الحياة بدون حب ليست حياة ، و الحب اشكال و الوان ، فمنه حب الاخوان و الاصدقاء و منه حب الوالدين و منه حب الرسول صلي الله عليه و سلم و منه حب الله عز وجل و منه حب الدين و الوطن و منه حب الحبية الزوجة الغالية ، فبدون الحب لا يصبح للحياة معني ، و كان صحابة النبي صلي الله عليه و سلم اروع المثل في ذلك ، فمنهم من تحول ظهره كالقنفذ من كثرة السهام التي نشبت فيه دفاعا عن رسول الله صلي الله عليه و سلم في احد ، اليس هذا بدافع الحب ، و الصحابي الاخر الذي اشتاق الي الجنة فرمي التمرات من يده و اقتحم المعركة في غزوة بدر حتي قتل ، اليس هذا حب ، و سيدنا جعفر ابن ابي طالب في معركة مؤتة عندما راي جحافل الروم الضخمة ، فتردد قليلا في دخول المعركة فعاتب نفسة بابيات جميلة جدا لا اذكر منها الا الشطر الثاني من البيت " اذا اقبل الناس و شدوا الرنة .... ما لي اراك تكرهين الجنة " اليس هذا حبا للجنة و لله و لدين الله ، اذا فالرومانسية و الحب ليس شيئا تافها ، بل هو شيئا مهما و محترما جدا ، الم يعترف رسول الله صلي الله عليه و سلم ان زوجته عائشة احب زوجاته اليه و لم يستحيي من ذلك ، فمن اين لمن قال ان الحب شيئا تافها الدليل علي ذلك ؟
القائد العظيم قاهر التتار " المظفر قطز" الم يكن يحب ابنة خالة الاميرة "جهاد " ، و قضي نصف عمره يبحث عنها ، الم تخرج معه في ميدان المعركة لجهاد الاعداء ؟ الم يبكي لفراقها و يستثقل ظل الحياة من بعدها و يتمني لقاء ربه حتي يجمعه بها ؟
و اعرفكم قليلا بمن هو " سيف الدين قطز " او الامير محمود ، ترك بلاده هو و ابنة خاله بعد ان دمرها التتار و ارتحل للشام و تربي هناك كخادم بعد ان كان اميرا ثم انتقل للخدمة في الجيش المصري و افترق عن حبيبته الاميرة جهاد للخدمة في زمرة مماليك الملك الصالح نجم الدين ايوب ، و المماليك و ما ادراك ما المماليك ، هم جنود تربوا منذ نعومة اظفارهم علي الحرب و القتل و علي الاسلام في نفس الوقت ، جيء بهم اطفالا من كافة اسقاع الارض ، و تبناهم الملك الصالح حتي كانوا ينظرون اليه نظرة الابن للاب ، ( من للفتي القبجاقي ... ينفع في الحماقي ... يدفع عن مولاه ... كيد الذي عاداه .. ستطلع الايام ان صح ظني فيه ... فتي مغوارا يعز من يؤيه ) و كانت تدريباتهم قاسية جدا للدرجة التي تجعلهم لا يقف في طريقهم جيش الا و مزقوه ، و اثبت الامير محمود " سيف الدين قطز" كفاءة عالية كفارس في الجيش و اصبح اميرا في جيش الملك الصالح ، ثم سلطانا بعد ذلك ، ثم منقذا للبشرية من همجية التتار ، فانك تري بعد كل ذلك رجلا بما تحمله الكلمة من معان ، فارسا لا يشق له غبار ، و يبكي علي فراق حبيبته و زوجته جهاد ، فلا يشك احدا ان "سيف الدين قطز " رجلا قويا صنديدا و رغم ذلك يبكي علي فراق زوجته الحبيبة .
اذا ...
فالحب ليس ضعفا و لا كلام فارغ و لا كلام ناس فاضية بل هو من اساسيات الحياة .