لا أستطيع أن أصف لحظات خروجي من المنزل بعد أن اتصل اخي يعلمني بوصوله وانه ينتظر خارج المنزل لكي يوصلني المطار برفقة ابن خالي لقد رأيت دمعات أمي وقلبي يتقطع حيث أني لن التقي بأمي الا بعد سنة كاملة ودعت امي والدموع تنهمر من عيني لم أستطع أن احبس تلك الدموع فقد كان الموقف حزين جدا .
ذهبت الى اخي الذي ينتظرني بالخارج ليوصلني الى المطار ركبت السيارة وقد تظاهرت بأني سعيد لأني مسافر الى الخارج ولكن من داخلي هناك حزن وبكاء يمزقني فلا أدري ما ذا سيحصل خلال فترة غيابي فقد كنت قلق فقد ابتداء إبليس اللعين بالوسواس ماذا لو مت وأنا بعيد عن أهلي ماذا لو جرى لأحد والدي شي لا قدر الله فلم يلتئم جرحي ومازال ينزف بسبب وفاة خالتي التي توفيت بمرض السرطان بعد ان صارعت هذا المرض ثلاث سنوات وقد كنت معها ومتابع لحالتها فقد رأيتها تذبل أمامي وأنا لا أملك ألا الدعاء لها فرحمها الله فقد تعذبت كثيرا بسبب هذا المرض الخبيث فلذلك لست مستعدا لأي صدمة نفسية أخرى .
وللمرة الثالثة تعوذت من إبليس وتوجهت إلى المطار وإنا أودع مدينة الرياض أحسست بأني لن اعود لهذه المدينة مرة اخرى فقد لاحظت اشياء كنت أمشي بجانبها عشرات المرات باليوم ولم ألحظها لا أدري لماذا .
توجهت الى المطار ودخلت فقبض صدري منه لا أدري لماذا وبالمناسبة لم اركب طيارة طوال حياتي حيث ان عمري ألان 25 سنة لم اركب طيارة وأول تجربة لي بطيارة كانت هذه التجربة 14 ساعة طيران فعلا مثل ماقال المثل الشعبي ((ما عمره تبخر يوم تبخر أحترق )) او حوله . عموما دخلنا الى المطار وتوجهنا الى الميزان للوزن العفش فأتضح ان لدي وزن زائد وطلبوا مني مبلغ 1400 ودفعتها في سبيل العفش الزائد والذي كان عبارة عن تمر وقهوة وهيل وزعفران وخرطوم ماء يستخدم للتنظيف بعد الانتهاء من قضاء الحاجة ومفك وشطرطون ومفتاح ابو جلمبو وابريق الحمام فقد كنت انا من فصيلة من يقضون بالحمام الساعات الطوال اقضيها تارة بالتفكر والتأمل وتارة العب بالماء وتارة أعذب نملة بسكب الماء عليها الى تتم المهمة التي دخلت الحمام من اجلها للذلك خسرت مبلغ 1400 ريال حتى لا يتعكر مزاجي في بيت الراحة وقد وصلني خبر ممن سبقني ان الاستراليين يستخدمون المناديل بعد الانتهاء من قضاء الحاجة فقد أفجعني هذا الخبر وضللت افكر الساعات الطوال حتى وصلت الى الحل المتاسب وهو اخذ ما يمكن اخذه من ادوات السباكه من اجل ان تكون عملية الدوران الطبيعي للحياة بشرية داخل جسدي بكامل قوتها دون ان يعكر صفوها أي منديل ورقي .
بعد العفش توجهنا الى بوابة المغادرة وهنا ودعت أخي وابن خالي وقد انفجرت بالبكاء بدون سبب واضح لا أدري لماذا فقد حانت ساعة الصفر الرحيل عن الاهل والوطن فقد رأيت دمعة اخي الذي يكبرني ولأول مرة بحياتي أرى دموعه .
بعد الفيلم المصري الذي حدث عند بوابة المغادرة توجهت الى بوابة الكشف عن المعادن ووضعت كل ما في جيبي في الصندوق من اجل الكشف عليها وعندما مررت من خلال البوابة رن الباب معلنا عن كشفه للكومة من الحديد فقد استغربت من ذلك حيث اني لا املك أي قطعة حديد واذا بالموظف يقول لي انزع الحزام لو سمحت عندما سمعت الكلمة هذه تمنيت ان اعود الى البيت ولا يقول لي انزع الحزام فلا يدري هذا الموظف بأن لبس الحزام قد أخذ مني الوقت والجهد ماالله به عليم حيث ان خصري طبعا كلمة خصر بالنسبة للبشر العاديين اما بالنسبة لي فيمكن ان اقول الدوار الذي يلف جسدي ياخد الكثير من الجهد والتركيز .
فبعد أخذ وعطاء مع الموظف وشرحت معاناتي له وان فصخ الحزام قد يتسبب لي الكثير منها المشاكل ومنها ان الطيارة تطير تصل الى استراليا وانا لم البس حزامي حتى الان تفهم الوضع مشكورا وسمح لي بالمرور .
بعدها بساعة سمعت برقم رحلتي وتوجهت الى البوابة وكانت الرحلة على الخطوط الاماراتية فخط السير الرياض دبي سيدني .
ركبت الطيارة وانا منبهر من الطيارة لأول مرة بحياتي اركب طيارة وتذكرت كلام الاستاذ تركي الدخيل عندما ذكر معاناته مع كراسي الطيارة فقد كان الكرسي صغير جدا للدرجة انه عندما وصلنا الى دبي لم استقطع القيام من الكرسي اني وباللغة العامية ((نشبت بالكرسي)) في ذلك الوقت عرفت قيمة الفازلين حيث اني لو معي القليل منه لأنحلت المشكلة وذلك بدهن بعض افخاذ الشاورما حتى تنزلق من الكرسي .
بعد عناء طويل ولله الحمد قمت من الكرسي وكانت الطامة الكبرى بأنتظاري عندما احسست بأن الهواء البارد يدخل بين أرجلي وهي ان الحزام قد انقطع الى نصفين وان الجنز وصل الى الركبة هنا وفي هذه لحظة بدات قواي العقلية بالانهيار ليس بسبب ان الجنز قد اختل توازنه ونزل عن الحد المعروف بين البشر انما الطامة الكبرى هي اني كيف سأكمل رحلتي بدون حزام هنا بدات اسب البعثات والقائمين عليها وعلى اليوم الذي قررت اني ابتعث فيها وبدات الوم نفسي كثيرا لا اعلم لماذا .
نزلت الى المطار وبهرت بهذا المطار العظيم مطار دبي فكان فعلا مطار دولي يجب التفاخر به وانا في غمرة اعجابي بالمطار وكنت ممسك جنزي حتى لا ارعب المسافرين عندما يسقط الجنز وقعت عيني على محل ملابس رجالية فأنفرجت كربتي وشكرت الله على ذلك توجهت الى المحل وبعد دقيقة ونصف خرجت من المحل وانا اجر اذيال الهزيمة حيث انه لا يوجد حزام بمقاسي فبعدها توجهت الى محل موجود بالمطار واشريت حبل وربطته على الدوار الذي امتلكه والحمدالله حلت المشكلة بشكل جزئي فأصبحت امشي براحة وبدون قلق .
بعد هذه المشاكل التي واجهتني وضيق الكرسي الذي كان بطيارة مما سبب الدوران والدوخه لي فقررت أخذ غفوة بسيطة في المسجد لحين موعد الرحلة حيث تبقى على الرحلة ساعتين فدخلت المسجد وتوجهت الى الزواية ووضعت حقيبة الاب توب تحت راسي ونمت نوم عميق جدا لم أحس الا ان احد المسافرين يوقظني للصلاة الظهر وعندما رأيت الساعة واذا بي قد نمت نوما طويلا ولم يبقى على الاقلاع الا ربع الساعة وكانت البوابة بعيدة جدا فأستعنت بسيارة العفش والتي تنقل العفش فكان يقودها رجل طيب وشرحت له الوضع وركبت مع الحقائب فلم ينتبه احد لي حيث ان شكلي المربع ساعدني أبدو كشنطة كبيرة مع العفش والحمدالله وصلت الى البوابة وكنت اخر مسافر يركب الطيارة .
بعد أخذت انفاسي وركبت الطيارة توجهت الى مقعدي والذي كان بجانب النافذة وكان بجاني طالب مبتعث اول الامر حمدت الله ان الله رزقني بشخص سعودي بجانبي اقطع معاه طول الطريق حيث اني من عشاق السواليف وسعة الصدر ولكن بعد ربع ساعة تمنيت ان الطيارة تحذف على الفيتنام حتى أعيش بها طوال عمري ولا أعود الى السعودية بسبب هذا الطالب فكان مثال للثقالة الدم والتبجح والتميلح مع المضيفات فتارة افكر ان اشنقه بحزام كرسي الطيارة حيث اني لا احب ان اجامل ولكن قررت الخلود الى النوم حتى تصل الرحلة ولكن لم أستطع النوم فقد كنت افكر بأمي وابي وبنت اختي حيث انهم هؤلاء أعز ناس على قلبي فعندما اذكرهم تنسكب دمعة ساخنة من عيني .
بعد رحلة طويلة وكنت وقتها مضرب عن الطعام في الطيارة حتى لا أضطر ان اذهب الى الحمام فمعروف ان حمام الطيارة يتضايق منه الناس العاديين فكيف من هو بحجمي .
ولله الحمد والمنة بعد 15 ساعة طيران وصلنا الى سيدني مدينة الاحلام فقد كانت الغيوم تلف سيدني وكان الجو شتاءاَ في أستراليا وبعد أن انتهينا من ختم الجوازات توجهت الى التفتيش وكنت قلق خصوصا على عدة السباكة فقد كنت مستعد أن أقاتل من أجلها فقد كانت هي أغلى ما املك ولكن بفضل من الله لم ينتبهوا لها وقد مرت بسلام وتوجهت بعدها الى بيت العائلة الذي سوف اسكن عندهم وكان عبارة عن رجل كبير بسن متقاعد فقط أول الامر كنت اشك به ولكن الحمدالله لم يكن الذي ببالي وحتى لو كان مثل ماكنت اتوقع فأنه سوف يتوب عندما يراني .
بعد ان استقريت في سيدني ولله الحمد بدات بدراسة في احد معاهدها اتعلم اللغة الانجليزية .
اسف على الاطالة وشكرا لكم انكم منحتموني وقتكم الثمين للقراءة بعض من خواطري وان شاء الله اول ما اكملها انزل الباقي
__________________
اللهم آتنا في دنيا حسنة وفي الأخرة حسنة وقنا عذاب النار