حلم مؤجل أو واقع معطل
"أبو خالد"، رفع فهد راسه في وجه محدثه ليسأله: "خير يا عم ، كيف بالامكان مساعدتك؟" اجابه بأن له معاملة معطلة لاشهر و قيل له ان من سيحل له المشكلة هو ابو خالد وحين سأل عن ابو خالد اوصلوه له. رد عليه فهد " لاتهتم يا عم ، ان شاء الله سأنهي لك موضوعك على خير". غمره الرجل الطاعن بالسن بوابل من الدعاوى له و لخالد ولاخوان خالد. فتح الملف ليلقي نظرة على الاوراق و يتكرر على مسامعه "جزاك الله خير أبو خالد" مراراً و تكراراً.
أبو خالد ، لم تعد لهذه الكلمة وقعها في نفس فهد. فهو قد قارب الأربعين ولم يتزوج ولا يعلم متى سيحمل خالد بين يديه. لم يعتقد أن قطار العمر سيصل به إلى هذا الوقت والشيب زحف إلى شعر رأسه ومازالت حالته الاجتماعية أعزب.
بين أصدقاءه المتزوجين ، هو صاحب الحظوة فهو الوحيد بينهم الذي لم يتجرع معاناة التربية ونكد الزوجة وتدخل الاهل في الحياة. يجلس بينهم و يضحك على مشاكلهم ويذكرهم دوماً بأنه اختار العزوبية هرباً من تكرار تجربتهم الا انه في داخله يعلم أنه يتوق لهذه المشاكل ، يتمنى أن يأتي الوقت ليختلف مع أبناءه ، يدعو أن يمد له الله العمر ليقول لزوجة المستقبل لن أسمح لك بأن تدخلي أهلك في حياتنا.
وضع فهد ليس باختياره بل هي معاناة عمرها ثمانية عشر عاماً. يذكر حين بلغ العشرين من العمر وفي يوم ككل الايام علا صراخ والديه ومد والده يده على امه امام الابناء. لم يملك فهد نفسه ، تصدى لوالده واخذ امه لبيت جده وقال لها لا تعودي للبيت. لم يعلق والده ، لم يلمه ، ولم يغير معاملته له فهو الابن الاكبر والابن البار المطيع..
بظن فهد ان معاناة والدته انتهت ، لكنه لم يعلم ان معاناة أخرى بدأت منذ تلك اللحظة. حين انهى فهد دراسته الجامعية حرص على ان يوفر من راتبه ليتمكن من الزواج قبل الثلاثين. لم يدر بخلده ان تلك المهلة .
لم تطل اكثر من ثلاث سنوات ، فهو من الشباب القلة الذين خططوا لمسألة ترتيبات الزواج مبكراً خاصة انه حرص الا يستدين من احد وحتى والده ولم يكن من الشباب المبذرين الذين يعيشون ليومهم ويصرفون رواتبهم قبل انتهاء الشهر. رشحت له عمته احدى الفتيات ، وهو لا يحتاج للسؤال عنهم فهو من الاسر المشهود لها بالصلاح و الدين و العلم والاهم من الاسر التي لا تنظر للمستوى المادي بل تحرص على خلق الشاب و دينه.
حين خاطب فهد والده في امر زواجه ، قال له على بركه الله لكن إعلم اني لن اذهب معك لخطبتها. ذهل فهد وتوقع انه فهم الموضوع بشكل خاطيء ، اعاد طلبه على والده ليعود والده ويكرر نفس الاجابة.
تدخل الاهل وعلى الاخص الاعمام و العمات ليحاولوا ان يثنوا ابيه عن قراره لكنه قال لهم ، هو في يوم من الايام انهى زواجي بأمه و انا لن أكون طرفاً في موضوع زواجه.
سعى فهد بشتى الطرق . فكر بالزواج من بنات عماته كونهن الاقرب له سناً و لعله يجد الموافقة من ابيه لكنه كان يقابل بالرفض من ازواج العمات. ان لم يحضر والدك معك لخطبة ابنتنا فلن نوافق على زواجك منها. حاول ان يبحث عن اسر من خارج مدينته لعله يوفق في الزواج الان ان الناس كانت تشترط وجود والده والا فهو مرفوض وان رافقه كبار العائلة ووجهاءها.
ثمانية عشر عام مرت على تلك اللحظة ، ومازال فهد يدفع ثمن موقف واحد. لم يره والداً عاقاً في اي لحظة بل على العكس فهو يدعو له باستمرار لكنه يشعر بالغصة. هو يتمنى ان يموت حتى يتيسر لفهد ان يبدأ حياته فهو اليوم احد ضحايا العضل - عضل الرجال في مجتمع اعطى للرجل مكانة و مساحة اتخاذ القرار عجز فهد عن ان يتمتع بها.
محاور النقاش المعروضة الآن هي :
1- ما الأسباب التي تعتقد( ين ) أنها تؤدي الى تأخر الكثير من الشباب عن الزواج ؟ هل ترى( ين ) أن لرفض الأبوين دور في ذلك ؟ ؟ أم أنك( ي ) تعتقد( ين ) بأن الأبوبن يريدان أن يحجرانه على فتاة معينة( ابنة عمه أو قريبته ) ؟ أم شيء آخر تعتقده ( تعتقدينه ) ؟
2- ما الذي يجعل الأب أو الأم يرفضون زواج أبنائهم ؟ هل هو طمعا في مال الإبن ؟ أم إنه خشية مساعدة الولد بمهر الزواج ؟
3 - ما العلاج الممكن لهذه المشكلة ؟ هل أسهم التعليم في حلها ؟ أم إنها لا زالت منتشرة ؟
4- من المتضرر في منع الشباب من الزواج أو تأخيرهم ؟ هل هو الإبن لوحده ؟ أم إنها أسرته ؟ أم فتاة ستكون عانسا يوما ما قد تأخر خاطبها ؟