" والله تعالى أعلم .


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الزوجة الغالية مشاهدة المشاركة
السؤال الثالث : الكثير من أبناء المسلمين لا يتقبلون فتاوى العلماء بشأن العمليات الجهادية و ( الاستشهادية ) زعمًا منهم
أن هؤلاء العلماء ليسوا في مواقع الثغور ولا يعرفون ما يحيط بالمسلمين وأنهم يجلسون تحت أجهزة التكييف منعمين
وبالتالي لا يمكن تقبل فتاواهم التي تحرم العمليات الاستشهادية فهل يُقبل مثل هذا القول ؟ وما رد فضيلتكم على هؤلاء ؟
كنت في مؤتمر حضره الأستاذ خالد مشعل ، وكانت المحاضرة فيه لسماحة شيخنا مفتي عام المملكة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، وهو ممن يرى عدم جواز العمليات الاستشهادية في فلسطين فضلا عن غيرها ، وسئل عن حكمها وكان الأستاذ خالد مشعل في الصف الأول في القاعة أي أمام سماحة المفتي ، فقال الشيخ حفظه الله : العمليات الاستشهادية مسألة خلافية ، ونحن لا نقول بها . وهذا درس في أدب الخلاف ومراعاة الرأي الآخر الذي له وجه من النظر عند من يقول به .
ومما يجب أن يعلم : أن من يجيزون العمليات الاستشهادية يشترطون لمشروعيتها شروطا دقيقة ، تجعل ما عداها من العمليات التخريبية على أصل المنع ؛ وليس في قول القائلين بالجواز حجة لمن يقومون بعمليات انتحارية في بلاد المسلمين ؛ لأنها مما اتفق العلماء على منعه وتحريمه وتجريم من يقوم به .
والعلماء لا يتكلمون في مسألة حتى يتصوروها .
وما ورد في الرجوع إلى أهل الثغور إنما هو في بيان المسائل وتصويرها ليحكم فيها أهل العلم ، أو في تطبيق ما يحكم به أهل العلم في الميدان . لا أنهم يفتون أنفسهم بأنفسهم من غير رجوع إلى أهل العلم .
والواجب سؤال أهل العلم ، وليس الرجوع إلى من لا علم عنده يؤهله للفتوى الشرعية ، حتى وإن كان في الثغور ، فالله عز وجل يقول: ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) .
والملاحظ أن أهل الثغور المعتدلين يرجعون إلى العلماء ، كما في أرض الرباط أرض فلسطين ، بينما يرجع غيرهم إلى من لا يعرف بالعلم بين أهل العلم فضلا عن غيرهم ، بل ربما اعتمد بعضهم على فتاوى مجاهيل في الشبكة العالمية أو على أسماء تعارفوا عليها لا يعرف كثير منهم حقيقتها ، فاستحلوا دماء المسلمين فضلا عن المعاهدين ، بغير حجة شرعية ، وأضروا بمصالح الإسلام وأهله من حيث يشعرون أو لا يشعرون .
ونسأل الله تعالى أن يهدي ضال المسلمين ، وأن يردهم إلى الحق .
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الزوجة الغالية مشاهدة المشاركة

السؤال الرابع : يلحظ أحيانا اختلاف العلماء في بعض الفتاوى بين محلل ومحرم . فنجد الكثيرين ينتقدون العلماء على هذا
الإختلاف في الفتوى . فما هي أسباب مثل هذه الإختلافات على الرغم من توفر الأدلة الشرعية للجميع بالتساوي في هذا
الزمن من خلال توفر جميع الوسائل المؤدية إليها ؟ وإذا كان الأمر هو في الإختلاف في الإجتهاد وتفسير الأمر فكيف لنا أن
نعرف الفتوى الأقرب إلى الصواب ؟
وفي شأن الإختلاف بين العلماء نسمع عبارة ( اختلاف العلماء رحمة ) فما مدى صحة هذه العبارة ؟
الاختلاف بين أهل العلم - في جميع التخصصات الشرعية والتجريبية موجود - وله أسباب كثيرة ، وهو أمر لا محذور فيه ما دام في إطار الخلاف المقبول شرعا ، وإنما المحذور الفرقة في الدين .. وهذا الإمام ابن قدامة يورد الأقوال في المغني ، ثم لا يزيد عند ذكر اختياره لقول ما على قول : ولنا ... هذه أخلاقيات أهل العلم وفهمهم لأسباب الخلاف المقبول .
ولعلكم ترجعون إلى كتاب : رفع الملام عن الأئمة الأعلام ، لأبي العباس ابن تيمية رحمه الله فقد فصل في ذلك الكتيب تفصيلا حسنا وسهلا .
ولكن مما ينبغي التنبه له ومعرفته لأهميته : أن الفتوى قد تتغير ، وذلك إذا تغير مناط الحكم فيها ، ولعل في هذا المقال ما يكشف جانبا من هذا الموضوع مع الأمثلة العصرية :

http://saaid.net/Doat/otibi/12.htm

وأما أن اختلاف العلماء رحمة ، فهو وإن كان في صحة بعض الأحاديث التي ورد فيها عبارة نحوه نظر ، إلا أن له معاني صحيحة ، وذلك في دائرة الخلاف في المسائل الاجتهادية لما في تعدد الأقوال فيها من التوسعة على المسلمين ، وفي كون الإنكار فيها على سبيل التأثيم - لا النصح والإرشاد - لا يجوز ، وإن كان الواجب على المسلم اتباع ما ظهر له دليله إن كان من أهل العلم ، أو ما قال به من يثق في علمه وتقاه إن كان مقلدا ، ولا يجوز له تتبع الشاذ من الأقوال ، أو انتقاء الفتاوى اليسيرة عليه من عدد من العلماء مثلا ، والكلام في هذا الموضوع يطول ، لكن لعل فيما أجيب به ما يكفي لتصوره في الجملة . والله تعالى أعلم .