منقـول من صـحيـفة الوطـن عـدد السبت 11 ذو الحـجـة
جدة: سامية العيسى، براء العتيق
جدة أيضا في الشدائد غير، حيث أثبت هذا المجتمع الذي جمعته المحن ولم تفرقه الكوارث، أنه يحزن لحزن جيرانه حتى لو لم يعرفهم أو ينل شرف صداقتهم.
فقد صورت بيوت جدة أول أيام عيد الفطر بكامل عائلاتها ورجالها ونسائها حبا آخر لوطن الخير فقد جمعهم هدف واحد بعد صلاة العيد، وهو الذهاب لتأدية واجب العزاء في شهداء رحلوا ليل عرفة، أو فقدوا ولن يعودوا مرة أخرى.
فلذات الأكباد
في منزل العم أحمد المكونة عائلته من 6 أفراد توفوا بعد أن جرفتهم مياه سيول جدة وسقط فوقهم كوبري حي الجامعة. قال العم أحمد أنه لم يكن يعلم أن ما أصابه أصاب غيره من سكان الأحياء القريبة من جنوب جدة وبما أنه يسكن في حى النسيم فقد أدركه ملك الموت ليقطف فلذات أكباده وزوجته لكنه اكتشف أن الموت لم يفرق بين سكان النسيم وغيرهم من سكان قويزة.
وأضاف تلقينا العزاء وقلوبنا تتفطر حزنا وألما على فراق أحبائنا وتوافد جمع من الإعلاميين والفنانين على بيت الفنان الفوتوجرافي عبدالله الأهدل معزين في فقدانه بنات عماته داعين الله أن يكون الفقد آخر الأحزان.
جموع المعزين
في بيت شاكر الأزوي مدير دار الأحداث السابق توافدت جموع المعزين لمواساته في فقدان أنسابه الخمسة الذين لقوا حتفهم ضمن أبناء السعوديين فهم كانوا يشكلون عائلته وعائلة زوجته.
بصوت حزين تحدث لـ"الوطن" عن الفاجعة وأكد أنهم غرقوا وحصد الموت أرواحهم وجمعهم في مثواهم الأخير بمقابر الأجواد، ومع توافد زملاء العمل والجيران والأصدقاء لتقديم واجب العزاء كثيرة هي الأقاويل التي ساقها البعض متسائلين على من تقع المسؤولية.
وترد أم عناد قائلة في تجمع نسوي: الأمر لله من قبل ومن بعد لكننا لا نكون كالنعامة ندفع رؤوسنا في الرمال.. أين هي خطط الأمانة وأين ذهبت المليارات التي تنفق على تمهيد الطرق وراحة الناس؟
أم بيان تناولت الحديث قائلة إن حي قويزة كان يفصله جبل تم هدمه وكان هذا الجبل يحميه من السيول الجارفة ولجشع البعض هدم ووقعت الكارثة.
وأكدت أن شقيقتها أخبرتها أن الكثير من العائلات ما زالت تفقد أبناءها وهناك بعض الزوجات والأبناء لم يرجع عائلهم وتحدثت أم سلطان بغضب، مشيرة إلى أنها تلقت صورا لآلاف من السيارات التي أغرقها السيل، وربما بداخلها عوائل لن يعلم بها أحد.
وقالت: اللهم ارحم شهداءنا وأثلج صدورنا بالصبر والسلوى لكن من سيعوضنا عن فقدان حبيب أو قريب؟
وذكرت أم علاء أن الواقع لا يعد كونه حوادث من الكوارث الطبيعية التي لا يقدر على ردعها غير الله سبحانه وتعالى ومثلنا مثل غيرنا من تلك الدول التي تعاني من مشاكل في البنية التحتية وكوننا نسمع كل يوم عن تصريحات للمسؤولين فلنا اليوم أن نتساءل أين هي تلك الفرقعات الصحفية التي تطالعنا بها الصحف المحلية كل يوم؟
وقالت أم عدي إن ابنها يسكن حي قويزة ويصف لها الوضع الحاصل كأنها مدينة أشباح فقد اختفت المحال التجارية بالشارع الرئيس وطمست البيوت بمياه السيل، وتقول إن ابنها أكد لها أن هناك سيارات طمست بداخلها عوائل، ودعت أن يلطف الله بالمنكوبين، وأن تسارع الجهات المعنية وتمد يد العون لهؤلاء وأن تبني الشركات الوطنية الكبرى كأرامكو بيوتاً للمتضررين، كما فعلت في الخارج ونحمد الله على مكرمة خادم الحرمين الذي يرعى أبناءها المواطنين في السراء والضراء، و دام المليك عز وطننا، ودامت دولتنا الحنونة.
ستة من أسرة واحدة
وفقد إبراهيم السلمي وهو أحد منسوبي الخطوط السعودية 6 أشخاص من أبناء عمومته في سيول مخطط المساعد.
وقال إبراهيم: استقبل ابن عمي عبد الله داخل السلمي والذي يعمل في الطوارئ في مكة المكرمة، اتصالا في الواحدة ظهرا من عائلته يستنجدون به من غرق السيل.
وفي طريقه لنجدة أهل بيته تواصل مع الدفاع المدني وأبلغهم عن الوضع، ووصل في الثالثة ظهرا إلى منزله ليفاجأ بوفاة عائلته المكونة من اختيه إحداهما حامل في الشهر التاسع وزوجته وأعمارهن من 20 و25 سنة وابنه خمس سنوات وابنه الآخر ستة أشهر وابنته المفقودة حتى الآن وعمرها سنتان ونصف.
ساعة ونصف من السباحة في المياه الضحلة الوعرة شاهد خلالها إبراهيم جثث أطفال طافية حيث كان في طريقه لمحاولة إنقاذ أسرته الذين هاتفوه في منزله بحي الصفا لطلب النجدة.
ويقول توجهت إلى المنطقة بسيارتي الجيب ولم أجد أي منفذ فسلكت منطقة مرتفعة وحاولت الوصول لأقرب مكان لهم، وترجلت وابني عمي ماهر السلمي، وأكملنا طريقنا بالسباحة داخل السيل.
وبعد مضي ساعة ونصف وصلنا إلى منزل والدتي ودخلنا عليهم، وكان من لطف الله وجود أخي الأكبر الذي قام بانتشالهم إلي سطح المنزل المكون من 3 طوابق وكانت المياه وقتها تغطي الدور الأرضي بكامله. وقمنا بالاطمئنان عليهم وعددهم 18 شخصا من كبار وأطفال، ثم عدنا حوالي السابعة مساء لنرسم خريطة لطريق العودة مع مراعاة الحفر وأعمدة الكهرباء لنتمكن من إدخال السيارات لأقرب موقع من المنزل وجمعنا عددا من السيارات من نوع جيب واستخدمنا أجهزة لاسلكية للتواصل مع أهلنا ومساعدة المقطوعين في نفس المنطقة، وعدنا في تمام الساعة العاشرة مساء وكان لدينا أربع سيارات من نوع جيب وقمنا بنقل العائلة إلى منازلنا في حي الصفا. بعد ذلك قمنا مع أفراد الأسرة بنقل الجثث في سيارتنا الخاصة إلى مستشفى بخش الواقع في نفس المنطقة والذي كان مقطوعا عنه التيار الكهربائي، ثم نقلنا الجثث إلى مستشفى الجدعاني بحي الصفا وطلبنا مندوباً من الدفاع المدني لإنهاء إجراءات ورقة البلاغ والدفن ولم يلب طلبنا وطلب من الدفاع المدني نقل الجثث إلى مستشف الملك عبد العزيز. وقمنا بذلك وفي سياراتنا الخاصة أيضا وكان ذلك في تمام الساعة الواحدة ليلا" وبعد وصولنا مستشفى الملك عبدالعزيز والحصول على ورقة البلاغ تم إرجاعنا مرة أخرى إلى مستشفى الجدعاني للحصول على أوراق الدفن وكان ذلك في تمام الساعة الخامسة فجرا. واختتم إبراهيم السلمي حديثه قائلا صلينا عليهم في مسجد أبي أيوب الأنصاري في حي الربيع بعد صلاة الظهر وتم دفنهم في مقابر حي الأجواد، كما عزينا أيضا عائلة مكونة من خمس أشخاص من بني شهر.
=========
الله يـرحـمـهم ويـغـفـر لـهـم