انا لي احد اصدقائي كان يعمل بشركة بها اختلاط مخيف و اختلاط مفروض عليه و صديقي هذا كان في عمر صغير لا يتجاوز الثالثة و العشرون ، و كان و ما زال شخص متدين جدا و لكنه مجبر علي التعامل مع زميلاته البنات و مجبر علي الابتسام اذا القت احداهن دعابة لكن تعامله معهم كان في حدود الادب و لا تجرؤ واحدة منهن علي تخطي الحدود معه ، و كان تعامله معهم تعامل المتلقي المستمع ، فقد كانوا هن من يفتح المواضيع و ليس هو ، في الواقع صديقي هذا يمتلك برودا لا يصدق مع الفتيات ، برود لم اري له مثيلا ، فهو لا ينفعل قط مع اي فتاة مهما فعلت او قالت ، لا ينفعل قط من اي منظر يراه مهما كان اباحيا ، و عندما سالته متعجبا عن ذلك ، فاخبرني انه يضع امام عينيه هذه العبارة دائما " تكيف و الا هلكت " فقلت له و ما معني ذلك ؟ فقال : انا شاب رزقني الله حظا من الوسامة و الجاذبية و منذ ان كنت في المرحلة الابتدائية و الفتيات تتحرش بي باللمس و ليس بالقول فقط فمنهن من تضع يدها علي كتفي كانني صديقتها و عندما التفت لها ازالت يدها و اخري تضع الكتاب علي قدمي و تسند بيدها عليه كانها تشرح شيئا و اخري و اخري و اخري ، ناهيك عن العبارات و النظرات التي تطل منها نظرات الاعجاب و الوله ، انه ابتلاء يا عزيزي ان لم اتكيف معه هلكت و سقط في حفرة من جحيم رب العالمين ، انها نار جهنم التي اوقد عليها الله الف سنة حتي احمرت و الف سنة حتي ابيضت و الف سنة حتي اسودت فهي سوداء مظلمة ، فكيفت نفسي ان اكره هذا الجسد الذي جلب لي هذا الابتلاء ، فلا يعجب كل هؤلاء الفتيات الا هذا الجسد الفاني و لا يهمهن ان يبحثن عن الجوهر ، فهذا الجسد الذي يستهويههن لن يطقن رائحته بعد ساعتين علي الاكثر من دخول القبر لو كان الجو حارا ، لذلك اهتممت بتزيين الداخل ، فالجمال الداخلي اهم و اسمي من الجمال الخارجي فقد قالت امراة العزيز " فهذا الذي لمتنني فيه " تشير لجماله الخارجي ، و قالت " و لقد راودته عن نفسه فاستعصم " تشير لجماله الداخلي ، لذلك يا صديقي العزيز تكيفت مع الابتلاء الذي نزل بي و اصبحت باردا بهذا الشكل ، فالخيار مرير ، فاما البرود و اما نار جهنم ، كما ان كل هؤلاء في الواقع لسن جديرين بالاحترام ، فنحن بشر و لسنا حيوانات ، فالمراة في الجاهلية كانت تستنكف من الزني و تقول " او تزني الحرة ؟" و الرجل في الجاهلية كان ايضا يستنكف من الزني فهذه مقولة عنترة ابن شداد " انما تبعد الفحشاء عني كبعد الارض عن نجم السماء " فما بالك و قد اعزنا الله بالاسلام الذي من ابتغي العزة في غيره اذله الله .