بصراحة لا أستغرب موقف رجل الأمن أبداً..
فأنا أموت رعباً حينما أمر على مسجد وبالصدفة أرى لوحة مكتوب عليها ""مغسلة أموات""
أو حينما أكون في الحرم وتمر بجانبي جنازة لميت ..
ليلتها قد لا ترى عيناي النوم ...
أو حينما أكون في الشارع وتمر سيارة المغسلة ... أكاد افقد توازني .
لعلها فوبيا ... ولعل ذكر الموت بحد ذاته هو ما يهز قلبي ..
ولعل ما كوّنته في مخيلتي عن مغسّل الاموات من صورة مخيفة هي السبب .. لربمــا .. عدة أسباب
الله يلطف فينا ..
أما كيف نعالج من هو مبتلى ..!!! فأظنه خوف فطري .. يعني
الخوف مطلوب .. لكن يُمكن أن نوجّه هذا الخوف ونستغله في التوجيه والوعظ لكيفية الإستعداد لهذا اليوم .وتدارك النفس وانتشالها من اوحال الخطايا
اما الموقف الذي لا يُنسى ,, وبقي في ذاكرتي ,,
لعله يكون بعيد عن الموقف الذي ذكرته ..
موقف مع طفلة .. أتت لهذه البلاد بعدما يئس الطب من مداواتها من السرطان .. فأحضرها والدها لزيارة بيت الله وشرب ماء زمزم
كانت في مرضٍ شديد يكاد يفقدها قوتها ,,
لكن سبحان الله ,, مجرد دخولها مكة وحسب كلام والدتهاأصبحت في قوة ونشاط لدرجة أنها هي من تجر يد والدتها في المسعى
وأتت في ضيافتنا لبضعة أيام قبل عودتها لبلدها الأصلي ,, أخذت تمرح وتلعب معي و تأكل من يدي كل شيء ,,, وامها تنظر لها بعيون كلها استعجاب فالبنت لا تأخذ على أحد بسرعة .. وبعد مرضها اصبحت منطوية جداً ,, والعلاج الكيميائي أفقدها شهيتها للاكل ,,
أما ما بقي في ذاكرتي لحظة الوداع ,.. نظرات الطفلة لليوم لا تكاد تفارقني .. ودعتني وداع غريب .. نظراتها كلها كانت غريبة ..
وكأنها تعلم بداخلها انها لن تراني مجدداً ..
ذهبت لبلدها واخذت كل حين تطلب ان تحدثني .. وانا اقدم لها الوعود بقرب المجيء .. وأني سأراها قريب وألعب معها
وعند اقتراب موعد لقاءنا وقبل سفري بــأسبوع .. رحلت عن هذه الدنيا ..
عندما سمعت الخبر ,,, تذكرت نظراتها ..
هذا الموقف علمني الكثير والكثير . .. وبرغم ما تعمته من هذا الموقف
إلا أنه تكرر بنفس الأحداث في وفاة خالتي
وهذا أشد أنواع الالم .. كلما تذكرت اتألم بداخلي لاني حُرِمت رؤيتهم للأبد
اسأل العلي القدير أن يتولاهم في موسع رحمته ويجمعنا بهم تحت ظل عرشه الكريم
.