مر اليوم والأب يعمل وأيمن يصاحبه ويبدي إعجابه بكل شئ يراه حتى حان ميعاد الغذاء، فذهب مع والده إلى مطبخ كبير اجتمع فيه زملاء أبيه وتم تقديم الطعام لهم جميعاً.
وفي هذه اللحظة دخل أحد زملاء أبيه وهو يحمل طبقاً مختلفا وقدمه لأيمن وهو يقول: هذه هدية ترحيب منا لك، طعام مخصوص لك.
نظر أيمن إلى طبق الطعام فوجد أصنافاً لم يرها أبدا من قبل، وبدأ في تذوقها فوجدها أحلى ما ذاق في حياته وتمنى في داخله أن يأكل مثل هذا الطعام دائما..
* * *
في نهاية اليوم عاد أيمن مع والده إلى المنزل، وما أن دخلا الشارع الذي يسكنان فيه حتى قال أيمن لوالده: "أنظر يا أبي كيف شارعنا صغير جدا والمباني فيه ليست جميلة، هل تذكر كيف كان الفندق كبيرا وجميلا"
وصل الاثنان إلى شقتهما فوجدا أم أيمن في انتظارهما ورحبت بابنها قائلة: "مرحبا بك يا ابني الحبيب في منزلنا، لقد افتقدتك كثيرا أنا وأخوتك"
قبل أيمن والدته وقال لها: "وهل تسمين بيتنا الصغير هذا منزلاً، لو كنت رأيت غرف الفندق الكبيرة والجميلة التي رأيتها اليوم لما قلت هذا"
فوجئت الأم بكلام أيمن هذا وقالت له: "ولكن منزلنا هذا يضمنا جميعا أنا ووالدك وأخوتك وهو الذي يجمعنا ويحمينا من برد الشوارع"
لم يعلق أيمن على كلام والدته، فقامت الأم لتحضير طعام العشاء.
حينما وضعت الأم الطعام أمام أيمن ووالده على المائدة، نظر أيمن إليه نظرة اشمئزاز وقال لأمه: "ما هذا الطعام يا أمي؟! إنك لم تري الطعام الذي قدموه لي اليوم في الفندق.."
هنا قاطع الوالد أيمن قائلا: "اسمع يا أيمن، إن الله يقدر لكل واحد رزقاً مختلفاً عن غيره ونحن والحمد لله قد أعطانا الله المال الكافي كي نعيش ونحيا حياة معقولة"
قال أيمن: "ولكن يا أبي هناك ناس آخرين لديهم أفضل مما لدينا من المال ويحيون حياة أفضل منا كثيرا"
قال الأب: "يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال والخلق فلينظر إلى من هو أسفل منه)"
قال أيمن: "لا أفهم يا أبي"
قال الأب: "هل تعرف جارنا الأستاذ منصور؟ هل تذكر أنه قد أصيب من عدة أشهر في حادث كبير فقد معه القدرة على الحركة وبالتالي فهو لا يستطيع العمل.. هل تعلم أنه قد يبيت عدة أيام لا يجد فيها طعاما يكفيه هو وأبناءه؟ أجبني إذا، من فينا أفضل حالا، نحن أم هو؟"
قال أيمن: "نحن بالطبع يا أبي"
قال الأب: "إذا فلنحمد الله ونشكر فضله، فحالنا أفضل بكثير من غيرنا، وإذا كان هناك من هم أفضل منا فهذا فضل من الله عليهم ولكن فلنتذكر دائماً أننا ما زلنا أفضل من غيرنا في أشياء أخرى"
قال أيمن: "معك حق يا أبي، أنا آسف أنني فكرت بهذه الطريقة من قبل، وأنا أشكر الله على نعمه علي والتي فضلني بها على غيري"
* * *
تمت بحمد الله القصة الثانية..
ترقبوا المزيد..